2012/07/04

الأعمال الكاملة لواحد ناقص - الفصل الثاني (شغل براني)
الأعمال الكاملة لواحد ناقص - الفصل الثاني (شغل براني)

المجلد الأول "المكتب العقاري"

الفصل الثاني (شغل براني)

يوسف السرحان


حالتي مع أبو سعيد متل المثل اللي قاعدين فيه تنين مقابيل بعض.. الأول بقول للتاني "صاحيلك".. بقوم التاني برد عليه وبقول "لاطيلك".. وبين صاحليك ولاطيلك كانت الطاسة كلها رح تضيع..


لما أبو سعيد فتح المكتب العقاري، كان كل فكره أنو بيدفع كم عشر تالاف ليرة، وبعدين بيبتدي يلم بميات الآلاف.. عشم ابليس بالجنة[1].. لأنو المكاتب العقارية أكتر من الهم على القلب.. ولأنو اللعبة ما عادت متل الأول.. مين الأجدب اللي بيدفع كذا مليون ليرة ببيت ليسكنه بس.. حتى لو كان راح يسكنه، ببلش وبعد ما يدفع الرعبون يفكر يبيع ويربح.. وكتار عملوها باعوا واشتروا وهني ساكنين.. ولأنو الشغلة كبيرة، صاروا اللي دبساتهن مراق[2] يدبروا روسن، ويشتروا مع كذا واحد بيت ويقسموه لأسهم.. ويمكن تلاقي الواحد مشترك بكذا بيت مو ببيت واحد، متل حالة كل المكاتب بالبلد.. بتفوت لتشتري بيت وإنت عم تفكر تعمل كذا مليون من وراه.. صاحب المكتب بيعرض عليك بيت وهو عم يفكر يربح كمان كذا مليون من وراك، مو بس عمولته.. ولا تصدق أنو البيت اللي رح يخليك تشتريه بالآخر ماله فيه كذا سهم مع كذا شقيع تاني من أكتر من مكتب.. هيك أصلا اللعبة.. يعني بيجي الزبون صاحي.. بيلاقي صاحب المكتب لاطي.. وإن ما ظبط الزبون مع هادا المكتب بيظبط مع مكتب تاني، ويمكن يكون البيت اللي لبّسوه ياه بالمكتب التاني فيه كذا سهم لصاحب المكتب الأول...


المشكلة أنو الحمار أبو سعيد ما فهم الموضوع هيك.. وصار على الطالعة والنازلة يعيرني بالمصاريف.. وصار بده مردود من بيعة من الهوا.. مع أنه كل اللي كان عم يدفعه أجرة المكتب خمس تعش ألف ليرة وفوقها كم ألف مصاريف.. وحطله كم ألف كراسي وطاولة وتلفون.. يعني البيعة كلها ما زادت عن الخمسين ستين ألف.. وضل من قبل ما نفتح ياكل راسي بالمصاريف.. وزاد الطين بلة بعدين فوتة هاني مارلبورو على المكتب.. لأنو الست أم سعيد صارت بدها ندفعله راتب خمس تعش ألف ليرة كمان، ليضل يشتري مارلبورو ويدخن ويطلع بالناس من فوق لتحت، بعد القتلة اللي أكلها من فتحي الدب.. وهي بتنسحب من المصاريف قبل ما نقسم الأرباح اللي صار تلات ارباعهن إلها، كمان بعد قتلة فتحي الدب.. وأكتر من هيك فتحي الجحش الدب اللي كان عم يشتغل على البيعة وبعد ما خطب نجوى خانم صار بده تمان تالاف... يعني المصيبة كبرت وكله من حمرنة أبو سعيد جلطة اللي ما وقف النق مع أنه أصل البلاوي كلها.. وهادا كله وأنا مالي شي غير من اللي بيجي للمكتب..


قعدت من الأول مع أبو سعيد وفهمته.. الأمور إذا بدها تمشي فبدها تمشي هيك.. منلاقيلنا كم لقطة.. منشتري.. منشارك.. منقلب المصاري وهيك بصير في غلة.. وبدون هيك لا تحلم.. يعني بالمشرمحي[3] هات كم قرش وخلينا نقلبن.. قام مط بوزه متل القرد وقال لي "منين يا حسرة".. قمت بدي قول طلع من تحت البلاطة وبلا كلحسة.. بس ما طلعت معي.. مو لشي.. حسبت أنه الزلمة لسه رقبته حمرا من اللي صار معه بالتحقيق.. ومافي داعي جبله جلطة تانية بعد الجلطة اللي جابولوا ياها الشوفيرية، هي قبل ما يكسر فتحي الدب الباب ويفضحه مع الزبونة.. ولو كنت عرفان أنه فتحي رح يعمل هيك.. كنت جلطته وانتظرت كم يوم.. يمكن تكون جلطة فتحي الأخيرة.. بس مو دائما منحسبها منيح.. المهم.. قلت لحالي هدي شوي على الزلمة.. هو خلقة مرعوب وخايف يكشفوه.. كل اللي دفعهن لغاية هداك الوقت ما بيطلعو أكتر من ستين ألف وراح يطق عقله.. تركه كم يوم وبيفهم لحاله.. وطلعت حمار متل اللي بدو يعالج الفالج...


فتنا بحكاية الجلطة التانية وبعدها فوتة هاني على المكتب وبعدين على المستشفى.. وصار الميت ما بيسحتق العزا.. ربع مكتب مو حرزانة تتعب عليه... فكرت لاقيلي رزقة تانية.. بس شغلة صارت معي وأنا عم حوص بالسوق غيرت كل فكري.. في بيت نازل على البيع.. البيت لقطة وسعره بالوضع اللي هو عليه بدون ديكور بين التمان تعش لعشرين مليون ليرة.. بحي المزرعة طابق أرضي بمساحة ميتين وستين متر.. نص بلاطة كاشف قبلي شرقي شمالي وبجنينة ميتين متر.. صحابين البيت بدن يبيعوا بقرد ودب.. الأب مريض بهداك المرض ومافي أمل.. وابنه الصغير أكل عقل كل أخواته وأقنعهن أنو لازم يعملوا كل شي لينقذوا حياة أبوهن.. والحل بأمريكا.. ومشان هيك لازم يبيعوا البيت ليصرفوا على علاج أبوهن هنيك... طبعا باعوا البيت وسافر الولد على أمريكا مع أبوه اللي مات هنيك بعد شهر.. قام المرضي رجع أبوه بتابوت وبقي هنيك.. بس هي حكاية تانية.. منرجع لحكايتنا.. كانوا كل الشقيعة عم يحاولوا يجمعوا من هون وهون.. والرقم المحطوط تنعش مليون حد أقصى والشاطر اللي بفوت بكم سهم.. والعملية ربحانة مو أقل من ستة مليون على الأقل لو انترك البيت على حاله بدون ما ينعمله ديكور.. يعني مكتب شركة أو بنك حفر وتنزيل.. ويمكن يكون الربح أكتر لو عرفوا كيف يلعبوها.. ومن هل الناحية ما بينخاف عليهن.. راح يلعبوها منيح.. المهم كان أبو سمير النس[4].. صاحب مكتب عقاري قديم ونس متل صاحبه.. كان أبو سمير هو اللي عم يدير العملية لأنو ولاد المرحوم (لاحقا) كانوا عم يحكوا معه من الأساس وبينادوله عمو أبو سمير كمان.. لك بهيك مصلحة أبوك ما بيعرفك.. المهم.. قام (عمو أبو سمير) وقبل ما يجمع ولاد المرحوم وينقل لهن الخبر اللي بطير العقل بعد ما يحلف بأولاده أنه سعر تنعش مليون هو سعر ما بيحلموا فيه بهيك وقت، وأنه لازم يلحقوا حالن لأنه زبون البيت طيار ويمكن يلاقي أحسن من بيتن بنفس السعر.. قام بلش يدور على ركاب معه بالمشروع لأنه مو قدرة يتك تنعش مليون لحاله.. ولأنه نس وحافظ السوق كله من أوله لآخره بعتلي إلي خبر لإجي لعنده.. وطبعا قبل ما أوصل كنت فهمان كل الحكاية...


الحكي كله كان على طريقة التلميح.. أصلا أبو سمير نس وما بيحكي دغري.. والكل بيعرف طريقته.. لما بده يسأل شي زلمة عن حصة ببيت سمع بأنه الزلمة اشتراها بقول "شو أخبار شقفتك؟!".. بقوم الزلمة بفكر أنه أبو سمير عم يحكي عن بنت شقفة مو عن بيت.. وإن كان الزلمة عنده شقفة عن جد ومتزوج كمان.. بقوم بعصّب.. بس أبو سمير بهدّيه وبقول أنه قصد حصة البيت مو هديك الشغلة.. بس طبعا بعد ما يكون علم عليه بأنه عرف بحكايته.. وبكون المسكين كشف حاله قدام أبو سمير اللي ما راح ينساها.. ويمكن يسلط عليه حدا بعدين.. ما بتعرف شو اللي بيطلع معه لما بده شغلة.. راس كبير وأصلع حافظ السوق من أكتر من تلاتين سنة.. وفي سيَر[5] ما في حدا غيره بيعرفها وبيعرف كيف يستفيد منها لما يجي الوقت.. وطبعا سيرة أبو سعيد جلطة كانت بتفاصيلها عنده حتى قبل ما يفكر يناديلي وقبل ما يطلع البيت اللقطة بطريقه.. مشان هيك وأول ما فتت من الباب قال لي "شو أخبار معلمتك"... وطبعا فهمت أنه قصده أم سعيد.. آه.. النس بضل نس.. وقلت لحالي هل النس سلمني طرف الخيط.. انسى أبو سعيد وروح لراس النبع.. وأم سعيد راس النبع..


الشغلة كان بدها ترتيب.. لو بدي روح دغري لعند إم سعيد يمكن ما إطلع من عندها إلا وأنا محمل على قفاي[6].. مو بس بسبب القتلة اللي أكلها هاني من فتحي وأم سعيد راسها وألف سيف أنه ما حدا ورا الموضوع غيري، ويمكن كمان تروح تقول لأبو سعيد إني عم لف من وراه.. ويمكن.. ما حدا بيعرف.. تلمح لشي، صحيح ما صار، بس أنا عم أحلم فيه.. أصلا النسوان ومن كتر ما هن قوايا بيقدروا يفهموا على الواحد من تطليعة.. هيك مرة قالتلي دلال الخياطة اللي كنت مصاحبها قبل ما يكشفنا أبوها على غفلة ويقلع عينها بضربة وحدة بعد ما نطيت من شباك غرفتها على الجنينة وبعدين على الشارع.. وكمان هي حكاية نفدت منها بألف زور.. بس بتعرفو.. منيح اللي أبوها مو جوزها.. لأنو لو كان جوزها عايش وصار اللي صار كانت المصيبة كبيرة.. يعني أرملة وما عندها حدا وعمرها فوق  الأربعين.. بتمرق المشكلة معها بقلعة عين مو بقطع رقبة.. وكمان أبوها معه السكري وعم يمشي على عكاز، هي اللي قلعت عين المعترة.. والله سترنا بعد ما أبوها قلع عينها أنه كل الجيران انشغلوا بنقل دلال وأبوها معها على المستشفى وما حدا فهم شو صار، وبعدين قالوا أنو نوبة السكري ما خلته يميز فقلع عين بنته قبل ما يموت.. مات الأب بالمستشفى ونفدت دلال بعين واحدة، ونفدت أنا من فضيحة.. المهم.. ما لكن بطولة السيرة..


قلت إيجي من الآخر وروح لعند إم سعيد، تقبر قلبي، من الآخر.. وما في غير جاسوسها ضراب السخن هاني مارلبورو.. فكرت حالي ذكي يعني.. قلت لهاني في مشروع يمكن يقب[7] فينا نحنا التنين على وش الدنيا.. قام وقف سحب المارلبورو واطلع فيي بس ضل عم يتطلع لفوق هل المرة.. قلتله وإنت عيني.. كل ليرة مندفعها راح نطلع مقابيلها نص ليرة.. على الأقل.. وطبعا ما وضحت بس قلتله بيعة ما بتتفوت.. وإذا في حواليك ولو كم ميت ألف هات لنشارك والأرباح بالنص، وخلي أبو سعيد جلطة بره، لأنو جلطة وما راح يدفع قرش قبل ما يضب الأرباح بجيبته.. ويمكن ما يدفع حتى إذا كان في حمار راح يعطيه الأرباح سلف قبل ما يدفع..


اللي حارق قلبي أنه بقيت لآخر لحظة مفكر حالي ذكي.. قلت توصيل الخبر لهاني اللي ما معه يضرط، لا تواخذونا، يعني الخبر رح يكون عند أم سعيد.. والست يعني ما رح تحط كم ميت ألف.. بتقدر من تحت البلاطة تطلع ملايين.. وانتظرت أم سعيد تبعتلي خبر بعد كام يوم.. وانتظرت.. ومروا الكام يوم.. وصرنا بآخر الأسبوع ولا حس ولا خبر.. يوم الخميس كنت رايح شوف زبون.. دخيل الله هل الكلمة شو بتحرق قلبي دائما.. أي زبون هادا؟.. أبو عماد خبيني ما غيره.. وهادا كمان حكاية لبعدين.. المهم كنت رايح لعنده سمعان ببيعة قلت ورطه فيها واسحب العمولات اللي إلي بذمته، قام أبو عماد أول ما شافني ضحك وهز كرشه متل العادة لما يضحك.. قال مصرياته كلهن صاروا مع أبو سمير النس.. كمان هي ما كتير استغربتها، ولو أنه أبو عماد خبيني ما بيسلم دقنه لحدا، بس هبرة أبو سمير حرزانة.. وأبو سمير مستعد يتشارك مع الشيطان مو بس مع أبو عماد ليوصل للي بده إياه.. بس الخوزاق كان أنه أبو عماد قال معلمتي كمان مشتركة معهن بأربعة مليون.. وهون برج من نافوخي راح يطير.. كيف وشلون.. طرت عل المكتب ومسكت هاني مارلبورو من خوانيقه وهل المرة عن جد.. قلتله لك يا حمار شو القصة.. كيف بتضيع هيك فرصة من إيدنا.. لك ما كلف خاطره حتى يرد علي.. سحب سحبة من سيكارته ورفع السماعة وطلب رقم أم سعيد.. لما سمعت صوتها يعني، بدكن تقولوا ارتخيت شوي، خصوصا وهي عم تضحك.. بس ما كان وقتها.. مع أنه ضحكتها غير شكل.. المهم الخانم قالتلي يعطيك العافية الخبر وصلنا.. وأنا هلق شريكة مع (عمو أبو سمير النس).. لعمه.. شلون هي فاتتني.. مو أتاري أبو سمير لما عطاني من الآخر على غير عادته وسألني كيف معلمتي كان بده يسلمني طرف الخيط بس لوصل خبر للمعلمة وبعدين هو بيتصرف.. وأنا متل ما هو توقع عملت..


النتيجة أبو سمير لطاله يومين وبعدين اتصل بالمعلمة مباشرة.. ما رح يعجز يجيب رقم الهاتف يعني.. كان الخبر واصل.. حكى معها بطريقته متل العادة.. فهمته بطريقتها أنو الخبر وصل وبدها تشوفه.. وراح الحمار أبو سعيد معاها لمكتب أبو سمير بالليل وتقابلوا هنيك واتفقوا على كل شي وأنا متل الأهبل المي عم تمشي من تحتي وأنا مو دريان..


البيت قعد أقل من شهر وانباع لشركة بواحد وعشرين مليون.. يعني الليرة جابت مربح أكتر من ستين قرش مو نص ليرة.. وطلعت أنا بلوشي.. ولما أجيت أحكي مع أبو سعيد.. متل العادة مط بوزه متل القرد وقال منين ياحسرة.. بس هل المرة جاب شغلة جديدة خوفتني.. مو طلع لإم سعيد قريب متوفي بره ومعه مصاري كتير وطلعت هي الوريثة الوحيدة.. مع أنه عندا أخين كحيانين وعند كل واحد عر[8] أولاد إذا بتقول لواحدهن أنه في خمس ليرات بالمريخ ما بتلاقيه إلا ركب سوزوكي وبوشه لهنيك.. المهم.. كانت رسالة لازم أفهمها وأخرس.. يعني خليك بالمكتب واتروك الشغل الجد لرجاله.. طبعا أبو سعيد جلطة مو محسوب من هدون الرجال.. والمصيبة.. طلعت أنا كمان مو محسوب....



[1] بظن جهنم ما بتكون جهنم إلا بوجود ناس من نمرة أبو سعيد جلطة فيها.. مو المعتر ابليس..

[2] يعني المعترين اللي ما معهن كتير..

[3] يعني على المكشوف.. تحملونا..

[4] "نس" يعني "نجس"..

[5] "سيَر" جمع "سيرة" بس على الطريقة الشامية.

[6] يعني يا ميت يا معطوب..

[7] "يقب" يعني يرفعنا لفوق.. يمكن بآخر السيرة نطلع بقاموس المصطلحات الشامية.. ما بتعرفوا.. كل شي بصير..

[8] بدكن ما تواخذونا.. كلمة "عر" ما بعرف شو أصلها.. بس بتعني كتير زيادة عن اللزوم..

الفصل الأول (وكر جواسيس)..