2012/07/04

الدراما تسرق الأضواء من الأغنية السورية
الدراما تسرق الأضواء من الأغنية السورية

علاء محمد - دار الخليج

لماذا يبرع السوريون في الدراما ولا يفعلون ذلك في الطرب؟ هو سؤال لطالما طرح في الوسط الفني، وفي الشارع، وفي أروقة الصحافة بمختلف أنواعها، إلا أنه “وعلى أهميته” لم يطرح في أروقة وزارة الثقافة أو نقابة الفنانين أو الجهات المختصة .

سألنا مجموعة من الفنانين في هذه القضية التي تهم كل شغوف بالصوت السوري الذي يصدح في مصر ولبنان ويحظى بالاحترام، بينما لا يجد من يتعرف إليه في الداخل، وجاءت الآراء في هذه السطور .

الممثلة جيانا عيد قالت: بصفتي مديرة لمكتب الدراما في نقابة الفنانين في سوريا، ولسنوات طويلة، أود تأكيد أن النقابة سعت، وعبر كل سنوات وجودي فيها، إلى دعم الطرب مثله مثل الدراما تماماً، لكن ربما المواهب التي تتوافر لقطاع الدراما أكثر من تلك التي تتوافر للطرب والغناء، فعندما تطلب عشرة ممثلين جدد، يأتيك ألف، ويصبح الانتقاء صعباً جداً، بينما عندما تطلب مائة مطرب أو مغن، فسيأتيك مائة وربما ألف، ولكن عند الاختبارات، لا تجد أكثر من ثلاثة متقدمين جديرين بالعمل، وهذا مرده إلى أن متطلبات الدراما أسهل بكثير من متطلبات الغناء، الذي يجب أن تتوافر فيه عناصر الصوت والوسامة واللياقة والإطلالة والأداء الحسن، بينما في الدراما تحتاج لممثلين من كافة الأشكال والأصناف “الطويل والقصير، السمين والنحيل، الجميل والأقل جمالاً” وهكذا من الصفات المتناقضة التي يتطلبها النوع الدرامي في الفن، لكن بالمجمل أؤكد أن النقابة سعت وتسعى إلى رفد الحركة الفنية بواقع غنائي يضاهي ما وصلت إليه الدراما السورية .

وعن تفوق مطربين سوريين خارج البلاد قالت جيانا عيد: هذا حلم أي شخص وفي أي مجال، وحلم أي ممثل أو مطرب، أن يتمكن من الإبداع خارج بلده والوصول إلى الاحتراف، فعندما يبدأ المطرب الغناء في بلده، يكون في مرحلة التحضير للنجومية، فيرعاه بلده وتقدم له النقابة كل وسائل الدعم حتى يصل إلى مرحلة استقطاب الجمهور، فتقوم شركات إنتاج خارجية بسحبه للتعاقد معها، وهنا أريد أن أسأل عن مطرب سوري أو مطربة سورية من أصحاب النجومية والتألق في لبنان أو مصر، صنعوا نجوميتهم بداية في الخارج؟ بالتأكيد فإن نجومية جورج وسوف وأصالة وميادة، ومن قبلهم كثيرون وسيأتي بعدهم أكثر، وغيرهم قدامى وجدد، انطلقوا من بلدهم سوريا ثم خرجوا إلى عالم الشهرة، وكل تصريحاتهم تؤكد أن الفضل الأول والأخير عليهم كان لسوريا وليس لأي مكان آخر .

المطربة ميادة بسيليس قالت: عندما ترى أن كلمة الدراما هي العليا، وكلمة الممثل مسموعة أينما ذهب ومتى طلب، فإنك ستلاحظ كم أن الاهتمام منصب على الدراميين فقط، مع غض نظر كامل عن المطربين والمغنين الذين عليهم الاتكال على أنفسهم في صنع نجوميتهم . وكلما تقدم المغني بعشرة طلبات من الجهات المختصة بالعمل الفني، تراهم نفذوا له واحداً وأحياناً لا شيء، بينما كلما طالب الممثل بأمر ما من الجهات نفسها تراها لبّت له طلبه بسرعة . وأضافت: الدراما مدعومة على أعلى مستوى ولها ميزانية خاصة، ومؤخراً تأسست مؤسسة إنتاج خاصة ملحقة بالجهات العامة وبموازنة محترمة نوعاً ما، بينما تجد أن المطرب يضطر للصرف على نفسه من جيبه الخاص حتى يصل إلى ربع ما وصل إليه الممثل، وسأكون صريحة وأقول إن نقابة الفنانين لا ترعى أحداً لا ممثل ولا مطرب، ودورها يقتصر على أمور مالية وحسابات وجبي أموال وضرائب، ومن ثم رعاية الممثل أو المطرب العضو في النقابة عند المرض أو بعد الوفاة، أما أن يكون لها دور في تنمية موهبة ممثل أو مطرب أو موسيقي وخلاف ذلك، فهذا ما لم أره أو أسمع به من قبل . للأسف فإن نجوم الغناء السوريين، في السنوات الأخيرة، أصبحوا يُكتشفون في الخارج عبر برامج مسابقات غالباً ما تشهد تألقاً للسوريين، من رويدة عطية إلى ناصيف زيتون، وشهد برمدا وغيرهم . . عموماً الإبداع ليس له مكان محدد، لكن في سوريا أدوات الإبداع في الغناء مفقودة، لذا فالذهاب إلى الخارج يكون هو الحل .

فؤاد غازي الذي كان مطرب سوريا الأول في الثمانينات تحدث بدوره فقال: موضوع تراجع السوريين في مجال الطرب هو إرادي بامتياز، فهم من اختاروا السير في درب الدراما على حساب كل الأنواع الفنية الأخرى، فلا السينما ولا المسرح ولا حتى الطرب مهم لدى القائمين على الحركة الفنية في السنوات العشر السابقة، لذا لا أرى أن هناك فشلاً في الحركة الغنائية بمقدار ما هو عدم اكتراث بها، ففي السبعينات والثمانينات كانت الأضواء مسلطة على الغناء، وكان أمر العثور على فنان واحد صعباً، والسبب توافر عدد كبير من المطربين في وقت واحد، فكانت المسابقات تجرى بشكل سنوي لاختيار الأفضل، وكان للإذاعة دورها أيضاً، بينما اليوم نجد أن الإذاعات والشاشات، وحتى الصحف كلها مكرّسة للدراما وممثليها . وتابع غازي: أمر آخر يجب التنبه إليه ولا يتعلق بالقائمين على الفن، بل بالشارع الفني، فمنذ عشر سنوات قلّت المواهب وندرت، وأصبحنا ننتظر الكثير من الوقت حتى نرى مطرباً جديداً، وعندما يعثر عليه يحتاج إلى متابعة وتدريب حتى يتمكن من الظهور . بالأمس كان الطرب فطرياً، واليوم أصبح يشبه الصناعة .

وختم فؤاد غازي كلامه قائلاً: أعتقد أننا سنتجاوز هذه الأزمة في السنوات المقبلة، لكن هذا يحصل عندما يؤمن مسؤولو الفن في سوريا بأن الدراما ليست كل شيء، وستعود سوريا من جديد إلى رفد الغناء العربي بمطربين من النوع الأول .

إيهاب بلان مطرب شاب ونجل النجم العربي فهد بلان يقول: أتحدث من كوني أحد أبناء الوسط الغنائي المعاصر، لذا فإن رأيي سيكون مقترناً بشكل مباشر بما أواجهه أنا وأبناء جيلي في هذا الوسط، حيث قلّت المواهب الغنائية وهذا أمر لا يمكن لأحد أن ينكره، والسبب الأول والأخير هو وجود شركات إنتاج لكل الأنواع الفنية عدا الطرب، ويضيف: المطرب اليوم، شاباً كان أم مخضرماً، لا يجد من يتبناه ومن النادر جداً أن ترى شركة إنتاج تتولى إنتاج ألبوم لمطرب شاب إلا إذا كان قد قطع شوطاً في مسيرته على حسابه الشخصي وأصبح لديه جمهوره، فتقوم بعض الشركات حينها بمحاولة سحب هذا الجمهور إلى طرفها عبر تصويرها لأغنية أو ألبوم لهذا المغني، ثم تتخلى عنه .

ويتابع بلان: سأقول مثل كل المطربين الشباب اليوم، إن الدراما سحبت البساط من تحت كل أنواع الفنون الأخرى في سوريا، فالمسلسل التلفزيوني يكلف عشرات الملايين وربما أكثر، لكن الربح يكون مضاعفاً، أما في الطرب فإن الألبوم قد لا يجلب أكثر من عشرات الآلاف، وهي النقطة التي يقف عندها المنتجون الذين لا يرضون بالربح القليل، رغم أنه قد يكون عملاً مروجاً لشركاتهم