2015/05/08

عباس النوري من العمل
عباس النوري من العمل

 

علمت «الأخبار» من مصادر خاصة أنّ لجان المشاهدة في التلفزيون السوري أصدرت قراراً مبدئيّاً بحظر عرض مسلسل «عناية مشددة» (تأليف علي وجيه ويامن الحجلي، إخراج أحمد إبراهيم أحمد، وإنتاج شركة «قبنض») داخل سوريا. القرار يعني أن المشاهد السوري لن يكون على موعدٍ على شاشاته المحلية مع عملٍ يحاول بموضوعية رصد يوميّات المواطن في ظلّ الحرب، وما آلت إليه بُنية سوريا حالياً، جرّاء صراعٍ دمويّ ألقى أبناء البلد الواحد في دوّامة تبدو بلا نهاية.

يصوّر العمل الدرامي شخصياتٍ تتّسم بمطلق العنف، والدموية، والانتهازية، واللاإنسانية. كما يفرد مساحةً لقصص الحب، والتحوّلات في العلاقات العائلية، وأوضاع النازحين، ليدعو للمصالحة في نهاية المطاف. قرار اللجان يضرب بعرض الحائط جهوداً كبيرة بذلها عشرات الأشخاص لعامين تقريباً، ابتداءً من الاشتغال على النصّ، وصولاً إلى المخاض العسير الذي واجهه في رقابة النصوص وسط الاتهامات الجاهزة بـ «الارتهان لأجندات خارجية»، خفّف من وطأتها التجاوب مع اشتراط إجازة التصوير بتعديل السيناريو وفقاً لرؤية «الرقيب» المرحلية ثم تخطّي صعوباتٍ كبيرة واجهها فريق «عناية مشددة» لالتقاط مشاهد خطيرة في مناطق ساخنة في محيط دمشق وعلى خطوط التماس، كأطراف داريّا، والقدم، وبساتين صحنايا، كما شرح المخرج أحمد إبراهيم أحمد سابقاً لـ «الأخبار» (11/10/ 2014).

جاء قرار لجان المشاهدة بمنع عرض العمل داخل البلاد، وفق ما كشفت مصادر لـ «الأخبار» «بعد انقسامٍ كبير في اللجنة بين المتردّدين بإجازة العرض، والمتشددين بمنعه». هكذا انتصرت مبدئياً إرادة الفريق الذي دفع باتجاه الحظر، ما يُعيد أسرة «عناية مشددة» إلى نقطة البداية، بحثاً عن حلول ربما تُفلح في ثني اللجنة عن قرارها. قضيّة تشدّد الرقابة في التلفزيون السوري ليست جديدة، وآلياتها ومعاييرها غير الواضحة والغارقة في التفسيرات الشخصيّة، والإجازة على مستويي النصوص والمشاهدة تزداد تعقيداً وضبابيّة خلال السنوات الأخيرة على وقع إرباكات الحرب. وتعود تلك القضية إلى الواجهة بين الفينة والأخرى، خصوصاً مع قرب انطلاقة موسم العرض الرمضاني كل عام ليضيق الأفق أمام الدراما السوريّة (الأخبار 26/6/ 2014). ما حدث مع مسلسل «عناية مشددة»، يشير مجدداً إلى أن دراما سوريا ليست محاصرةً من المحطّات العربية فقط، بل تهدّدها رقابة التلفزيون السوري. هذه الرقابة ذاتها التي يتسّع صدرها لأعمالٍ تجارية، تلعب على وتر استثارة الغرائز، ولا تجد ضيراً في تمرير أعمالٍ على الشاشات الوطنية تبقي تاريخ الشام أسيراً للشروال والشوارب والحرملك، طالما أنّها تراعي موانع شكلية فرضتها تتعلّق بمقتضيات الظرف السياسي الراهن بصرف النظر عن جوهر الطرح الذي يكرّس صورة مجتمعٍ دمشقي غارقٍ في التخلّف وثرثرة النساء ومناكفات «الضراير».