2012/07/04

أبو خليل القباني (1833 - 1903م)
أبو خليل القباني (1833 - 1903م)

  سيرته أبو خليل القباني رائد المسرح العربي ولد في دمشق لأسرة دمشقية عريقة يتصل نسبها بأكرم آقبيق الذي كان ياور (مستشار) السلطان سليمان القانوني. وأحد أجداده هو شادي بك آقبيق الذي بنى مدرسة الشابكية للعلوم الدينية بدمشق مع جامع كبير، وأوقف لهما أوقافَ حي القَنَوات بأجمعها؛ ثم لُقِّب في عهده بالقبَّاني لأنه كان يملك قبّان باب الجابية نسبة إلى القبابين التي كانت بذلك الزمان ملكاً لفريق من العائلات في كل حي من أحياء دمشق.وأبو خليل القباني هو عم لأبي الشاعر الكبير نزار قباني وعمّ لأمه أيضاً.   كان أبو خليل القباني هو رائد المسرح العربي في سوريا، وإليه يرجع الفضل الأكبر في وضع أسس المسرح الغنائي العربي، حيث نقل الأغنية من على التخت الشرقي لكي يضعها فوق المسرح التمثيلي، فأصبحت الأغنية بذلك جزءاً من العرض المسرحي . ولقد استمد القباني مسرحياته، التي يبلغ عددها ثلاثين مسرحية، من التراث العربي والتاريخ الإسلامي، فيما عدا مسرحية واحدة، هي مسرحية (متريدات) التي ترجمها عن الفرنسية عن الكاتب الكلاسيكي الشهير راسين . والطابع الغالب على هذه المسرحيات هو الإنشاد الفردي والجماعي، بالإضافة إلى الرقص العربي السماعي، حيث كان القباني من أكبر أساتذة الموسيقى العربية علماً وتلحيناً وبراعة أداء، وفضلاً عن ذلك كان أديباً وشاعراً . ويعتقد أن القباني المنتمي إلى أسرة تركية، قد تأثر بالمسرح التركي، وبما كان يمثل على مسرح ميخائيل نعوم من أوبرات وموسيقيات وكوميديات أكثر مما تأثر بالمسرح اللبناني أو بالمسرح الأوروبي . خاصة وأن نعوم هذا كان يدير أكبر مسرح في عاصمة الخلافة العثمانية منذ سنة 1844 حتى سنة 1870، وأن القباني لم يكن يتقن أيّاً من اللغات الأوروبية، وإنما كانت لغته الثانية هي اللغة التركية التي ترجمت إليها قبل ظهوره مسرحيات كورني وراسين وموليير وجولدوني، فضلا عن الأوبرات التي كانت تقدم على مسارح استنبول ومنها مسرح بوسكو، ومسرح فروي، والأوديون، والشرق، والحمراء، والكازار، وقاضي كوى، كل هذا وكان القباني لا يزال في الخامسة عشر من عمره . وفي الثلاثين من عمره كان القباني قد استكمل معرفته بالمسرح التركي واللبناني، وظهرت براعته في التلحين والغناء ورقص السماع، التي اقتبسها من أستاذه الشيخ أحمد عقيل الحلبي، أقدم على تأليف مسرحيته "ناكر الجميل" التي جمع فيها بين ألوان التمثيل والغناء والموسيقى، واستمر في التأليف والاقتباس مستمداً موضوعاته من تراث العرب القدامى في القصص الشعبي، ومما ترجم واقتبس في لبنان وفي تركيا من روائع المسرح الغربي . اندفع القباني في نشاطه المسرحي بتشجيع من الولاة الأتراك وخاصة صبحي باشا ومدحت باشا أبي الأحرار، ولكن حملات الرجعية اشتدت عليه حتى نالت منه، عندما وشوا به إلى السلطان عبد الحميد، وأوهموه أنه يفسد النساء والغلمان، وينشر الفسق والدعارة، فأمر السلطان بغلق مسرحه، فارتحل إلى مصر، حيث أسهم مع زملائه اللبنانيين في نشاط المسرح المصري المزدهر في ذلك الحين . ومن أهم مسرحياته وأكثرها شهرة .. ـ هارون الرشيد ـ عنترة بن شداد ـ السلطان حسن ـ أبو جعفر المنصور ـ ملتقى الخليفتين ـ أنس الجليس ـ الولادة وهي جميعها مسرحيات فيها جدة في الأسلوب، وفصاحة في العبارة، وطرافة في الحوار، وإن تأرجح السياق اللغوي بين النظم والنثر، كما هو الحال في مسرحيات النقاش ومن حذا حذوه . وربما كان القباني يقصد من وراء هذا، إلى إقامة وشائج قربى ولو في الأسلوب والمظهر، بين المسرحية الناشئة الدخيلة، وبين ألوان الأدب العربي القديمة والأصيلة، وفوق هذا وذاك، فإن عامة هذه المسرحيات كما يقول زكي طليمات، لم تكن مقصورة على فن التمثيل فحسب، بل تجاوزتها إلى صميم الموسيقى والرقص حيث استقام خلط الكلام بالغناء بشكل أتم وأبرز مما ورد في المسرحيات الأولى، كما أنه فتح المجال لنوع من الرقص العربي الجماعي القائم على السماع، مما جعل منه بحق رائد المسرحية الغنائية القصيرة أو الأوبريت في المسرح العربي .     بداية المسرح العربي يعتبر أبو خليل القباني أول من أسس مسرحاً عربياً في القرن التاسع عشر في دمشق، وقدم عروض مسرحية وغنائية وتمثيليات عديدة منها: ـ ناكر الجميل ـ هارون الرشيد ـ عايده ـ الشاه محمود ـ أُنس الجليس .. وغيرها . أعجب أبو خليل القباني في بداياته بالعروض التي كانت تقدم في مقاهي دمشق .. مثل الحكواتي ورقص السماح وكان يستمع ويتابع نواة موسيقى ابن السفرجلاني وكذلك تلاقى القباني مع الفرق التمثيلية التي كانت تمثل وتقدم العروض الفنية في مدرسة العازرية في منطقة باب توما بدمشق القديمة .   قدم القباني أول عرض مسرحي خاص به في دمشق عام 1871 م وهي مسرحية الشيخ وضاح ومصباح وقوت الأرواح ولاقى استحسان الناس وإقبال كبير، وتابع الناس أعمال القباني وعروضه المسرحية وحقق نجاحاً كبيراً، وفي عام 1879 ألف أبو خليل القباني فرقته المسرحية وقدم في سنواته الأولى حوالي 40 عرضاً مسرحياً وغنائياً وتمثيليات اضطر أبو خليل للاستعانة بصبية لأداء دور الإناث في البداية مما استنكره المشايخ فشكوه إلى والي دمشق، لاقى صعوبات في البداية وتوقف عن عروضه المسرحية إلى حين عودة مدحت باشا إلى ولاية دمشق حيث سهل له متابعة العمل المسرحي. واشتهر القباني وحقق نجاحاً كبيراً واضعاًًًً الأسس للمسرح العربي .   بعد النجاح الكبير لرائد المسرح السوري والعربي (القباني) ومسرحياته في دمشق سافر مع مجموعة ممثلين فنانين وفنانات سوريين إلى مصر حاملاً معه عصر الازدهار للمسرح العربي والذي هو رائده، وكذلك مؤسس المسرح الغنائي حيث أدى مسرحية أنس الجليس عام 1884 فازداد شهرة أكثر وتتلمذ على يديه الكثير من رواد المسرح بعد ذلك، سافر إلى العديد من البلدان واقتبس لاحقاً من الأدب الغربي قصصاً عالمية عن ( كورنيه-  Corneille) الفرنسي وقدم عروضاً مسرحية كثيرة ومسرحيات عالمية .   عاد إلى دمشق متابعاً مسيرته في ترسيخ أسس المسرح العربي وقدم العديد من مسرحياته وتخرج وتتلمذ علي يد القباني وفرقته المسرحية أهم أعلام المسرح العربي .وفي دمشق مازال المسرح المعروف بأوسمة مسرح القباني قائماً في إحدى أحياء دمشق حتى اليوم .   سافر إلى الأستانة والى الولايات المتحدة، وفي سنواته الأخيرة دوّن أبو خليل القباني مذكراته و توفى في دمشق عام 1903 تاركاً أسسَ وبدايةَ المسرح العربي .   أهم أغانيه من أشهر أعماله, تأليف و تلحين أغنية (يا مال الشام), و هذه كلمات هذه الأغنية الدمشقية الأصيلة:   يا مال الشام يا الله يا مالي طال المطال يا حلوة تعالي طال المطال و اجيتي عالبال ما يبلى الخال عالخد العالي   طال المطال طال و طول الحلوة بتمشي تمشي و تتحول يا ربي يرجع الزمن الأول يوم يا لطيف ما كان على بالي   طال المطال و عيوني بتبكي و قلبي ملان ما بقدر يحكي يا ربي يكون حبيبي ملكي يوم يا لطيف ما كان على بالي   طال المطال وما شفناهم يوم الأسود يوم الود عناهم يا ربي تجمعني معاهم يوم يا لطيف ما كان على بالي