2013/05/29

الدراما النسائية عروض أزياء تسيء إلى المرأة
الدراما النسائية عروض أزياء تسيء إلى المرأة


غيث حمّور – الحياة


يواصل المخرج السوري سمير الحسين تصوير مسلسل «حائرات» للكاتب أسامة كوكش، وإنتاج المؤسسة العامة. المسلسل يتناول قضايا المرأة السورية في ظل الأزمة الحالية، لينضم إلى سلسة الأعمال الإشكالية التي قدمها الحسين في السنوات السابقة كـ «ليل ورجال»، و«قاع المدينة»، و«وراء الشمس»... وغيرها. «الحياة» التقت الحسين للحديث عن عمله الجديد وعن واقع الدراما السورية ماضياً وحاضراً ومستقبلاً وبعض القضايا الدرامية الأخرى.

ومنذ البداية أكد الحسين أن مسلسل «حائرات» يحمل «الكثير من الجِدّة والفرادة فكرياً وفنياً»، مضيفاً أن العمل «يسلط الضوء على مجموعة من القضايا الاجتماعية الإشكالية، خاصة في ظل الظرف أو الأزمة التي تعيشها سورية في الوقت الحالي، حيث يتناول شرائح اجتماعية مختلفة المشارب والخلفيات ومتعددة الانتماءات الطبقية والفكرية».

ويقول المخرج السوري إن «الجديد في العمل، بعيداً من القصة التي تتقاطع إلى حد كبير مع الأعمال السابقة التي قدمْتُها ولامست وجدان المشاهد، هو الملامسة الأكثر التصاقاً بالشارع، من خلال التطرق إلى الأزمة التي لا تمر هنا عابرة، بل تشكل محركاً أساسياً في العمل، ونخوض في جوهرها، ولكن على الصعيد الاجتماعي والإنساني والاقتصادي، متحدثين عن نتائج الأزمة».

قصص مألوفة ولكن..

ويتابع الحسين: «إن القصص التي نتطرق إليها مألوفة بالنسبة للمشاهد في ما يتعلق بالمرأة، وتحديداً في مجتمعاتنا العربية، بداية من البحث عن الزوج والعنوسة والطلاق، مروراً بالعلاقات غير المشروعة والحب، وصولاً إلى ضغوط العمل ورب العمل، وحتى قضية السمنة موجودة من خلال أحد شخوص العمل، لكن الجدة هنا هي معالجة هذه القضايا في ظل الأزمة التي تمر فيها سورية».

وحول وجود تقاطع بين مسلسل «حائرات» والأعمال النسائية الأخرى التي قدمت في السنوات الماضية، يقول الحسين: «إن «حائرات» دراما نسائية بامتياز، ولكن هذا النوع وطريقة تقديمه يرتبطان بمستوى الجدية ومستوى احترام عقل المشاهد وفكره، وهذا ما نقوم به في عملنا، ولكن بالنسبة للأعمال النسائية الأخرى، فإن الجدّي منها كان قليلاً، وفي مقابله كمّ هائل من أعمال ساهمت في تشويه صورة المرأة السورية، ومنها سلسلة الأعمال التي قدمت المرأة السورية كحالة استعراضية، وكسلعة، فبدت سباقاً في الأزياء والمكياج والشكل.

وللأسف هذه الأعمال نفّذت بأيدي سوريين برؤوس أموال خارجية. والمشكلة أن هذه الأعمال نجحت جماهيرياً، وهذه مصيبة».

الظروف صعبة

وفي ما يتعلق بالموسم المقبل، يرى الحسين أن العمل ضمن الظروف الحالية صعب وسينعكس على مستوى الإنتاج، وبطبيعة الحال على كمه، مضيفاً: «أعتقد أن الأعمال التي تنتجها المؤسسة ستكون ذات مستويات فنية عالية، فالشروط التي نعمل فيها مطابقة، وفي بعض الأحيان متفوقة على الشروط التي كنا نعمل فيها وقت الاستقرار، فما يقدم لنا يحترم تقاليد المهنة، وأرى أن المؤسسة مصرة على صناعة عمل يوازي المرحلة، لا بل يتجاوزها، ومديرة المؤسسة السيدة ديانا جبور تذلل كل الصعاب والعقبات التي تواجهنا للظهور بصورة لائقة، خاصة أنها ملمة بمشاكل وإرهاصات العمل الفني، وهي الحجر الأساس في صيرورة العمل، وأتمنى أن تستمر بنفس المنطق وعلى نفس السوية في «حائرات» مع العملين القادمين «وطن» لباسل الخطيب، و «تحت سماء الوطن» لنجدت أنزور، واللذين سينطلق تصويرهما تباعاً في الأشهر المقبلة. أما بالنسبة للأعمال التي تنتج من قبل القطاع الخاص، فأعتقد انها ستكون في معظمها أقل مستوى، بسبب الظرف الإنتاجي ومشكلة التسويق».

أخيراً، يرى الحسين أن الدراما السورية في السنوات الأخيرة تقع في دوامة التكرار، رغم الأساس المتين الذي وضعته في العقود الماضية، ويضيف: «حتى قبل الأزمة الحالية، مرّت الدراما السورية بمرحلة ركود، فمع إنتاج 50 عمل سنوياً (قبل الأزمة) لم يتجاوز عدد الأعمال التي ترتقي إلى مستوى فني وفكري يحترم عقل المشاهد، الخمسة أعمال، في حين كانت هناك أعمال «فقاعات» ليست اكثر من ظواهر درامية ولم يكن لها علاقة بالمستوى الثقافي والمعرفي. وأرى أن الكثير من تلك الأعمال يُعتبر من أسباب ما يحدث الآن في سورية، على الأقل ضمن التركيبة العقلية التي وصل إليها العقل السوري، إذ إن بعضها قام بتكريس التفرقة، والتطرف، وإثارة النعرات الطائفية، وتحمل فكراً رجعياً، وأغلبها أُنتج بأموال خارجية، والأمثلة كثيرة، ومنها «الحجاج»، و «الحسن والحسين»، و «خالد بن الوليد»، و «الأمين والمأمون». حتى الأعمال الاجتماعية كانت في معظمها تخاطب غريزة المشاهد بدلاً من عقله، أما أعمال ما يسمى مسلسلات البيئة، فكانت في معظمها هدامة ورجعية وغير تنويرية، ولكن هذا كله لا يمنع وجود إضاءات، ولكنها قليلة، وأراها مجرد اجتهاد شخصي. واليوم أعتقد أننا في حاجة إلى وقفة حقيقة، ودراسة معمقة لواقع الدراما، وإعادة بناء المؤسسات المعنية بهذه الصناعة. فلا يُعقل مثلا أننا لا نملك معهد سينما أو تلفزيون، أو للكتابة، أو حتى للإضاءة والصوت، والمعهد الوحيد الذي نملك يخرّج المسرحيين!».