2014/07/20

دريد لحام في مشهد من "بواب الريح"
دريد لحام في مشهد من "بواب الريح"

 

ريما نعيسة – تشرين

 

 

أبواب الريح يعدّ نصاً إشكالياً، إذ إنه يتناول حقبة تاريخية مهمة لمدينة دمشق في محاولة واضحة من الكاتب خلدون قتلان والمخرج المثنى صبح لمقاربتها بكل موضوعية، الأمر الذي يعد غاية في الحساسية، فمع تزامن عرض المسلسل على قناة تلاقي السورية والـLDC اللبنانيّة، علت بعض الأصوات موجهةً أصابع الاتهام للسيناريست وأولها أن النص يعد تزويراً تاريخياً لتلك الحقبة.

 

فعن هذا الاتهام يرد كاتب العمل قتلان لجريدة تشرين «المراجع موجودة والتاريخ متاح للجميع وعلى المشككين بمصداقية العمل أن يعودوا للمصادر» وتابع قائلاً: «اعتمدت في كتابة النص على بعض الكتب منها «حسر اللثام عن نكبات الشام» تأليف شاهين مكاريوس 1895 وهناك مراجع تمت ترجمتها إلى العربية لخدمة هذا العمل وهي An Occasion For Civil War وConflict In Lebanon and Damascus، وتحتوي هذه المراجع على توثيق مفصل للأسماء والأماكن والحوادث وتوصيف دقيق الشخصيات، فلا داعي لرمي الجمرات من دون دراية».

وعن رأيه في تناول الدراما السورية للشخصية السورية اليهودية قال: «يهود سورية هم ضمن النسيج الاجتماعي السوري، وهناك حارة في دمشق سميت باسمهم».

من جهته يصّر مخرج العمل المثنى صبح التركيز على تفاصيل دقيقة وصغيرة تشي بتلك المرحلة منها الملابس، ولاسيما تلك التي تخص اليهود إضافة إلى اللهجة وإدخال بعض المصطلحات الشامية الجديدة، في محاولة منه لنقل صورة الحقبة بكل أمانة وموضوعية.

«مهما عصفت الريح أبواب دمشق لن تغلق في وجهها ولا في وجه أحد، لا صديق ولا حتى عدو»، هذه هي الدلالة الرمزية لمسلسل «أبواب الريح» كما عبر عنها كاتب العمل، الذي يسعى إلى تسليط الضوء على فترة مهمة في تاريخ دمشق من خلال ثلاث شخصيات شكّلت منعطفاً تاريخياً: شيخ كار النحاسين، شيخ كار نساجي الحرير، وقائم مقام قلعة دمشق. إذ يحاول تقديم قراءة تاريخية درامية لفتنة الـ1860 الشهيرة التي بدأت في جبل لبنان وانتقلت إلى دمشق، وراح ضحيتها أعداد من المسلمين والمسيحيين واليهود، كما إن العمل يحمل إسقاطات تاريخية على الرّاهن، حيث يروي ما فعله العثمانيون لأهل دمشق محاولين زرع الفتن والتعاون مع دول عظمى تمهيداً لدخول البلاد عسكرياً.

العمل يعكس صورة متكاملة عن الحياة الدمشقية فيعرضها بكل مفاصلها السياسية والاجتماعية والإنسانية والتجارية والصناعية وحتى إنه تطرق لقضية المرأة السورية آنذاك وقدّمها بأبهى صورة، محترماً كونها ركيزة أساسية من ركائز المجتمع السوري، على خلاف الرؤية التي تم طرحها في أعمال نُسبت للشام وعرفت بأعمال البيئة الشامية كـ «باب الحارة» و«ليالي الصالحية».

وعلى الرغم من أنه لم يلق الصدى الجماهيري نفسه الذي لقته أعمال البيئة الشامية التي اعتمدت من جهة على فنتازيا الشروال والخنجر والشوارب والكثير من مشاهد عنف غير مبرر، واللف والدوران ضمن إطار واحد وتكرار لأعمال قديمة كـ«أيام شامية» من جهة أخرى، قد يكون من الخطأ وضع مسلسل أبواب الريح تحت ما يسمى بـ«أعمال البيئة الشامية»، فعلى عكسها تماماً، العمل لا يعتمد بشكله الأساسي على الفنتازية الشامية بل يذهب إلى أبعد من ذلك بكثير، في محاولة لمقاربة التاريخ الحقيقي لمدينة الياسمين، وفي مسعى واضح لتوثيق تلك الحقبة بموضوعية وتداعياتها على المجتمع الدمشقي ضمن إطار درامي.

وكانت هناك العديد من التجارب الدرامية التي حاولت تسليط الضوء على تاريخ دمشق منها «الحصرم الشامي»، إخراج سيف الدين السبيعي، ورغم إن أعمال كهذه في أغلبيتها لم تلق الصدى الجماهيري المستحق، لكنه لا يمكن إشاحة النظر عن حقيقة أنها تحمل قيمة ثقافية وتاريخية وفنية وتضفي على الدراما السورية بعض الرقي.