2012/07/04
ماهر منصور - السفير
بالكم كما بالكيف.. الدراما السورية لموسم 2011 بخير، والمشاريع الدرامية المقررة لهذا العام والتي طالها التأجيل، لم تنعكس انخفاضا كبيرا في قائمة الإنتاج الدرامي السوري. فظل عدد المسلسلات هذا العام ضمن المعدل العام للإنتاج في السنوات الأخيرة.
هذا من ناحية الكم. أما لناحية الكيف، الذي يحدده الآن نوعية الأعمال وليس مستوياتها الفنية المرتبطة حكماً بالعرض، فإن تنوعاً درامياً على صعيدي النوع والموضوعات حققته الدراما السورية المقررة لرمضان المقبل. وقياساً الى الأصوات التي تطالب مؤخرا بنوعية أعمال درامية جديدة مختلفة عما كانت عليه قبل بدء الثورات الشعبية التي تشهدها المنطقة العربية، فإن مضامين ما أنجز من مسلسلات سورية هذا العام يراعي هذا المطلب. بل ولطالما كانت الدراما السورية متقدمة خطوة عن الجو العام السائد في البلاد العربية، ولذلك وسمت بالجرأة، في وقت مبكر من انطلاقتها الجديدة في تسعينيات القرن الفائت.
وبذات الجرأة وربما بجرعة أكبر ستطالعنا مسلسلات هذا العام يتقدمها مسلسل «شيفون»، و«تعب المشوار»، و«السراب»، و«الولادة من الخاصرة»، و«سوق الورق» وسواها الكثير. كما سيحمل الموسم الحالي، الذي يمكن وسمه بموسم الكوميديا السورية، أجزاء جديدة من مسلسلات اشتهرت بتجاوزها الكثير من الخطوط الرقابية الحمراء، وهي «مرايا 2011»، بقعة ضوء (8)، و«يوميات مدير عام (2). بالإضافة إلى عمل جديد يبشر بالخير للمخرج الليث حجو هو «الخربة»، وثلاثة أو أربعة أعمال كوميدية أخرى لا يمكن مبدئياً التكهن بمستواها منها «صايعين ضايعين» و«بومب أكشن»...
وبعيداًً عن أدلجة الدراما وتطويعها فكرياً بما يتناسب ومزاج «الزمن العربي الجديد»، وربطا بالجانب الإعلاني الذي يدخل دوماً في قائمة حسابات القنوات، وشهرة عدد من الأعمال السابقة أو الثقة الإعلانية بأسماء صناعها، فإن أربعة أعمال تنتمي الى البيئة الشامية أنتجت هذا العام، وعرفت بأنها أعمال «بياعة» تستقطب جماهير عريضة وكماً إعلانياً كبيراً.
الصورة بمجملها تكشف بأن الدراما السورية على أعتاب رمضان 2011 ما زالت تمتلك مقومات الإغراء ذاتها، كماً ونوعاً. وبالتالي الحديث عن نقص للدراما وفراغ قد تتركه مع مثيلتها المصرية لصالح الخليجية كما يرى البعض، أو التركية والإيرانية كما يرى البعض الآخر، فيعود غالبا الى سبب لا علاقة له بكم الدراما السورية وكيفها هذا العام، بل الى عزوف المحطات الخليجية عن شراء الدراما السورية بالكم المعتاد!
وهنا السؤال: لماذا يعزفون عن شراء الأعمال السورية، ما دامت جاهزة للعرض، وتقوم على شروط إنتاجية وفكرية هامة؟ هل ثمة قرار سياسي وراء العزوف، وأية مخاوف تكمن خلف شراء المسلسلات السورية هذا العام على نحو أقل بكثير من المعتاد؟
نسأل اليوم، بلغة الاستهجان، وعيوننا على الأمس القريب، حين أعلن رئيس لجنة صناعة السينما والتلفزيون أواخر شباط الماضي، عن نية اللجنة «دعوة أربعين مديراً من مديري المحطات التلفزيونية العربية إلى سوريا، للاطلاع، في إطار ما سمي «بسوق الدراما السورية» على مجمل الإنتاج الدرامي السوري لهذا العام، وشراء ما يلزمهم منها. وذلك بعد أن تقوم كل شركة بعرض أعمالها الجديدة والترويج لها أمام مديري المحطات»، مشيراً إلى أن اللجنة «استمزجت آراء ست من المحطات التلفزيونية الكبرى (دبي، أم بي سي، روتانا خليجية، قطر، الكويت، الراي) حول فكرة السوق الدرامية وجدواها، وهو ما لقي ترحيباً من قبل تلك المحطات، بحسب عماد الرفاعي، وموافقة على أن تكون من أولى رواده..» فما الذي حدث اليوم لتصاب الدراما السورية بهذا الجفاء؟!
المنطق العام يقول إن نقص الإنتاج المصري الكبير هذا العام، يفترض أن ينعكس أولاً ازدياداً في شراء المسلسلات السورية من قبل كل المحطات، إلا أن هذا لم يحدث!
بكل الأحوال ما زال يفصلنا عن رمضان حوالى أربعين يوماً، ويمكن أن تغير مفاوضات اللحظة الأخيرة الصورة السابقة، لنشهد طلبا على المسلسل السوري من قبل تلك الفضائيات، وإن كانت قناة «دبي» قد اكتفت هذا العام بمسلسل واحد هو «الغفران» للمخرج حاتم علي، فمن المفيد أن ننتظر بقية المحطات، وبعدها نرى كيف ملأت على شاشاتها فراغ الدراما السورية، وعندها فقط نعرف ما إذا كانت أسباب العزوف فنية أم سياسية!