2012/07/04

العنف الإعلامي الذي تمارسه المحطات الفضائية العربية!
العنف الإعلامي الذي تمارسه المحطات الفضائية العربية!

عـهد صبيـحة

في معرض ما تواجهه سورية من ظروف وأحداث أخيرة، يبرز إلى الضوء ما تمارسه المحطات الفضائية العربية من دور واضح وفاضح في نقلها العجيب للأحداث، ولست أقول هنا إن هذه المحطات تخدم مباشرة مصالح دول معينة لها أهداف في المنطقة وخصوصاً في سورية وهي قاصدة فعل ذلك، وإن كان  لا يخفى على أحد الدور (الحساس) لسورية في الشرق الأوسط، لكني أوجه أسئلة استفهام كثيرة، وأستنتج أن الخيلاء، ربما، وصلت بالمحطات الفضائية العربية وخصوصاً بعد دورها الواضح في تأجيج نار الثورات العربية الأخرى، إلى درجة التطرف في نقلها للحدث على الأرض.

وربما جاء هذا التطرف بعد اتهامات وُجِّهت إلى تلك المحطات من محطات إعلامية سورية اتهمتها فيها بعدم المصداقية في نقل الحقيقة كما هي أو تقديمها لحقيقة منقوصة لما يجري في الشارع أو وقوعها في أخطاء تقنية مكشوفة أثناء نقلها لأحداث جرت في سورية، فما كان من هذه المحطات إلا أن زادت من حملتها أحادية الطرف ضد كل من تجرأ وانتقدها! وكأن المحطات الفضائية العربية  أنظمة لا تخطئ أبداً!! وويل لمن تسوّل له نفسه الهجوم عليها!!!

استمر فأسال: لماذا لم تنقل هذه المحطات مسيرات التأييد للقيادة السورية بنفس مقدار نقلها للمسيرات المعارضة (كما ادعت)؟ لماذا لم تنل وعود القيادة السورية بالإصلاح حقها من التحليل والتوقف عندها كما نالت المواقف المعارضة حقها في التحليل والإضاءة؟ أو ليست وجهة النظر الرسمية وجهة نظر معتبرة وهي الطرف الثاني من هذا الحراك؟ وهل تبنت هذه المحطات وجهة نظر بعينها كمنهاج عمل وميثاق تدافع عنه؟! وكيف لهذه المحطات أن تعتمد في نقلها للحقيقة على تسجيلات فيديو منشورة على اليوتيوب، دون أخرى مناقضة لها، بدون توثيق للزمان والمكان وبدون التأكد من الصوت المضاف، من قبل صاحب التسجيل أو ربما من قبل القناة الفضائية نفسها؟ وهذه التسجيلات على أهميتها، وفي كل علوم الإعلام، لا تعتبر مستنداً صحفياً خصوصاً في وجود ما يناقضها تماماً، طالما أنها غير موثقة ويمكن الاعتماد عليها

كمستند مؤقت داعم لفكرة وليس محركاً لخبر. وهل شاهد العيان العجيب مجهول الاسم والمكان والزمان والانتماء هو من يصنع الخبر في هذا الزمان؟

وإذا كانت هذه عقيدة محطاتنا العربية الخلاقة، إذاً فكل ما نقرأه أو نشاهده في شبكة النيت يمكن الاعتماد عليه في بناء أي حكم أو تقرير أو خبر، مع أن شبكتنا العربية (ما شاء الله) تفيض بالأخبار والمقالات والمتابعات والتناقضات بما يكفي لتشويش أكبر أجهزة المخابرات في العالم!! هل حقاً تنقل هذه الشبكة بمعلوماتها المكثفة والمتنوعة والمتناقضة نبض شارع ما، وهل تقدم لنا حقيقة ما بريئة من أهواء الإنسان العربي (أضع تحت كلمة العربي آلاف الخطوط).

أعود لأتحدث عن مهنية وحرفية الإعلام العربي الجديد. لم يكن أحد يرغب يوماً في سيطرة الإعلام الرسمي على أجهزة الإعلام العربية، ودعَونا دائماً إلى إعلام حر غير مقيد بأجندات الأنظمة العربية، لكننا للأسف ننجرّ وراء أشكال تقليدية لإعلام سابق طالما حاربناه. (حرّ) أي أنه حر من كل الاملاءات داخلية كانت أو خارجية ومن كل توجه سياسي أو ثقافي أو ديني كنا ولا نزال نحاربه، هل هذه هي الحرية التي ننشدها وأصدقاؤنا الإعلاميون في العالم العربي؟! هل هذا هو العنف الذي ننبذه؟! لا يخفى على أحد أن للعنف أشكالاً كثيرة غير البندقية. أولم يسمع أحد بالعنف الإعلامي الذي تمارسه الآن المحطات الفضائية تجاه المتلقي العربي (الدائخ) وراء حقيقة ما يجري؟! ألا يعتقد أحد أن فرض فتاوى تحريضية عبر وسائل الإعلام، تفسر لنا شكل هذا وانتماء ذلك الديني كموجب للكره أو الحب، شكلاً من أشكال العنف الإعلامي؟؟؟

!

تحدثت سابقاً عن زمن إعلامي جديد، وهذا ما يرغب فيه جمهورنا المرهق من تجاذبات السياسة، لكن أردناه إعلاماً جديداً بريئاً من النزعات والاتجاهات والأيديولوجيات والانتماءات، نرغب في إعلام جديد حيادي، نعم، خمسة أحرف تشكل كلمة واحدة لا نستطيع تحقيقها... كلمة واحدة ننشدها من إعلامنا العربي الجديد.