الدراما واللحظة الراهنة

أمينة عباس – البعث

حتى هذه اللحظة مازالت السينما العالمية وفنون الدراما الأخرى ترصد أحداث الحرب العالمية الثانية التي وضعت أوزارها في العام 1945 راصدة الجوانب الخفية فيها، مبدية رؤى جديدة لها كما لو أنها وقعت بالأمس القريب.

والحرب العالمية الثانية ليست الحدث التاريخي الوحيد الذي مازال يثير خيال فرسان الدراما في العالم، فأحداث جسام أخرى قد تمتد زمنياً إلى ما قبل الحرب العالمية بعقود وربما قرون مازالت بدورها تحظى بالاهتمام الدرامي، خاصة إذا ارتبطت هذه الأحداث بشخصيات ذات وزن تاريخي كبير كالأبطال شبه الأسطوريين الذين شكّلوا مادة دسمة للسينما العالمية، بما في ذلك السينما العربية .

ولنا في الدراما السورية نماذج عديدة رصدت الأحداث التاريخية والمراحل المتعاقبة والمنعطفات الحاسمة في التاريخ السوري كمرحلة الاحتلالين العثماني والفرنسي وسنوات الوحدة مع مصر وحرب تشرين التحريرية، ومازال دراميونا حتى اليوم ينهلون من هذه المراحل والأحداث مواد دسمة لأعمالهم، الأمر الذي يعني أن تناول هذه الفترات والمراحل والأحداث والشخصيات أمر مفتوح طالما كانت هناك زوايا مازالت مظلمة فيها ولم يتم تسليط الضوء عليها بعد، ما يعني أن المجال مفتوح وسيبقى كذلك أمام كل من يريد تناول هذه المراحل سواء بشكل مباشر أو غير مباشر عن طريق رصد تأثيراتها السلبية والإيجابية على المجتمع السوري .

واليوم تبرز تساؤلات ملحّة عما يمكن أن يفعله الدراميون إزاء ما يدور من أحداث على الساحة العربية وتأثيراتها المستقبلية على الشعوب العربية التي أخذت شيئاً فشيئاً تعي المأزق الذي أوقعت نفسها فيه طائعة مختارة.. وبعض هذه التساؤلات يحمل شيئاً من إدانة واتهام للدراميين بأنهم تأخروا عن رصد هذه الأحداث وكأن على الدراميين أن يتحولوا إلى حواة يخرجون من الكيس الذي يحملونه على ظهورهم أفلاماً ومسلسلات مغلّفة وجاهزة للعرض حتى قبل أن تتخذ هذه الأحداث مساراتها.

هذا الطرح غير الواقعي تقابله نظرة موضوعية وواعية لكل ما يدور حولنا، نظرة فيها الكثير من الحكمة التي لا تتناول الأمور بظواهرها بل تنتظر حتى لا يكون تناولها للموضوع مبتوراً ومجتزأ وغير مكتمل.