2014/06/23

عابد فهد وسلافة معمار في لقطة من المسلسل
عابد فهد وسلافة معمار في لقطة من المسلسل

 

سامر محمد اسماعيل – السفير

 

 

بعدما تناقلت معظم وسائل الإعلام العربيّة أخباراً عدّة عن تصدّر مسلسل «قلم حمرة» لـ«مونديال العرض الرمضاني 2014»، ينسحب العمل من مقدّمة العروض الخاصّة بشهر الصوم. العمل من تأليف يم مشهدي، وإخراج حاتم علي، وإنتاج شركة «إيبلا»، وقناة «أم بي سي» التي لم تدرجه في قائمة الأعمال المقرّر عرضها على شاشتها، بعدما خفتت حماستها للترويج له، بجانب «سرايا عابدين»، و«باب الحارة». هكذا يخرج العمل من «ربع نهائي التصفيات الدرامية»، ليقتصر عرضه هذا الموسم على قناة «السومريّة» العراقيّة التي يبدو أنّها باتت متخصّصة بالدراما السورية التي تتناول الحرب الدائرة في البلاد. وبذلك يكون العمل حاضراً في السباق، ولكن بعيداً عن «الماينستريم» إذا جاز التعبير، وبعيداً عن حروب الإعلانات الضخمة، محملاً بهموم سياسيّة وفكريّة عدّة.

مغامرة إنتاجية شجاعة خاضتها شركة «إيبلا»، بحسب مديرها وصاحبها هلال أرناؤوط، في إنتاج مسلسل يتناول الأحداث في سوريا، وتصويره بالكامل في مدينة جبيل اللبنانيّة. يطلّ نصّ يمّ مشهدي بقوة على الأحداث الدائرة في بلادها منذ العام 2009، مسلطاً الضوء على الشرارات الأولى للجحيم الذي أطبق على سوريا منذ آذار 2011.

يرصد المسلسل حالة الطبقة الوسطى في سوريا، من خلال حكاية ورد (سلافة معمار) التي تقرر خوض مواجهة صادمة ونهائية مع واقعها كامرأة ومع أحداث الانتفاضة السورية. يلقي «قلم حمرة» الضوء على ما شهده المجتمع السوري من انهيارات أخلاقية واجتماعية، خلال عقد من تعاقب حكومات رجال الأعمال، والتي كانت متحالفة في بعض مفاصلها مع شبكات الفساد واقتصاده الريعي. يتابع تفاعل السوريين مع الثورات في تونس ومصر وليبيا واليمن ومحاكاتهم للتجربة التونسية والمصرية. ذلك ما يضع المسلسل في صدارة الأعمال التي تحاول النبش في طبيعة الماغما الاجتماعية التي تألف منها البركان السوري، وتداعياته بعد ذلك على مستوى العلاقات في الأسرة الواحدة.

يخوض المخرج حاتم علي المغامرة بعد ثلاث سنوات على تقديمه مسلسلاً معاصراً في الدراما السورية هو «الغفران»، عن سيناريو لحسن سامي اليوسف. يعود صاحب «التغريبة الفلسطينية» هذه المرة بتغريبة سورية تطلّ بجرأة على هجرة السوريين إلى البلاد العربية بعد تعقّد الأحداث في وطنهم، وتشتت النخب وهروبها، في عمل يبدو من النظرة الأولى مشاكساً لناحية جرأة الشخصيات التي يقدمها، وحيث يلعب أدوار البطولة كاريس بشار، وسلافة معمار، وعابد فهد، وريم علي، ورامي حنا، وسامية الجزائري، ودانة مارديني، وأحمد الأحمد، وناظلي الرواس. لكن هل ينجح المسلسل في نقل الحدث السوري من خارج أمكنته الطبيعية؟ سؤال علّق عليه مخرج المسلسل غير مرة لوسائل إعلامية فقال: «للأسف هذا محزن جداً. نحن نضطر إلى صناعة وطن بديل. هذا أمر صعب جداً. نعمل على عيوب كثيرة، ومهما بحثنا عن بدائل ومقاربة المكان الأصل، يبقَ المكان السوري هو الأصل. لكن نتيجة الظروف نضطر إلى هذا البديل، وفي نهاية الأمر الفوارق ليست كبيرة ما بين بيروت ودمشق لجهة البيئة المعمارية ووجوه الناس. وتبقى دمشق هي دمشق وبيروت هي بيروت».

مفارقة قد تضع «قلم حمرة» مجدداً في سياق تلك الأعمال التي يعمل الدراميّون السوريون المقيمون في العاصمة اللبنانية على إخفائها منذ اندلاع الأحداث؛ حيث هناك مسلسلات صورت بالكامل في دمشق؛ ابرزها على سبيل المثال لا الحصر «حقائب» لليث حجو، والجزآن السادس والسابع من «باب الحارة»، إضافةً إلى مسلسل «نساء من هذا الزمن» لأحمد إبراهيم أحمد وسواها.

يبقى القول انّ عنوان المسلسل يذكر بما قاله الشاعر محمد الماغوط عندما سأل عن رأيه بأشعار نزار قباني فقال: «نزار قباني شاعر كبير كتب عن الجوع والمرض والحروب بقلم حمرة»!