2012/07/04

 الدراما التاريخية تثير أسئلة تحتاج        إلى أجوبة .. مدحت باشا رجل إصلاح أم مخرب
الدراما التاريخية تثير أسئلة تحتاج إلى أجوبة .. مدحت باشا رجل إصلاح أم مخرب

  الوطن - محمد أمين تطرح الدراما التاريخية العربية في رمضان الحالي على بساط البحث العديد من القضايا التي تشغل بال الباحثين في التاريخ ومساراته المتشعبة والمتشابكة حيث يلامس مسلسل (سقوط الخلافة) للكاتب المصري يسري الجندي والمخرج الأردني محمد عزيزية حدود مرحلة تاريخية معقدة تعقُّد المستقبل الذي رسمه أبطال تلك المرحلة فهو يتناول فترة خلافة السلطان عبد الحميد الثاني الذي يعتبر آخر سلاطين الدولة العثمانية الأقوياء وقد حاول الرجل حماية هذه الدولة وحاول إنقاذها من السقوط المحتم ولكن جهوده ذهبت سدى فـ(الرجل المريض) كان قد تجاوز مرحلة خطرة في مرضه ولم يعد ينفع معه أي حلول أو محاولات للشفاء وقد أسهم الغرب في تسريع موته طمعاً في أملاكه وميراثه وقد كان له ما أراد بعد عقود من الصراع المعلن والخفي على جميع الجبهات فالدولة التي أركعت أوروبا وأدخلت الرعب في دولها على مدى قرون تحولت في أواخر القرن التاسع عشر إلى دولة مترهلة نخرها السوس الذي تجسد بيهود (الدونمة) الذين كانوا يرون أن إزاحة هذه الدولة من الوجود هو سبيلهم الوحيد لإقامة الكيان الصهيوني في فلسطين وقد أحكموا مؤامراتهم حتى أوصلوا دولة الخلافة إلى حافة الهاوية بعزل السلطان عبد الحميد الثاني عام 1908 وفي عام 1924 سقطت هذه الدولة نهائياً وقد أعاد هذا العمل شخصية أحمد مدحت باشا إلى الواجهة حيث تبنى الكاتب يسري الجندي ما ذكرته مصادر تاريخية مهمة عن كون هذا الرجل ذي الأصول اليهودية فاعلاً في المحفل الماسوني الذي كان أداة له وللغرب في تفخيخ الدولة العثمانية من الداخل حتى تأتي لحظة تفجيرها عند بعد وعن قرب وقد خالف الجندي بذلك كل الآراء الأخرى التي ترى في مدحت باشا رجل إصلاح حاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه في الدولة من خلال القيام بالعديد من الخطوات التي بإمكانها تحويل هذه الدولة إلى دولة عصرية متسلحة بالدستور وبعض وجوه الديمقراطية حيث أسهم في كتابة وصدور أول دستور في تاريخ الدولة الذي كان يُسمى (القانون الأساسي) كما كان وراء أول مجلس برلماني منتخب في الدولة العثمانية وكان يُسمى المبعوثان وتؤكد مصادر تاريخية أن السلطان عبد الحميد عندما استشعر بالخطر من مدحت باشا ولاه الشام حيث قام بالعديد من الإصلاحات فيها وتستشهد بموقفه من محاولة أبي خليل القباني التنويرية، وخاصة على صعيد المسرح حيث دعمه وأمده بعونه ومباركته للمضي قدماً في مشروعه في تأسيس ثقافة مسرحية في بلاد الشام، وبعد ذلك نفى السلطان عبد الحميد مدحت باشا إلى مدينة الطائف حيث تؤكد مصادر تاريخية أنه أرسل له من تخلّص منه عام 1884 وكان في الثانية والستين من عمره. لا ريب أن مسلسل (سقوط الخلافة) يعيد طرح أسئلة تخص تاريخاً حدد مستقبلنا وخاصة الدور الذي لعبه المحفل الماسوني في دق إسفين بين العرب والترك الذين كانوا عماد الدولة العثمانية من خلال تأسيس جمعيات سياسية من قبيل: جمعية تركيا الفتاة وجمعية الاتحاد والترقي والجمعية العربية الفتاة. إن رجلاً من وزن مدحت باشا والمرحلة التي ظهر بها تستحق العودة إليها بالتحليل أننا كنا وقتها خارج التاريخ وأخشى أننا ما زلنا كذلك.