2012/07/04

الروائي السوري ما بين التلفزيون والسينما حنا مينه نموذجاً
الروائي السوري ما بين التلفزيون والسينما حنا مينه نموذجاً

بسام سفر - تشرين

تخطت علاقة الأدب والتلفزيون والسينما الأطر والزواريب الضيقة، فغدت في الموسم الدرامي السابق وثيقة إلى درجة كبيرة، إذ قدمت الرواية أكثر من عمل أدبي كانت هي أساسه لكي يصبح عملاً درامياً شائقا ومتابعاً على الشاشة الصغيرة، ومن تلك الأعمال «ذاكرة الجسد» للكاتبة العربية أحلام مستغانمي وسيناريو ريم حنا وإخراج المبدع نجدة أنزور، وعمل «أنا القدس» المأخوذ عن رواية الغرس المقدس للمخرج باسل الخطيب، وأيضاً أنتج التلفزيون العربي السوري عن «أقاصيص» للكاتب زكريا تامر عملاً درامياً قدم بعد رمضان العام الفائت، وأعيد تقديم رواية صدقي اسماعيل «الله والفقر» في اعداد جديد لمسلسل أسعد الوراق كتبه هوزان عكو، وكان في موسم سابق، قدمت رواية فواز حداد «عن الضغينة والهوى» في عمل «الدوامة» الذي أعد السيناريو له الراحل ممدوح عدوان وأخرجه المثنى صبح، وإذا أردنا سرد قائمة الأعمال الروائية السورية التي قدمت على الشاشة الصغيرة والكبيرة سنجد الكثير لكن في إحصائية خاصة عملت عليها خلال أيام قبل كتابة هذه المادة بدا جليا أن أكثر روائي سوري قدمت أعماله الروائية في السينما والتلفزيون هو كاتبنا الكبير «حنا مينا» إذ قدمت له السينما «بقايا صور» من إخراج نبيل المالح و«آه يا بحر» و«الشمس في يوم غائم» المأخوذ عن رواية «الدقل» من إخراج الراحل محمد شاهين و«اليازرلي» المأخوذ عن قصة «على الأكياس» من إخراج قيس الزبيدي، وحالياً يجري تصوير رواية «الشراع والعاصفة» الذي كتب السيناريو لها الروائي وفيق يوسف ويخرجها للسينما غسان شميط وهي التي تتناول «المرحلة التاريخية القاصية التي عاشتها البلاد العربية أثناء الحرب العالمية الثانية من خلال تحديد الساحل السوري ومدينة سورية يختلط فيها مجموعة من الأحداث المحبطة بالواقع لتعكس أبرز التناقضات التي كانت تسود مجتمعنا غير المتجانس من خلال يوميات رجال البحر في صراعهم المفاجئ مع العاصفة، متجاوزين ظروفهم الاجتماعية المتقلبة متسلحين بإرادة البشر بالعيش الكريم والمغامرة»  هذا في السينما، أما في التلفزيون فقد أنتج للكاتب مينا في بداية عقد التسعينيات العمل الدرامي «نهاية رجل شجاع» المأخوذ عن رواية «نهاية رجل شجاع» والتي اعد لها السيناريو الكاتب حسن م يوسف، وكذلك «بقايا جروح» عن رواية «بقايا صور» أعدها للشاشة الصغيرة الكاتب والمسرحي غسان جباعي، واخرج كليهما المخرج المبدع نجدة اسماعيل أنزور، وفي خطة الهيئة العامة للإنتاج الإذاعي والتفزيوني لهذا العام إنتاج روايتين للكاتب حنا مينا وهما «شرف قاطع طريق» و«المصابيح الزرق» وأعد لهما السيناريو كما نشرت العديد من الموقع الشاعر محمود عبد الكريم وكلف بإخراجهما محمد عبد العزيز وثائر موسى.

إن العمل على الرواية لكي تتحول إلى سيناريو تلفزيوني أو سينمائي هو «قراءة إبداعية من شأنها خلق شكل فني سينمائي محتمل للعمل الروائي المقروء، ولهذا يترتب إسقاط بعض التقاليد المفروضة على المخرج من حساب المؤلف الأدبي والرقابة، مثل النقل الحرفي للعمل القصصي والروائي» وهذا ما يخلق توهج المبدع الذاتي الذي لا خلاف على إبداعه وقدراته الفنية والأدبية، فالمجتمع النخبوي وصراعاته ومقولاته الأصلية والزائفة، والمجتمع المحلي الذي يتناول هذا المبدع مثل الروائي مينا الذي يعرف في سورية بأنه أديب البحر ورجالاته، وحقق مينا المعادلة الصعبة التي فشل الكثيرون في الوصول إلى اتزان ما بين طرفيها، حيث يتيح لهم حركة آمنة في المجتمع والحياة، فمن خلال تجربة الكاتب مينا المولود في مدينة اللاذقية عام 1924 من عائلة فقيرة، حيث عاش طفولته في إحدى قرى لواء اسكندرون على الساحل السوري، وفي العام 1939 عاد مع عائلته إلى مدينة اللاذقية، وعمل كثيراً في بداية حياته، إذ عمل حلاقاً وحمّالاً في ميناء اللاذقية، ثم احترف البحر كبحار على السفن والمراكب، واشتغل أيضاً في مهن كثيرة منها مصلح دراجات إلى مربي أطفال في بيت سيد غني إلى عامل صيدلية وصحفي أحياناً، ثم كتب مسلسلات إذاعية للإذاعة السورية باللغة العامية، وكذلك موظف في احدى الجهات الحكومية، إضافة إلى كتابة المقالات الصحفية والأخبار الصغيرة في الصحف في سورية ولبنان، ثم إلى كتابة المقالات الكبيرة والقصص الصغيرة، إضافة إلى إرساله قصصه الأولى إلى الصحف السورية بعد الاستقلال في العام 1947 واستقراره في العاصمة دمشق، إذ عمل في جريدة «الإنشاء» حتى أصبح رئيس تحريرها

بدأ حياته الأدبية بكتابة مسرحية دونكوشوتية لكنها ضاعت وكتب بعدها روايات عديدة أهمها وأشهرها: المصابيح الزرق- الشراع والعاطفة- الثلج يأتي من النافذة- الياطر- الشمس في يوم غائم- الأبانوسا البيضاء- بقايا صور- المستنقع- القطاف- الربيع والخريف- حمامة زرقاء في السحب- الولاعة- حكاية بحار- نهاية رجل شجاع- فوق الجبل وتحت- حدث في بيت ياخو- النجوم تحاكي القمر- القمر في المحاق- عروس الموجة السوداء- الرجل الذي يكره نفسه- الفم الكرزي- حين مات النهر- صراع امرأتين- شرف قاطع الطريق.‏ ‏

قدمت الرواية التي كتبها حنا مينا مستويات ثقافية لشخصيات رواياته متعاملة مع الشخصية الشعبية، والمناضل السياسي، وعامل السفن في البحر والصياد والموظف.... ونماذج إنسانية سورية.‏ ‏

أخيراً تستحق الكثير من الأعمال الروائية للكاتب مينا تقديمها كأعمال تلفزيونية وسينمائية. ‏ ‏