2013/05/29

البيئــة الشــاميــة في ميــزان الدراما
البيئــة الشــاميــة في ميــزان الدراما


فؤاد مسعد – الثورة



أعمال شامية تنحر بعضها البعض من خلال تشابه البيئة وتكرار في الملابس والحركات والديكور وأحياناً بالممثلين ، حتى ليكاد يظهر بعضها وكأنه مسلسل واحد لكن بعدة وجوه !..

ووصل الاستسهال لدرجة أنه حتى الشوارب أتت أحياناً مضحكة في مشاهد يفترض أنها لشجار .. فتارة تميل لليمين وتارة لليسار !. المهم أن يكون لدينا عمل شامي لتسويقه !. وأما باقي التفاصيل من النص وسواه فيبدو أنها أمور تأتي أهميتها بالدرجة الثانية أو الثالثة .. من مبدأ أنه (كله عند العرب صابون) .‏

والخطورة أن ما تم إنتاجه سابقاً من أعمال البيئة الشامية تحوّل إلى خارطة طريق للكثير من الأعمال اللاحقة وباتت الشام لا تُرى إلا بعين واحدة فقط ، فمثلاً ، باتت الملاية اللباس الرسمي للمرأة في أي عمل وكأنه لم يكن هناك لون آخر من الطيف الدمشقي الأصيل ولكن ربما اختار المنتجون هنا ما يلبي رغبات المحطات العارضة ، أضف إلى ذلك الشوارب والشبرية وبعض الكلمات والمشاجرات التي لا بد أن تحصل في الحارة فيأتي المختار أو العكيد ويفك الاشتباك ويُضاف إلى ذلك كله المشاهد التي لا يمكن أن تُصنف إلا تحت بند (ثرثرة نسوان) .. لا بل انتقلت العدوى حتى لطبيعة العلاقات الاجتماعية ، فبات من الطبيعي ، على سبيل المثال ، أن تسعى المرأة (أم ، زوجة ، اخت ..) إلى ارضاء الرجل (ابن ، زوج ، أخ .. ) فكلامه فوق كل اعتبار ، والأنكى من ذلك أنه لا داعي لتبرير هذه المواقف أو لوضعها ضمن سياقها الطبيعي غير المفتعل والمفبرك .. والمصيبة أن مثل هذا المشهد يأتي ساذجاً على صعيد الكتابة والحوار وعلى الصعيد الفني والتمثيلي ولكن مبرره أنه يقدم (عاداتنا ، تقاليدنا ، الشهامة ، الكرامة ..) إلى آخر ما هناك من صفات يحاول الكاتب الاتكاء عليها ليبرر كتابة عمله من خلالها ، ليأتي في النهاية ويقول في لقاء صحفي (حاولت احياء تلك الروح التي غابت عن وقتنا الحاضر) .. دون أن يدري أن تلك التبريرات لم تعد سوى كليشيهات قد سقطت مع سقوط القناع عن حقيقة الكثير من هذه المسلسلات .‏

والمؤسف ضمن هذا الازدحام (الشامي الدرامي) أن مسلسلاً يحمل فكراً تم تصويره بطريقة فنية جيدة سيذهب بين الرجلين ضمن تلك الأعمال التي يتبرأ أحياناً منها حتى العاملين فيها ، فيذهب الصالح مع الطالح .‏

أيها المبدعون .. كفى استرخاصاً ، اعطوا البيئة الشامية حقها ، فهي تستحق ، إنها بيئة غنية تحمل عمقاً وحياة أبعد بكثير مما يُقدم ، ولا يدخلن أحدكم هذا المضمار إلا إن امتلك مفاتيحه الحقيقية .‏