2015/08/06

رافي وهبي
رافي وهبي

العرب - آرام

الفنان السوري رافي وهبي يعتبر أن عبارة التمرّد الاجتماعي المطلبي هي الأقرب إلى قناعاته بخصوص الأحداث التي بدأت في سوريا عام 2011.

يعتبر الفنان السوري رافي وهبي أحد ألمع الأسماء في عالم الكتابة الدرامية، الشاب الذي تخرج من المعهد العالي للفنون المسرحية سنة 1997، والذي تحول اليوم إلى كاتب سيناريو تلفزيوني محترف، لم يكن بوسعه إلا أن يضيف لمسته السحرية على واقع الدراما السورية، ولا نبالغ إذا قلنا إنه كان أحد المساهمين في إنقاذها من النمطية التي وقعت فيها خلال مراحلها الأخيرة.

يقول رافي وهبي الذي خص صحيفة “العرب” بكلام في منتهى التلقائية والمصداقية “إن الفنان مهما كان موقعه هو في النهاية ناقل رسالة فنية وفكرية”، وإنه منذ البدء كان لديه شعور بأنه يمتلك القدرة، ليس فقط ليكون مرسولا أو حامل رسالة، بل أحد كتّابها.

متعة المسرح

رافي وهبي عمل في التمثيل والإخراج في المسرح وفي التلفزيون ويحضر لفيلم سينمائي منذ سنتين تقريبا، استقرّ به الأمر في عالم الكتابة الأقرب إلى قلبه وطبيعته المرهفة.

يقول “لم أجد المتعة في الإخراج التلفزيوني كما وجدتها في المسرح أو ربما لم أجد لديّ نفس الرغبة وربما الكفاءة”، هكذا يتحدث كاتب ومخرج مسلسل “حارة ع الهوا” بكل شفافية عن الكتابة الدرامية السورية وقد أصبح اليوم أحد أهم كتّابها.

نشأ رافي وهبي في كنف عائلة متوسطة، عائلة ذات توجه يساري، شيوعي على وجه التحديد.

وهكذا نما وعيه في أجواء الأحزاب اليسارية إذ كان ناشطا في ما كان يسمى باتحاد الشباب الديمقراطي، لكن سرعان ما اكتشف أن ميوله الثقافية وعلاقته الوطيدة بالقراءة والمعرفة، كانت أكبر وأهم من أي مكان يمكن أن يأخذه إليه العمل السياسي، لكنه يعترف بأهمية تلك المرحلة بالنسبة إليه، والتي كـان لها بالغ الأثر على شخصيته.

يعتبر الفنان وهبي أن عبارة التمرّد الاجتماعي المطلبي، هي الأقرب إلى قناعاته متحدثا عن الأحداث التي بدأت في سوريا عام 2011 ضمن سياق ما عرف بالربيع العربي، يقول كنا جميعا في حالة دهشة ومفاجأة كبيرة، دهشة مصحوبة بخوف كبير من التعبير عن الموقف، الذي كان الجميع مطالبا به.

ويضيف أن هناك شريحة كبيرة لم تتمكن من التعبير عن موقفها بسبب الخوف، لا سيما في خضم تسارع الأحداث وضخامتها.

ذهب رافي إلى بيروت ليخرج قليلا من ضغوط الأحداث، يقول “كان لدينا شعور أنا ومعظم الأصدقاء الذين التقيتهم هناك بأننا سنعود قريبا إلى دمشق بعد شهر ربما”.

ويستطرد وهبي، الذي بقي عاما كاملا عاجزا عن كتابة أي كلمة، قائلا: هناك بدأت فكرة مسلسل “سنعود بعد قليل” ولأسباب تتعلق بالعمل، وبالطبع بسوء الأوضاع في بلدي، بقيت في بيروت شهرا بعد شهر، لكن لبيروت آثارها الإيجابية أيضا، إذ أنني هناك شعرت بقدر أكبر من الحرية، ولا سيما عندما أحسست ببعدي عن مركز الرقابة، ذلك الشيء الذي أفسح أمامي مجالا لأكون أكثر نشاطا على مستوى الذهن والكتابة.

في رمضان المنصرم كان يفترض أن يعرض عمل يحمل اسم “خبز ملح ودم” من كتابة رافي وهبي وإخراج الليث حجو، لكن كالعادة الظروف الإنتاجية كانت السبب في تأجيل العمل إلى العام القادم، ويتطرق العمل إلى العلاقة المعقدة والشائكة بين سوريا ولبنان، كما يتحدث عن معاناة اللاجئين هناك، ويعتبر وهبي أن العمل صعب ومعقد لا سيما في خضم مرحلة بدأت فيها ملامح انهيار ما يسمى الدول الوطنية، على حد تعبيره.

الفن والراهن

لا أكتب أعمالا ترضي الجميع، ولا أستطيع أن أكتب عملا دراميا لا يلامس تجربتي الشخصية، هكذا يعلن كاتب مسلسل “حلاوة الروح” الذي يعتبره الأقرب إلى قناعاته في النظر إلى الحدث السوري، يتحدث عن الرقابة بوصفها جزءا عضويا من العقل العربي.

ويؤكد أن الرقابة الذاتية تبقى أسوأ أنواع الرقابة على الإطلاق، يقول: المسلسل التلفزيوني يمر من خلال مطبخ فيه الكثير من البرادات والأفران والسكاكين، إذ يقرّ أن هناك الكثير من المشاهد التي تحذف من قبل محطات تمارس نوعا من الرقابة السياسية أو الدينية، ويعتبر أن تسويق عمل درامي يتناول الأحداث السورية مهمة شاقة، لا سيما أن كل محطة ترتبط بسياسة ما.

يقول كاتب مسلسل “نادي الشرق” إن “سفينة نوح” هو الاسم الذي اقترحه لنصه، لكن تم استبدال الاسم بسبب اعتراضات دينية. من ناحية أخرى يعتبر رافي وهبي أنه ضد دراما الشعارات، مؤكدا على أن المسلسل التلفزيوني ليس بيانا شخصيا، وعلى الكاتب أن يتميز بسوية فنية عالية، ويوضح في النهاية أن المسلسل التلفزيوني هو سلعة يجب أن تتوفر فيها جميع الشروط المناسبة، ومن هنا تكون مساحة الحرية في الرواية أو القصة والأدب عموما أكبر بكثير من الكتابة الدرامية لعمل يعرض على ملايين المشاهدين ويصل إلى مختلف الأعمار.

يقول وهبي “ما الفائدة إذا كتبنا أعمالنا بشكل صريح ومباشر، ولم تجد طريقها إلى العرض وإلى الجمهور”.

ويعتبر أن الكتابة عن الأوضاع في سوريا الآن هي مسألة في غاية الحساسية، إذ أن الجرح مازال مفتوحا، وأن مقاربته بشكل قاس قد تكون لها نتائج استفزازية وتحريضية.

ويلفت إلى أن هناك انقساما حادا على مستوى العالم العربي حول معطيات الربيع العربي ومجرياته ونتائجه، وأن لذلك أيضا تأثيره على الكتابة، ويختم بأن على الفن أن يتفاعل مع الأحداث، ويساهم في خلق حالة من الوعي، وأن يساهم في إضاءة الصورة وإضاءة الزوايا المعتمة.