2012/07/04

الفنان غزوان زركلي:  أنا  لم  أترك المعهد العالي للموسيقا بل استبعدت منه
الفنان غزوان زركلي: أنا لم أترك المعهد العالي للموسيقا بل استبعدت منه

دمشق صحيفة تشرين ثقافة وفنون الخميس 4 شباط 2010 حوار : رفيق قوشحة غزوان الزركلي عازف بيانو عربي محترف ولد في دمشق عام 1954 وتلقى فيها دروسه الموسيقية الكلاسيكية كما في برلين وموسكو، بدءاً من عام 1961 حيث حصل في موسكو على شهادة أهلية التعليم الجامعي (الدكتوراه) عام 1981 وتدرج في سلك التعليم الألماني ليصبح أستاذاً (بروفوسوراً) في فايمار عام 1988. مثل الزركلي وطنه سورية في 26 بلداً وعمل خبيراً بالعزف على البيانو في كونسير فاتوار القاهرة وفي الأوبرا المصرية، يعده الكثيرون أقدر موسيقي عربي في مجال عزف البيانو وتدريسه يحمل الجنسية الألمانية وهو عضو تحكيم دولي (الإمارات العربية – المغرب – قبرص – روسية). لعب غزوان الزركلي ولايزال يلعب دوراً بارزاً في الحياة الموسيقية السورية في مجالات العزف والتدريس والتأليف ومشروع الموسيقا الوطنية 1+2 قصائد مغناة CD موسيقا تصويرية للمسرح والتلفزيون- والتنظيم والكتابة والترجمة حاز في عام 1969 على جائزة الدولة التشجيعية في سوريةـ وعبر أربعين عاماً حصل على جوائز موسيقية من لبنان وروسية وإسبانية والبرتغال وإيطالية والجزائر (وسام الجزائر عاصمة الثقافة العربية 2007). ‏ وفي عام 2008 شارك في احتفالية دمشق عاصمة الثقافة العربية بحفلين للعزف المنفرد وبحفل آخر مع الأوركسترا الوطنية السورية بعدما كان عضواً في لجنة الاحتفالية الاستشارية وفي عام 2010 يحضر أعمالاً لفريدريك شوبان: عزف منفرد الكونشرتو الأول للبيانو والأوركسترا مع الفرقة السيمفونية الوطنية وذلك بمناسبة مرور 200 عام على ولادة شوبان كما يشهد عام 2010 صدور اسطوانتين مدمجتين (كعازف وكمؤلف موسيقي وكتابين) (مؤلف ومترجم عن اللغة الألمانية). ‏ تعميقاً لمعرفة تجربة الفنان الزركلي أجرينا معه هذا الحوار: ‏ ماذا يعني عازف سوليست بيانو؟ ‏ عازف «سوليست» يعني عازفاً منفرداً أي يستطيع أن يمارس إقامة الحفلات لوحده مغطياً كامل الأمسية لكن هذا لا يعني بأنه لا يشترك مع غيره من الموسيقيين في إقامة حفلات موسيقا الحجرة (التي تستوجب حضور عدد قليل من العازفين) والعازف المنفرد هو أيضاً الند للأوركسترا السيمفونية في الأعمال المسماة بالكونشيرتو المؤلفة من آلة منفردة واحدة (أو اكثر في بعض الحالات) وللأوركسترا السيمفونية؟ ‏ كنت الرجل الثاني في المعهد العالي للموسيقا بمنصب وكيل المعهد.. لماذا تركت؟ ‏ أنا لم أترك هذا المنصب إنما استبعدت لكني في الوقت نفسه مدرك لكون التعيين في مثل هذه المراكز يعود تقديره لكبار المسؤولين الشيء الذي تأثرت كثيراً به هو استبعادي عن التدريس أيضاً وفي الوقت نفسه، مع العلم بأني الوحيد المسمى أستاذاً (بقرار وزاري) للبيانو في سورية، والوحيد السوري الذي أصبح أستاذاً في ألمانية منذ عام 1988 الكثيرون يستغربون كوني لا أشغل منصباً كعميد للمعهد العالي للموسيقا مثلاً أو كمستشار موسيقي للسيد وزير الثقافة ولكني وبكل صراحة وصدق استغرب عدم وجودي على رأس مدرسي البيانو في المعهد العالي للموسيقا... لماذا تعتقد أنك استبعدت من منصبك كوكيل للمعهد العالي للموسيقا؟ ‏ لأنني كلفت بذلك بقرار من وزير الثقافة ولمدة سنتين وبعد عشرة أشهر تم إلغاء تكليفي من قبل وزير آخر لاحق لوزارة الثقافة. ‏ باعتبارك أستاذاً سابقاً في المعهد العالي للموسيقا.. أرجو أن تحدثني عن اللغط الذي أسمعه بين الحين والآخر عن المناهج التدريسية في المعهد العالي للموسيقا؟.. ‏ لست بصدد الهجوم على المعهد العالي للموسيقا وعلى إدارته الحالية، كما انني لا احمل أية ضغينة للشباب المسؤولين حالياً هناك بل، لا أحمل إلا الود لهم، خاصة وانني اعرفهم منذ عشرات السنين ولكن يجب أن يكون هناك سبب لهذا «اللغط» الذي تسمعه وهو برأيي ليس لغطاً، وإنما حقيقة تقول بأن المستوى الفني للتدريس في المعهد ليس على المستوى المطلوب أكاديمياً وأنه يتعرض للنقد من قبل الشباب القائمين عليه أنفسهم. ‏ هل تعتقد أن الطريقة التي يدار فيها المعهد العالي للموسيقا حالياً هي طريقة مجدية؟. ‏ لا أعتقد بوجود خطة موسيقية أكاديمية محترفة تنظم العمل في المعهد. ‏ هل أنت متفائل بحضور هذا العدد الكبير من الفرق الموسيقية الشابة التي تكونت في معظمها من خريجي المعهد العالي للموسيقا على مدى عقدين؟ ‏ أنا كمحترف من الواجب علي أن أجيب بواقعية، الواقع يقول بأن ثمة عدداً محدداً مشتركاً أو منضماً ضمن إطار فرق كثيرة ومتعددة في آن معاً لا يغرنك الكم وابحث عن النوع؟ وابحث عن التنوع الجوهري الذي يمكن أن يميز فرقة عن أخرى بغض النظر عما إذا كان المشاركون منتمين لأكثر من فرقة في الوقت ذاته. ‏ هل تعتبر نفسك كما تروجك الصحافة عازفاً عالمياً؟ ‏ أولاً أرغب في استعمال كلمة دولي عوضاً عن كلمة عالمي العازف الدولي هو الموسيقي الذي قدم الحفلات في دول متعددة، أنا أعتبر نفسي عازفاً دولياً لأنني مثلت بلدي سورية في ستة وعشرين بلداً مختلفاً في العالم وبالمناسبة فأنا موظف منذ عام 1977 في وزارة الثقافة ثم وزارة الإعلام، أي منذ ثلاثة وثلاثين عاماً، ولم أوفد للعزف خارج سورية إلا في العام 1981 حصراً.. أما فيما يتعلق بالتقييم فأتركه للجمهور والنقاد في سورية والبلاد العربية والأجنبية.. وبالدرجة الأولى إلى الجمهور الذي هو في آخر الأمر هدف كل عمل فني عموماً وكل أمسية موسيقية تحديداً؟. ‏ باعتبارك كنت قريباً بل في داخل المعهد العالي للموسيقا... كيف تقيّم وضع وأداء الفرقة السيمفونية الوطنية حالياً من كل الجوانب ونحن نهتم برأيك باعتبارك فناناً موسيقياً خبيراً وابن البيت؟ ‏ سوف أجيب على هذا السؤال كما في الأجوبة السابقة آخذاً بالحسبان الواقع وليس بالضرورة ما قد نقرؤه ونسمعه ونشاهده في بعض أجهزة الإعلام. ‏ الواقع يقول إن هناك تراجعاً في أداء الفرقة السيمفونية الوطنية السورية على صعيدي الأداء واختيار البرامج. ‏ لماذا؟ ‏ عندما أتحدث عن سلبية في الأداء أريد بذلك أن أتحدث عن قدرة أقل في الإقناع، أي في التأثير على الجمهور. مثلاً عن حيوية العزف المهارات التي تستعرض من خلال اختيار عمل معين، والهدف من هذا الاختيار الذي يفترض ان يخضع لقيم فنية وتثقيفية أما موضوع اختيار الأعمال في أمسيات الأوركسترا فنلاحظ تكراراً لافتاً للنظر ونلاحظ استسهالاً في اصطفاء تلك الأعمال كما الابتعاد عن مؤلفات سيمفونية عظيمة يستحق جمهورنا التعرف عليها من جهة وتستمد منها من جهة اخرى الفرقة السيمفونية الوطنية السورية كفاءتها واحترافيتها، دعنا نستحضر مثلاً من الأدب إذ إنه ليس من السهل أن نعرف الناس على أمّات الروايات (السيمفونيات) ومن الأسهل بكثير إيراد المقالات الجميلة أو القصص القصيرة التي حتى لو بلغت أوج الجمال لن تشكل إلا مساحة محددة في فسيفساء اللوحة الموسيقية السيمفونية. ‏ بحكم معرفتك بكل ظروف الإبداع الموسيقي في سورية هل أنت تشعر أن الأمور إنتاج (إبداعي) تسير في الاتجاه الصحيح فنياً... و.. وطنياً بمعنى الهوية الفنية الموسيقية الجمالية في سورية؟.. ‏ أولاً أتشرف بكوني سورياً عربياً وبكوني سأدخل بعد شهور قليلة سنتي الخمسين في مضمار الموسيقا وأنا حكماً (شاهد على العصر) كما ألمحت في سؤالك، أما الاتجاه الصحيح فأحرص في الدرجة الأولى أن أسير أنا شخصياً فيه وأظن أن هذا الاتجاه وطني كما علمتنا مدارسنا منذ نعومة أظفارنا، وكما علمتني عائلتي من طرفي والدي ووالدتي والحديث عن الهوية الموسيقية السورية حديث ذو شجون ضمها كتيبي الذي سيصدر قريباً عن الهيئة العامة للكتاب تحت عنوان «الصوت والزمن». ‏ عزفت مع الفرقة السيمفونية الوطنية عدة مرات.. لماذا لم تستكمل وأنت موجود الآن بشكل دائم في الوطن؟ ‏ كانت آخر مرة تعاونت فيها مع الفرقة السيمفونية السورية بتاريخ 30/12/2008 أي منذ فترة نسبياً ليست طويلة ولكن إذا ما أخذنا بالحسبان عمر هذه الفرقة وهو سبعة عشر عاماً إذا ما عرفنا بأنني قد عزفت معهم خلال هذه الفترة ثلاث مرات فقط نجد بأن هذا التعاون ليس وثيقاً أنا أحرص على هذه الفرقة الوطنية وأريد التعاون معها باستمرار في سبيل إنشاء ملاك رسمي لها وإيجاد استقرار أول وفني يدوم ويزدهر ولقد كان بودي أن اشترك مع الفرقة السيمفونية في عمل واحد على الأقل كل عام ولكن هذا ليس بيدي. ‏ كذلك أتمنى لو كانت دار الأوبرا منبراً دائماً لنشاطي وآسف بأنني في العام 2009 لم احصل على حفل واحد فيها كما أني آسف لأني سأقوم بإحياء حفل واحد في دار الأوبرا عام 2010 وهي بالمناسبة منظمة من قبل معهد سرفانتس في دمشق وأقول بصراحة بأن سياسة دار الأوبرا في عام 2010 التي تقتصر على إعطاء فرصة حفل واحد في العام لكل عازف منفرد أو مؤدٍ بغض النظر عن مضمون البرامج وخبرة هؤلاء العازفين وتاريخهم، هذه السياسة برأيي غير منصفة. ‏ كيف توّصف تجربتك كمدرس في المعهد العالي للموسيقا وكيف تقيمها وماذا تعني لك؟. ‏ كانت فترة من أجمل فترات حياتي بالرغم من أنني كلفت بوكالة المعهد لمدة سنتين وأعفيت من ذلك بعد عشرة أشهر فقط ثم سميت أستاذاً بقرار وزاري وهي التسمية الوحيدة الموجودة في المعهد العالي بمرتبة أستاذ وأعفيت من التدريس بالتوافق مع المدة المذكورة ولا أريد أن اكرر ما قلته لك سابقاً أما بشأن تقييم هذه الفترة فقد عنت لي أكثر من أي تجربة أخرى في حياتي لأنني احتككت مباشرة مع الطلاب ومع مؤسستهم ومع همومهم وعنيت مباشر بدورة التعليم في سورية من الأساسي فالثانوي فالعالي، وبالتالي إيجاد فرص عمل لخريجي المعهد العالي للموسيقا ضمن مؤسسات وزارة الثقافة الموجودة والمخطط لوجودها وضمن مؤسسات أخرى هي وزارة التربية والاعتراف بشهادة المعهد العالي للموسيقا بأهلية التعليم في وزارة التربية. ‏ في النهاية سيبقى المعهد العالي للموسيقا جزءاً من همي العلمي والوطني والفني.