2014/10/24

جيانا عنيد
جيانا عنيد

مجلة لها

 

عندما تحاورها لن تصدق أنها لاتزال تعيش متعة خطواتها الأولى في عالم الفن، فما تكتنز به من معرفة وموهبة وقوة شخصية تجعلها تعرف ما تريد بدقة وتسعى إلى هدفها بجرأة وإصرار وثقة عالية بالنفس، قد تعتقد أنها واحدة من الفنانات اللواتي تبوأن مقاليد النجومية منذ سنوات، إلا أنها في حقيقة الأمر واحدة من متخرّجات دفعات السنوات الأخيرة من المعهد العالي للفنون المسرحية، ولا يزال رصيدها الكمي متواضعاً على صعيد الدراما التلفزيونية، إلا أنه غني على صعيد الحضور والتميز.

تميّز دورها في مسلسل «حائرات» الذي قدمته في الموسم الدرامي الأخير بالجرأة والبساطة معاً، تلك المعادلة التي من الصعب أن يحققها فنان لا يزال في بداية حياته، لكنها تحدت ذاتها وحققت من خلاله نقلة نوعية.

إنها الفنانة جيانا عنيد التي ترفض مبدأ الانتشار على حساب الاختيار، فقد رفضت عدة أدوار قُدمت لها إيماناً منها بأهمية تقديم المختلف... معها كان هذا اللقاء.

 

- أين تمكن خصوصية شخصيتك في العمل الدرامي الجديد «النداء الأخير للحب»؟

«النداء الأخير للحب» خماسية من إخراج سهير سرميني وتأليف رانيا بيطار، تندرج ضمن مسلسل «الحب كله» الذي يضم ست خماسيات، وأجسد فيها دور «روعة» وهي طالبة جامعية تحب ابن خالتها الذي خطبها، وتعيش عائلتيهما في المبنى نفسه وتربط بين العائلتين علاقة ود ووفاق جميلة، ولكن هذه الحالة نراها من خلال «الفلاش باك» لأن الأمور لا تلبث أن تتغير مع الأزمة القائمة في البلد، خاصة في ظل الاختلاف الفكري بين العائلتين مما يولّد الكثير من المشكلات بينهما، ويتم فسخ الخطوبة.

وتحاول روعة إقناع أهلها بأنها وابن خالتها ليس لهما علاقة بما يجري ويريدان أن يكملا طريقهما معاً، ولكن تُجابه بحسم من جهة الأهل.

 

بين رفض وقبول

 

- كيف تعاملت مع الأعمال التي عرضت عليك أخيراً؟

هناك أعمال عُرضت علي ولكن لم أشعر أنه يمكن أن أتواجد في هذا العمل وفي هذا الدور، وبالمقابل هناك أعمال جيدة معروضة علي حالياً.

- ما السبب الذي دعاك إلى رفض الأدوار؟ ألأنها غير مناسبة بالنسبة لك أم أن العمل غير مناسب؟

كلتا الحالتين... فأنا أتعامل مع هذا الموضوع بأنانية الممثل، وأرى أن الأنانية هنا جيدة لأنها تؤدي إلى نتائج إيجابية، وبالنسبة إلي يهمني بالدرجة الأولى الدور الذي سأؤديه وما الذي يمكن أن أقدم من خلاله، وأن يكون العمل جيداً، فأقرأ أولاً دوري ومن بعده أرى العمل ككل ومن ثم الأمور الأخرى التي تتعلق بشركة الانتاج وكيف يمكن الاتفاق معها حول العمل، وأسعى في كل مرة إلى تقديم دور جديد ومختلف.

- إلى أي مدى تشعرين بأنك تعبرين عن بنات جيلك في ما تقدمين من شخصيات؟

أسعى إلى التنويع، فعلى سبيل المثال قدمت في مسلسل «حائرات» شخصية الفتاة الطيبة الساذجة وحاولت تأديتها ببساطة، بينما أديت في «النداء الأخير للحب» دور الفتاة الطيبة البسيطة ولكن الواعية التي تحاول أن تساير أهلها ولا تخرج عن شورهم وفي الوقت نفسه تحاول أن تحقق ما تريد وتقنعهم بوجهة نظرها، فالأدوار التي تشعرني بالسعادة هي الأدوار التي تقدّم حالة مختلفة عما سبق وقدمت، وهناك شخصيات قادمة تقدم حالات أخرى.

وأرى أن الخبرة والتراكم يجعلانني أجسد العديد من الحالات الموجودة فعلاً في مجتمعنا.

 

الاختيار قبل الانتشار

 

- عادة الخريج الجديد يسعى إلى الانتشار ريثما يعرفه الجمهور والمخرجون، ومن ثم ينتقل إلى مرحلة الاختيار ، فما الذي دعاك إلى كسر هذه القاعدة؟

لا أتفق مع هذا المبدأ، وأفضل صعود السلم درجة وراء أخرى، وبهذه الطريقة أصل إلى الأعلى برصانة، لأنني إن قفزت على الدرجات قد أقع، ولكن هذا لا يعني أن أجلس في منزلي، وإنما أن أؤدي ما أشعر أنه يقدمني بطريقة صحيحة.

وبالنسبة إلي فأنني أرى التمثيل مشروعاً شخصياً ومن خلاله ليقدم كل فنان نفسه بالطريقة التي يراها الأنسب وبالشكل الذي يريد، وبنوعية الأدوار التي يرغب، لذلك تجد الكثير من التنوع في الوسط الفني فهناك أسماء فوق وأخرى تحت وما بينهما. وأنا أشعر بالرضا عن طريقة تقديم نفسي في هذا الوسط.

- تتحدثين عن التنوع... ولكن ضمن حالة الإنتاج اليوم هل ثمة هامش يسمح بهذا التنوع؟

المشكلة الوحيدة التي تواجهني بهذه الفترة هي مشكلة الانتاج، فأنا كخريجة من المعهد العالي للفنون المسرحية ألوم المنتجين، لأننا بعد التخرج وعندما نبدأ بالعمل نجد أنهم يحاولون أن يبخسونا حقنا الأمر الذي يشعرني بالانزعاج الكبير وبعدم الراحة في العمل.

وهنا أقول إن الفنان الشاب الجديد خريج المعهد الذي دخل مجال التمثيل لم يدرس عن عبث وبالتالي هو يمتلك الخبرة وينبغي أن يراعوا ذلك.

- دائماً يشتكي الفنانون الشباب الجدد من استغلال شركات الانتاج لهم خاصة في ما يتعلق بالأجر.

ألوم الممثلين الشباب الذين يقبلون بالأجر الزهيد، لأنه في هذه الحالة يأتي المنتج ويقول لنا «غيرك قبل بهذا الأجر فلماذا لا تقبل به أنت؟...» ولكن ينبغي أن يقوم مدير الإنتاج بضبط الأمر وأن يكون هناك حدود لا يتم التنازل عنها، فمن حق مدير الإنتاج ضبط النفقات قدر ما يستطيع على أن يعطي كل ذي حق حقه، ولكن أن يبخسوه حقه بحجة أنه جديد فهذا أمر غير مقبول.

وهنا أصارحك القول أن هناك تجربة عرضت علي وأنا مسرورة بها إلى درجة كبيرة كما أنني مسرورة بالتعامل مع المخرج، ولكن قد لا أقبلها بسبب الظروف المادية، لأني شعرت بالغبن.

 

الأدوار الدرامية

 

- لماذا لم تشاركي حتى الآن في مسلسل يندرج ضمن إطار أعمال الدراما الشبابية؟

أرى أنها أعمال لم تخدم الدراما، فأي مسلسل ينبغي أن يكون له معايير لا نختلف عليها، وهي النص الجيد، والانتاج المقبول والفنانون الذي يمتلكون الخبرة ويرفعون من إيقاع العمل إضافة إلى الوجوه الشابة التي تشارك فيه، ولكن لن أشارك في خلطة «نص نص»... لا الإخراج فيها إخراج، ولا الإنتاج فيها إنتاج...

شاركت في «شيفون» للمخرج نجدة أنزور، لكنه لم يرَ النور فبسبب ظروف معينة لم يتم عرضه، ولكني على الصعيد الشخصي استفدت كثيراً من هذه التجربة ومن العمل مع المخرج نجدة أنزور، وكان دوري في المسلسل بطولة ويعبّر عن حالة قلقة موجودة في المجتمع.

 

«حائرات» و«قمر شام»

 

- قدمت في مسلسل «حائرات» شخصية فتاة يتم الاعتداء عليها وتعاني الكثير، الأمر الذي احتاج إلى تقديم تركيبة نفسية معقدة تمر بعدة مراحل، فكيف تم الجمع بين الدور المركب والأداء البسيط السلس له؟

التمثيل موهبة من عند الله،ولكني سررت أنني درست أربع سنوات في المعهد العالي للفنون المسرحية لأن الدراسة تساعد الفنان ليعرف ما الذي عليه فعله، أي كيف يمكنه أن يكون طبيعياً أثناء التصوير ويُظهر ما بداخله من خلال نظراته ووعيه وأدواته كممثل، لذلك أشعر أنه ليس هناك ما يمكن أن يعوض عن المعهد من هذه الناحية وما يمكن أن يقدمه لطلابه ويعلّمهم إياه، ثمّ يأتي دور المخرج وتوجيهاته ليقدم المساعدة للفنان الجديد. وهنا أشير إلى أن دوري في مسلسل «حائرات» إخراج سمير حسين كان أول دور أقدمه بعد التخرج.

- كيف تصفين تجربتك في مسلسل البيئة الشامية «قمر شام» مع المخرج مروا بركات؟

كانت تجربة جميلة بالرغم من صغر مساحة دوري. فكرت بداية إن كنت سأقبل بالدور أم لا، خاصة أنني خريجة جديدة وأرغب في دور يقدمني بالشكل الصحيح للجمهور، ولكن عندما قدمت الشخصيّة في بداية المسلسل وأعجب بها المخرج فقام بوضع ثلاثة مشاهد إضافية ختمت بها المسلسل، الأمر الذي لم يكن موجوداً على الورق في الأساس.