2012/07/04

الفيلم الفلسطيني «المرّوالرمان»: قضية الأسرى من زاوية أخرى
الفيلم الفلسطيني «المرّوالرمان»: قضية الأسرى من زاوية أخرى


جهاد أبو غياضة – تشرين


استمر الإعداد له ست سنوات واحتاج لطاقم ضخم من الممثلين، ناهيك بمشكلة التمويل التي لطالما شكلت أزمة في صناعة السينما الفلسطينية، حتى أبصر فيلم «المرّ والرمان» النور على شكل عمل سينمائي روائي طويل، وهو العمل الأول لمخرجته «نجوى نجار».

فالفيلم الذي يحكي قصة راقصة للفنون الشعبية في مدينة القدس تدعى «قمر» التي تتزوج بـ«زيد» شاب يعمل مزارعاً في أرضه التي يملكها في مدينة رام الله، ثم تتطور الأحداث ويعتقل زيد بعد أن صادرت السلطات الإسرائيلية أرضه، وهنا تتضافر الأحداث لتنسج صراعاً داخلياً تعانيه «قمر» بين دورها كزوجة ومتطلبات البيت وضغط أسرة الزوج، وشغفها في تدريبات الرقص الشعبي، ففي البداية تلزم قمر المنزل وتتحمل أعباء العمل الزراعي ومتابعة تسويق زيت الزيتون مثلما كان يفعل زوجها وتعيش على أمل إطلاق سراحه القريب، عارضاً لمعاناتها لزيارته، وهنا يبرز التركيز على إنسانية الزوجة في نموذج «زوجة الأسير» وإصرارها على الحياة عبر ممارستها للرقص الشعبي في منزلها ليلاً، وهي تحلم بعودتها للفرقة بعد خروج زوجها من المعتقل، ثم اشتداد هذا الصراع وتبلوره مع تجديد الاعتقال الإداري لزيد، حيث تقرر قمر العودة إلى التدريب مع الفرقة مجدداً، وخصوصاً بعد وصول «قيس» وهو مدرب فلسطيني من لبنان أتى لتدريب حركات جديدة، وخلال دروس التدريب تنشأ علاقة عاطفية من نوع خاص بين قيس و قمر التي تتجاوب جزئياً نتيجة حالة الفراغ العاطفي التي تعانيها والموضوع المشترك وهو الشغف بالرقص الشعبي، لكنها لا تعطي هذه العلاقة مداها، وهو ما يوضحه الفيلم، ليترك النهاية مفتوحة كحال القصة الحقيقية للشعب الفلسطيني.

تتسم شخصيات الفيلم بالبساطة والمباشرة لدرجة أن المشاهد يندمج في القصة، فإن كانت الحبكة تتناول موضوع «زوجة الأسير» كمنطلق سردي لكن الكاميرا تنطلق في سرد تفاصيل الحياة اليومية لأناس في حراكهم المعتاد داخل واقع صعب من الاحتلال والحواجز والممارسات القمعية للاحتلال، مبينة المستوى الحياتي الذي تعيش فيه شرائح اجتماعية متعددة، وبإشارة واضحة لسطوة التقاليد والموروث الاجتماعي، وإن كان أبرز الانتقادات التي وجهت للفيلم مساسه بالهالة التي تتمتع بها زوجة الأسير وطرحه بعداً جديداً في شخصيتها وهو الإنساني البحت..

وقد حظي هذا الفيلم بإعجاب النقاد حول العالم لما يتضمنه من براعة في التمثيل والتصوير السينمائي  وشارك في مهرجانات كـ«سندانس، روتردام، إدنبره، دربان، لوكارنو، برلين، كان» وغيرها من المهرجانات العالمية إلى جانب العديد من العروض الخاصة في عدة دول.. واليوم وعلى واقع تفاعلات قضية الأسرى ومعركة الأمعاء الخاوية التي يخوضونها لأسباب مطلبية يعود هذا الفيلم للنور من خلال عدد من العروض الخاصة التي تنظمها بعض النوادي الثقافية والمؤسسات الأهلية في الأراضي المحتلة.

فيلم «المر والرمان» قصة مكونة من عدة قصص ونفسيات مختلفة والأهم أنه عرض لأشياء جد واقعية، استطاع ببراعة ممثليه(هيام عباس، ياسمين المصري، أشرف فرح، علي سليمان) تقديم قصة إنسانية هي  مزيج من الحب والحرية تحت القمع والسيطرة الاحتلالية والموروث الاجتماعي، فجاء الفيلم أشبه بأغنية تتميز بروحانيتها وجاذبيتها الخاصة، وليشكل في حد ذاته جهداً يساهم في إبراز القضية وإنسانية البطل... لكن بصورة أخرى.