2015/12/05

كاريس بشار ومحمد حداقي من العمل
كاريس بشار ومحمد حداقي من العمل

السفير - روز سليمان

لا ندري إن كان اجتماع النجوم السوريين في «أهل الغرام»، مجرد مصادفة، أم أن في الأمر تخطيطاً مدروساً نابعاً من صحوة إنتاجية، بغية استعادة هوية المنتج الدرامي السوري، وإدراك قسوة أن تقول الدراما قولها قسراً، خارج السياق. نقول هذا لأن كثراً، وبعد خمس سنوات من عمر الأزمة، يجدون صعوبة في تحديد المعايير لتقييم الأعمال السوريّة المصوّرة بين الخارج والداخل. إن أعمالاً مثل «ليس سراباً»، و«الفصول الأربعة»، و«الانتظار»، و«زمن العار»، و«ضيعة ضايعة».. وغيرها؛ هي أعمال لها حضور كبير في مخيّلة السوريين، لارتباطها بذاكرة الأماكن التي صوّرت فيها.
اللقطة الختامية لكل لوحة من لوحات «أهل الغرام» في جزءيه السابقين مثلاً، لا تُنسَى. وفي الجزء الجديد، يبدو أنّ الشركة المنتجة مدركة لأهميّة حفاظ العمل على خصوصيّته السوريّة، من خلال التعاون بين عدد من أبرز صنّاع الدراما على صعيد الإخراج مثل الليث حجو، وحاتم علي، والمثنى صبح، والكتابة مثل ممدوح حمادة، وريم حنا، ونجيب نصير، وإياد أبو الشامات، بجانب نجوم تمثيل بارزين مثل بسام كوسا، وسلافة معمار، وكاريس بشار، وباسم ياخور، وقيس الشيخ نجيب، وعبد الهادي صباغ... كلّ تلك الأسماء مجتمعةً، تشكّل عودة للمسلسل السوري إلى مكانه الصحيح، وإن كان جزء من التصوير يدور خارج البلاد، طالما أنّ العناصر كافة تجتمع لتقديم قصّص متجانسة على صعيد المضمون والهويّة الدراميّة.

يضمّ العمل ستّ خماسيّات، أنجزت شركة «سامة» بالتعاون مع «O3» أربعاً منها: «بعدك حبيبي» كتابة نجيب نصير وإخراج المثنى صبح، و «مطر أيلول» من تأليف إيّاد أبو الشامات وإخراج حاتم علي، و «امرأة كالقمر» تأليف ريم حنّا وإخراج المثنى صبح، و «شكراً على النسيان» تأليف إيّاد أبو الشامات وإخراج الليث حجّو. وتعمل الشركة حالياً على إنجاز خماسيتين جديدتين، يبدأ المخرج الليث حجو تصوير أولاهما في بيروت اليوم، عن نصّ كتبه ممدوح حمادة.
ما يميز العمل إذاً أنه لن يرتبط باسم مخرج أو كاتب أو ممثل محدّدين، لكنه يراهن بشكل واضح على أفضل ما راكمته الدارما السوريّة من خبرات، قبل أن تذوب تحت عنوان «الدراما العربيّة المشتركة». فماذا عن إرضاء شرط المكان، والتصوير في بيروت؟ يرى الليث حجو بأنه إذا كان الظرف يتطلب التصوير في لبنان، فلا مانع ما دام في الأمر تحقيق لشروط نجاح الدراما السورية. يضمّ العمل عناصر فنية لبنانية ومصرية وبولونية وكرواتية، فالموضوع، كما يراه حجو، ليس احتكاراً سورياً، وإن كان الحديث عن نصوص ومخرجين وممثلين، فلا يجب الاستغناء عن عناصر بشرية وتقنية كثيرة أخرى تدعم، ومن بين هذه العناصر، المكان.

بالنسبة لحجو لا تجب التضحية بجودة العمل لخاطر عدم التخلّي عن التصوير في سوريا، فظروف الإنتاج صعبة هناك، بعض التقنيات غير موجودة، كاميرا اليكسا مثلاً، وبعض الفنيين الذين يمكن الاستفادة من خبراتهم لا يمكنهم الذهاب إلى سوريا. فهل سيتمكن «أهل الغرام» من تحويل المكان السوري، من مجرد مكان، إلى جزء من التاريخ الداخلي الخاص لكل مشاهد؟ يقول إياد أبو الشامات بأن المكان لا يلعب دوراً كبيراً في سير الأحداث. يقول لـ «السفير»: «بما أن الممثلين والمخرجين والكتّاب والشركة المنتجة سوريون فنحن نفترض أن هوية العمل سورية، أما الحقيقة فإن هذه القصة من الممكن أن تدور في بيروت أو عمان أو القاهرة من دون أن نعدّل حرفاً واحداً». من جهته، يرى باسم ياخور في العمل «عودة إلى خصوصية الدراما السورية بتوقيع أسماء مخرجين مهمين»، ويضيف: «سيكون عملاً لطيفاً خارج شهر رمضان، وما يميزه أنه يشاهد بهدوء وبشكل صحي ومنطقي».

صوّرت سلافة معمار أول لوحة في الجزء الأول من «أهل الغرام» العام 2006، وتعتبره مشروعاً ناجحاً. تقول لـ«السفير»: «سيشكل العمل تنوعاً وتغييراً بالنسبة للمشاهد، يُظهر قصص الحب الفاشلة، وهذا واقع الحياة». وتضيف: «أن تلتقي هذه المجموعة المهمة من الكتّاب والمخرجين والممثلين في عمل واحد، أمرٌ لم يحدث من زمن طويل». من جانبه، يعتبر فادي صبيح أن العمل مهم «لإعادة ترتيب البيت الدرامي السوري»، مؤكداً بأن الجميع يعملون بشكل احترافي متجاوزين المشاكل الهامشيّة.
الأكيد أنّ «أهل الغرام» في جزئه الثالث مشروع طموح، من ناحية الشكل والجو، كما من ناحية المضمون. يبقى أن ينجح في جذب الجمهور خلال العرض، خصوصاً أنّه سيعرض خارج الموسم الرمضاني، ما يعطيه حظوظاً كافية للبروز.