2013/05/29

الأول عـــربيــــا والتـــاســـع عــــالميــا المـــجازف جـــــمال الظــــاهـــر: وجــــدت تقـــــديــــرا كبيـــــرا فـــي الخــــارج
الأول عـــربيــــا والتـــاســـع عــــالميــا المـــجازف جـــــمال الظــــاهـــر: وجــــدت تقـــــديــــرا كبيـــــرا فـــي الخــــارج


زبيدة الإبراهيم – البعث

دخلت مهنة المجازف على أعمالنا الدرامية باعتبارها ضرورة فنية ومطلباً ملحّاً لهذه الأعمال، وكانت المشاهد الخطيرة في البداية إما مشاهد بسيطة يعتريها الركاكة في التنفيذ  أو يقوم بها مجموعة من المجازفين الأجانب الذين يُستقدموا لهذه المهمة، لكن مجموعة من الشباب من الرقة أحبوا عمل المجازفات تدربوا عليها وباتوا محترفين في تنفيذها، فشاركوا في معظم الأعمال التي تتطلب تنفيذ هذه المشاهد، وصار لهم اسم  كبير حتى أصبحوا مطلوبين في الأعمال الدرامية على امتداد الوطن العربي كله، بينما تفرّد المجازف جمال الظاهر بالانتشار عالمياً ليصبح أول سوري يقوم بهذه المهمة في أفلام أوروبية وأميركية منها فيلم "أسامة" وفيلم "شيفرة دافنشي" وعدداً آخر من الأفلام، وليشكل فريقاً من المجازفين لتصنفه الصحف العالمية بالأول عربياً، بينما صنفته النيويورك تايمز بالتاسع عالميا. ولمعرفة تفاصيل أكثر عن مهنة المجازف وخباياها، ونمط تدريباتها وكيف شكل فريقه للمجازفين، التقت البعث المجازف جمال الظاهر:

< لنبدأ حوارنا حول البدايات وخصوصا أن هذه المهنة لم تكن معروفة في سورية أبداً؟


<< بدأت كرياضي يحب الرياضة والمغامرة، وتربيت في منطقة ريفية في مدينة الرقة، كنت أنا وأصدقائي نحب أن نجازف ونقوم بعمل بعض الحركات والقفزات الخطرة التي نتفاخر بها فيما بيننا، لكن دون وجود برنامج محدد فقد كنا نشاهد الأفلام ونقوم بتقليدها، إلى أن حضرت أسرة مسلسل "أخوة التراب" من إخراج نجدت أنزور إلى الرقة لتصوير المسلسل فطلبوا من جميع الرياضيين في الرقة الالتحاق بهم من أجل تنفيذ المعارك والحروب، حيث سيلعبون أدوار العسكر وحينها كنت في الخامسة عشرة من عمري، وكنت كلما أذهب للمسؤول عن الكومبارس كان يرفض مشاركتي باعتباري صغيراً ولكني كنت ألّح عليه حتى يدعني أتفرج على طريقة تنفيذ هذه المشاهد في المعارك، وفي إحدى المرات كنت ما أزال في المكان حين كان هناك مشهد خطير لممثل طفل، ولمح المخرج نجدت أنزور اهتمامي فقال لي أنت تملك نفس بنية الممثل الطفل هل باستطاعتك أن تقوم بالحركة بدلا عنه فوافقت وقدمت "بروفا" ونفذت المشهد بدلاً من الممثل، وهنا شكرني وهنأني المخرج أنزور ومن حينها عشقت هذا العمل  وصرت أذهب لموقع التصوير يومياً وأرافقهم من لحظة دوران الكاميرا إلى أن ينتهوا ..

ويتابع الظاهر حديثه عن بداياته إذ قال: في العام التالي حضر طاقم  مسلسل "تل الرماد" الذي صُور بالرقة، وكان من إخراج نجدت أنزور أيضا وحضر معهم الطفل ذاته الذي لعب دوراً في العمل وأصبحت بديله الدائم في كافة الحركات الصعبة، لكن عند انتهاء المسلسل كنت أشعر بالضيق والكآبة وبات الحلم يبتعد كوننا نعيش في مدينة بعيدة عن العاصمة، ومن النادر تصوير الأعمال بها، ولأنني أحب هذه المهنة وأحب الرياضة احترفت الفنون القتالية، وشاركت في بطولات وبعد حصولي على الثانوية تابعت دراستي في المعهد الرياضي، لكن أنا لم يكن هدفي في لحظة من اللحظات أن أكون رياضياً فأنا أهوى فن التصوير والمعارك والقتال والمخاطرة وأحبه أكثر من أن أكون رياضياً عادياً، لأن الرياضة يخبو القها مع الأيام وعندما يكبر المرء قليلاً يعتزل، وهذا يغاير طموحي لذلك كان هدفي أن أجعل المجازفة مهنتي، وفي لقاء مع المخرج نجدت أنزور أخبرني بضرورة الدراسة الأكاديمية لهذا الفن فعرفني على روبرتو كروز وهو مخرج معارك عالمي ونصحني هذا الشخص النصيحة ذاتها، فتوجهت إلى براغ وخضعت لدورة في  أكاديمية للمجازفين وتخرجت منها وكنت العربي الوحيد الذي تخرج من هذه الأكاديمية، ومن ثم عدت إلى سورية و بدأت أشارك بشكل مكثف في المسلسلات التاريخية، لكني وجدت عدم تقدير وتفهم من كثير ممن يعمل في الوسط الفني باستثناء عدد من المخرجين الكبار مثل نجدت أنزور ومحمد عزيزية وحاتم علي حيث شاركت في "الظاهر بيبرس، وفارس بني مروان، والتغريبة الفلسطينية، وعذراء الجبل" وبعدها بدأ الوسط الفني يتحدث عن أهمية مشاركتي في هذه الأعمال وأنّ ما أقوم به ناتج عن دراسة أكاديمية وليس تعدياً على المصلحة عندها تغيرت النظرة بشكل جزئي لما اقوم به وبدأت أظهر ويتعرف علي الناس ويعترفون باحترافي.

< وما الفرق بين المجازفة والرياضة ؟


<< المجازفة هي حالة درامية موجودة في النص أو في تصور المخرج حيث يصعب على الممثل تنفيذه أو لا يستطيع تنفيذه لأسباب متعددة، فيقوم المجازف بتنفيذه والمشاهد يجب أن يرى هذا الفعل على الشاشة ويقتنع بأنه حقيقي، وهذا يتطلب مهارات خاصة وشخص محترف يؤدي مشاهد القتال والسقوط ، والآن أصبح المشاهد السوري يميز هذه الأفعال ويعلم أن هناك رجلاً آخر ينفذها، لذلك بدأت مراقبة عملنا كفنانين في هذه المهنة، ويراقبون حركاتنا وخدعنا ويطالبونا بالأفضل ويقارنون أعمالنا بالأعمال العالمية وأصبح مقابل كل نجم يقوم بأعمال خطرة هناك نجم في المجازفة إلى جانبه يقوم بالحركات المطلوبة الأمر الذي منح الأعمال الدرامية  مصداقية أكبر.

وبالنسبة لأنواع المجازفات فهناك حركات الخيل الذي نعلمه الركض في المضمار وندربه على طريقة الوقوع وكيف يقفز فوق الشخص،  وهناك مجازفات القفز من طوابق مرتفعة، ومشاهد الحريق والإنفجارات هذا إلى جانب القتال بالسيوف والرماح والعصي وفنون القتال بالأيدي ونفخر كمجازفين سوريين بأننا الأفضل في الوطن العربي حسب تصنيف اللجان الأوروبية والأميركية وفي نهاية عام 2012 صنفت التاسع عالمياً في نيويورك تايمز.

< من الواضح أنها مهنة خاصة فلماذا اخترتها كي تكون مهنتك؟

<< تعجبني في هذه المهنة فكرة التحدي والمغامرة , والإنسان الطموح عليه تنفيذ كل ما يحقق طموحه من خلال تنفيذ أعمال لا يقوم بها الإنسان العادي، وهي مهنة يستمتع بها الناس، طبعاً يهمني امتاع الناس وإدهاشهم بالقدرة الفنية العالية التي يتمتع بها المجـــازف، لكن أهم ما أحبه في هذه المهنة هو التحدي .

< هذه المهنة بحاجة لتدريبات مستمرة ومعرفة الجديد هل تقوم بتدريبات خاصة من أجل تطوير عملك ؟


<< طبعا، وأنا تدربت لدى  مجموعة من المدربين من روسيا واليابان وأميركا، وهؤلاء علموني كيف يجب أن أكون قوياً سريعاً وأتمتع برد فعل سريع، وأن أصمم حركات أنفذها مع فريقي، ونقلت الطريقة والأساليب نفسها إلى هذا الفريق كي نكوّن مجموعة تستطيع القيام بأعباء الأعمال الدرامية فشخص واحد لا يمكنه أن يقوم بكافة الأدوار فهناك ممثلون بأطوال وأوزان مختلفة وهم يحتاجون لشخصيات بديلة تشبه شكلهم، والفريق الذي أقوم بتنفيذ الأعمال معه هو مجموعة من الشباب كنت أدربهم في النادي، لأني  بالأصل مدرب فنون قتالية، وعندما عملت في الدراما اتفقت معهم أن نؤسس هذا الفريق وتحمسوا للفكرة، وفي البداية كنا حوالي 100 شخص ولكن خوف الأهل من المجازفة والمخاطر وغيرها قلص العدد إلى 25  وهؤلاء يوجد بينهم  15 شخصاً محترفين للفنون القتالية وكل أنواع المجازفات وعشر أشخاص هم فرسان يروضون الخيل ويعلموها الحركات الفنية على ظهر الخيل، وفريقنا ربما هو الفريق الوحيد في العالم المختص بكل أنواع المجازفة وكانت تدريباتنا كبيرة كي لا نضع سقفاً لقدراتنا لنتعلم كل الفنون في هذا المجال، لأننا كنا نخشى في حالة التخصص ألا يصبح الموضوع مفيد من الناحية المادية، فحجم العمل السنوي متفاوت، وبحسب المسلسلات لذلك كان هذا السبب الرئيسي لعدم تخصصنا ..

< هل يمكن أن تشرح لنا بتفصيل أكثر ؟

<< في أعمال "المودرن" يحتاجون في مشاهد الأكشن لمجازفين في السيارات والإنفجارات، أما في المسلسلات التاريخية فعلينا التدرب على المبارزة بالسيوف وركوب الخيل وتنوع المعارك، وبتنا بسبب شهرتنا العربية يستدعوننا لأداء أي مشاهد تحتاج لحركات صعبة، سواء كان العمل تاريخيا أو "مودرن" والآن جزء من فريقنا يشارك بعملين في مصر أحدهما تاريخي والآخر "مودرن" مع ذات المجازفين وذلك لأننا نملك المهارات اللازمة لذلك، وعلى المشاهد أن يعلم أن أهم شيء في المجازفة هو الجرأة أمام الكاميرا، فنحن كمجازفين نقف بدل الممثل وعلينا أن نقلده بمشيته وحركته  وهذا يحتاج قدرة جسدية خاصة وثقافة ايضا.

< وماذا عن المنافسة في هذا المجال، ومن هم منافسوك في المهنة ؟

<< من دون غرور أقول لفريقنا إن منافسينا في العالم ممن يعملون في السينما العالمية أما  في الوطن العربي فنحن مصنفون بالمقدمة ونقوم بالتصوير بأقوى الأعمال الدرامية من الخليج إلى المغرب العربي مرورا بمصر، وحصيلة عملنا حتى الآن يفوق الـ 400  عمل مع العلم أنه ليس من جهة تدعمنا أو تحمينا.

< مهنتكم تكتنفها الكثير من المخاطر هل هناك جهات تأمين مثلا كي تضمنوا حقوقكم؟


<< عالميا أنا اشتعلت عملين هما "أسامة وشيفرة دافنشي" وفي فرنسا وإيطاليا صورنا إعلانات وفي معظم الدول كنت أمثل بلدي كمجازف يختارونني لقدراتي البدنية، ولمعرفتي الواسعة في هذا المجال وإتقاني لعدة لغات أيضاً، وهناك أشعر بقيمتي أكثر، فكل شيء مؤمّن صحياً وأمنياً، أما عندنا فالأمر مختلف إذ أننا عندما نقول للمنتج أن هذه العملية خطيرة يقول إذا أصاب أحد أي شيء أنا آخذه للمشفى وهذا سقف ما يقوم به، أما المجازف الغربي فهو نجم في العمل، ويسلّط عليه الضوء، كذلك هناك تكريمات ومهرجانات خاصة بالمجازفين، وهذا التكريم المعنوي نفتقده هنا في بلدنا، فهناك جوائز تمنح للإضاءة والتصوير والملابس لكن المجازف الذي يعرّض حياته للموت ليس هناك من يذكره، وأذكر أنني في مهرجان استنبول عام 2007 نلت جائزة أفضل مشهد عن فيلم "طريق العودة للبيت" لقد  أحضروا فريقاً كاملاً من أجل لقطة واحدة أنا نفذتها، وكرمونا واحترمونا وقدروا أننا نخاطر بحياتنا، ولكن عندنا وباستثناء المخرج لا نجد هذا التقدير لموهبتنا وعملنا، وعند مشهد المعركة يقول لنا المخرج هذا الميدان لك عندها احس بالتكريم لأنه يثق بي وبقدراتي.

< وما أصعب مشهد نفذته وكان خطراً عليك ؟

<< أصعب مشهد كان في فيلم "ليلة البيبي دول" وكنت أقوم بدور بديل للممثلة نيكول سابا في مشهد حادث سيارة كان مطلوباً أن تقلب مرة لكنها قلبت ثلاث مرات وكانوا قد ربطوني باحزمة أمان، أما الخطأ الثاني فكان عليهم أن يضعوا خزان صغير للبنزين لكنهم لم يفعلوا وأحسست بالموت لكن الله نجاني، وهناك مشاهد أيضا في مسلسل "الهاربة" ومسلسل "وادي الذئاب" حيث قفزت من علو ثلاثة طوابق .

< بالختام ما هو جديدك الذي تحضر له؟


<< بالنسبة لمشاركاتي في سورية انتهيت منذ فترة من تصوير مشاركتي في مسلسلي "ياسمين عتيق، وقمر شام" وأستعد لبعض المشاهد في مسلسل "تحت سقف الوطن" مع المخرج  نجدت أنزور، أما في مصر فهناك مسلسل "النمرود " وفي لبنان مسلسل "قيامة البنادق" وهناك فيلم مع المخرج شوقي الماجري في الشهر الخامس، أما أهم مشروع أستعد له فهو فيلم عالمي بعنوان "عالم المجازفين" يمثل فيه أهم عشر مجازفين في العالم وأنا منهم وسأمثل فيه إضافة لتنفيذي للمجازفات وسيبدأ تصويره في الشهر العاشر.