2012/07/04

أفلام الكرتون: الأطفال ضحية الاستغلال التجاري
أفلام الكرتون: الأطفال ضحية الاستغلال التجاري

زينب حاوي - السفير


ربما لا يعلم الكثيرين أن صناعة أفلام الكرتون هي من أصعب أنواع الفنون تنفيذاً وأكثرها كلفة، نظراً لضخامة الكادر البشري الفني والتقني، وللوسائط الإلكترونية الحديثة المستخدمة، والتي باتت اليوم تغني عن كثير من الجهد وتعطي نتائج باهرة. ولكن المعروف أن هذه الصناعة منعدمة في لبنان لأسباب عدة، وان العديد من القنوات التلفزيونية تستورد هذا النوع من الأفلام الخاص بالأطفال، الأمر الذي يؤدي حتماً الى إبقاء الأبواب مشرعة آزاء أي مضمون يمكن أن تمرره هذه الافلام الى هذه الفئة العمرية.

لماذا تغيب هذه الصناعة عن بلادنا؟ وكيف تتم فعلياً عملية التصنيع؟ وأين وصل المستوى التقني لهذه الصناعة؟ ومع انتشار الفضائيات المتخصصة بالأطفال ما تأثير الشخصيات الكرتونية على الأطفال؟

يعزو رئيس مجلس إدارة شركة «شيدز» (ظلال) للإنتاج الفني علي قاسم «سبب غياب هذه الصناعة الى إنعدام الثقافة بهذا الفن وغياب التمويل. فغالباً ما تسّلم هذه الأعمال الى من لا يفقه بها بغية تأمين الأرباح، وليس لتنفيذ عمل فني ذي مستوى.»

من الناحية الفنــية يقول قاسم ان صناعة الأفلام الكرتونيـة «تحتاج الى قدرات عالية في هذا المجال، وإلمام بعمليات الإنتاج والإخراج والتمثيل» . لذا يتم اليوم التركيز على صناعة الإعلانات الكرتونية باعتبارها تدر أموالاً من جهة، ونظرا لسهولة التعامل مع الكادر المتخصص الذي تؤمنه الشركات المتخصصة من جهة أخرى».

ويعتبر قاسم أن انتشار الفضائيات المتخصصة للأطفال فتحت آفاقاً غير محدودة أمام الطفل، فلم يعد هناك مجال لخداعه ولا لتقديم عمل له بمستوى متدن. ما يتطلب مضاعفة الجهد في هذا المجال.

ويتحدث عن تجربتـه في ما يسمى بالبرامج التفاعلــية للأطفال التي تقوم على التواصل المباشر مع الطفل. فبرنامج «ميدو» الذي عرض على شاشة «أن.بي.أن» لقي نجاحاً ً لأنه يقوم على هذه الشخصية الكرتونية ومحركها الذي يجلس داخل الاستديو ويتحكم بها الكترونياً، ويتحدث عبر الميكرفون. والموجات الصوتية كفيلة بتبيان تطابق الشفاه فتبدو كأنها حقيقية. بالإضافة الى وجود كاميرات يتحكم بها المخرج من كل الزوايا. والتقنيات في هذا المجال سمحت بمزج الواقع بالإفتراضي.

أما خطوات التصنيع كما يفندها قاسم، فتبدأ من إيجاد الفكرة والنص وبناء الشخصيات على هذا الأساس، وتأمين الكادر التمثيلي لأداء الأدوار، بالإضافة الى رسم الخلفيات المتعددة في الداخل والخارج . كما يوضع الصوت قبل الصورة ويصار لاحقاً الى مطابقتهما، ليأتي دور المخرج مع المنفذ الفني لوضع اللمسات الأخيرة على العمل.

ويلفت قاسم الى أن «هذه الصناعة هي من أكثر الصناعات تأثيراً على تكوين الشخصية النفسية للطفل، وخاصة ما يتم استيراده من الخارج المعتمد في الأصل على الكلفة المادية كمعيار وليس كفحوى، والـذي يّروج للحرية الشخصية المطلقة، ولطلب الشهرة والعلاقات الجنسية المفتوحة.. وكل ذلك يدخل تلقائياً الى اللاوعي، ويصبح شيئاً فشيئاً مقبولا في مجتمعنا. كشخصية المراهقة «هانا مونتانا» الذي تطلقها «ديزني» والتي تعيش حياة مزدوجة: طالبة في النهار ومغنية مشهورة في الليل، ويروّج تجارياً لها عبر مقتنياتها من حلّي ودمى وملابس».

مكي: الشخصية الكرتونية تتحول الى هوس لدى الطفل

تؤكد الاختصاصية في علم النفس الإجتماعي الدكتورة رجاء مكي «أن الطفل بين مرحلتي الستة أشهر والثلاث سنوات تشكل مرحلة بدء تكوين الإدراك الحسي الحركي لديه، وأي خلل في ترجمة هذا الإدراك يعود الى مشكلة نفسية يعاني منها عبر اسقاطات يقوم بها لمشاكله العائلية. وتعتبر أن ما كل ما تبثه الفضائيات المتخصصة للأطفال خاصة الغربية قد «تخترق» هؤلاء الأطفال لأنهم بطبيعتهم لديهم قابلية وطاقات، فيما تلعب العاطفة والتنشئة الإجتماعية دوراً في بناء الشخصية المتزنة».

ويمكن للشخصية الكرتونية أن تتحول الى هاجس وهوس، بحسب مكي، لأن الطفل في هذه المرحلة يحتاج الى التقليد والتماهي ليخرج عدوانيته التي تولد معه كما العاطفة، فتصبح هذه الشخصية نموذجاً يحتذي به. وهنا على الأهل محاورة ابنائهم فيما يشاهدونه، فتوضح الفكرة بدل ان تكون غامضة.

من ناحية أخرى تلفت مكي الى أن التنافس بين الفضائيات، جعل القيمين فيها لا يلتفتون الى مدى توافر المواصفات التربوية المطلوبة في البرامج الموجهة للطــفل، بخــلاف الغرب الـذي يراقب ويدقق في هذا المجال، تبعــاً للأعمار.