2015/12/01

من الفيلم
من الفيلم

بوسطة – علي المحمد

فانية وتتبدد" عن ضحايا "التوحش"

لن تروا "داعش" في "فانية وتتبدد" كما ترونها على "يوتيوب"

أثرنا أسئلة جريئة تقال لأول مرة على شاشة السينما

الفيلم لن يقع في فخ الدعاية

يكفي أن يتناول أي عمل فني تنظيم "داعش" الإرهابي؛ حتى يكون مادة دسمة للحديث ، فكيف إذا كان فيلماً سينمائياً يعتبر الأول عنه، ولمخرج معروف بمناهضته للفكر الديني المتشدد.

فيلم "فانية وتتبدد" الذي أنجز تصويره نجدة اسماعيل أنزور مؤخراً، اختار الدخول إلى كواليس "داعش" والخوض في عقيدته وأفكاره، إلى جانب تسليط الضوء على معاناة السوريين الذين واجهوا  ويلات التنظيم.

التقت "بوسطة" كاتبة السيناريو ديانا كمال الدين التي استطاعت لأول مرة التعبير عن وجهة نظرها من خلال شاشة السينما.

وكان معها الحوار التالي:

ما هي الفكرة التي انطلقتم منها في تناول "داعش" في الفيلم؟

قررنا منذ البداية أن نقوم بتصويّر التنظيم الإرهابي بطريقة مختلفة عما نشاهده على "يوتيوب"، فلم نضّمن الفيلم أيّة مشاهد قتل أوتقطيع وما شابهها، لأنه مهما حاولنا التقليد، لن نصل إلى تجسيد تلك الفظائع كما تبدو في الحقيقة، وكان تركيزنا منصبّاً على هدف واحد هو الإضاءة على حقيقة "داعش" من الداخل.

ولكن على ماذا استندتم في تصوير عالم داعش السري طالما أنّكم استغنيتم عن "يوتيوب"؟

بالتأكيد لم نكتب الفيلم من الخيال، هناك العديد من المصادر الأخرى ومنها الكتب المنشورة لهم على الانترنت، ككتاب "إدارة التوحش" لـ أبي بكر ناجي، وهو أحد المفكرين الذين يحللون طريقة عمل التنظيم واستراتيجياته ، ويتحدث عن مخطط متكامل عسكرياً، تربوياً، ثقافياً، وينتقل ليشرح مراحل تنظيم الدولة من مرحلة "شوكة النكاية والإنهاك" التي تعني أن تهزًّ أركان الدولة التي تدخل إليها وتتضمن القتل والتفجيرات وإشاعة الفوضى في أوصالها، ومن ثم إزالة قبضة السلطات الحاكمة عنها، للوصول إلى حالة من الفوضى يسميها الكاتب "متوحشة"، وبعدها تأتي مرحلة التمكين وإدارة التوحش ويقصد بها المؤلف تسخير تلك الحالة من الفوضى للحلول مكان السلطات الحاكمة تمهيداً لإقامة الدولة الإسلامية .

كيف عبرتم عن تلك الأفكار ضمن بناء درامي؟

حاولنا تقديم شخصيّات تمثّل معظم شرائح المجتمع السوري، ونسجنا حكايات الفيلم التي تتقاطع في بلدة سوريّة تقع تحت سيطرة "داعش" نشهد فيها قصة عن جندي؛ تقع شقيقته ذات الـ 11 عاماً بين يدي أمير داعشي يحاول سوقها إلى فراشه زوجةً، وقصص نساء تعرّضن للاغتصاب والسجن، وحكاية عن عائلة مسيحية يضطرّ أحد أفرادها لاعتناق الإسلام خوفاً على عائلته، كما تناولنا الصراع بين "داعش" و"جبهة النصرة" على اقتسام الغنائم، بينما يقرر أحد "الدواعش السوريين" الانحياز لإنسانية في النهاية.

ماهي الرسائل التي تحاولون قولها من خلال "فانية وتتبدد"؟

نحاول استدارج المشاهد لعيش التجربة كاملةً، وتوضيح أنّ هذا الأمير وأمثاله يفهمون اللعبة تماماً، وهم ليسوا بوارد السعي وراء دولة إسلامية أو الاقتداء بنهج النبّوة، بل هم يدركون تماماً أن المنصب يمنحهم السلطة والمال الجنس، وذلك جلّ ما يسعى أي شخص لامتلاكه. أما الرسالة الأساسية فهي أنّ الوطن ليس بحاجة لرجال يبحثون عن ثأرهم الشخصي أو يقاتلون من أجل أنفسهم بل لرجال يقاتلون من أجله.

أليست النهاية التي تقترحونها للفيلم بمشهد رفع العلم الوطني من قبل جندي في الجيش السوري وعنصر تائب من داعش متفائلةً قليلاً؟

معظم قيادات "داعش" من جنسيات سعودية وقطرية وتونسية، لكنّه يضمّ بين عناصره الكثير من السوريين خلافاً لما يتم الترويج له بأن جميع مقاتليه هم أجانب وأنهم جزء من مؤامرة كونية فذلك ليس صحيحاً بالمطلق، وتعداد الغير سوريين في صفوف التنظيم لا تتجاوز العشرة بالمئة لذلك لم نقم بتأييد تلك الرواية. وهؤولاء الشباب هم ممن أضاعوا مستقبلهم أو فشلوا على صعيد الدراسة أو المال ومن ثم وجد ملاذاً في الانضمام إلى التنظيم. ولكن كثيراً منهم سيعودون إلى رشدهم عند إدراك فظاعة ما يرتكبه أولئك الإرهابيون.

ألا يمكن اعتبار هذا الفيلم دعائيّاً بحتاً أكثر من كونه سينمائياً؟

ما سيحمي "فانية وتتبدد" من الوقوع في فخ الدعاية هو تناوله للعقيدة التي يتبناها التنظيم، والأسس التي يقوم عليها – ودحضها. كذلك فإن كل المشاهد تم العمل عليها بدقة من مختلف النواحي لاسيما السينوغرافيا التي هي أقرب إلى لوحات تشكيلية، ولن يكون هنالك مشهد عبثي، فكلها موظفة ومدروسة بعناية، وكلّ منها يحمل رسالة.

ماذا يمكن أن يقدم فيلم سينمائي على صعيد مواجهة تنظيم بهذا المستوى من الوحشية؟

هم قتلوا واغتصبوا الآلاف ، ولكن أفظع ما ارتكبوه هو ضرب البنية الاجتماعية للبلد وهو ما لايمكن تعويضه واليوم من واجبنا المواجهة الإعلامية مع هذا الفكر، لذلك نتمنى أن يجد الفيلم طريقه للعرض خارج سوريا.

هل هذا الفيلم هو أول تجربة سيناريو لك ؟

لا، كتبت سيناريوهين سابقاً ولكنها من الأفلام التي من الصعب إنتاجها لأنها تتضمن مواجهة مع الفكر الديني، وتلك هي رسالتي الأساسية. وفي الفيلم على سبيل المثال أثرت أسئلة موجودة على ألسنة السوريين مثل "أين كان الله حين اغتصبت تلك النساء؟، وأين كان حين ذبح أطفال بعمر أشهر؟، هذا النوع من الأسئلة تلزم الجرأة دائماً لطرحه وتقديمه على شاشة السينما وهو ما سنفعله في فيلم "فانية وتتبدد".