2012/07/04

الحرب الإعلامية الشاملة على سورية..تكشف حاجتنا لإعلام وطني متنوع
الحرب الإعلامية الشاملة على سورية..تكشف حاجتنا لإعلام وطني متنوع


عفاف يحيى الشب - تشرين

الدور الهام في هذه الحرب الشرسة على وطننا سورية، في أدواتها ومضامينها كان للمؤسسات الإعلامية التي كانت غائبة قبيل تلك الحرب القذرة بشكل ما عما يجري حولها.

بينما كان إعلام الآخر بكل مفرداته ومفاصله يجند جهوده كافة ويحشد طاقاته وكأنه يعود إلى أيام إسبارطة التي كانت تدرب أبناءها على حياة الجيش منذ نعومة الأظفار وكانت الأم اليونانية تقول لولدها وهو في طريقه إلى المعركة: «يا بني لا ترجع إلا وحامل درعك أو محمول عليه» وهكذا شاهدنا أثناء الأزمة الأخيرة أن هناك قنوات إعلامية كانت تقاتل بكل طريقة تقنية وفكرية وفبركية وفق رغبات أمريكية كي تكسب الحرب الشاملة ضد سورية ولو قتلت كل سوري حر أصيل، وهي المصابة حالياً بحمى الكيد الدفين وقد وجهها أسيادها ألا تتراجع عن أخطائها، مع ملاحظة وجود فاروق واحد وهو أن اليوناني كان يحارب أقواماً أخرى بينما كانت أشد حروبنا الإعلامية مؤخراً مع أشقاء لنا في الانتماء إلى العروبة واللغة الواحدة والتاريخ المشترك والدين، ولقد كتبت أكثر من مقال أكدت به على أهمية الاستعداد الإعلامي والتجنيد الكامل من أجل تطوير قطاع الإعلام وعدم السماح لكل من هب ودب الدخول إلى سوريتنا عبر إعلام خاطئ أو مترهل أو متبنٍ أفكار الآخر ومرتدٍ عباءاته المبطنة بالزيف التي حاكها لنا هذا الآخر من أجل استجرار بعض منافذنا الإعلامية إليهم من خلال التغطية المادية والمشروطة لبعض شركاتنا الإنتاجية والتي تجلت واضحة في مجال الدراما السورية بصورة جلية على اعتبار أن الدراما هي منفذ إعلامي هام وعريض يؤثر في شرائح اجتماعية كبيرة وعليه أرادوا من خلال الدراما التهام خصوصية عقولنا وتسييس مكتسباتنا عن طريق الإساءة مثلاً إلى نسائنا الحرائر، بشكل فج أثار حفيظة الكثير من السوريين غيرة منهم على نسائهم، وأنهن يهربن حسب المقولات الدرامية من الواقع السيئ المعيش في سورية إلى الانفلاش واللواتي ثبت أثناء الأزمة وأمام عيون الكون أنهن لسن عالقات في ذيول العصرنة الفاسدة بل على العكس كن أمهات شهداء أبطال وشرفاء وكن صادات مؤامرة كشرت عن أنيابها لتلتهم الشعب السوري ظناً من العدوانيين أنهم قد يحققون ما يريدون من خلال امتلاك الدراما السورية برجالها وفنانيها وجمهورها وثبت بالتالي وكنتيجة متوقعة أن شبابنا امتلكوا من الوعي ما كان عوناً في التصدي المشرف المزهر بالحق والعنفوان ضد حرب حقيقة تمت فوق الأرض السورية مع بعض ضعاف النفوس من أبنائنا ممن لم يخاطبهم الإعلام السوري المحض كما يجب ولم يتواصل معهم بشكل فعال ليزرع داخلهم ثقافات ربما غابوا عنها.. إعلام لم يتفهم مشكلاتهم ويتعاطى معها عن طريق برامج حوارية تنويرية متنوعة يلتقي فيها مع كل أبناء الوطن ويصل هو إليهم في كل مكان ولأنني قرأت وبكل صراحة أثناء المحنة السورية مفاهيم مرتبكة عند بعض أبناء الشعب السوري تتعلق بالانتماء السوري الحقيقي.. بالدين والتعددية بماهية الحقوق لكل مواطن ونوعية الواجبات وبمدى تفهم غايات الآخر وعدم تصديقه لمجرد فبركات نارية غايتها إشعال الفتنة الشعبية بكل مناحيها ومن هنا أقول: إن الإعلام سواء العام منه والخاص كان غير متكئ بصورة صحيحة على أكتاف المفكرين والمثقفين ممن تحكمهم وطنية وشفافية وإخلاص وأداء جاد وهادف ولا تدفعهم إلى الإعلام غايات الشهرة والنفعية وأشدد قائلة: إننا نفتقر إلى الإعلام الوطني التاريخي نفتقر إلى الإعلام الاجتماعي الذي يربط الشمال السوري بجنوبه ونفتقر إلى الإعلام الاقتصادي غير المتوقف على نشرة أسعار العملات وإلى الإعلام الديني الخالي من أي توجيه وتشويش وبالمجمل نحن بأمس الحاجة إلى الإعلام التوعوي بشؤون المنطقة وما يحيط بنا من خفايا وأحداث.

أنا أعرف أن الأزمة السورية الأخيرة قد دفعت الإعلام السوري إلى محطات إيجابية مثل قناة الدنيا الخاصة التي استضافت مفكرين عرب مثل (ناصر قنديل ورفيق نصر الله وغيرهما) بحيث ساهم الجميع في شحن وتعبئة المواطن السوري لمزيد من الصمود لأجل سورية الغالية وكسر جناح الخوف عند البعض كي تبقى سورية معهم قوية وعتيدة وتوسيع رصيد الحماس الضخم الذي تملّك كل مواطن شريف في التصدي لأعداء البلاد مهما كانت هويتهم ولكنها كانت حالة مرهقة في البداية للذين وقفوا في منابر الدفاع عن سورية الحرة الأبية نتيجة الضغط المكثف على أداءاتهم من دون أن تتكسر أقلامهم أو تخنق أصواتهم لأن طواقم الإعلام المدربة والمهيأة في مدارس إعلام المفاجآت كانت محدودة وضحلة الإمكانات بشكل أخذنا إلى تشويش لانريده حيث كان المتجاوبون معها لا يمثلون كل أطياف الشارع السوري بشكل كامل كما هو مفترض ومطلوب في هذه المرحلة لأن المؤسسات الإعلامية الخصمية كانت مجهزة منذ سنوات على مايبدو كي تخوض الحرب الإعلامية ذات المنعكسات النفسية على شعبنا السوري ولقد سمعت من البعض أنهم قد أغلقوا محطات الإعلام المعادي حتى لايكونوا مشاركين نفسياً ولو بمجرد السماع إلى حرب التهويل الإعلامية المفسدة غير الواقعية ضد سوريتهم والتي حملت لقب «حرب أبي جهل» ضد المؤمنين بسورية ولكن سمعت أن هناك من كان يشاهدها ليفهم الحقيقة. ‏

أذكر أن الإعلام اللبناني الوطني في حرب الجنوب كان أحد أعمدة وركائز الانتصار على الصهيونية التي انتهجت، منذ أن فرضت نفسها على منطقتنا العربية، سياسة الهيمنة النفسية عبر سياسات إعلامية تتحدث عن يهود صهاينة لهم حقوق في فلسطين العربية بما في هذا من مخالفة تاريخية وأن هؤلاء الصهاينة لايقهرون لكنهم أمام الوجه الآخر من المجتمع البشري يظهرون أنفسهم إعلامياً أنهم مظلومون وخائفون من (إرهاب أهل فلسطين) أصحاب الحق الشرعي.. خائفون من حجر بيد طفل. ‏

في النهاية أعود إلى التشديد على ضرورة الإسراع بصناعة إعلام سوري عصري متطور وفق آليات عمل جديدة تقنية ومهنية وبمنهجية بناءة تضع المواطن السوري في اعتبارها أولاً وأخيراً للوصول به إلى وطن متماسك ملتحم بصورة لا يعبر أي إعلام مغرض ومفسد وعميل إلى نسجه الفكرية والوطنية مهما كان، وبالتالي يستطيع الوصول هو وقبل الآخر إلى هذا المواطن أولاً والإعلام العالمي ثانياً.. ‏