2012/07/04

السينما الإيرانية بعد الثورة.. سينما الإنسان.. سينما الطفل والمرأة  دمشق
السينما الإيرانية بعد الثورة.. سينما الإنسان.. سينما الطفل والمرأة دمشق

دمشق صحيفة تشرين ثقافة وفنون الأربعاء 10 شباط 2010 هدى نظام لغة جذابة، تقنيات عالية، تفجير مكامن الإبداع، ومن ثم سينما إيرانية في عهد جديد.. استطاعت السينما الإيرانية أن تفرض وجودها على العالم وعلى هوليود، وتحصد جوائز كبرى، واستطاعت أن تنفذ إلى البلدان العربية، فالمشاركة في المهرجانات السينمائية الدولية لأفلام الكبار والأطفال وحصولها على جوائز متقدمة تكون دافعاً وحافزاً ومشجعاً لعرض الفيلم الإيراني على مستوى واسع، لاسيما في البلدان العربية حيث سبق لدول عدة عرض أفلام إيرانية ضمن الأسابيع الثقافية والاحتفاليات الفنية مثل عروض الأفلام المدبلجة والمترجمة التي تقوم بها المستشارية الثقافية الإيرانية في سورية ضمن نشاطاتها الثقافية.. ‏ مامن شك في تطور السينما الإيرانية وخاصة على صعيد المرأة والطفل في معالجة كثير من الأوضاع الاجتماعية، سواء داخل إيران أو خارجها مما بوأها مكانة خاصة في محيط السينما العالمية مع محافظتها على القيم الإسلامية، ففي كل سنة يتم إنتاج من ستة إلى عشرة أفلام ذات مستوى عال للأطفال، وأكثر من 80% من الجوائز الدولية تحصل عليها السينما الإيرانية تكون في أفلام الأطفال. هموم الإنسان.. بعيداً عن الابتذال ‏ تمكن السينمائيون الإيرانيون بفضل كفاءتهم وجرأتهم وحبهم للفن السابع من العمل وتقديم أفلام واقعية تحمل رسائل إنسانية ومسحة جمالية وتحترم القيم ولاتشتم في ثوابت التراث، ولاتتاجر بجسد المرأة ومن دون أن تكشف حتى غطاء رأسها، ولاتغطى بالضجيج والعنف غير الواقعي والنماذج البطولية المزيفة - تفاهة المضمون ولاتعتمد على ميزانية الديكورات الضخمة. إنها سينما بالغة البساطة، ملتزمة وهادفة، وبذلك تكون قدمت مجموعة من روائع الأفلام ونماذج عظيمة للفن الإنساني الراقي. وأبرع ما في ذلك أنها تعتمد في تصوير الكثير من الأفلام على كاميرا الفيديو الرقمية المحمولة على الكتف (أغلب الأفلام الإيرانية تنتج بأقل من 200 ألف دولار وتحصد الأرباح الكثيرة مثل فيلم (أطفال الجنة) الذي حقق أرباحاً تتمثل في المليون دولار من أمريكا وحدها!). ‏ والأهم من ذلك أنها ليست سينما نجوم، فمعظم أبطالها ليسوا ممثلين محترفين. أما السيناريو فهو يحمل عمقا مدهشا ولغة ثرية متنوعة، ومكتوب بنكهة الإبداعات القصصية الراسخة في الثقافة الإيرانية الشعبية وتشم من خلاله رائحة حافظ الشيرازي وعمر الخيام وجلال الدين الرومي. ونظرا لطبيعته التأملية والفلسفية وقيمة مادته الجمالية ولغته التعبيرية يصبح السيناريو واحدا من أهم خصوصيات وميزات السينما الإيرانية. فالطابع الشرقي المحلي حاضر، والهوية الثقافية مستمدة من الواقع الاجتماعي وقمة التمثيل تدهش المشاهد ومهارة الكاميرا وتحكمها في المشاهد ودقة اختيار مواضيعها والتركيز على الحس الجمالي في أرقى مستجداته حتى تحس أنك أمام السجاد الإيراني المفعم بروعة الفن وجمال النقوش والألوان التي تعبر بدورها عن شاعرية الإنسان الإيراني ودفئه العاطفي وحبه للفن. ‏ السينما الإيرانية والطفل المنظمات السينمائية في إيران تهتم بموضوعات وسيناريوهات وأمور فيلم الطفل، لذا تضم مجموعة من النقاد والكتاب والمهتمين. كما أنه يوجد نوعان من أفلام الطفل، النوع الأول: نوع ترفيهي وهو منتشر وناجح داخل إيران. والنوع الآخر نوع ذو مستوى فني عالٍ في المضمون والجماليات وهذا يحظى بقبول كبير في المهرجانات الدولية خارج إيران. فهل أن السبب يعود إلى تأثير قيم الثورة الإسلامية في إيران على السينما عامة وعلى سينما الأطفال خاصة؟ ‏ بعد الثورة الإيرانية.. لابد لأي نوع من الفنون وخاصة الفن السابع أن يعكس قيم الثورة. فأحياناً تعطي الجوانب الإيجابية لهذه القيم وأحياناً تعطي الجوانب السلبية لعدم تطبيق هذه القيم، كما يجري التركيز على نماذج من الرجال والنساء والأسر تمثل هذه القيم.. لذا فإن أي فيلم يركز على الجوانب الإنسانية والأخلاقية فهو فيلم راق، وفي الوقت الذي تبتعد صورة المرأة فيه عن الابتذال.. فإن ذلك لم يمنع من تناول قضايا الحب والأسرة بمنتهى العمق والحساسية عبر الحوار والموسيقا، وليس عبر لغة الجسد والتعري كما في أفلام أخرى من ثقافات أخرى. ومن اللافت أن هذه الثقافات التي تعودت على رؤية المرأة عارية تأخذ أفلامنا الآن مأخذ الجد. ‏ السينما الإيرانية والمرأة ‏ أما بالنسبة لأفلام المرأة أيضاً هناك نوعان: أفلام تتحدث عن المرأة وقضاياها، وأفلام يقوم بصناعتها نساء، بعد انتصار الثورة ففي ميدان السينما مبدعات كثيرات مايقترب من نسبة 10% من العاملين في صناعة السينما إخراجاً وتصويراً وكتابة وتمثيلا هم من النساء ولافارق بين الرجل العامل في ميدان السينما والمرأة التي تعمل في نفس المجال، والأفلام التي تتناول قضايا المرأة يقوم بعملها مخرجون من الرجال، كما تقوم بها مبدعات من النساء بمعنى أن أفلام النساء ليست حكرا على النساء، أفلام اجتماعية عديدة تعكس أوضاع الأسرة في إيران بعد انتصار الثورة، وأيضاً تعكس بعض المشكلات التي تم توريثها من عهد ماقبل الثورة بعضها يتحدث عن عادات موروثة سيئة وبعضها يتحدث عن تقاليد وأعراف، ومن هذه الأفلام ماحصد جوائز دولية عديدة وهامة مثل: «نرجس»، «سارة»، «بري»، «مرة واحدة وإلى الأبد»، «المنديل الأزرق»، «امرأتان». وفي هذه الأفلام فإن الأدوار الرئيسية تدور حول المرأة. ‏ أما المخرجة الإيرانية فتميزت بتأكيدها على هويتها وخصوصيتها وتفردها وعدم تشبه إنتاجهن بأي إنتاجات سينما أخرى. فمن المعروف أن أهم مايميز السينما الإيرانية يتمثل في بساطتها، العميقة في مضامينها، ورمزيتها ما جعلها تنافس المستويات العالمية، وشكل الرهان على المحلية الذي اعتمدت عليه المخرجة أهم خطواتها للسير بنقل صناعة السينما المحلية نحو العالمية إذ اهتمت بتوثيق مشاغل مجتمعها وهمومه وتخلت في المقابل عن الإكسسوارات الزاهية واهتمت بالفرد الإيراني وآلامه وهواجسه وبذلك تكون قدمت استعراضاً راقياً يصل إلى الجمهور المحلي والعالمي يستحق كل الإعجاب والتقدير. ‏ إن تأثير قيم الثورة الإسلامية قد غيّر النظرة من المادة إلى النفس والروح، الموضوعات الهامة قبل الثورة كانت موضوعات شهوانية ومادية بحتة، ولكن بعد الثورة.. تغيرت وأصبحت موضوعات إنسانية وروحية ومعنوية. ‏ غزل غربي أم ماذا؟.. ‏ ربما يتبادر سؤال آخر إلى الأذهان؟ لم هذا الاحتفاء العالمي وخصوصاً الغربي بالأفلام الإيرانية وتخصيص جوائز لها في الآونة الأخيرة، هل هناك غزل غربي سياسي لإيران؟ وما القصد منه؟ تم طرح السؤال على عدد من المخرجين الإيرانيين وكانت خلاصة الإجابات: أن الإنتاج السينمائي الجيد يستقطب الجوائز، والجوائز تضعنا أمام مسؤولية كبيرة للمحافظة على المكانة التي حققتها السينما الإيرانية في إطار ثقافات ومجتمعات أخرى ولا من اعتقاد أن إعطاء جوائز لأفلام إيرانية تكمن وراءه أغراض سياسية مباشرة، ونحن نحصل على جوائز من بلدان عديدة وثقافات مختلفة، كما أن السياسة الإيرانية تجتهد في أن تكون مستقلة وغير خاضعة لتأثيرات خارجية. ‏ السينما العالمية تتنافس مع السينما الوطنية في جميع بلدان العالم وبما أننا بعد الثورة لم نستورد أفلاماً غربية إلى داخل إيران، فبناء على ذلك السينما الإيرانية تقدمت يوماً بعد يوم، فبناء على ذلك السينما الإيرانية لا تكون تابعة للسينما العالمية (الهوليودية). ‏ ويضيف المخرج: التجربة الأخيرة التي واجهناها في لجنة التحكيم في مهرجان القاهرة السينمائي للأطفال أثبتت أن الأفلام الإيرانية لا تحصل على الجوائز لأسباب سياسية ولكن بسبب أن السينما الإيرانية استطاعت تخليق لغة مشتركة مع الجانب الإنساني في البشر حول العالم. ‏ التجربة السينمائية الإيرانية.. ‏ بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران كوّنت المؤسسات المعنية جيلاً جديداً وعدداً كبيراً من الجنسين يتعامل مع الإخراج السينمائي من منطق الثقة والقدرة، نشير هنا إلى أن في إيران أكثر من 500 مخرج ويتخرج في معاهدها 20 امرأة مخرجة سنوياً وبذلك تتفوق حتى على الدول الغربية. ‏ كما أنشأت وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي في إيران «مدينة سينمائية» جندت لها كل الطاقات ورؤوس الأموال، وآخر المكتشفات التقنية والتكنولوجية المتطورة كما هي الحال في استوديوهات هوليوود، بذلك تكون وزارة الثقافة أعدت الأرضية اللازمة للسينما الإيرانية خلال السنوات التالية، كما أنها أتاحت الجو اللائق للمخرجين حتى يبدعوا في انتاجاتهم وفتحت وزارة الثقافة هذه المدينة لكل المخرجين الإيرانيين من دون استثناء وبأرخص الأثمنة في العالم ويقوم بالإنتاج السينمائي المخرجون بصفتهم منتجين منفذين ويحصلون على الدعم لأول ثلاثة أفلام ويتم شراؤها، وتقوم شركة توزيع كبيرة أنشأتها الدولة بتوزيع الأفلام داخلياً وخارجياً وأسست أرقى وأكبر عدد ممكن من دور السينما، ففي طهران وحدها أكثر من 100 قاعة سينمائية. ‏ كما دشنت وزارة الثقافة مهرجان الفجر السينمائي الذي لا يكتفي في نشاطه بدعوة ضيوف أجانب، لغرض إنجاز إنتاجات مشتركة ودفع عملية تعاون أوثق مع المهرجانات الأخرى وتبادل الآراء على المستوى العالمي، وأصبح يعد تظاهرة فنية عالمية تستقبل أكثر من 45 دولة من بينها أمريكا، فرنسا، اليابان، بريطانيا، ايطاليا، الصين، ألمانيا، هولندا، ودول أمريكا الجنوبية وغيرها. ‏ بقي أن نشير إلى أن إيران تنتج 130 فيلماً سنوياً والإقبال عليها داخل إيران ضخم ففي سنة 1992 ارتاد السينما 54 مليون متفرج وفي سنة 1994 صعد الرقم إلى 56 مليوناً ومنذ ذلك الحين وهو في تزايد. ‏   لذا كان من الجدير أن تلقب السينما الإيرانية بسينما الإنسان.. سينما المرأة والطفل. ‏