2012/07/04

الطلاب في الدراما السورية صورة غير مكتملة
الطلاب في الدراما السورية صورة غير مكتملة


علاء الدين العالم - تشرين

الطلاب هم الشريحة العمرية التي يعوّل عليها أي مجتمع، لما تحمله هذه الشريحة من إرادة وتصميم ممزوجين بالوعي للوصول إلى أهدافها، وعلى مر التاريخ الحديث، كان الطلاب هم البيئة الخصبة التي تؤثر في حركة المجتمع.

في سبيل تناولها لمعظم الشرائح المجتمعية، لم تغيّب الدراما التلفزيونية السورية الطالب السوري الجامعي أو الثانوي، ولم تهمل هذا المجتمع الطلابي الخصب، حيث قدمت الدراما التلفزيونية السورية أربعة أعمال حاكت من خلالها حياة الطلاب في المرحلتين الثانوية والجامعية.

وكان العمل الاول الذي تناول المجتمع الطلابي الجامعي هو مسلسل و«شاء الهوى» تأليف يم مشهدي وإخراج زهير قنوع، وكان المسلسل قد عرض لمجموعة من طلاب السنة الرابعة في كلية الحقوق في دمشق، وطرح المشكلات التي تواجه الشباب بعد التخرج في الجامعة، وركّز العمل على إظهار الجانب الاجتماعي في حياة الطلاب بعيدا عن دراستهم، وبذلك يكون مسلسل (وشاء الهوى) قد اظهر واقع الطلاب الجامعيين في سنتهم الاخيرة وما بعد تخرجهم، ولم يتعرض لواقع الطلاب داخل جامعتهم، ولم يدخل إلى مفاصل الحياة الجامعية وما يواجهه الطالب الجامعي من عوائق اجتماعية واقتصادية وفكرية طوال فترة الدراسة، وهذا ما طرحه مسلسل «سوق الورق» من تأليف آراء الجرماني وإخراج احمد ابراهيم احمد، حيث تناول مسلسل «سوق الورق» المجتمع الجامعي بكل مكوناته من طلبة وإداريين ومعلمين، وسلط الضوء على الفساد المستشري داخل مؤسسة الجامعة، مظهرا أثر الفساد على الطالب الجامعي، هذا الفساد الذي يحرم الكثير من الطلاب من التخرج كما حصل مع شخصية «مختار، باسل خياط»، ويرسخ مفهوم الواسطات والمحسوبيات للحصول على المعدلات العالية داخل المؤسسة التعليمية، كما طرح العمل هموم الطلاب ومشاكلهم الاجتماعية والاقتصادية، ومدى تأثير هذه الهموم والمعوقات على تحصيل الطالب العلمي، وأبرز دور الانترنت الايجابي في كشف الفساد، ولكن تناسى إظهار الدور السلبي للانترنت وأثره على الطالب الجامعي، ولم يقتصر مسلسل «سوق الورق» على طرح هموم الطالب الجامعي في سنوات دراسته الأربع للحصول على الإجازة الجامعية، بل تعداه ليطرح ما يعانيه طالب الدراسات العليا أثناء تقديمه لرسالة الماجستير والدكتوراه، ومدى تأثير المحسوبيات على نيل الطالب لهذه الشهادات العليا، ما يؤثر مستقبلا في الطالب الذي سيدرس عند الدكتور الذي نال شهادته بالواسطة، وبذلك تكون الدراما التلفزيونية السورية قد تناولت الحياة الجامعية بكل مكوناتها عبر مسلسلي «وشاء الهوى وسوق الورق»، عارضة لحياة الطالب السوري الجامعي في الجامعة وبعد التخرج. ‏

وعن حياة الطلاب في المرحلة الثانوية، فقد تناول العمل الدرامي «أشواك ناعمة» تأليف رانيا بيطار وإخراج المخرجة رشا هشام شربتجي، الفترة الثانوية من خلال مجموعة من الطالبات في المدرسة الثانوية، كلُ واحدة منهن تعبر عن أنموذج معين في المجتمع، فاستطاع العمل بذلك تناول نماذج طلابية مختلفة مادياً واجتماعياً، وتعرض إلى مجتمع المدرسة وللمناخ الطلابي الذي يسوده في هذه المرحلة حس الفكاهة وعنفوان الشباب، ولم يقتصر على هذا بل غاص إلى أعماق المشكلات النفسية التي تتعرض لها الطالبات في هذه المرحلة، وأظهر أسبابها ومقدماتها والتي على الأغلب ما تكون كامنة في التفسخ العائلي أو ضيق الحالة المادية أو المناخ السلبي الذي يهيمن على العائلة، كما اظهر العمل علاقة المدرس بالطالب والنواحي الايجابية والسلبية والدور الذي يلعبه هذا المدرس في نفسية طالبه من خلال المعاملة، فظهرت المدرسة الثانوية وهي مجتمع كامل يحتوي على نماذج إنسانية عدة تتشابك فيما بينها، وفي السياق نفسه عرض في الموسم الدرامي 2011 مسلسل «ايام الدراسة» تأليف طلال مارديني وإخراج اياد نحاس، ويعرض العمل لمجتمع المدرسة الثانوية من خلال مجموعة من الطلاب والطالبات في مدرسة مختلطة، وهذا ما ميزه عن «أشواك ناعمة» الذي قدم الجانب الأنثوي في المرحلة الثانوية فقط، لكن مسلسل أيام الدراسة لم يستطع تقديم صورة عميقة لمجتمع المدرسة الثانوية، اذ بقي محصوراً في الإطار الكوميدي المتمثل في المقالب والأكاذيب التي يقوم بها طلاب وطالبات المدرسة، فالحياة الدراسية، وخاصة الثانوية منها، يغلب عليها المشهد الكوميدي، لكن هناك جوانب مظلمة تخلو فيها الابتسامة في حياة كل من الطلاب والمعلمين، وهذا ما لم يستطع صناع العمل إبرازه في المسلسل، فكان طرح الجانب الاجتماعي وأثره في حياة الطلاب طرحاً سطحياً، إضافة إلى ذلك فإن مسلسل أيام الدراسة أهمل الدور الايجابي للمدرس في حياة طلابه، فظهر المدرس بمظهر الأبله الذي تنطلي عليه أكاذيب الطلاب التي لا يصدقها الأطفال، كما أن اختيار المدرسة المختلطة الخاصة كمسرح لأحداث العمل جعل المسلسل يقدم حالة خاصة لا تنطبق على آلاف الطلاب السوريين الذين يدرسون في المدارس الحكومية، وبهذا لم يستطع مسلسل «أيام الدراسة» طرح إشكالية العلاقة بين الطلاب مع بعضهم ومع أساتذتهم وأهاليهم، وبذلك فإن مسلسل «أيام الدراسة» لم يكن القطعة الرابعة التي تُكمل صورة الطالب في الدراما السورية، فبقيت صورة الطالب في الدراما التلفزيونية السورية صورة منقوصة ربما تكتمل في مسلسل جديد يحاكي حياة الطالب في المرحلة الثانوية على نحو جدي وعميق. ‏