2014/06/13

«قول يا ملك»: أبو وديع بخير
«قول يا ملك»: أبو وديع بخير

 

محمود عزّت – السفير

 

 

 عشرون عاماً مرّت منذ أن غنّى «الوسوف» أغنيته الأشهر، والتي نقلت شعبيته في التسعينيات إلى مستوى آخر وحوّلته نجماً عربيّاً ذا جمهور ضخم: «كلام الناس».

الأغنية كانت أغنية الموسم في مصر صيف العام 1994. لا تمرّ في شارع وإلا تسمع صوت «جورج وسوف» يحدّث حبيبته ويحذرها من كلام الناس.

لم يستسغ البعض وقتها طبقة صوته المميّزة والخشنة على آذانهم التي اعتادت في هذه الفترة على الأصوات الناعمة الأليفة في الغناء العاطفي، لكن الكلمة العليا كانت للانتشار الطاغي الذي حققته الأغنية وقرّب صوت مطربها وأداءه من الذائقة الشعبية ومن محبي الطرب الكلاسيكي في آن واحد، في وقت كانت الأغنية الشبابية وألحانها السريعة في ذروة مجدها التسعيني.

أثناء دخوله إلى الاستوديو، في بداية حلقة «قول يا ملك»، هتف الجمهور «بالروح بالدم نفديك أبو وديع». مقدّم الحلقة نيشان ديرهاتيونيان، لم يكن ليحلم بأكثر من ذلك في بداية لقائه الخاص مع جورج وسوف والذي عرض على شاشتي «الحياة» المصريّة، و«الجديد» اللبنانيّة»، محقّقاً نسب مشاهدة عالية جداً، في مصر ولبنان على السواء. وذلك كان متوقعاً، بعد الحملة الإعلانيّة الضخمة المرافقة للحلقة، إلى جانب عودة وسوف إلى لقاء الجمهور، بعد ثلاث سنوات قضاها في العلاج من أزمته الصحية التي داهمته في تشرين الأول/ أكتوبر 2011.

في بداية اللقاء كان «جورج وسوف» متأثّراً من حفاوة الاستقبال، مؤكداً أنه ظهر خصيصاً ليطمئن جمهوره أنه لا يزال قادراً على الغناء.

بدأ وسوف الغناء مبكراً جداً، منذ طفولته في الستينيات، ومرت تجربته بمراحل عدّة، من الغناء لأيقونات الطرب العربي مثل أم كلثوم ووديع الصافي، حتى إصداره أعماله الخاصة وألبوماته الشهيرة مثل «الهوى سلطان» (1985)، «كلام الناس» (1994)، «طبيب جراح» (1999)، و«انت غيرهم» (2002)، و«سلف ودين» (2003)، و«اتأخرت كتير» (2004).

رحلة «جورج وسوف» الغنائية صاحبها عدد هائل من الشائعات. فهو ربما يكون أكثر مطرب عربي ظهرت شائعات عن وفاته حتى من قبل مرضه الطويل. من أشهر الشائعات التي انتشرت على نطاق واسع سابقاً، كانت إصابته بمرض «الإيدز». انتشرت تلك الشائعة في مصر مع شهرته الهائلة بعد صدور «كلام الناس»، وتمّ اعتبارها نوعاً من الاغتيال المعنوي والغيرة من مطرب يشقّ طريقه بسرعة الصاروخ إلى قمّة المشهد، ومن خارج السرب الاعتيادي لنجوم المرحلة.

تحدّث «أبو وديع» في «قول يا ملك» عن أزمته الصحية، شاكراً الجميع ممن زاروه أو اهتموا بالسؤال عنه. بدا عليه الضيق من شائعات قبوله أموالاً من أمراء أو شيوخ خليجيين بينما كان في قطر ونفى ذلك، وبدا ممتناً لطبيبه الذي حضر معه التصوير. أكّد أنه غير مهتم بالسياسة، رغم عدم تردّده في إعلان حبّه وامتنانه للرئيس السوري بشار الأسد. كما قال إنّه ومنفتح فيما يتعلق بمسألة الدين، فخور بإتقانه للترتيل المسيحي، وإجادته لأذان المسلمين.

شعبية «أبو وديع» الآن أكبر من مسألة الشهرة الفنية أو الشعبية الرائجة، وهو يدرك ذلك. لقبه «سلطان الطرب» ـ والذي اشتهر به بعد أغنيته «الهوى سلطان» ـ أصبح ملازماً له. تحوّل وسوف إلى أيقونة غنائية، بينما لا يزال على قيد الحياة، خصوصاً بين جمهوره الوفيّ. يروي وسوف خلال الحلقة، أنّه خلال علاجه في مركز بحنّس الطبّي، جاءته سيدته طلبت منه مرافقتها إلى فراش أخيها المريض، والذي يحبّ سلطان الطرب كثيراً. قالت له إنّ شقيقها ربما يشفى برؤيته وينهض واقفاً. لبّى وسوف طلبها بسلاسة واعياً بأن حضوره الآن أكبر من مجرد صوته أو أغانيه.

تحدّث جورج وسوف عن تفاصيل مرضه، وغنّى أمام جمهوره في الاستوديو مباشرة أغنيته «الصبر طيّب»، وضحك وتبادل النكات مع الجمهور. عفويته كانت مثيرة للبهجة. كان يريد أن يطمئن جمهوره، وكان سعيداً أنّه بالفعل، ما أراد أن يكون.