2014/06/28

محمد خير الجرّاح وشكران مرتجى في مشهد من «باب الحارة 6»
محمد خير الجرّاح وشكران مرتجى في مشهد من «باب الحارة 6»

 

طارق العبد – السفير

 

 

إنَّه موسم المفارقات بالنسبة للدراما السورية، نظراً للظروف المأساويّة التي تغرق فيها البلاد. أنتج صنّاع الدراما عدداً من المسلسلات، أقلّ من ذلك الذي كان يتمّ إنتاجه في السنوات السابقة. لكنّه تسجيل حضور من جهة، ومحاولة بث صورة عما يحدث في سوريا من جهة أخرى. تتكتّم شركات الإنتاج على تكاليف الأعمال التي قد لا تعوّض عائدات تسويقها، هذا إن وجدت طريقها إلى العرض.

26 مسلسلاً سورياً تمّ إنتاجها لهذا الموسم، منها 19 عملاً حجزت مواعيد عرضها على الشاشات العربيّة والمحليّة السوريّة، بينما خرج الباقي من السباق مثل «العبور»، و«ما وراء الوجوه»، بالإضافة إلى «حمام شامي» المؤجّل بالأصل من السنة الفائتة. وتتوزع خريطة الدراما السورية على الفضائيات من دون وجود أيّ عرض حصري.

 

من هم النجوم الأعلى أجراً؟

 

لعلّ ملفّ الأجور أحد أكثر المواضيع حساسية في الدراما السورية. فخلافاً لما يجري في مصر حيث يكشف النجوم سريعاً أجورهم ذات الأرقام الفلكية، يبدو المشهد مختلفاً في سوريا، إذ يتكتم الفنانون والمنتجون عن الأرقام الحقيقية للأجور. وكان لافتاً قبل ثلاث سنوات، إعداد دراسة من قبل إحدى المطبوعات، كشفت فيها أن جمال سليمان هو الأعلى أجراً برقم يصل إلى 12 مليون ليرة سورية، يليه كل من تيم حسن، وبسام كوسا، وعباس النوري، ثم مصطفى الخاني، وسلوم حداد، وأيمن زيدان، إذ يدور أجرهم حول حدود الـ10 مليون ليرة. كما تعدّ سلاف فواخرجي وجمانة مراد، الأعلى أجراً بين النجمات، في حين أنّ فنانات قديرات بمستوى منى واصف، تطلب أجراً يقارب مليون ليرة سورية عن العمل الواحد.

يكشف مصدر متابع للدراما السورية أنّ الأجور زادت أضعافاً خلال الموسم الحالي، بسبب اتجاه بعض النجوم للعمل في مصر، والتكاليف العالية التي فرضتها الأزمة الأخيرة، وارتفاع صرف الدولار مقابل العملة المحليّة، إذ يفرض القانون في دمشق على شركات الإنتاج التعامل بالعملة السوريّة. طبيعة الأجر تختلف بحسب نوع العمل (تاريخي أو بيئة شامية أو اجتماعي)... وبالطبع سيرتفع الأجر في حال كانت الشركة المنتجة خارج سوريا. أمّا في الداخل فتصل ميزانية العمل وسطياً إلى 100 مليون، مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ هذا الموسم يخلو من الدراما التاريخية، فيما يتم تصوير معظم مسلسلات البيئة الشامية في ديكورات معدّة مسبقاً. يتردَّد هنا أنّ الفنان قصي خولي هو الأعلى أجراً لهذا الموسم بين الفنانين السوريين، وذلك عن مشاركته مسلسل «سراي عابدين»، من دون أن يعرف الرقم الدقيق لأجره، علماً أن شريكته في البطولة يسرا قد تقاضت خمسة عشر مليون جنيه مصري أي ما يعادل مليوني دولار. كذلك يتردّد أنَّ مكسيم خليل قد تقاضى 500 ألف دولار عن مسلسل «سيرة حب». ويعتقد أنّ باسل خياط قد تلقى أجراً قريباً عن «السيدة الأولى»، فيما بلغ أجر جمال سليمان 1,2 مليون دولار عن «صديق العمر».

أما بالنسبة للأعمال المنتجة من داخل سوريا فيعتبر البحث عن حقيقة الأجور مسألة في غاية الصعوبة. وتشير بعض المصادر إلى أنّ نجوم الصف الأول الأعلى أجراً ما زالوا عباس النوري، وبسام كوسا، وايمن زيدان، ورشيد عساف، وغسان مسعود. أما بالنسبة للنجمات، فما زالت أمل عرفة، وكاريس بشار، وسلافة معمار من النجمات الأعلى أجراً، في حين يتصدّر اللائحة بالنسبة للمخرجين الأعلى أجراً حاتم علي، ونجدت أنزور، وشوقي الماجري.

 

تسويق الأزمة والاسقاطات

 

تقول مديرة المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني ديانا جبور أن الأزمة في سوريا قد انعكست على الدراما لجهة اختيار المواضيع. وتقول لـ«السفير»: «من الصعب تجاهل ما تشهده البلاد حالياً، ما يضعنا في مواجهة تحدٍّ كبير. لا يجوز إعادة إنتاج نشرات الأخبار، كما أنّ هناك حرجاً في إنتاج عمل كوميدي. ذلك ما دفعنا نحو مقاربة جديدة في الكتابة الدرامية، إذ فضلنا الابتعاد عن العمل البيئي، والتصدّي للواقع الراهن من خلال مشروع تنويري للمتلقي، كما سعينا لتجنب الأعمال التاريخية لأنها تتطلب مساحات تصوير لم تعد متاحة». في هذا السياق، تكشف جبور عن مسلسلي «قربان»، و«الحب كله» الذي يعتبر بمثابة تجليات لقصص الحب التي نشأت برغم الأزمة. تشير أيضاً إلى سعي المؤسسة لاستمرار عجلة الإنتاج طوال السنة، بالإضافة للعمل التشاركي مع القطاع الخاص لسهولة التوزيع على الفضائيّات العربية. وتشير جبور إلى أنَّ تكاليف الإنتاج زادت بما يقارب 60 في المئة عن السابقة، فما «كان يكلّف 60 مليون ليرة مثلاً، صارت كلفته تقارب الـ90 مليوناً، على سبيل المثال». بالنسبة لأجور نجوم الصف الأوّل، فترى جبّور أنها ارتفعت بحكم ارتفاع تكاليف المعيشة، وتبدل سعر صرف الليرة السورية، مشيرةً إلى أنّ القطاع العام لم يواجه أيّ إشكالية بالعمل مع هؤلاء النجوم، فأجور القطاع الحكومي ليست رمزية، على حد قولها، بل واقعيّة، وإن «كانت أقلّ بقليل من أجور القطاع الخاص، وهذا ما يتفهّمه الفنانون».

من جهته، يقول المسؤول في شركة «سما الفنّ الدوليّة» للإنتاج رامز تكريتي، إنّ الأزمة ألقت بظلالها على اختيار المواضيع، إذ يتمّ اختيار الأعمال التي تحمل رسائل وإسقاطات اجتماعية على الواقع الحالي، كما حصل في مسلسل «ياسمين عتيق» الذي أنتجته الشركة العام الماضي. انسحبت تلك الخيارات على أعمال الموسم الحالي، مثل «بقعة ضوء 10»، و«بواب الريح»، و«حقائب / ضبّوا الشناتي». ولفت تكريتي إلى أنّ تصوير الأعمال تأثّر بتراجع المساحات المتاحة للتصوير، إذ تمّ بناء أستوديو على طريق السويداء، قبل أن يتعذر العمل فيه بحكم اشتباكات في المنطقة، ما دفع «سما» لاعتماد مواقع بديلة. وبالحديث عن صعوبات تسويق العمل الدرامي هذا الموسم، يقول تكريتي: «يختلف التسويق للعمل السوري، عن الدراما المصرية التي تعتمد النجم الواحد، بينما نعتمد على مضمون العمل بالدرجة الأولى، وعلى الأبطال بالدرجة الثانية. كما أنّ شراء بعض المحطّات لعمل ما، يخضع لقرار سياسي. لكنّ الأسوأ هو مضاربة بعض المنتجين وبيع حلقات المسلسل بسعر أقلّ، ما قلب المعادلة، فقبل بضع سنوات كانت الشاشات العربية بحاجة الى الدراما السورية، أما اليوم فنحن بحاجتهم لتسويق أعمالنا».