2015/03/10

الدراما السورية تلهث وراء سياسة الأجزاء...موضة الأجزاء في الدراما هل هي مجرد ثرثرة تلفزيونية؟
الدراما السورية تلهث وراء سياسة الأجزاء...موضة الأجزاء في الدراما هل هي مجرد ثرثرة تلفزيونية؟

الوطن - وائل العدس

أعلنت شركات الإنتاج تقديم أجزاء جديدة من مسلسلات تلفزيونية منها عرضت في رمضان الماضي وأخرى في سنوات سابقة، على الرغم مما يكتنف هذا النوع من الدراما من مشاكل إنتاجية وتسويقية، واعتذارات بعض المشاركين فيها لخلافات أو ارتباطات بأعمال أخرى.

وقبل كل ذلك فإن الأجزاء الجديدة تتكئ على نجاح، معظمه تسويقي، حققه العمل الذي قد لا تتبقى منه غير خطوط نادرة في حاجة إلى رصد. 
وفي الوقت الذي يتسابق فيه أصحاب هذه الأعمال إلى التأكيد على أن الضرورة الدرامية وراء تدشين أجزاء جديدة، تبقى النتائج أمام الجمهور والنقاد أنها جاءت استسهالاً ولعباً على المضمون فقط. 
 
موضة العصر 
أصبحت سياسة الأجزاء موضة العصر الدرامية المسيطرة على قسم غير يسير في الإنتاجات السورية، فالشركات وقبلها الكتّاب باتوا يلهثون وراء ابتداع سلاسل جديدة بعيداً عن حسابات الفكرة الناضجة والعمل المتكامل، باحثين عن الحضور الكمي على حساب النوع الذي يصل في بعض الأعمال إلى أدنى درجاته. وكثيرة هي الأسباب التي تقف وراء انتشار هذه الظاهرة وربما تختلف من وجهة نظر القائمين على هذه الصناعة الثقيلة، ولكن من المؤكد وجود أسباب أساسية يتفق عليها الجميع، وفي مقدمتها الأسباب التسويقية المرتبطة بطلب المحطات الفضائية العارضة والانتشار الجماهيري الذي يحققه العمل. 
وعلينا ألا ننسى أن الأعمال التي خلدت عبر مسيرة الدراما العربية هي دراما الأجزاء منها «ليالي الحلمية»، و«رأفت الهجان»، إضافة إلى «مرايا»، ولاحقاً «باب الحارة» وهي أعمال تأتي أهميتها من استمرارها وتقديمها الحياة عبر أجزاء، وخصوصاً أن حكايتها لا تنتهي بجزء واحد، لذا هي حق للمنتج مادام لا يسيء للعمل ومادام لا يهدف إلى تقديم أجزاء لغاية الأجزاء فقط. وبالطبع تتعدد الآراء حول مدى تأثير هذه الظاهرة في تطور الدراما السورية أو وقوعها في النمطية، فليس المهم عدد الحلقات أو الأجزاء، فأي مشروع يمكن أن يكون ناجحاً ولو استمر لمئات الحلقات ويمكن أن يكون فاشلاً بحلقة واحدة.
 
تسويقي وجماهيري
السببان التسويقي والجماهيري مرتبطان الواحد بالآخر، وهما عنصران أساسيان لانتشار ما يسمى بظاهرة الأجزاء، وهو أمر طبيعي، فعندما يحقق العمل نجاحاً جماهيرياً كبيراً فإنه يجذب صناعه نحو تكرار النجاح من خلال جزء ثان، الذي بدوره سيجذب المحطة العارضة لتحقيق المزيد من المتابعين، وبالتالي تحقيق مكاسب إعلانية كبيرة. 
فجماهيرية عمل ما تدفع صناعه إلى إنتاج جزء ثانٍ وثالث ورابع منه، وهذا أمر طبيعي وموجود في كل أنحاء العالم، لأن هذه الجماهيرية جاذبة للمحطات الفضائية المتنافسة فيما بينها سعياً لكسب أكبر عدد من المشاهدين، وبالتالي تحقيق كمية أكبر من الأرباح. 
ولا يخفى على أحد أن بعض الأعمال أساءت لفكرة الأجزاء، ولكن هذا لا يعني أنها سيئة بالمطلق أو صحيحة بالمطلق، بل ترقى إلى الجودة في حال قدمت بطريقة حقيقية وواقعية، ولتحقيق أهداف استمرار الحكاية وطرح الأفكار المترابطة والمتواصلة التي لا يمكن طرحها في ثلاثين حلقة فقط.
 
الثرثرة التلفزيونية
لا بد من إيلاء هذه الظاهرة تعاطياً جدياً للابتعاد عن الثرثرة والإطالة والحشو، ليكون عدد الحلقات ضئيلاً وبالتالي نتخلص من الثرثرة التلفزيونية، ولكن من الطبيعي أن نقول ليس بالضرورة أن يكون العمل ذو الحلقات الأقل أفضل من عمل بأجزاء متتالية، فهذا الأمر مرهون بنمط ونوعية النص والمادة التلفزيونية المقدمة، كما أنه من الطبيعي أيضاً أن تذهب بعض التحليلات باتجاهات أخرى تتمثل في عدم كفاية جزء واحد لتحقيق الهدف من عمل ما، وخصوصاً عندما يتم تناول مراحل تاريخية. 
لذا فإن الأجزاء في هذا النوع من الأعمال ضرورية، ففي «الحصرم الشامي» تم تناول مراحل تاريخية من تاريخ مدينة دمشق، وبالتالي لا يمكن جمعها في جزء واحد، وبالطبع فإن أي عمل درامي يتناول مراحل تاريخية مختلفة لمدن ودول سيمتد إلى عدد كبير من الحلقات.
إذا من الطبيعي أن تستمر الأعمال الناجحة في تقديم أجزاء جديدة ولكن بشرط أن تحافظ على المستوى نفسه والنجاح نفسه وهذا ما نراه في عدد كبير من الأعمال الأجنبية الشهيرة.
 
خمسة أعمال
إذا الدراما السورية حاضرة بخمسة أعمال تنتمي إلى ما يمكن أن نسميه ظاهرة الأجزاء، ليبقى الحكم النهائي على هذه الأعمال مرهوناً بانتهاء عرضها والمستوى الذي ستظهر به، وتأثير ذلك في استمرارها في أجزاء جديدة، أم التوقف عند حد معين ومدى انعكاس هذه الأعمال على مستوى ونوعية ما يمكن أن نسميه ظاهرة الأجزاء في الدراما السورية. 
يتصدر «باب الحارة» المشهد الدرامي بأجزاء جديدة، فالسابع سيعرض في رمضان القادم، والشركة المنتجة اقتنعت بضرورة إنتاج جزء ثامن وتاسع وعاشر أيضاً، علماً أن الجزأين السادس والسابع صورا معاً في العام الماضي. 
أما «صرخة روح» ورغم كل الانتقادات التي نالت منه، إلا أنه مستمر للسنة الثالثة على التوالي، هكذا يشهد رمضان المقبل حكايات جديدة عن الدعارة والجنس والعلاقات المحرمة في جزء ثالث مع أبطال جدد.
المسلسلان الشاميان و«الغربال»، «طوق البنات»، وبسب استقطابهما نسبة مشاهدة عالية خلال العام الماضي، فقد تقرر إنتاج جزء آخر لكل منهما، لتستمر قصصهما عاماً جديداً، وبالفعل قارب العمل الأول على الانتهاء، في حين انطلق الثاني منذ أيام قليلة. 
«دنيا» الذي عرض قبل 15 عاماً، سيعود مجدداً مع بطلتيه أمل عرفة وشكران مرتجى، تحت إدارة المخرج زهير قنوع على أن ينطلق التصوير خلال الأيام القليلة القادمة. 
كما أعلنت شركة «سما الفن» استعدادها لاستقبال نصوص جديدة تحضيراً لإنتاج الجزء الحادي عشر من مسلسل «بقعة ضوء» الكوميدي الذي كان ولا يزال يتمتع بنسب مشاهدة عالية، في حين لم يتم الكشف عن هوية المخرج علماً أن عامر فهد هو المرشح الأول.