2019/12/31

خاص بوسطة – دانا وهيبة 

أتمنى أن يمتلك بعض المخرجين السوريين الجرأة ليؤمنوا بالخريجين الشباب

إن كان الناس يستمتعون بشكلي فقط، أفضل البقاء في البيت

نحن مذهولون من النتيجة التي حققها عروس بيروت

مقارنتي مع معتصم النهار تدل على أننا ناجحان

 

 رغم أدائه عدة شخصيات في الدراما التلفزيونية والسينما السورية منذ تخرجه في المعهد العالي للفنون المسرحية عام 2015، لكن الأضواء لم تسلط على الممثل السوري الشاب فارس ياغي، كمّا سُلطت عليه عقب لعبه شخصية "هادي الضاهر" بمسلسل عروس بيروت (النسخة العربية من المسلسل التركي عروس اسطنبول).

وبعد "هادي"، لم يعد الأمر كما قبله بالنسبة لفارس، ليس فقط على صعيد الرواج عربياً، وفتح الأبواب أمام فرص جديدة، إنما أيضاً على صعيد التساؤلات التي انتشرت بسرعة تعادل سرعة بروز اسم فارس ياغي، مثل: ما الذي سرَع وصول هذا الممثل الشاب، وهل هو لبناني أم سوري، وهل كان لشكله الدور الكبير في اختياره ليدخل "عروس بيروت"؟

"موقع بوسطة" التقى فارس، ليجيب على هذه التساؤلات، ويشرح وجهة نظره تجاه بعض المخرجين السوريين، الّذين يرى أنهم افتقدوا للجرأة الضرورية، وكان لنا الحوار التالي:

 

عندما قرأت شخصية هادي على الورق ماذا شعرت بأنها ستقدم لك؟

عندما استلمت شخصية هادي، كان هناك الكثير من الصعوبات، وقبل أن أمسك الورق حتى، فأنا موقّع مع محطة متابعة عربياً، وأمام هادي الذي يتحدث باللهجة اللبنانية التي ليست لهجتي، كما أني أمام ممثلين لديهم خبرة كبيرة، وشعرت أن هذا الدور كالجوكر، إما أن أستغله بشكل صحيح وتبرز قدراتي التمثيلية، أو لا.

كيف تعاملت مع الصعوبات التي واجهتك؟

حللت الشخصية من حيث موقعها وعلاقتها مع الأخوة، وأعددت النص مع مدربة لبنانية صديقة، ساعدتني باللهجة، وبموقع التصوير تعاطيت بإيجابية مع الممثلين، وهم كانوا كذلك، وكلنا كنا خائفين على بعضنا، لأن التجربة جديدة في العالم العربي والنص غريب عنا، تم إعداده وترجمته إلى اللغة العربية، وكان هناك تعاون جماعي ومسؤولية، لأنهم عندما يقولون أول تجربة تركية عربية، سيذكرون "عروس بيروت"، وإما أن يضرب بنا المثل بشكل إيجابي أو سلبي، لذا كان الهدف إنجاح المشروع ككل وليس النجاح الفردي. 

كيف نجحت هذه الحالة الجماعية التي تحدثت عنها في عروس بيروت، ومن المعروف قدر التنافس في الوسط الفني بشكل عام؟!

تجربتنا هي التي صنعت هذه الحالة الجماعية، تعاملنا بأننا سواسية، وكنا مثل قارب، إذ إما أن نسقط كلنا ونغرق من أعلى رقم، وإما أن نطفوا جميعنا وننجح.

هناك من يرى أن هذا القارب غرق والتجربة خابت ما تعليقك؟

بعالم الأرقام والسوشيال ميديا وبمحبة العالم بالشارع، نحن مذهولون من النتيجة التي حققها العمل، لا أقول ليس هناك سلبيات، لكن على الأرض، عروس بيروت حقق قاعدة جماهيرية، وأنا لمستها باسطنبول ولبنان وسوريا، والناس حفظتنا بأسماء الشخصيات التي أديناها.

ماذا أضفت على شخصية هادي بيروت، لتخرج من ثوب هادي اسطنبول، كون التجربة منسوخة من عمل تركي بكل ما فيها؟

طوعت اللهجة اللبنانية، وحاولت العمل على السماحة وعلى شكل وجهي، لتظهر فيه ملامح الدفء والهدوء، واشتغلت على شكل الجسم (أنا طويل وعندي ملامح قوية ووجه ذئبي)، وكذلك من حيث مكان وقوفي مع الشخصيات، وهذه تشاركتها مع المخرج، فمثلاً هادي دائماً كان يقف بجانب أمه، وهذه أدوات تصل للجمهور دون أن أشرحها.

بعروس بيروت اختارك المخرج التركي لشكلك هذا العنوان الذي تصدر الصحافة في الآونة الأخيرة كيف تعلق عليه؟

هنا حدثت لعبة صحافة، قاموا باقتصاص الكلام من أجل السكوب، هذا المخرج التركي مثل أي مخرج، تكون لديه شخصية معينة يفكر فيها على نحو معيّن، وشكلي تطابق بنسبة 50% مع خياراته، وعندما سافرت إلى اسطنبول، جرت تجارب الأداء على مدار 3 أيام لشخصية هادي، وأتت النتيجة مطابقة 100%، هكذا تم اختياري، وهو أيضاً رأى صوراً لي بأشكال مختلفة ولعدة مراحل عمرية، حتى توصلنا للهيئة النهائية للشخصية والتي أحبها الناس. 

هل يزعجك أن البعض يظنك لبنانياً لا سورياً بعد دورك في "عروس بيروت"؟

لا على العكس، والسبب أني كنت وفياً للهجة التي أمثل بها، وللطبقة الاجتماعية التي أؤدي فيها، وهذا يدل على نجاح الشخصية، حقيقة هناك فرح وحزن بنفس الوقت أني انشهرت عربياً كممثل لبناني، حبذا لو أني تصدرت كممثل وحققت أول نجاح عربي بلهجتي السورية، لكن الظروف شاءت هكذا.

هل تحدثك باللهجة اللبنانية التي ليست لهجتك جعلك تخرج عن عفوية الأداء؟

كان لدي بعض الضغط من ناحية اللهجة، وهي ألا تظهر السورية وأن أكون وفياً للبنانية، لكن فهمي الصحيح لهادي أراحني، والفريق كان معي على السمع وحرص بألا تخرج مني أية كلمة بلهجتي الأساسية، كما أني درست اللهجة اللبنانية وتمرنت عليها جيداً.

هناك ممن شاهد عروس بيروت يصف أداء فارس بالمبالغ به في بعض المشاهد ما ردك؟

كي أكون واقعياً، كنت أسير في هادي على نسق معين، فنحن نقدم دراما، لذا حاولت قدر الإمكان، أن أعمل كما في الحياة، من الممكن وجود بعض الملاحظات، بأننا لا نتصرف هكذا بالحياة، لكن لا ينبغي أن ننسى أننا في سياق درامي تشويقي.

أنا كفارس لم توجه لي هذه الملاحظة بشكل مباشر، لكن إن وجدت، أعيد تسليط الضوء بأننا نقدم دراما قريبة للحياة، لكن احياناً ظرف المشهد يدفعك لتجاوز ما هو في الواقع، كي تشحن الناس، والأمر لا يتعلق بقلة الضبط، لكن طبيعة المشهد هي الأساس.

هل من الممكن أن يأتي يوم وتشعر فيه أنك بالغت وتسرعت بتبنيك لشخصية هادي إلى هذا الحد وكذلك بدفاعك عن "عروس بيروت"؟

نحن أمام تجربة، خبرتي عمرها أربع سنوات بعد التخرج وسأدخل بالخامسة، وأنا أمام تجارب جديدة، هادي أحدها، ويمكن بعد 10 أعوام أن أقول ليتني لم أؤدي هادي، فأنا ممثل أتطور بالحياة وتجاربي تختلف، ما يعني أن قراءتي للأمور ستصبح أعمق، لذا لن أزعل، لأن خبرتي وتطوري ووعيي فرضوا أن أقدم هادي بهذا الشكل الناجح، فكيف إذا سأقدمه بعد 10 سنوات!. 

لورا أبو أسعد والتي تعتبر عرّابة دبلجة المسلسلات التركية إلى اللهجة السورية، قالت عن عروس بيروت: "سبع حلقات منه كانت كافية لإصابتي بمختلف أنواع الجلطات" ماذا يعني لك هذا؟

نحن نقدم فناً، ممكن أن يحب ما نقدم خمسة أشخاص، وأربعة لا وأن يكون لغيرهم رأي مختلف، أحترم وجهة نظرها، وأنا لما قرأت تصريحها، جربت أن أعيد مشاهدة العمل بطريقة ثانية، وأتمنى أن ألتقي معها حتى أسمع رأيها، أنا الآن كشاب، أرى التجربة بإيجابياتها وسلبياتها، أتمنى أن أتعرض لأشخاص مثل لورا لديهم هذه التجربة، ويخبرونني عن أشياء أنا لم أستطع رؤيتها، ومن الممكن أن يكون فارس ياغي بعد عشر سنوات غير فارس اليوم.

إذا كان لديك هذا الاهتمام برأي لورا فلم َلم تتواصل معها؟

لم أتواصل ليس لأني لا أريد ذلك، لكن لأن لها الحق بإبداء رأيها، وبالتأكيد سوف نجتمع بالحياة، وأنا كفارس، شخص خجول لدرجة أني لا أستطيع الاتصال بشخص لا أعرفه شخصياً، وأعرّفه عن نفسي.

ما الذي تغيّر لديك على الصعيد الشخصي بعد "عروس بيروت"؟

أصبحت المسؤولية أكبر، وصرت أستخدم هاتفي الجوال أكثر.

كيف تتعامل مع التعليقات السلبية تجاهك على السوشيال ميديا؟

طالما بقيت ضمن الأدب، أحترمها، ولكن إذا تجاوز أحد الخطوط الحمراء أحذفه، لأنه لا يعرفني فلما ليتجاوز، والرأي السلبي الذي أرد عليه، هو الذي يحاول إعطائي دفعة إلى الأمام.

هل أصبحت بعد تأدية شخصية هادي انتقائياً بأدوارك وحتى بأجرك؟

نحن نتطور، فمنذ خمس سنوات، كنت آخذ خياراً معيناً، أما اليوم، فاختلف خياري ووعيي وثقافتي، وغداً من الطبيعي أن تتطور كل النواحي بالنسبة لي (النص، الأجر، الجهة المنتجة، والمخرج)، وأنا اليوم مطلوب مني أمام الناس الذين أحبوني، أن أقدم خيارات ناجحة. 

ما الذي يجعلك تبتعد عن تأدية شخصية تعرض عليك؟

التعاطي الإخراجي، وكيفية تناول المخرج لها.

ما سبب القفزة السريعة التي حصلت مع فارس على الصعيد العربي؟

هذه القفزة أتت نتيجة تعب بعد التخرج، وخطة أسير عليها، وأدوات أزرعها وأعمل عليها، وأدواري التي لعبتها في السينما والتلفزيون، لو كانت قليلة، لكنها مدروسة، وليس فقط لمجرد الظهور فحسب، وكل دور أديته، كان لأقدم نفسي كممثل بطريقة صحيحة، وبالنسبة لعروس بيروت، القفزة جاءت نتيجة تراكمات وتوفيق من رب العالمين، والناس تعي أن هذا النمط من الأدوار يحتاج الممثل الصحيح.

ماذا يعني لك أن تأخذ فرصتك الحقيقية على يد مخرج أجنبي لا مخرج سوري؟

ما كنت لأصل للمخرج الأجنبي لو لم يقدمني المخرج السوري بطريقة صحيحة، وحتى أديت بشكل جيد في شخصية هادي بمسلسل "عروس بيروت"، كنت قد تمرنت في سوريا جيدا أمام عدسة مخرجين سوريين، وثقوا بي، كباسل الخطيب الذي خضت معه ثلاث تجارب سينمائية، وتامر إسحاق الذي آمن بي وأعطاني دوراً مهماً في مسلسل "خاتون"، وكذلك بمسلسل "وردة شامية"، الذي لعبت فيه شخصية حكمت، بطولة سبع حلقات، وكل الشخصيات كانت مربوطة به خلال العمل.

ألا ترى بأن هناك واجباً على المخرجين السوريين تجاهكم كممثلين شباب وخريجين جدد؟

الآن حتى أصبح بعض المخرجين السوريين وضمن الظروف الحالية جريئين، ولم يكونوا كذاك في البداية، إذ كانت لديهم خيارات ناجحة عربياً، وممثلين ناجحين يتكئون عليهم، لكن عندما ذهبت هذه الوجوه، أصبحوا مضطرين للمغامرة. ليس لديهم خيارات فيجربون بالوجوه الجديدة، ومن لا تنجح التجربة معه يستثنى، لذا أتمنى أن يكون لدى بعض المخرجين الجرأة ليؤمنوا بالخريجين الجدد، ويقدموا لهم تجربة حقيقية.

بعد دورك في عروس بيروت إذا طلبك باسل الخطيب أو تامر إسحاق لدور صغير هل تقبل؟

بالطبع أقبل، والسبب أنهم إذا أعطوني هكذا دور، فلأنهم يعلمون أن هذا الدور لا يستطيع تأديته سواي. 

إلى أي درجة يعتمد فارس على شكله في الحصول على الفرص وتحقيق النجاح؟

أولاً، لا أعتمد على جمالي أبداً بعملي، وشكلي هو عنصر من العناصر التي أتميز بها، ربما لدي خصوصية بالشكل، وكاريزما على الشاشة أحاول تقويتهما والعمل عليهما، ثانياً، لا أفكر بهذه التفاصيل أمام الكاميرا، بل بالدور وكيف سأقدم الشخصية للناس، وإذا جرت مقارنة، فأنا أديت شخصيات مختلفة عن بعضها شكلاً ومضموناً، لعبت حكمت الضابط المتمرد القاسي، وهادي الصوفي المسالم، لذا أعتمد على أدائي التمثيلي، لو أردت استغلال شكلي، لقدمت منذ زمن شخصية العاشق و"الحبّيب"، وإذا الناس سيستمتعون بشكلي فقط، سأبقى بالبيت.

هل لديك مشكلة بلعب شخصية يشوّه فيها شكلك ويُغيَر ولا تظهر فيها على أنك الرجل الوسيم والجذاب؟

ليس لدي أية مشكلة بذلك، فبكل شخصية لعبتها، كان شكلي مختلفاً فيها عن الأخرى.

كيف تعلق على المقارنة بينك وبين معتصم النهار من حيث ربط بروزكما ونجاحكما بسبب الشكل؟

أنا لست بمكان لأقارن مع أحد، معتصم قبلي بسنين كثيرة، ولديه كاريزما وخصوصية، وقدم نفسه في العديد من الأعمال بطريقة مختلفة جداً، وأنا أقدم نفسي كفارس ولا أنافس أحداً، والناس أحبتني على أدائي وليس لشكلي فقط، فهناك مقولة "نحن نستمتع بالجمال للثواني الأربعة الأولى"، ولو كان نجاحي بسبب الشكل فقط، لم أكن معكم هنا أجري لقاءً، أنا لياقتي بأدائي وليس بشكلي.

كما أن المقارنة بيننا من حيث النجاح بسبب الشكل، أو القفزة السريعة التي حققناها، تعني أننا شخصان ناجحان، أثبتنا نفسينا كممثلين، وأخلاقياتنا وتعاملنا الصحيح مع محيطنا.

ما الشخصية التي تحلم بتأديتها وترى أنها ستخرج فارس من جلده؟

أتمنى تأدية شخصيات بسيطة ورقيقة، وأقصد بالبسيطة، السهلة الممتنعة، التي تمثل ولا تمثل، وأن تكون مركبة بذات الوقت، هذا النمط من الشخصيات يثيرني. 

إذا قدم لك عرض بتأدية الشخصية التي تحبها ووفق الشروط التي تفكر بها، ضمن بطولة مطلقة هل تغامر في هذا التوقيت وبخبرة لم تتجاوز الأربعة أعوام؟

لا أقول لا، حسب النص، والمخرج، والتجربة، لكن لا أزال متخوفاً، إلى الآن ما زلت أكتشف نفسي، وأدواتي، وأكتسب خبرة أمام الكاميرا، لكن رغم التخوف، إذا أتت تجربة جديدة مع نص جيد، وممثلة شريكة قوية، لما لا؟!

ماذا تحضر حالياً؟

أحضّر الموسم الثاني من عروس بيروت، وعرضت عليّ أدوار أخرى، لم أدخل بها لصعوبة التنسيق.