2013/05/29

«الآنسة مي» .. فاتحة أعمال «دراما السيرة الذاتية» للموسم الرمضاني المقبل.. عربياً
«الآنسة مي» .. فاتحة أعمال «دراما السيرة الذاتية» للموسم الرمضاني المقبل.. عربياً


أوس داوود يعقوب – تشرين

وسط الاستعدادات الجارية للموسم الدرامي الرمضاني المقبل يتم التحضير لعدد من مسلسلات السير الذاتية على الصعيد المحلي والعربي، لتحتل بذلك حياة شخصيات سياسية وفنية وعلماء تاريخيين ومعاصرين الجزء الأكبر من الخريطة الرمضانية المقبلة؛

وعلى الرغم من كل المشكلات التي تواجه هذا النوع من الدراما من تكلفة إنتاجية ضخمة، ودعاوى قضائية تطالب بوقف بعض الأعمال على اعتبار أنها تسيء إلى الشخصيات التي تتناولها، إضافة إلى ما تثيره من جدل كبير من جهة النقاد والجمهور، فإن هناك إقبالاً من الفنانين والمنتجين على صناعة مثل هذه المسلسلات، إذ مازالت «دراما السير الذاتية» تتصدر كل عام قائمة المنافسة الرمضانية، مع تعدد أوجه التناول ما بين بوليسي وتاريخي وعلمي، فضلاً عن الأعمال التي تتناول حياة الفنانين والفنانات والمشاهير، التي تشبع نهم عشاق البحث عن الخصوصيات والتفاصيل الشخصية في حياة أهل الفن والشخصيات العامة.

ولقد فتح النجاح الكبير الذي حققه المسلسل المصري «أم كلثوم» للمخرجة إنعام محمد علي قبل عقد ونيف باب «دراما السيرة الذاتية» أمام صنّاع الدراما العربية، ومع تصاعد نجاح مسلسلي «الملك فاروق» للمخرج حاتم علي، و«أسمهان» للتونسي شوقي الماجري، انجذب الدراميون العرب إلى النجاحات الكبيرة التي تحققها هذه النوعية من الدراما، الأمر الذي جعل مسلسلات السيرة الذاتية تزداد بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة. وكانت «دراما السير الذاتية» قد انطلقت من خلال شاشة التلفزيون المصري عندما قدم في السبعينيات والثمانينيات أعمالاً أشهرها مسلسل «الأيام» عن حياة عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، ومسلسل «العملاق» عن حياة الأديب المصري عباس محمود العقاد، كما قدمت مسلسلات عن الشاعر بيرم التونسي، وأحمد شوقي أمير الشعراء.


دراما جدلية .. ما بين التوثيق ووجهات نظر انطباعية

في كل مرة تطالعنا شاشة رمضان كل عام بأكثر من عمل درامي عن سيرة حياة شخصية من المشاهير سواء كانوا من الفنانين أو غيرهم ويكثر الحديث عن مدى مصداقية هذه الأعمال‏،‏ فالبعض يرى أنها تجمل الشخصية التي تروي سيرة حياتها وسيرتها وتركز علي إيجابياتها فقط.

وقد كان السؤال الذي يتردد على الدوام: «ترى هل ارتقت تلك الأعمال إلى فن السيرة الذاتية؟»، و«هل استطاعت فعلاً النفوذ لروح شخصية فكرية وتاريخية وأدبية وسياسية وغيرها؟!».

ورغم أن معظم المنتجين يؤكدون أن الهدف الأول من أعمالهم هو تكريم الشخصيات الفاعلة في مجال الفن والشعر والفكر والعلم، فإن بعض النقاد يؤكدون وجود أخطاء فنية وتاريخية كبيرة في هذه الأعمال، فضلاً عن الأداء الضعيف أحياناً للممثل الذي يؤدي الدور الأساس في العمل.

ويرى نقاد آخرون أن معظم الأعمال الدرامية التي تتناول شخصيات مشهورة تنطلق من وجهة نظر انطباعية يتبناها كاتب أو مخرج المسلسل. وكثيراً ما تستند تلك المسلسلات، إلى حد بعيد، إلى الجو العاطفي أو الانفعالي الذي أحاط ومازال يحيط بالشخصية التي يتناولها العمل، وهي في معظمها، لا تستند إلى جهد بحثي موثق، وإنما هي مزيج من الدراما والتاريخ الشخصي غير المعمق، ما يجعل معظمها غير قابل لأن يكون مصدراً موثوقاً للدراسة.

بسبب أن الإنتاج السريع لتلك الأعمال الدرامية لا يتوخى الدقة بقدر ما يهتم بالربح المادي، وهذا ما يسوّغ ضعف بعض تلك الأعمال من الناحية الفنية.

وحقيقة فإن ما يحدث على الساحة الفنية، حالياً، هو أن إنتاج أعمال درامية تتعرض لحياة المشاهير والمبدعين، يأتي في سياق الترويج التجاري وركوب هذه الموجة أكثر مما هو عمل فني يتوخى تقديم رؤية جمالية وفلسفية في شخصية ما. إذ إن «دراما السيرة الذاتية» تحقّق نجاحات مادية غير مسبوقة لأنه يتم تسويق المسلسل على اسم صاحبه.

ويذهب البعض إلى أن الدراما لا يمكن أن تكون توثيقاً نهائياً للشخصية وسيرة حياتها لكن مادام الكاتب تصدى للكتابة عن شخصية معينة فعليه أن يوثقها بقدر ما يستطيع، فبعض الناس يعتقدون بأن كل ما تتم كتابته عن الشخصية في العمل الدرامي تكون كل أحداثه صحيحة، وهذا الكلام غير دقيق فعلى سبيل المثال هناك نحو سبعة أفلام عن الجنرال الفرنسي (نابليون بونابرت)، كل عمل منها يختلف في الكثير من التفاصيل عن العمل الآخر.

غير أن الشرط الرئيس لضمان نجاح مثل تلك الأعمال التي تتناول السيرة الذاتية لبعض العظماء والمشاهير، هو أن تتضمن رؤية جديدة من الناحية الجمالية والفلسفية، وأن تتجاوز كونها توثيقاً أو سرداً تاريخياً، وأن لا تقع في مطب المبالغة في تجميل الشخصية وتفخيمها وإضفاء هالة من القداسة حولها، وكأنها «مينتافيزيقية» قادمة من كوكب آخر، وهو ما يحدث في غالبية مسلسلات «دراما السير الذاتية». وكأن صنّاع هذه الدراما تحديداً يتناسون أو يتجاهلون أن مهمة الفن والدراما بصورة خاصة ليست تمجيد الشخصيات وسرد قصص حياتهم، بل الأمر يتجاوز ذلك بكثير ليصل إلى درجة الكشف والتعرية لحقائق وأفكار مغايرة للسائد والمألوف، ونزع الأقنعة التي تختفي وراءها هذه الشخصيات، وهكذا تكون الدراما وسيلة ناجعة لإيقاظ العقل بدلاً من إغراقه في أوهام الرومانسية والمثالية المبالغ بها.

دراما السيرة الذاتية 2013م .. محلياً وعربياً



محلياً، وفي ظل الأوضاع السياسية الصعبة التي تمر بها سورية، والتي تسببت في بروز أزمة إنتاج حقيقية، فإنه كان من المقرر أن يكون مسلسل «العشق الإلهي» عن سيرة الشاعرة المتصوفة (رابعة العدوية)، أول أعمال «دراما السير الذاتية» لموسم 2013م غير أن جهة الإنتاج «ميراج للإنتاج الفني والتوزيع» التي شرعت في عمليات التصوير منذ فترة تحت إدارة المخرج زهير قنوع، وبمشاركة نخبة من نجوم الدراما السورية، أوقفت التصوير لأسباب يرجح هذه المرة أن لها علاقة بالتمويل، وهو ما يعني إمكانية ألا يكون العمل جاهزاً في الموسم الرمضاني المقبل، رغم أن العمل كان مدرجاً على لائحة العرض الرمضاني 2011م.

وكان مصدر مطلع في شركة «ميراج» قد حسم منتصف الشهر الماضي الجدل حول استئناف تصوير المسلسل من عدمه، وأكد توقف تصوير العمل فترة قصيرة، نتيجة وقوع بعض العراقيل التي أوجبت التوقف عن التصوير فترة وجيزة. ونفى المصدر وجود أي شركة مصرية دخلت على خط الإنتاج، لافتاً إلى أن الحديث عن مصر فيما يخص (رابعة العدوية) لا يتجاوز أن مصر ستكون مكاناً أو أحد أمكنة التصوير للعمل. ووعد المصدر الجمهور المنتظر للعمل بأن يرى (رابعة العدوية) في ملحمة «العشق الإلهي» في شهر رمضان المقبل.

وكان قد جاء في بيان صادر عن جهة الإنتاج قبل الشروع في عمليات التصوير أنه «بمنأى عن فيلم سينمائي يتيم قدم عام 1963م قوبل بسهام نقدية لاذعة.... لم تجرؤ الدراما العربية على الخوض في حياة شخصية الشاعرة المتصوفة رابعة العدوية، فالشخصية التاريخية الإشكالية لدرجة كبيرة ربما كانت تثير قلق بعض صناع الدراما العربية، فظلوا بعيدين عن تناولها بعمل يسلط الضوء على حياتها الغنية بالأحداث، بالتوازي مع غنى المرحلة التاريخية التي عاشت فيها حتى إن ذلك كان سبباً رئيساً لتضارب آراء المؤرخين، وخروج اجتهادات عدة بعضها كان نقيضاً لبعضها الآخر... لكن ما تم الإجماع عليه وشكل تقاطعات محورية هو بقاء اسم رابعة العدوية أيقونة تاريخية ومتصوفة من أهم المتصوفين في تاريخ العرب.. لتكون النجمة العربية نسرين طافش هي السباقة إلى تقديم سيرة شاعرة العشق الإلهي وتجسيد دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل بدأت بإنتاجه عبر شركتها «ميراج» على أمل أن يكون العمل جاهزاً للعرض على الفضائيات العربية  في رمضان 2013م، وذلك بعد أن أنهى السيناريست عثمان جحى  كتابة النص منذ أكثر من عام تقريباً ليتم تأجيل الإقلاع في التصوير عدة مرات لظروف قاهرة.... حتى دارت أخيراً كاميرا المخرج زهير قنوع لتصور المشاهد الأولى من المسلسل الذي يعد صناعه بأن يكون من أضخم الانتاجات في تاريخ الدراما العربية».

من جهته، يعمل المخرج حاتم علي،  بعد النجاح الجماهيري الذي حقّقه مسلسل «عمر»، على التحضير لمسلسل جديد عن السيرة الذاتية للصحابي (عمر بن عبد العزيز)، والذي سبق أن قدمه الفنان نور الشريف في عمل تلفزيوني.

أما عربياً، فيجري في الكواليس حالياً تحضير عدّة سير، أبرزها مسلسل «الآنسة مي» الذي أنجزته الدراما اللبنانية بمشاركة فنية سورية. ويتناول العمل سيرة الأديبة العربية من أصول فلسطينية ميّ زيادة (1886 - 1941م)، حيث شرع في انجاز العمل منذ ستة أشهر، على أن يكون جاهزاً للعرض في الموسم الرمضاني المقبل. يحمل المسلسل توقيع المخرج يوسف الخوري، والكاتب سمير سعد مراد. ويرتكز العمل على دراسة تاريخيّة تفصيليّة قام بها المؤلّف، حول شخصية الكاتبة الرائدة، امتدّت عشر سنوات. حيث يسرد العمل أيضاً أبرز المنعطفات في حياة زيادة المهنيّة، وبداياتها في فن الكتابة والصعوبات التي واجهتها كأنثى في هذا المجال، ما أجبرها على استخدام ثلاثة أسماء مختلفة، فحملت أولى مقالتها اسم رجل. كما يتطرّق العمل إلى الرجل المحوري في حياتها، جبران خليل جبران وكيف توطّدت علاقة الحبّ الأفلاطونيّة بينهما. كما يلقي العمل الضوء على أحداث سياسيّة كثيرة عاصرتها زيادة، ودورها البارز في صحيفة «المحروسة» المصريّة، إضافةً إلى مشاركتها كأوّل امرأة عربية، في منتدى سياسي ثقافي في نيويورك، تعتلي المنبر وتوجه خطاباً أمام مئات الرجال.  وقد رُصدت للعمل ميزانية تقدّر بستة ملايين دولار تقريباً، وقد استخدمت فيه تقنيات رقميّة حديثة، ما يجعله أضخم إنتاج محلّي حتى اليوم. ويشارك في التمثيل إلى جانب الفنانة اللبنانية نور النجم باسم ياخور بدور مصطفى العقّاد، والممثلة السورية جمانة بوعساف في دور والدة مي، ومن الأردن رشيد ملحس بدور خال مي. أما من لبنان فتؤدي ندى أبو فرحات دور الصحفية أليس داغر، صديقة مي، والممثل بيتر سمعان في دور الكاهن. هذا إلى جانب عدد كبير من الشخصيات يصل إلى 172 شخصية، بسبب تنوع مواقع التصوير وتنقلها بين عدة بلدان، والشخصيات موزّعة على 87 ممثلاً وممثلة من لبنان، و12 ممثلاً من سورية، و40 ممثلاً وممثلة من مصر، و14 ممثلاً من فلسطين، و3 من تركيا، و7 ممثلين من فرنسا وأربعة ممثلين من بريطانيا. قد تمّ التصوير في لبنان وسورية والأردن وفلسطين ومصر.

أما مصرياً، فيتم الحديث عن عدة أعمال أبرزها أعمال ستتناول شخصيّة العالم مصطفى محمود، ورائد الاقتصاد المصري الحديث طلعت حرب، والشيخ أحمد ياسين (مؤسس حركة المقاومة الإسلامية «حماس» في فلسطين المحتلة)، والشاعر بيرم التونسي، والموسيقار سيد درويش، والفنان الراحل المصري نجيب الريحاني وهو من أصول عراقية، والملحّن بليغ حمدي، والفنانة الراحلة وردة الجزائرية، والممثل فريد شوقي وزوجته لأكثر من (15) عاماً الفنانة الراحلة هدى سلطان.

ومن المعروف أن مشاريع أخرى يجري الإعداد لها، منها ما تعطل لأسباب إنتاجية، ومنها ما تم تأجيله بسبب خلافات مع الورثة، من ذلك تناول سير عدد من الفنانين والفنانات مثل: المطرب فريد الأطرش، والفنان محمد فوزي، والممثل رشدي أباظة، والفنانة الراحلة سعاد حسني، والفنانة والمطربة المعتزلة شادية.