2012/07/04

«الجزيرة مباشر»: طرف في الصراع؟
«الجزيرة مباشر»: طرف في الصراع؟


سامر محمد اسماعيل - السفير


لا يمكن أن تكفّر قناة «الجزيرة مباشر» عن خطاياها بمجرد إعلانها مؤخراً بأنها تعتذر عن تلقي رسائل نصية قصيرة، تتضمن هجوما على شخصيات سياسية أو دينية، أو ذكر لأرقام أرصدة مصرفية وإعلانات تجارية، ورسائل تحض على التفرقة الدينية المذهبية والطائفية، أو تحرض على خرق القانون. فالقناة التي رفعت شعار «تلفزيون الواقع» ما برحت منذ أكثر منذ عشرة أشهر تبث على مدار الساعة خطاباً إعلامياً طافحاً بلهجة دموية مرعبة، وهي رغم إصدارها ما يشبه بياناً يعلن توقفها عن بث الرسائل التحريضية في شريطها الإخباري، إلا أنها ما زالت تضخ أكبر كمية ممكنة من تلك الرسائل التي تكرر عرضها مرارا في اليوم، مواظبةً على تسخين الشارع السوري، ضاربةً عرض الحائط كل مواثيق الشرف الإعلامي.

ما معنى إصرار القناة على هذا النوع من الخطاب؟ ما معنى تلك الرسائل التي تبرم مواعيد زمانية ومكانية على الهواء مباشرة؟ ما معنى تحديد الطائفة وتسميتها في رسائلها؟ وكيف تبرر القناة القطرية كل هذا التأليب المسعور لفئة ضد فئة في سوريا؟ ليس هذا وحسب، بل تقوم القناة بذكر أسماء شخصيات سياسية بعينها عبر إيرادها ضمن شتائم صريحة وإحالات بإسقاطها، متوجهةً نحو محافظات سورية بعينها ناعتةً إياها بالجبن والتخاذل؟

كما تعمل القناة القطرية على صياغة عناوين لأنماط جاهزة ملصقةً إياها بعشيرة أو قبيلة أو حي داخل الوطن السوري، مصنّفة على هواها شخصيات دينية وروحية وثقافية وإعلامية، لتصير قناة «التغطية مستمرة» بمثابة طرف من أطراف الصراع. وهي لا توفر جهداً في إرفاق رسائلها القصيرة بمشاهد دموية تكرر على مدار الساعة، مشاهد منقولة عن موقع «يوتيوب» وبصورة وصوت سيئين للغاية. صورة بصرية منقبضة راهنت عليها الشبكة القطرية منذ إنطلاق الربيع العربي، ومتذبذبة لأفلام مصورة بكاميرا الهاتف الجوال بعد إجراء العمليات الفنية اللازمة، صورة مترجرجة وموتورة، وصوت متآكل وملصق وفق مونتاجات سيئة، فيما تصر «الجزيرة مباشر» على إيراد لافتات تحمل شعارها «الجزيرة عنوان المصداقية»!

أية مصداقية تلك تراهن عليها القناة وهي تستمر على هذا النحو من التحريض الممنهج؟ وتواصل ليلاً نهاراً استقبال وبث رسائل بعينها على شكل «بيانات ثورية» تحت مسمى «الحريات العامة وحقوق الإنسان». ثم ما الذي يفسر وصول وبث رسائل معظمها يتعلق بالحدث السوري، مع أن القناة تضع عناوين وأرقام لشركات اتصال عربية للمراسلة من كل أرجاء العالم؟ ولماذا هذا النوع من التحريض السافر على مكونات المجتمع السوري ضمن مناطق ومدن ومذاهب دينية وسياسية؟ وهنا بعض من تلك الرسائل التي بثتها «الجزيرة مباشر» أمس الأول:

«السلاح هو الدواء يا أهل سوريا، يا أبطال درعا البلد حرروا درعا، الجيش السوري بدو يحرر فلسطين...هههه، بفضل ثوار سوريا ستسقط يا بشار، تحية لكل مقاتل في الجيش الحر، اللهم ارحم شهداء نوى المحتلة، يا حمص معرة النعمان معاك للموت، ثوار طفس معكم للموت يا حوران، فاتكم القطار في قرى شرق سراقب، يا حلبية حمص تناديكم، الزحف الزحف لنصرة أهل حمص، أحرار حلب يطاردون الشبيحة، اللهم انصر جبل الزاوية، شعب حمص يُقتل أغيثونا، الله محيي أهل المعضمية، الله محيي شباب باب السباع، يا حلب حمص معاك للموت، قبيلة العقيدات تقول بشار ساقط، قناة الجزيرة نافذة الحقيقة، يا بشار ارحم شعبك ولا تقتلهم، إخوتي في سوريا عليكم بقراءة سورة ياسين...»