2012/07/04

أرعة
أرعة

  فجر يعقوب- دار الحياة بدا سلطان أبو الحسن (عباس النوري) ثورياً في بعض مواقفه في الجزء الثاني مــن مــــــسلسل «أهل الرايـــة»، واستبشر بعضهم خيراً بأن يقوم المسلسل برفع بعض الظلم الذي طاول الحكاية الشامية عموماً، بخاصة أنها تمكنت من أن تجمع حولها كثراً من المشاهدين. جاء بعض أحداث المسلسل في هذا الموسم ليضفي على مزاج المشاهدين خروجاً موفقاً، ولو جزئياً، على بعض الهموم الصغيرة والتفاصيل الهامشية التي أغرقت مسلسلات شامية أخرى... وجاء خروج شباب حارة أبو الحسن إلى حرب ظالمة لا ناقة لهم فيها، لتكسر هذا الجمود التلقائي في السرد وفي الإيقاع، ما دفع الزعيم لأن يرفض بشجاعة طلب الحكمدارية بسوق هؤلاء الشباب إلا بعد معرفة أدق التفاصيل برحلتهم، ظناً منه أن موقفه هذا قد يؤخذ في الاعتبار بعدما تخلى عنه مواربة بقية وجهاء الحارة لمصلحة حسابات ضيقة. هذا الموقف الدرامي عمل على دبّ الحياة في عروق مسلسل سيصنف من بعد هذا في قائمة مسلسلات البيئة الشامية المتوسطة الجودة، والتي لم تفلح بالذهاب أبعد من ذلك. ومع هذا يمكن بسهولة ملاحظة وجود انعطافة في هذا المسلسل تجلت من باب الحبكة الدرامية في نزول شابين من حارة الريحان على بيت قطر الندى (تاج حيدر) ابنة الزعيم أبو الحسن التي تقيم مع حماتها (صباح جزائري) وابنتيها الصغيرتين، وهدفهما خطف الفتاتين، بعدما خلا البيت من الزوج رضا (قصي خولي) الذي اقتيد مع من اقتيدوا إلى تلك الحرب المجهولة والظالمة. هذه الانعطافة العرضية ستُخرج المسلسل للوهلة الأولى عن سكة الفضاء المفتوح الذي أخذ يميزه لجهة الحركة والتشكيلات البصرية على رغم تقليدية الكثير من الحلول، وهي ستستولي على حلقات بأكملها بوصفها الحدث الرئيس الذي بات يحرك منطق المسلسل بالكامل درجة تهديد «أبو الحسن» في لحظة غضب بحرق حارة الريحان على رؤوس ساكنيها إن لم يُسلّم الشابين اللذين فشلا في خطف الفتاتين، لكنهما تمكنا من مشاهدة قطر الندى في عزّ «أرعتها»، أي سافرة، وهي في عرينها. بالتأكيد ليس مطلوباً من المسلسلات التلفزيونية أن تحاكي الملاحم الكبيرة في كل شيء، لكن المطلوب أن تهمل كثيراً من التفاصيل الهامشية والثانوية التي يمكن معالجتها في ثنايا المسلسل... ولكن ليس على حساب ما هو جوهري، وهذا ما أهمله صناع العمل وهم يلتفتون إلى حدث ثانوي على حساب الأحداث الرئيسة. فإذا كانت «الأرعة» مهمة وخطيرة في تلك البرهة التاريخية من تاريخ الشوام، إلا أن مهمة المسلسل هنا أن يحرر تلك البرهة، لا أن يعتقل لحسابها... فمصائر شباب الحارة معلقة في المجهول، وكل منهم ترك وراءه زوجة أو حبيبة وهموماً صغيرة وكبيرة لم يلتفت إليها المسلسل، فيما تمضي حلقاته، وظهور قطر الندى في بيتها سافرة أمام متسللين اثنين من حارة الخصوم ورد فعل الزعيم يصبح الحدث الرئيس.