2012/07/04

«الحجاب» في الدراما: تفرضه الأحداث أم الكاتب؟
«الحجاب» في الدراما: تفرضه الأحداث أم الكاتب؟


نضال بشارة - السفير

نهايات بعض الأعمال الدرامية تكون مفاجئة لجهة لا منطقيتها، كما هي نهاية مسلسل «الغفران» للكاتب حسن سامي يوسف، الذي أعادت عرضه قناة «سوريا دراما» بعد رمضان الفائت. فاختيار البطلة (سلافة معمار) ارتداء الحجاب في نهاية المسلسل لم يضف شيئاً الى الشخصية التي انفصلت عن زوجها وحبيبها لأنها خانته عاطفياً مع شخص آخر، فعاقبت نفسها بطلب الطلاق. ثم وفي مشهد واحد نعرف أنها تابعت حياتها بالزواج من رجل آخر، وارتدت الحجاب.

نحن نتكلم هنا عن خيار الشخصية الدرامية، لا عن موقف من ارتداء الحجاب. فالكاتب قدم نموذجاً لفتاة تملك وعياً غير تقليدي، بادرت هي إلى طلب الارتباط بمن اختارته فأسست علاقة غير سائدة في مجـتمع شرقي، فكـيف تنتـهي إلى تفـكير أو سلوك تقليدي. فضـلاً عن إمكـانية أن تفهم بعـض المُشـَاهِدات أن المرأة غير المحجبة آثمة، أو لديها قابلية لممارسات تخالف الضوابط الأخلاقية. واللافت هو مصادفةُ ارتداء الممثلة ذاتها للحجاب في عمل سابق «قبل الغروب» (يعود للعام 2003)، كتبه يوسف أيضا مع نجيب نصــير، وقد لعبت المصادفة أيضاً بعرضه عقب انتهاء الأول على الفضائية ذاتها.

وفي هذا العمل مقدمات ومسوغات كثيرة لشخصية المراهقة، التي تزوجت من دون علم والدتها من شاب سرعان ما طلقها من دون علمها بالأسباب، فصدمت نفسياً. وفي ظل أفعال مراهقتها تسببت في وفاة والدها، ثم والدتها المريضة التي لم تسمح لها بالعمل كمضيفة طيران، ما دفع بالشخصية الى اليقظة من الأخطاء التي ارتكبتها والتي كان عليها التكفير عنها وإرضاء ربها (حسب قولها)، فجاء خيارها بارتداء الحجاب والتوجّه للصلاة. خيار سوغته درامياً أفعال الشخصية والأحداث، ما يعني تحقق ديموقراطية الكاتب في تسيير الشخصية، وهذا ما لم يتوفر للبطلة في «الغفران».

واللافت أيضا أن سلافة معمار كانت أيضا بطلة «زمن العار»، وهو أيضاً للكاتبين يوسـف ونصير. وهي المحجبة ايضا، والتي أظهرها الكاتبان كشخــصية آثمة حملت من زواج عــرفي من دون عــلم ذويها، ولكن ليس لإدانتـها هـي، بل لإدانة عائلتها وبقية أفراد المجتمع، الذين يمارســون كل أنواع العار، فيما يحـصرونه فقط في سلوك شخصية البطــلة، رغم كل تضحياتها تجاه ذويها وإهـمالهم لها. وأداء معمار لهذه الشخصية توّجها نجمة أولى في موسم 2009.

كما أدت معمار دورا رابعا لامرأة محجبة في مسلسل «ما ملكت أيمانكم» العام 2010، وجاء أيضا وفق مقدمات منطقية درامياً، أدت بها الى خلع الحجاب وبموافقة زوجها خريج الأزهر.

نزعم أنه من حق سلافــة معمار أن تستفـيد من كل تلك الخــبرة في تجسيد شخصية المرأة المحجبة والأطر الاجتماعية التي وضعت فيها، وأن تدقق أكثر في مسار الشخصيات التي تجسدها وفي مدى توفر المسوغات الدرامية لأفعالها، خلافاً لما حدث في «الغفران»، وإبداء الملاحظات، إلى حد مخالفة الكاتب والمخرج، لو اضطرها الأمر.