2015/06/21

المحطات اللبنانية في رمضان ... «بتتكلم سوري»
المحطات اللبنانية في رمضان ... «بتتكلم سوري»

الحياة - أمين حمادة

يؤكد شهر رمضان كل عام، أن الإنتاج التلفزيوني يعتمد في ذروته على التقويم الهجري، لا الميلادي. فيبدأ السباق لإعلان الشاشة الأقوى في نهاية شهر الصوم، من خلال «تناتش» أرقام وإحصاءات نسب المشاهدة والـ»الرايتنغ». وتبيّن خريطة البرمجة «الرمضانية» على الشاشات اللبنانية، أن هذا الموسم سيكون محموماً بين شاشات عدة، وإن اختلف أو تشابه ما في جعبتها، بينما الأخرى لن يغيّر هلال العيد لديها شيئاً يذكر. وكان من اللافت «التكتيك» الذي اتبعه بعض المحطات في تغيير أو تأخير تحديد مواعيد عرض بعض برامجها أو انتظار تحديد المنافسين جدول العرض لديهم للبناء على الشيء مقتضاه، مخافة وضع عمل ضخم بوجه آخر. وكذلك حضّر بعض المحطات مفاجآت لجمهوره ولمنافسيه، عبر الإعلان عن مسلسل على جدول العرض في اللحظات الأخيرة، مثلما كشفت قناة «الجديد» في أول يوم رمضان عن مسلسل «دنيا 2015». 

هيمنة

في جداول المحطات اللبنانية نحو 45 برنامجاً مخصصاً لشهر «الصوم والتلفزيون»، توزعت بين الدراما والبرامج الدينية والحوارية والمنوعة، بعضها قديم ولكن عُدل مضمونه أو توقيته من أجل الشهر الفضيل، ومن إنتاجات محلية وسورية ومصرية وتركية، وبعضها من موسم 2014! وبالنظر إلى هذا التوزيع يبدو للوهلة الأولى أن التنويع هو سيد الموقف على المحطات المحلية، ولكن العكس هو الصحيح. إذ أن هذه البرامج تكتسحها المسلسلات الدرامية بـ33 عملاً، نالت الدراما السورية حصة الأسد منها بـ 20 مسلسلاً سورياً و4 مسلسلات «مشتركة» مع لبنان، ما يعني أن الشاشات اللبنانية «ستتكلم بالسوري» في رمضان 2015، بينما المسلسلات اللبنانية اقتصرت على ثلاثة أعمال هي «أحمد وكريستينا» على شاشة «الجديد» و «دق قلبي» على شاشة «أل بي سي» و «درب الياسمين» على شاشة «المنار».

وفي حين اكتسحت المسلسلات المصرية الشاشات العربية، ظلّ وجودها متواضعاً في بلاد الأرز، بمجموع ستة مسلسلات، نصفها من إنتاج 2014، بينهما مسلسل «أهل الإسكندرية» على شاشة «تلفزيون لبنان» الرسمية وفق ما أكد مدير البرامج حسن شقّور، علماً أن العمل مُنع عرضه في مصر للسنة الثانية على التوالي وفق كاتبه بلال فضل. وبقية المسلسلات من إنتاج الموسم الحالي، هي «ألف ليلة وليلة» على شاشة «أم تي في»، و «ذهاب وعودة» على شاشة «المستقبل» و «الكابوس» على شاشة «أل بي سي». ويبدو أن التفوق الكبير للدراما السورية على المصرية في السوق اللبنانية، لا يعود فقط إلى جودتها وميزة القرب الجغرافي والاجتماعي، بل إلى الفارق الكبير بأسعار الأعمال. مثلاً، زادت كلفة إنتاج مسلسل «أستاذ ورئيس قسم» من بطولة عادل إمام على 15.7 مليون دولار، بينما لم تتخط كلفة أضخم الأعمال السورية و «المشتركة» مبلغ 2.5 مليون دولار. يُذكر أن هذه المرة الأولى التي يغيب فيها عمل لـ «الزعيم» عن الشاشات اللبنانية.

يبلغ عدد البرامج المنوعة في رمضان على الشاشات المحلية تسعة معظمها «خفيف»، ومنها دينية على «المنار» و «المستقبل»، بينما تخلت «أن بي أن» عن برنامجها الديني السنوي. وذلك بالإضافة إلى برنامجين عن الطبخ والأكلات الرمضانية، أحدهما «عنار لطيفة» اليومي على شاشة «أو تي في»، إلى جانب برنامجين يرتكزان على المسابقات على شاشة «تلفزيون لبنان». وأما على المستوى الأعلى، فتعرض شاشة «أم تي في» البرنامج المصري «هبوط اضطراري» الذي يستقبل فيه الممثل هاني رمزي في كل حلقة فناناً في الطائرة، حيث تجري مجموعة من «الأحداث والحوادث» ستجعل النجم غير مرتاح، لتبلغ ذروتها في ختام «المقلب».

ومع وقف بعض المحطات عرض برامجها الحوارية المنوعة في رمضان، مثل «بعدنا مع رابعة» على «الجديد»، أو تعديل برنامج «مع رجا وردولف» ليصبح في رمضان «هلّ القمر» على شاشة «أل بي سي»، يستقبل الإعلامي عماد مرمل ضيوفه النجوم في «نورتو « على «الشاشة الصفراء»، بينما اعتذر الإعلامي نيشان في اللحظات الأخير عن تقديم «Rating رمضان» على شاشة «أم تي في»، فحل مكانه ميساء المغربي ووسام بريدي، وسط كلام عن خلافات بين نيشان ومنتج البرنامج إياد نجار حول «معايير العمل وقناعات نيشان» الذي يغيب للمرة الأولى منذ 15 عاماً عن شاشات رمضان. ويستضيف البرنامج على مدى 30 حلقة عدداً من الفنانين والمنتجين والكتاب المشاركين في أبرز المسلسلات التي تتنافس للحصول على أعلى نسبة مشاهدة، من خلال استفتاء مباشر من المشاهدين و «لجنة تحكيم متخصصة وسرية»، مع إشارة استفهام حول تصدي منتج مسلسلات لصناعة برنامج يقوّم الأعمال الدرامية الخاصة والمنافسة!

الكحل أحلى من العمى

تنتهج المحطات اللبنانية سياسات مختلفة طوال الوقت، والأمر مستمر من زاوية أخرى في رمضان. فاختارت «أم تي في» و «المنار» مبدأ التنويع، بينما آثرت «أن بي أن» و «أل بي سي» و «الجديد» الارتكاز على الدراما في شكل أساسي، فتدخل القناتان الأخيرتان في منافسة مباشرة، تظهر بمسلسل لبناني مقابل آخر، وخمسة مسلسلات سورية لـ»أل بي سي» مقابل سبعة لـ»الجديد»، بينها «عرّاب» حاتم علي ورافي وهبي على «أل بي سي» و «عرّاب» المثنى صبح وحازم سليمان على «الجديد»، بينما تتميز «المؤسسة اللبنانية للإرسال» بمسلسل «الكابوس» المصري، مقابل مسلسل «أثير الحب» اليتيم التركي على شاشة «الجديد».

وبعيداً من المحطات الخاصة، انتهج «تلفزيون لبنان» سياسة «النأي بالنفس» عن إنتاجات 2015، فيعرض «المرافعة» من الموسم الماضي، والجزء الأول من «طوق البنات» إنتاج 2014، بينما تعرض المحطات الأخرى الجزء الثاني، ويعود إلى عام 2011 بمسلسل «العشق الحرام». يقول شقّور في اتصال مع «الحياة» أن السبب في ذلك هو «موارد التلفزيون الرسمي المحدودة، يعني من الموجود جود»، علماً أن الأداء تحسن بالنسبة لأحد أعرق التلفزيونات في الشرق الأوسط، قياساً على السنة الماضية التي لم يقدم فيها أي برمجة رمضانية خاصة. ومن جهة أخرى، يعرض «تلفزيون المستقبل» بعض أضخم الإنتاجات هذا الموسم، مثلما فعل الموسم الماضي في سبيل الاستفادة من الموسم الرمضاني قدر الإمكان لتحقيق عودة مميزة إلى سباق الشاشات اللبنانية والتنافس على الجمهور، من دون تحقيق النتائج المرجوة حينها.