2012/07/04

أحمد إبراهيم أحمد «يضيء» بوسطة بحوار مميز
أحمد إبراهيم أحمد «يضيء» بوسطة بحوار مميز

"لعنة الطين" نص محكم يعالج فترة الثمانينيات بتقلباتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.

عملي القادم "حاتم الطائي" يوثق مرحلة الجاهلية بمجمل تفاصيلها.

معظم الأعمال تُنفّذ برغبات خارجية، وهي من يحدّد المزاج تبعاً للإعلانات التي يجلبها النوع.

أنا أفتخر بتجربة "طريق النحل".

عملت مع معظم مخرجي البلد واستفدت منهم جميعاً عبر السنوات.

مدير التصوير والإضاءة هو الأقرب إلى تفكير المخرج.

الإبداع الحقيقي لا يقف عند الأطر والشهادات

.

خاص بوسطة- علي وجيه

عاد أحمد إبراهيم أحمد إلى البلاد عام 1990 قادماً من بلغاريا بشهادة في هندسة الإضاءة، ليعمل في التلفزيون السوري ويرأس شعبة الإضاءة فيه لبضعة سنوات، عمل خلالها في عدد من المسلسلات والسهرات التلفزيونية، قبل أن يقدّم استقالته ويتفرغ للعمل الدرامي كواحد من أهم مدراء التصوير والإضاءة في سورية.

عمل مع معظم المخرجين السوريين، وخاصة حاتم علي الذي رافقه منذ بداياته في أعمال مثل: "خيال بائع جوّال"، "اللعبة"، رباعية "ظل الأرض" "فارس المدينة"... وصولاً إلى "سفر" عام 1998 وباقي المسلسلات: "الفصول الأربعة"، "الزير سالم" "صقر قريش"، "ربيع قرطبة"، وانتهاءً بـ "صراع على الرمال".

هكذا، نال صاحب صورة "التغريبة الفلسطينية" عدداً من الجوائز مثل أفضل إضاءة في مهرجان القاهرة عن "الملك فاروق"، وأدونيا, والأهم، حسب رأيه، جائزة برنامج "البيت بيتك" في مصر، ليغتنم فرصة الإخراج في سلسلة "منمنمات اجتماعية" بأربعة أفلام (رياح الخريف - عزيز قوم - مثل الحقيقة - صدى الصمت)، قبل أن يقدم على مسلسله الأول "طريق النحل" في الموسم الفائت رغم انخفاض الإنتاج لحوالي النصف، وها هو يحضّر لعملين هذا العام أسوةً بأهم المخرجين على الساحة.

أحمد إبراهيم أحمد ولقاء مميز لموقع "بوسطة".

نبدأ بجديدك "لعنة الطين" الذي سمعنا عنه مؤخراً..

قريباً جداً سأبدأ تصوير المسلسل الذي كتبه سامر رضوان وتنتجه شركة "قبنض" (الأيهم للإنتاج الفني)، في توجه منها لنوعية مختلفة من الأعمال هذا العام بعد "صراع المال" و"باب المقام"، مع ميزانية جيدة مكّنتنا من الاستعانة بأهم نجوم الدراما السورية، ونص محكم يعالج فترة الثمانينيات بتقلباتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، عبر مجموعة قصص تبدأ أحداثها في البيئة الساحلية التي نتناولها بشكل جدي لأول مرة على الشاشة، بعد أن شاهدناها في السينما سابقاً. هي شخصيات حقيقية من لحم ودم، تقدّم طرحاً جريئاً من خلال عامر (قصي خولي) الذي يترك الريف إلى دمشق لدراسة الهندسة المدنية، لكن الظروف تقوده إلى الكلية الحربية مع صديقه (مكسيم خليل)، ومنها إلى الجمارك والشرطة لنرى التجاوزات والفساد في ذلك العالم لأول مرة على الشاشة.

في الحلقات الأولى سنرى تفاصيل الضيعة الجميلة والحب بين عامر ونيرمين (كاريس بشار)، وفي دمشق سنشاهد عائلات حموية وإدلبية وحلبية. سنتناول آثار الحصار الاقتصادي على سورية آنذاك، ونقص المواد التموينية الذي أدى إلى ازدهار التهريب بإشراف المنتفعين في السلطة، فالنص قيّم من الناحيتين الفكرية والفنية.

عانت شركة "قبنض" في عمليها السابقَين من مشكلة التسويق.. هل سيكون الحال مختلفاً مع هذا المسلسل؟

في السابق عانت أعمال الشركة من غياب النجوم الكبار، كما أن النصوص لم تكن مناسبة مع احترامنا لجميع الممثلين والكتّاب. الوضع مختلف الآن، فلدينا نص جيد مكتوب بحرفية عالية رغم أنه التجربة الأولى لسامر رضوان، وفنيون ممتازون يعدّون من الأفضل في البلد (مازن بركات في التصوير، أسامة كوكش في الإضاءة، مارلين شلفون في الماكياج، سها حيدر في الملابس، وماهر واوية في إدارة الإنتاج). إضافةً إلى النجوم الكبار مثل قصي خولي، كاريس بشار، عبد المنعم عمايري، مكسيم خليل، سمر سامي، ضحى الدبس، نجاح سفكوني، عبد الهادي الصباغ، قاسم ملحو، خالد تاجا، روعة ياسين، جيني اسبر، فارس الحلو، فايز قزق، أندريه سكاف، محمد حداقي وغيرهم.

في جعبتك كذلك عمل تاريخي هو "حاتم الطائي"، حدّثنا عن هذا المسلسل..

المسلسل من تأليف الشاعر والأديب وفيق خنسة ويشاركه في الكتابة عاطف صقر، وهو مكتوب بحرفية عالية، يحاول، عبر حاتم الطائي، توثيق مرحلة الجاهلية بمجمل تفاصيلها؛ الحياة الثقافية، الاقتصاد والمعيشة، العادات والتقاليد، شعراء المعلقات... بالتالي، سنرى النابغة الذبياني، وموت طرفة بن العبد، وعمرو بن كلثوم يقتل ملك المناذرة عمرو بن هند، وغير ذلك من الأحداث الشهيرة خلال تلك الفترة.

العمل مقسّم إلى ثلاث حقبات كل منها حوالي عشر حلقات، تتناول الأولى فترة المنذر بن ماء السماء، والثانية سنوات ابنه عمرو بن هند، والثالثة زمن النعمان بن المنذر حتى نهايته وموقعة ذي قار التي سنكتفي بالحديث عنها دون رؤيتها. بالطبع كرم حاتم ظاهر من خلال القصص الموثقة لا الملفقة، في إطار درامي يطال شخصية حاتم وزواجه من نوار ثم من الملكة ماوية بعد دخوله في منافسة مع النابغة الذبياني، وإلى ما هنالك من قصص ستقدّم بصورة ممتعة للمشاهد.

ماذا عن أدوار البطولة والإنتاج وبدء التصوير؟

كل ما أستطيع قوله حالياً إن هناك جهة سورية مهتمة بالعمل، وفي أدوار البطولة هناك تفكير بتيم حسن وباسل خياط.

لا يمكن تصوير هذا العمل إلا صيفاً، بسبب (لوكيشنات) الصحراء والمعارك وما إلى هنالك، لذلك فإن مسلسل "حاتم الطائي" لن يرى النور في رمضان القادم بالتأكيد.

"حاتم الطائي" من جملة الأعمال التاريخية العائدة بقوة هذا العام.. هل انقلب مزاج الجمهور بين ليلة وضحاها أم أنّ رأي الجمهور خارج حسابات السوق؟

بالتأكيد لا علاقة للجمهور بالموضوع لأن معظم الأعمال تُنفّذ برغبات خارجية، خليجية غالباً، تمتلك رأس المال، وهي من يحدّد المزاج تبعاً للإعلانات التي يجلبها النوع، لهذا تجد ازدهاراً للأعمال الشامية والتاريخية الدينية، وسيظل الوضع كما هو حتى يتغير مزاج الجمهور الخليجي المحب لهذه النوعية، فالجمهور السوري لم يعد مهتماً بها.

تعرّض "طريق النحل" لبعض الانتقادات وخصوصاً على الميلودراما العالية فيه.. كيف تقيّم تجربتك في هذا العمل بعد هدوء الكتابات النقدية ووضوح ردود الأفعال عليه؟

هي تجربة كما وصّفتها، وبالتالي تحتمل الخطأ والصواب والإعجاب والنقد، وهذا حال أي عمل وليس "طريق النحل" فقط. بالنسبة لي، أنا أفتخر بهذه التجربة خصوصاً أنني عملت فيها مع صديقي عبد الهادي الصباغ الذي وفّر لي كل الإمكانات الإنتاجية، وهو نفَس في العمل من الطبيعي ألا يستهوي الجميع، خصوصاً أن المسلسل توجّه للناس بحكاية بسيطة قد لا ترضي المثقفين والنقاد، ولو عُرض عليّ الآن أيضاً لنفذته بالطريقة نفسها.

بالنسبة للميلودراما، لست من محبّي هذا النوع أيضاً، لذلك كان تحدياً مهماً أن أقدّمه على الشاشة، كما أن الحكاية شدّتني، والعمل أغراني بإمكانية الاستعراض على المستوى التقني والتكنيك مع مشاهد التوأم (نسرين طافش) بما فيها من حركة وانتقالات بالكاميرا، وهذا يهمّني بالتأكيد في عملي الأول على الساحة.

من مدير تصوير وإضاءة لسنوات طويلة، إلى أربعة أفلام في "منمنمات اجتماعية"، وصولاً إلى المسلسل الأول "طريق النحل" العام الفائت، ثم إلى عملَين هذا الموسم أسوة بأهمّ المخرجين.. كيف اتخذت القرار بالتحوّل إلى الإخراج بعد كل هذه السنوات؟

بالإضافة لحاتم علي، عملت مع معظم مخرجي البلد مثل محمد عزيزية، هشام شربتجي، باسل الخطيب، علاء الدين كوكش وغيرهم، ولاحظت طريقة عمل كل منهم وأسلوب تفكيره. كنت محظوظاً بالاطّلاع على كل هذه التجارب المختلفة، واستفدت منهم جميعاً عبر السنوات، حتى وصلتُ لمرحلة شعرت فيها أن لديّ ما أضيفه في مجال الإخراج، بعد أن جرّبت الإضاءة في كل الأنواع، بما فيها البدوي (صراع على الرمال) الذي لم أكن أتوقع العمل فيه يوماً.

لم أعد أستمتع بالإضاءة مثل السابق، وخشيت أن أبقى في منطقة واحدة دون تطور، فقررت دخول عالم الإخراج الذي أشعر فيه الآن بحيوية البدايات نفسها، مع هاجس دائم لتقديم الجديد، حتى أنني لا أنام أحياناً نتيجة التفكير بالموضوع. بالطبع تباينت ردود الأفعال بين مؤيد ومعارض، وهذا أمر طبيعي.

لماذا لم يحصل المثل مع مدراء تصوير وإضاءة آخرين، مع أن هذه المهنة هي الأقرب إلى عقلية الإخراج، من الناحية التقنية على الأقل؟

هذا صحيح، مدير التصوير والإضاءة هو الأقرب إلى تفكير المخرج، لذلك تجد في أوروبا أنّه من الطبيعي أن يصبح مدير التصوير المتميّز مخرجاً بعد بضعة سنوات، على عكس عالمنا العربي حيث ينطبق ذلك على المخرج المنفذ أو المخرج المساعد، أي عن طريق التسلسل.

وصفتَ المخرجين الجدد بأنهم متشابهون، وقلت إنهم خرجوا من عباءة هيثم حقي ونجدت أنزور وحاتم علي.. هل هذا انتقاد أم توصيف، وخصوصاً أنك واحد منهم؟

هذا توصيف وتفاؤل بقدرة بعض المخرجين على صنع مدارسهم الخاصة في المستقبل، فلا يمكن القول إنهم بصدد ذلك الآن، ولكنني واثق أن أسماء مثل الليث حجو والمثنى صبح وسيف الدين سبيعي ورشا شربتجي سيكون لها بصمتها الخاصة مستقبلاً.

في عصر التقنيات والاختصاص، هل يمكن للمخرج بالممارسة أن يكوّن مدرسته الخاصة، ونحن نعلم أن معظم مخرجينا غير أكاديميين؟

لا شك أننا بأمسّ الحاجة إلى معهد درامي أو أكاديمية لتدريس الإخراج ومختلف المهن الفنية. بالمقابل نجد أنّ أهم مخرجي العالم لم يدرسوا الإخراج، ونحن لدينا مخرجون موهوبون يتمتعون بثقافة عالية ومخزون معرفي مهم، وأعتقد أنهم قادرون على تقديم إنجازات للمستقبل، فالإبداع الحقيقي لا يقف عند الأطر والشهادات.

كلمة أخيرة لموقع "بوسطة" ومتابعيه..

أتمنى لكم النجاح ودوام التطور التقني.