2012/07/04

الدورة « 19» من مهرجان دمشق السينمائي في تشرين الثاني
الدورة « 19» من مهرجان دمشق السينمائي في تشرين الثاني


فؤاد مسعد - الثورة

هل ستُقام الدورة القادمة من مهرجان دمشق السينمائي في موعدها أم سيتم تأجيلها ؟ وإن كان المهرجان سيُعقد فعلاً فما هي ملامحه ؟

وهل سيتأثر بما جرى في سورية ؟ ما الأفلام التي يمكن أن تشارك فيه وهل سيحضره نجوم وسينمائيون أجانب وعرب ؟.. تساؤلات عديدة تدور في ذهن الكثيرين وخاصة من متابعي الشأن السينمائي ..‏

ولإلقاء الأضواء الكاشفة حول الدورة التاسعة عشرة من مهرجان دمشق السينمائي التي أكد الناقد محمد الأحمد مدير عام المؤسسة العامة للسينما ومدير المهرجان على انعقادها في الفترة الواقعة بين العشرين والسابع والعشرين من شهر تشرين الثاني القادم ، كان لنا معه هذا اللقاء :‏


بعد الأحداث التي شهدتها سورية ، هل طُرحت فكرة إلغاء الدورة القادمة من المهرجان أم أن النية كانت تتجه منذ البداية نحو الاستمرار في التحضيرات تمهيداً لإقامتها ؟

لم تتزعزع القناعة في إقامة المهرجان قيد أنملة ، فعندما تباحثت مع السيد وزير الثقافة (رئيس المهرجان) لم يكن هناك تردد أبداً . لا بل أرى أن الجو ملائم لإقامة المهرجان ، فبالنسبة إلي أحسبها كالتالي ، حياتي اليومية كمواطن عادي لم يتغير فيها شيء حتى يتغير في المهرجان أو في المؤسسة ، واليوم وزارة السياحة لديها مهرجاناتها ودار الأوبرا تحفل بعروض داخلية وخارجية ، فعلى سبيل المثال تابعنا منذ أيام عرض مبهر لمسرحية (أوليفر) المقتبسة عن عمل شهير لتشارلز ديكنز وأتت مخرجتها البريطانية ، ونحن اليوم أحوج ما نكون ليس فقط لانعقاد مهرجان السينما وإنما لكل المهرجانات الفنية والأدبية الأخرى ، ولذلك كان رأي السيد الوزير أنه من المهم جداً أن يبقى المهرجان ولاسيما في مثل هذه الظروف ، لأنه ينبغي أن نرد على ما يجري بالثقافة والفن والانتماء لحضارة عريقة كحضارة سورية ، ونحن في فريق المؤسسة العامة للسينما بدأنا منذ فترة في استقبال الأفلام الحديثة للمسابقة الرسمية والتحضير للكتب ولتظاهرات غنية ، وبدأنا فعلياً بتهيئة الصورة النهائية لهذه الدورة التي أعتقد أنها من الناحية الفنية والأكاديمية لن تقل عن أي دورة أخرى ، والمهرجان هذا العام إن لم يكن أفضل فسيكون مثل الدورات الكبيرة التي سبقته ، ولكن التضليل الإعلامي الذي تتعرض له سورية والذي يقدم صورة فيها من التهويل الكثير من شأنه أن يمنع أو يعرقل حضور بعض الشخصيات العالمية ، وبالتالي قد لا نستطيع إحضار النجوم الذين نحضرهم عادة أثناء المهرجان ، وهذه المسألة نحاول إيجاد الحلول لها لكنها ليست بيدنا .. إننا نعمل في هذه الدورة كما كل الدورات السابقة ولربما تكون أفضل من ناحية الأفلام والتنظيم وتوفير ما يمكن أن يقود مهرجان سينمائي إلى أفضل صورة ممكنة .‏


عقدت مؤتمراً صحفياً في نهاية الدورة السابقة تحدثت فيه عن ملامح الدورة القادمة ، ولكن ما الذي تغير من تلك الملامح اليوم ؟

كان من المتفق عليه أن تكون فرنسا ضيف شرف المهرجان ، ولكن في ظل موقفها المعادي لسورية بات من المستحيل أن تكون هي ضيف الشرف ، وبالتالي تم استبدالها وستكون الصين هي ضيف شرف الدورة القادمة من المهرجان ، وسيرافق ذلك تظاهرة صينية كبيرة لأفلام رائعة (تظاهرة للمخرج الصيني الكبير تشين كاي غي) وعرض أحدث فيلمين لأهم مخرجين في الصين (جانغ ييمو و تشين كاي غي) ، والسينما الصينية عريقة وميزتها أنها انطلقت من ثقافة وحضارة عظيمة ، وتربطنا بها ملامح مشتركة فالسينما السورية تنتج أفلاماً بعيدة عن النَفس الهوليودي (وهنا لا أقارنها بالسينما الصينية) ، كما سيحضر المهرجان وفد صيني كبير المستوى .‏

هذا التبدل الوحيد الذي حصل لأنني دائماً أعمل لدورتين قادمتين .. وبالتالي إضافة لتظاهرة المخرج تشين كاي غي بقيت التظاهرات الأخرى، تظاهرة فرانسوا تروفو ، سيرغيي أيزنشتين ، المخرج البريطاني ديفيدلين، تظاهرة استعادية لأفلام بريجيت باردو ، تظاهرة استعادية لأفلام نورمان ويزدوم (ونحن أول مهرجان يقدم هاتين التظاهرتين في المنطقة العربية) وهناك قسم البرنامج الرسمي الذي نفخر به جداً فمن خلاله نقدم أفلام الجوائز الرفيعة في العام نفسه (2011) فسيكون لدينا فيلم مهرجان (كان) وفيلم مهرجان برلين وفيلم مهرجان فينيسيا والفيلم الحاصل على الأوسكار ، وهناك سوق الفيلم الدولي وفيه أحدث الانتاجات العالمية ، وستقام تظاهرة كبيرة تعقد للمرة الأولى وهي تظاهرة السينما التسجيلية السورية واخترنا فيها أفلاماً متميزة لكل المخرجين السوريين, وسيكون هناك كتاب عن هذا الموضوع الذي سيشكل محور الندوة الأساسية للمهرجان .‏


ماذا عن فيلمي الافتتاح والاختتام والأفلام المشاركة في المسابقة الرسمية ولجنة التحكيم ؟‏

لدينا مجموعة من الخيارات لفيلم الافتتاح ، فهناك الفيلم الحاصل على أوسكار أفضل فيلم أجنبي من الدانمرك ، والفيلم الحاصل على جائزة كان (شجرة الحياة) ، والفيلم الحاصل على الدب الذهبي في برلين ، وفيلم فينيسيا، لكن لم نقرر حتى الآن ، إلا أن حفل الافتتاح وحفل الاختتام سيليهما عرض فيلم كبير يعرض للمرة الأولى في المنطقة العربية . أما أفلام المسابقة فإلى اليوم لم ننته من ملفها ولكن حتى الآن وقع الاختيار على عشرة أفلام ، وهي متميزة جدا لأني احرص أن تكون أفلام المسابقة ذات سوية عالية ، وأفضل ألا أعلن عن هذا الموضوع قبل أن تتضح الصورة . وبالنسبة للجنة التحكيم فلم نتوصل إلى قرار نهائي حولها ولدينا مجموعة كبيرة من الأسماء يجري التباحث معها .‏


ما رد النجوم والسينمائيين العالميين الذين تواصلتم معهم بغية حضور المهرجان ؟‏

طلبوا التريث .. فهم يقولون أنهم يشاهدون عبر الوسائل الإعلامية (التي تضخم الحدث وتكذب) صورة ليست طيبة عن سورية ، ولكن جوابي وجواب الأمين العام للمهرجان الأستاذ رأفت شركس أنه لو كان هذا الوضع حقيقياً لأجّلت الدولة السورية المهرجان ولم توافق على إقامته ودعوة الضيوف إليه .‏


هل سيكون حفل الافتتاح كما في الأعوام السابقة ؟‏

هذا الأمر يتم بحثه حالياً ، وهناك بعض الآراء التي ترى أن الافتتاح بدأ يكرر نفسه (وربما تكون محقة) ، لذلك نفتش هذا العام عن فكرة تكون حديثة مقارنة مع ما قدم في الدورات السابقة ، وهنا دعني أقول أمرا أعلنه للمرة الأولى وهو أننا لسنا مضطرين بأن نقدم (شو) فني في الافتتاح ، فهو غير موجود في افتتاح المهرجانات الكُبرى ، وقد حضرت افتتاح مهرجاني كان وبرلين ، وجاء الافتتاح بديكور بسيط على الخشبة ، يصعد رئيس المهرجان يرحب بالحضور ويطلب لجنة التحكيم للمنصة فيحيّون الناس ويعرض فيلم الافتتاح ، ولكن عندنا مع الأسف نعتبر أن افتتاح المهرجان مرتبط بافتتاح فني كبير ، وعادة أتلقى التهنئة عن نجاح المهرجان بعد الحفل ، ولكن المهرجان أمر مختلف فنجاحه بأفلامه وبلجنة التحكيم القوية والضيوف المهمين وتقديم الكتب الجيدة والتنظيم الجيد .. وهنا مكمن أهمية المهرجان . والمفارقة أننا إن هوجمنا نٌهاجم لأن فلانة أتت ولم تجد كرسي أو فلان لم يكن في الصف الأول وهذه مشكلتي مع مهرجان السينما ، ولكن هذا الأمر ليس من مهمة رئيس المهرجان .‏


أين سيقام حفلي الافتتاح والاختتام .. في دار الأسد أم في قصر المؤتمرات ؟

من الممكن أن يكون في قصر المؤتمرات خاصة بعد أن أصبح تابعاً لوزارة السياحة ، وربما تجري مباحثات قريبة بين السيد وزير الثقافة والسيدة وزيرة السياحة حول الموضوع ، فقصر المؤتمرات يحل جزءا من المشكلة ولكنه لا يحلها كاملة ، لأن المشكلة ليست فقط في تأمين كراس للضيوف وإنما المشكلة في (الصف الأول) فحتى الصف الأول في قصر المؤتمرات يتسع لخمسين شخص ومن يحبون الجلوس فيه عددهم أكبر من ذلك بكثير .‏


هناك شكوى حول العدد الكبير من المكرمين ، فماذا عن الدورة القادمة ؟‏

في هذه الدورة سيكون هناك ثلاثة مكرمين من سورية ، وثلاثة مكرمين من الوطن العربي ومكرمَين أو ثلاثة من العالم . بينما بلغ عددهم في العام الماضي حوالي 15 مكرماً .‏


ما الأفلام السورية التي ستشارك في المسابقة الرسمية للمهرجان ؟‏


سيكون هناك ثلاثة أفلام سورية جاهزة للمسابقة وهي (الشراع والعاصفة) لغسان شميط ، (العاشق) لعبد اللطيف عبد الحميد ، (هوى) لواحة الراهب . بينما لن يكون فيلم (صديقي الأخير) لجود سعيد جاهزاً ولكن سنقيم له (غلا نايت) وسنعرض مقتطفات منه وهناك فيلم أخر سنقيم له (غلا نايت) يتحدث عن آثار سورية وحضارتها وهو (نوافذ الروح) إخراج الليث حجو وهو فيلم جميل جداً نفخر بإنتاجه ، فالفيلم التسجيلي عادة تكون مادته جافة ولكن تمكن الليث بموهبته وأصالة توجهه السينمائي أن يقدم مادة مسلية وشديدة الانتماء للثقافة السورية .‏


هل يسمح المهرجان بمشاركة ثلاثة أفلام سورية في المسابقة الرسمية ؟‏


نعم يسمح .. فدائماً إنتاج البلد مُستثنى ، وحتى في مهرجان (كان) المشاركة مفتوحة لحد أربعة أفلام فرنسية . فيحق للدولة المنظمة أن تشارك بأربعة أفلام . وكالعادة سيكون هناك جائزة لأفضل فيلم عربي وقدرها خمسون ألف دولار ، ولكن الجديد هذا العام أن هذه الجائزة سيذهب نصفها للمخرج ونصفها للمنتج . لأنه من الظلم ألا يكون للمنتج علاقة بفوز الفيلم ، وهذا الأمر سيمكّننا من الحصول على أفضل الأفلام العربية . لأننا في السنوات الماضية بدأنا نعاني من أن الجميع يفضل المشاركة في مهرجانات مثل دبي وأبو ظبي لأن فيها جائزة مالية كبيرة .‏


إلغاء مهرجان القاهرة لهذه السنة هل أثر سلباً أو إيجاباً على مهرجان دمشق ؟

إلغاء مهرجان القاهرة خطوة سلبية لمهرجان دمشق ، هناك من يعتقد العكس وبأننا قد نحصل على الأفلام التي كان يمكن مشاركتها في مهرجان القاهرة ، ولكن الحقيقة أن أجمل ما في المهرجانات هو التنافس ، وشعورنا طيب تجاه المهرجانات العربية كلها لاسيما أنها تُعقد خلال فترة أقل من شهر ونصف (مهرجان دمشق وقرطاج والقاهرة و أبو ظبي ودبي ومراكش ومؤخراً الدوحة ..) ودائما أقول أننا نحتاج إلى مهرجانات أكثر ، فكل مهرجان يُنشأ يضيف لنا الكثير ونتكامل ، فربما ما لا تراه في مهرجان دمشق تراه في مهرجان دبي والعكس صحيح ، والحقيقة أن هوية مهرجان دمشق ثقافية وبالتالي لا أستطيع منافسة دبي وأبو ظبي على جلب النجوم فأي نجم يأتي إليهم تكلفة حضوره ليوم واحد تعادل ميزانية مهرجان دمشق السينمائي كاملة ، ولكن رهاننا دائماً على العراقة ، فمهرجان دمشق من أعرق المهرجانات العربية إلى جانب مهرجاني قرطاج والقاهرة ، ونحن قادرون أن نقدم المدينة فدمشق تقدم نفسها بتراثها وحضارتها وعراقتها ، وبالتالي مهرجان دمشق السينمائي هو مهرجان صغير بالنسبة لمهرجان دمشق المدينة .‏