2012/07/04

الأغنية السورية المعاصرة بين العودة للتراث وموسيقا الجاز
الأغنية السورية المعاصرة بين العودة للتراث وموسيقا الجاز


يوسف الجادر - تشرين


ليس مغامرة، رصد الأغنية السورية المعاصرة بأطيافها المختلفة، وليس مغامرة أيضاً النظر إلى التجارب الموسيقية الجديدة من موقع المتتبع لأغلب التجارب الموسيقية الجديدة في سورية.

فالحراك الموسيقي في السنين الأخيرة بدأ ينتج مجموعة من التجارب على كل الصعد والأشكال الإبداعية الموسيقية، في التأليف الموسيقي والغناء، وتشكيل الفرق الغنائية والموسيقية، وهذا النشاط الكثيف في الحراك الموسيقي في سورية هو نتيجة الدراسة الأكاديمية للموسيقا وفتح الأبواب واسعة أمام تشكيل الفرق الغنائية والموسيقية كي تأخذ نصيبها من المشاركة والحضور في أغلب المهرجانات المحلية والعالمية. ‏

من هذا الحراك الموسيقي والكثافة في الأداء الغنائي ظهرت هناك تجارب غنائية لاقت إقبالاً لافتاً بين أوساط الشباب، وقد زادت في انتشار هذه الأغنيات (الفيديو كليب) علاوة على الفضائيات المتخصصة في بث هذه النماذج من الأغنيات أشكال جديدة في التداول في نشر الأغنيات بين أوساط الشباب منها (البلوتوث) الذي يساهم في نشر شتى أنواع الأغنيات (الكليبية) بسرعة كبيرة، وبالسرعة ذاتها تنتشر آلاف الملفات الصوتية المملوءة بالضجيج والإيقاعات السريعة والكلمات السطحية والمباشرة, بينما تظل التجارب الموسيقية الأصيلة على مستوى التأليف الموسيقي والغناء مغيبة لأسباب كثيرة. ‏

وقد تصدرت في السنين الأخيرة تصنيفات جديدة للموسيقا والغناء، ومن أكثر تلك التسميات حضوراً الأغنية الشبابية أو الأغنية الخفيفة...، واتصفت هذه الأشكال من الموسيقا بالخفة وسرعة الإيقاعات، والجمل الغنائية البسيطة والقصيرة التي تتوافق مع حماسة واندفاع الشباب في ذروة انطلاقته للحياة. ‏

لكن اللافت في هذا الإطار ظهور بعض التجارب الموسيقية الشبابية التي اشتغلت على التراث الغنائي الشرقي بلغة موسيقية عصرية فساهمت في نشر الكثير من الأغنيات الشعبية الفلكلورية القديمة التي انتشرت في أواسط القرن الماضي.. ومن أهم تلك التجارب الشبابية على هذا الصعيد تجربة المغنية الأوبرالية السورية لينا شماميان وعازف الكلارينيت باسل رجوب، إذ تمكنا عبر التأليف الموسيقي والتوزيع الجديد وفي عدة اسطوانات من إعادة الأغنيات التراثية السورية والعالمية الكلاسيكية إلى الصدارة والتداول بين أوساط الشباب... وبهذا المزج بين الأسلوب الشرقي (التخت الشرقي) في الأداء والتوزيع على النمط الغربي وأداء الآلات الغربية أصبح الشكل الجديد للغناء متوازناً بين موسيقا الجاز والأغنيات الشرقية القديمة, كأغنية (حّول ياغنام) أو أغنية (قبل العشا لاياسيدي). ومن جانب آخر, ظهرت تجارب موسيقية غنائية جمعت الأصيل من الشعر الصوفي بطريقة جديدة عبر قوالب شرقية بحت كتجربة المغنية وعد بو حسون التي أضافت إلى الغناء العربي بعامة والصوفي بخاصة طريقة جديدة في الأداء والغناء كونها تعزف على العود وتغني وتؤلف المقطوعات الموسيقية كالعمل الذي صدر مؤخراً عن المعهد العربي في باريس (عرفت الهوى)، وهناك تجارب متعددة في التأليف والغناء ارتكزت على القوالب الشرقية والغربية في بعض الأحيان لكنها تبشر بانطلاقة موسيقا سورية جدية ومعاصرة. ‏

وهذه التجارب تبقى حبيسة النخبة (السميعة) ولم تنتشر بين أوساط الشباب باستثناء القلائل المهتمين بالتجارب الموسيقية, بينما تنتشر عشرات الآلاف من الأغاني الهابطة والسريعة كانتشار النار في الهشيم بين أوساط الجيل الجديد. ‏