2021/08/28

خاص - بوسطة

قبل سنوات عديدة كان للشاشة الصغيرة والدراما التلفزيونية فعل السحر، ما أن تنطلق أغنية أو موسيقى شارة أحد المسلسلات ذات الشعبية الواسعة، حتى تُضبط الأعين والآذان والألسن على وقعها طيلة عرض إحدى الحلقات، حالة ترقب وانتظار كانت تصل بعض الأحيان لما يشبه حظر التجوال في الشوارع.

الطقس الرمضاني، حفظ لفترة طويلة هيبة الشاشة الصغيرة تلك ولو تقهقرت قليلاً، ولمدة ليست بعيدة كان للعديد من المسلسلات السوريّة التي جمعت مخرجين وكتّاب مرموقين في الصنعة إمكانية إبقاء المشاهدين معلقين ومنتظرين من حلقة لأخرى حتى يرووا ظمأ التشويق الذي وقعوا فيه.

بيد أن تطور تقنيات العرض وثورة السوشال ميديا قلبت تفاصيل الطقس الرمضاني البسيطة، وخدّرت شيئاً فشيئاً رعشة الدهشة والترقب، وفتحت للمشاهد نافذة يأخذ من خلالها لقطة عامة للمسلسلات الرمضانية، ثم يجمع بعض التفاصيل عن شخصيات المسلسل المرتقب من تسريبات الصحافة، وتصريحات بعض الممثلين على صفحاتهم الشخصية، فيدخل الموسم الرمضاني ويتابع بشكل آلي وروتيني الأعمال التي بالأصل يفتقد معظمها للحبكة الرصينة والتشويق وحتى النص السليم.

ورغم كل ذلك جاء صناع مسلسل "حارة القبة" بما هو أزود، إذ صوّر من العمل جزآن دفعة واحدة العام الماضي، وأصبح الجزء الثاني منه جاهزاً للعرض في الموسم الرمضاني المقبل 2022، إلى هنا الأمور لم تخرج من سياقها، فالأمثلة على هذا النوع من الإنتاج كثيرة، والعديد من الشركات التي ترغب بإنتاج 60 حلقة تلفزيونية، تسعى لتصويرها بشكل متواصل، تجنباً لانسحاب الفنانين أو التزامهم بأعمال أخرى، وبالتالي تبدل الممثلين الذين يجسدون الشخصيات.

لكن الأمر يختلف عندما تمتد الحكاية لأكثر من جزأين، ويبدأ تصوير الجزء الثالث قبل انطلاق عرض الثاني! تماماً كما يحصل مع شركة "عاج" المنتجة لحارة القبة، والتي أغلقت كواليس تصوير المسلسل منذ البداية وتكتمت على مجريات الحكاية، وأوصدت كل الأبواب بوجه الصحافة، لكن محاولاتها ذهبت في اتجاه معاكس، ولم تفلح في حماية "حتوتة" الحارة من التسريبات، إذ بعد مضي أيام قليلة فقط على بدء التصوير، تكشّفت مصائر العديد من شخصيات العمل بجزئه الثالث كشخصية "هيام" التي ستلعبها رواد عليو، و"صياح" التي سيؤديها الفنان فراس إبراهيم ، وتبيّن أن الجزء الثالث لن يضم سلافة معمار وستكون رنا شميس بديلة عنها، وكذلك عُرف مصير الخط الدرامي ليامن الحجلي، ومثله قاسم ملحو الذي اتضح مصيره من الآن وقبل أن ينبس بجملة حوارية واحدة! وبالتالي استشف الجمهور من هذه التسريبات مسار معظم الخطوط الرئيسية لحكاية الجزء الثاني قبل عرضه!.

إذاً لم يتبقَ أمام شركة عاج اليوم سوى السعي جاهدة في سبيل عدم الكشف عما يخبئه صندوق والد غازي بيك الذي اؤتمن عليه أبو العز، ليبقى ما يحقق لدى الجمهور عنصري الدهشة والمفاجأة.