2012/07/04

الـتسلل إلى مخدع كليوباترا!
الـتسلل إلى مخدع كليوباترا!


سامر محمد إسماعيل – تشرين


المراقب لعدد الفضائيات المصرية الجديدة ما بعد انتفاضة 25 يناير سيلاحظ حركة رساميل خليجية كثيفة باتجاه شراء هذه القنوات، أو الحصول على أكبر عدد ممكن من الأسهم فيها

حيث قام رجل الأعمال المصري (م.أ) المقيم في الكويت بشراء 15 قناة جديدة حتى الآن من أصل ما يقارب 42 قناة تم إصدار تراخيصها من إدارة النايل سات.. ومن أبرز القنوات التي تمت الهيمنة عليها شبكة «النهار» وشبكة «مودرن» الرياضية وتشمل «مودرن كورة» و«مودرن حرية» و«مودرن البيضاء» و«مودرن سبورت» إضافةً لشبكة «cbc» الإخبارية بمبالغ خيالية قُدّرت بمليار دولار أمريكي، ولم تقف القصة لديه عند شراء الفضائيات الجديدة، بل طالت شراء جرائد مصرية خاصة كان أبرزها صحيفة «الفجر» إضافة إلى شراء «وكالة الأخبار العربية» التي تعد من أكبر وكالات الأنباء الصاعدة في جمهورية مصر العربية، فيما مازالت المفاوضات مستمرة بين هذا «المردوخ» الغامض وأصحاب قنوات مصرية جديدة تعاني ضعف التمويل، وتترنح لقمات سائغة أمام غول السوق الجديد، الذي لا يعرف أحد حتى الآن مصادر أمواله، ففضائيات مثل «الحياة» و«التحرير» و«اللورد» و«كايرو» يقال إنها لن تصمد طويلاً إثر تراجع سوق الإعلانات والضعف الذي تعانيه الماسبيرو في السيطرة على بيعها، بعد اعتقال أسامة الشيخ مدير قطاع النايل سات -«مدينة الإنتاج الإعلامي» فالشيخ الذي ساهم في إعادة إنعاش الإعلانات إلى شاشات الإعلام الوطني عبر إحداثه قنوات متخصصة على غرار «النيل كوميدي، النيل دراما، النيل نيوز، النيل سينما، النيل لايف» كان قد خلص قنوات شبكة النيل الحكومية من غول الإعلانات المصري طارق نور-«يملك وكالتي الميديا لاين وأد لاين».

على ما يبدو الشيخ سيبقى رهن «الاعتقال» حتى يتم تقطيع كعكة الإعلام المصري، وبيع تلفزيوناته الوطنية في المزاد العلني، في ضوء شراء هذا المياردير وكالات إعلانية وجلبه نجوم برامج التوك شو المصرية كموظفين في قنواته الجديدة، وكان من أبرزهم كل من محمود سعد وتامر أمين مقدما برنامج «البيت بيتك» على قناة مصر ومعتز الدمرداش مقدم برنامج «90 دقيقة» على قناة «المحور» لنلاحظ تراجع نسبة مشاهدة الشاشات الرسمية التي كان لها حضور منافس وجوهري وناظم لسوق الفرجة المحلية. هذا الملياردير الذي لقبّه البعض بـ«مردوخ مصر» أخذ مجده بعد هروب العديد من أصحاب القنوات المصرية الخاصة إلى الخارج إثر سقوط حسني مبارك، إذ كان معظم الفضائيات المصرية الخاصة يعتمد على صفقات البزنس الكبيرة وغسيل الأموال، وفي مقدمة الهاربين إلى مدينة دبي الإعلامية كان رجل الأعمال المصري جمال مروان صاحب شبكة «ميلودي» التي كان لها الدور الرئيس إلى جانب شبكة «روتانا» الخليجية في إغراق العالم العربي بأسوأ أنواع الغناء وأردأ المطربين، مساهمةً في تخريب الذائقة العربية وتدمير ثقافة الأغنية الملحمة نحو أجيال من مغني البوب العربي عديم الشخصية.

بعد كل هذا يطرح السؤال الآتي نفسه بقوة: من له مصلحة في شراء كبريات فضائيات الإعلام العربي؟ ولماذا هذا السعي المحموم للسيطرة على مفاصل الإعلام في أهم وأكبر بلد عربي؟ أليس هو الإعلام الخليجي الذي ما برح يصادر الحقيقة ويهيمن على الرأي العام؟ أليس هو الخوف من بزوغ إعلام قومي يقف في وجه كل هذا الخراب البصري الذي موّلته مشيخات النفط ومحمياته؟ ألا يمكن لإعلام مصري حر ومستقل أن يقف في وجه هذا الكذب الكوني المتفاقم؟ الشرفاء في مصر يعرفون ذلك، ويعرفون حجم التدخل الكبير للمال النفطي الجاهل في وسائل إعلامهم، لكن هذه المعرفة لن تجدي نفعاً في حال تسللت الأفعى النفطية إلى مخدع كليوباترا الناعمة.