2013/05/29

 	الشعر حلمي، والكتابة الدرامية حقيقتي..عودة: «أنا وصدام» عمل اشكالي مرفوع على الرف!!
الشعر حلمي، والكتابة الدرامية حقيقتي..عودة: «أنا وصدام» عمل اشكالي مرفوع على الرف!!


وسام حمود – الوطن السورية

ابتسامته اللطيفة، وبساطته الريفية، تجعلك تشعر للحظة بأنه صديقك منذ سنوات طوال، من خلال عفويته التي تشعرك بالاطمئنان، شخصية متميزة بكل جوانبها، شاعر غير تقليدي، كلماته تنثر العشق في أرجاء الروح لدرجة تطيب لك قراءة مجموعته أكثر من مرة دون ملل، كاتب درامي فرض وجوده على الساحة من خلال أعماله التي تركت أثراً كبيراً، مسرحي مميز يؤمن أن المسرح لا يمكن أن يُسرق من أحد، خلال حوارك معه تطيب الجلسة فتختفي رغبتك بإنهاء أي حديث معه مهما كان، متواضع، رب أسرة حنون، إنه أبو الورد، الكاتب الدرامي السوري عدنان العودة الذي تشرفت الوطن بإجراء هذا اللقاء معه..

بداية الكاتب والشاعر عدنان العودة؟

التعبير الأدق.. الشاعر والكاتب الدرامي عدنان العودة.. الشعر حلمي.. والكتابة الدرامية حقيقتي.. الشعر مزاجي.. والكتابة الدرامية كاري.. وقد أكون بطريقة ما شاعر كتاب الدراما.. وكاتب دراما الشعراء..

أغلب شخوص حكاياتك تنتمي للبيئة الفراتية، هل يدل ذلك على تأثرك بهذه البيئة؟

بيئة الفرات ومن ورائها البادية الممتدة جنوباً حتى الربع الخالي.. وشمالاً حتى جبال سنجار.. فضاء حكاياتي.. إنها مكان مولدي.. والأبدية التي كان يسرح بها خيالي مع حكايات جدتي لأمي الشاوية زهية الحميدان.. وجدي لأبي البدوي جاسم العودة..

القودريّة... عرّافة طفولتي.. المطهّر الجوّال.. النوري الذي يحمل حقيبة من التنك ويركّب أسنان الذهب المنقوشة بالفيروز للشوايا.. المدرسة المتنقلة.. المعلّم الأبيض البشرة القادم من الساحل ليعملنا رسم الحروف.. وتقليم الأظافر.. أغاني الكرد.. بطولات الشركس.. مآسي الأرمن.. الإرث الكربلائي للنسوة.. أحزان البدو وعنين رباباتهم.. ألوان هباري الشاوّيات.. واشياء أخرى كثيرة.. يحضنها الفرات.. ويحملها كما شموع أدونيس.. إنها أكثر من بيئة.. إنها عالم مكتفٍ بذاته.. ما يجعلني كثيراً مكتفياً به.. في كتابتي عنه.. واستحضار شخوصه..

عملت فيلمين قصيرين (بوستير) و(يسري نضر اللـه) وعلمنا عن فيلم جديد من إنتاج مؤسسة السينما، من الكادر الفني للعمل؟

تجربتي في الكتابة للسينما.. جيدة.. إلا أنها لم تر النور في أغلب حالاتها.. بعكس تجربتي في التلفزيون.. ومن الأفلام التي عملت عليها مع المخرج سامر برقاوي فيلمي (بوستر) و(يسري نضر اللـه).. وأيضاً الفيلم التسجيلي الذي أثار جدلاً حين عُرض.. أقصد فيلم (كلام حريم).. كما كتبت فيلم (حبق.. عرق.. ورق) وفيلم (المرود والمكحلة) و(حمص في عرس).. غير أنها لم تنتج حتى الآن..

وأخيراً كتبت فيلماً روائياً قصيراً هو (برادا) وهو من إخراج باسم عيسى وإنتاج المؤسسة العامة للسينما.. وسيصور خلال الشهرين القادمين.. غير أنه لم تتم تسمية كادره الفني حتى اللحظة..

أنت تكتب في فنون متعددة، أيها أقرب إليك، ولماذا؟

الكتابة في فنون متعددة أمر جيد.. وإن كنت أعتبر أن الكتابة للمسرح والتلفزيون والسينما.. تنتمي إلى نوع واحد.. هو كتابة الدراما.. مع الأخذ بالحسبان أن لكل من هذه الفنون الثلاثة تقنيته الكتابية الخاصة.. ومزاجه وحساسيته الخاصّين.. فيما الشعر هو نوع آخر يوازي الكتابة الدرامية.

ولعل الأمر أشبه بنوافذ متعددة للذات، تطل منها على الحياة.. لتقول إحساسك فيها.. موقفك منها..

إنها حالة الكفّين بالنسبة لي.. فأنا لا أستطيع أن أصفق بكف واحدة.. لذا الدراما كفي اليمنى.. والشعر كفي اليسرى.. ولذا فهو أقرب إلى قلبي.. لأنها ذاتي جداً.. يخصني أنا.. أحاسيسي.. مشاعري.. رأيي أنا.. غنائيتي عن نفسي.. أما الدراما فشأن آخر.. إنها غنائيتي عن الآخرين..

الشعر ببساطة منطقي.. قولي.. أما الدراما.. فهي منطق وقول الآخرين الذين أكتب عنهم..

مسرحية المرود والمكحلة سيعاد إخراجها مرة أخرى، ما السبب، وما الجديد الذي ستضيفه إليها؟

المرود والمكحلة مسرحية سورية ومحلية بامتياز.. سبق أن قدمت في 2006 من إخراج عمر أبو سعدة.. وقد نشرت في كتاب مسرحيات عربية من الألفية الثالثة.. ويقوم الآن عروة العربي بإخراجها لمصلحة المسرح القومي.. وستعرض في بداية شهر نيسان.. وأما عن سبب اختيارها فهذا عائد إلى عروة العربي الذي كان يبحث عن نص سوري معاصر يحاكي به ما نعيشه الآن.. ذلك أن المسرحية في سياقها العام تطرح أسئلة في تحديد ماهية هويتنا كسوريين.. إنها مديح لتداخلنا العرقي والديني والطائفي.. وتغنٍ جدي بغنى نسيجنا الاجتماعي.. ورهان على وحدتنا الثقافية..

أما بما يخص الجديد.. فهو التركيز مع المخرج على تأكيد هذه الرؤية.. الرهان على العيش المشترك.. وفتح الباب الذي أوصد لسنتين سبقتا للخروج مما علقنا فيه..

ما سبب ابتعاد الجمهور السوري عن المسرح، هل غياب النص الجيد، أم إن الدراما أفقدته قيمته؟

أعتقد أن في هذا الحكم مبالغة.. فالجمهور لم يبتعد عن المسرح.. وإن كان هناك حال عام في الابتعاد عن الثقافة.. ومما لاشك فيه أن غياب النصوص التي تحاكي حال الناس قد لعبت دوراً في عزوف الجمهور عن متابعة المسرح.. غير أنه في حال تقديم عروض جيدة.. فإن كثيراً من الجمهور يذهب إلى المسرح.. وبما يخص أن الدراما التلفزيونية قد أفقدته جمهوره، أرى أنه أيضاً حكم مبالغ فيه.. ذلك أن التلفزيون لا يغني عن المسرح.. المشكلة هنا في الآليات.. آلية صناعة التلفزيون التي تخضع لمعايير الحرفة والعرض والطلب.. فيما يخضع المسرح لمعايير الهواية والعمل الخيري.. وهنا تكمن مشكلة المسرح.. إنه لم يتحول حتى اللحظة إلى صناعة.. صناعة تحكمها الحرفة.. ومعايير العرض والطلب.. عند ذاك أعتقد أنه بإمكاننا أن نعطي حكماً قطعياً في حال المسرح في بلادنا..

حبة حلب، إلى وطني، إلى حدث في دمشق، ما المشكلة في عنوان العمل؟

ليس هنالك من مشكلة.. إنه ظرف خاص تعرض له هذا المسلسل.. نتيجة لما تمر به سورية من أحداث.. ولذا فقد كتب العمل بنسخة حلبية ليصور في حلب.. ولكن عند تعذر التصوير في حلب أو إيجاد مكان بديل.. قمت بتحويله وإخراجه بنسخة دمشقية.. وفيما يخص العنوان.. كما في تسمية المولود.. من الممكن أحياناً أن يبقى الجدل قائماً في اختيار الاسم المناسب له.. إلى أن يخطو خطوته الأولى..

كان من المفترض أن إخراج «حدث في دمشق» للمخرجة رشا شربتجي فتحول إلى المخرج باسل الخطيب ما السبب وهل هناك خلافات ما؟

على العكس تماماً.. رشا شربتجي مخرجة محترفة.. ولها الكثير من الأعمال التي حققت حضوراً لافتاً.. إضافة إلى أنها صديقة وشريكة حقيقية.. وقد عملنا معاً على التحضير لهذا العمل.. غير أننا وبسبب عدم توافر الأماكن المناسبة للتصوير.. وتعذّر إيجاد الممثل الذي سيؤدي الدور الرئيسي في العمل.. تأخرت في الدخول بتصوير العمل.. فاعتذرت ذلك أنها مرتبطة قبل أن ترتبط بإخراج حبة حلب بعمل آخر هو منبر الموتى للصديق سامر رضوان.. وكان أن اختارت المؤسسة المخرج باسل الخطيب لإخراج العمل.. بعد أن قمت بالعمل عليه لتقديمه بنسخته الدمشقية..

ما سبب تأخر تصوير «حدث في دمشق» هل هي ظروف إنتاجية أم أمنيه؟


حتى اللحظة تتم التحضيرات لتصوير المسلسل وما من عوائق.. أقصد حدث في دمشق.. وأعتقد أن كاميرا باسل الخطيب ستدور في منتصف شهر آذار.. وحتى ذلك الوقت يخلق اللـه ما لا نعلم..

عمل صدام حسين كتبت منه 10 حلقات لماذا لم يتم استكماله وإنتاجه رغم التوقعات بنجاحه في حال عرضه؟

أنا وصدام.. عمل إشكالي.. وقد قمت بتوقيع عقده مع شركة فردوس التي تديرها لورا أبو أسعد.. منذ سنتين.. ولكن الأحداث العربية الجارية.. دفعني لأن أتوقف عن استكمال كتابته بعد أن أنجزت منه عشر حلقات.. وذلك في محاولة مني لفهم ما يحدث على صعيد المشهد السياسي العربي.. ذلك أني لم أكن أريد أن يكون العمل متخلفاً في خطابه عن ركب ما يحدث.. وكان من المفترض أن يكون من إخراج الصديق الليث حجو.. أما الآن.. وحتى اللحظة.. فالعمل ما يزال مرفوعاً على الرف.. إلى أن أجد الجهة المتحمسة لإنتاجه والتلفزيون المندفع لعرضه.. وأعتقد أن هذا ليس ببعيد..

لك مجموعة شعرية هي (سكران المجانين) لماذا تختار اللـهجة العامية؟


اختياري للعامية ليس مرهوناً بتجربتي الشعرية فقط.. إنه يحكم أيضاً كتابتي الدرامية عامة.. ولا أخفيك أني من المدافعين عن العامية في الشعر والدراما.. مع احترامي وحبي الشديد للعربية الفصحى.. التي أرى أنها لهجة أخرى.. وأسميها كما كانت تسميها العرب قديماً.. لهجة قريش..

ولذا فلقريش لهجتها.. ولي كسوري لهجاتي.. لهجاتي التي كثيراً ما تعبر عني أكثر من العربية الفصحى ذاتها.. فأنا مثلاً لا أحب أن أقول عن فمي.. فمي.. وإنما أحب أن أقول عنه.. تمّي.. أو أثمي.. ذلك يعجبني أكثر..

هل تعتقد أن الأغنية يمكن أن تؤدي دوراً في الأزمات العاصفة كما في أغانيك (قدسيا) و(بياعة الزنبق) التي لحنها إياد ريماوي وغناها مع بسمة جبر؟

الغناء فن كباق الفنون.. ولكنه أسرع.. أجنحته أكثر.. وأرجله أسرع.. لذا ينتشر بسرعة.. ويصل ببساطة.. أما عن دوره بالنسبة لي.. فهو كما دور الدراما.. وباقي الفنون.. الوسيلة التي أريد أن أقول من خلالها قول موقفي مما يحدث.. ولذا قدسيا.. وبياعة الزنبق.. أغنيتان بلسان عموم الناس.. عموم السوريين.. ووجعهم.. ورفضهم اليومي لأن يكونوا وقوداً للحرب الرخيصة التي تدور رحاها الآن.. وما من منتصر فيها.. فقط هنالك خاسر.. هي سورية كبلد.. والسوريون كشعب.