2014/04/27

القربان
القربان

 

مجلة لها

 

 

القربان» مسلسل درامي جديد يمكن وصفه بأنه ملحمة درامية اجتماعية معاصرة لما يعج به من خطوط وأحداث ومصائر وحيوات، حيث يلج بجرأة إلى مرحلة المخاض التي سبقت الأزمة السورية، مسلطاً الضوء على حراك يرتبط بالفساد والعلاقات التي تحكم الصلة بين القوي والضعيف، الغني والفقير، وتلاعب بعض الشخصيات بمصائر شخصيات أخرى، وكيف تُشترى النفوس معرياً الآلية التي تحكم الكثير من العلاقات من تحت الطاولة، مظهراً في الوقت نفسه شخصيات أخرى تسعى إلى محاربة الفساد.

المسلسل من إخراج علاء الدين كوكش، وتأليف رامي كوسا وبطولة: رشيد عساف ، فايز قزق، سامر اسماعيل، د.سامر عمران، أمل عرفة، علا باشا، وفاء موصلي، كرم شعراني، ندين تحسين بك، شادي زيدان، يزن السيد، شادي مقرش، هلا يماني، حسام الشاه، طارق مرعشلي... وإنتاج مؤسسة الإنتاج الإذاعي والتلفزيوني.

المخرج علاء الدين كوكش

 

- يرصد العمل التصدّعات الداخلية في المجتمع السوري ولكن الكثير من المسلسلات حاولت رصد تلك التصدّعات... فما الجديد وما الأماكن التي يُحسب للمسلسل أن له السبق في دخولها؟

«القربان» مسلسل اجتماعي معاصر، ويمكن القول أيضاً أنه اجتماعي - سياسي إلى حد كبير، وتكمن أهميته في أنه لا يتكلم عن الأزمة التي نعيشها منذ ثلاث سنوات، وإنما عن المجتمع ما قبلها، ويتعرّض للجوانب التي أدت إلى الأزمة ويسلط الأضواء على التركيبة الاجتماعية والفكرية والسياسية والاقتصادية للمجتمع بشكل كاشف وقوي، والأهم من ذلك أنه ينطلق من نظرة حب وأمل للمجتمع والبلد وبالتالي سيكون أكثر جرأة وصدقاً في طرح الموضوعات.

- إلى أي مدى يقدّم العمل ما هو «تحت السطح»؟

عندما تكون جريئاً في تقديم المشكلة فأنت تدخل ما هو تحت السطح عبر الغوص إلى العمق، وكلنا نطمح إلى أن يكون أمامنا فضاء كبير يمكّننا تداول كل الأمور بصراحة، إلا أن الظروف قد لا تساعدك أحياناً، وبالتالي هناك تستطيع الدخول فيها لما هو تحت السطح وهناك أمور تبقى فيها بحدود السطح، ولكن عندما تربط الأمور ببعضها تعطيك نظرة معمّقة وخريطة واسعة للمجتمع.

نعرض في المسلسل لأشخاص كانوا سبباً في الأزمة، بالإضافة إلى تأثيرهم على أشخاص آخرين وجذبهم إلى عجلة الفساد وإدخالهم في هذه الدوامة التي تزيد تعميق الأزمة في المجتمع، فنرى كيف يتحول إنسان قد يكون شريفاً وعنصراً فعالاً إلى الجانب النقيض بسبب معطيات معينة موجودة في المجتمع.

- هل قدّم العمل التبرير الإنساني لهذ التحوّل بما يجعل المشاهد يتعاطّف معهم ويبرر لهم تحوّلهم؟

لا نريد إدانة هؤلاء الأشخاص فقط وإنما ندين الظروف أيضاً، فقد كانوا أشخاصاً جيدين، وعندما تحولوا فعلوا ذلك لأنه ليس كل إنسان قادراً على المقاومة والمحافظة على أخلاقياته ومبادئه، وأحياناً عليك الابتعاد عن الظروف التي يمكن أن تؤدي بك إلى الهاوية. وبالتالي قدمنا نماذج مختلفة وهناك أشخاص صمدوا ولم ينخرطوا في هذه العجلة.

- عديدة هي الأعمال تناولت موضوع العشوائيات لكنها وقعت في فخ غربتها عن الواقع... فإلى أي مدى حرصت على تفادي هذا المطب؟

نجد في النص اختياراً لنبض المكان وروحه عبر الشخصيات التي يقدمها، فالمدينة فيها حارات متنوعة وعشوائيات وفيلات، وبالتالي نلمس روح المكان عبر حراك الشخصيات وما الذي تمثله، فهل هي تمثل نبض المجتمع بكامله؟ وبتخيلي أن ما يحدث في سورية بعد عام 2010 هو حراك اجتماعي يدل على وجود أزمة.

- تقدم الغني والفقير، الجلاد والضحية... فأين الطبقة الوسطى الحامل الأساسي لروح المجتمع؟

عندما تبحث عن الطبقة الوسطى تجد أنها تكاد تندثر، وبالتالي هي بالكاد موجودة. وعملياً اليوم هناك طبقتان، طبقة تحت مستوى الفقر وأخرى غنية جداً وهو تناقض صارخ في المجتمع السوري، وبالتالي عليك أن تعبّر عن هذا المجتمع الحاضن لكل المشكلات التي نعيشها اليوم.

- يضم العمل عائلات من عدة طوائف، كيف تقدمها؟ ألا تخشى من بعض الحساسيات خاصة في هذا الوقت؟

لا... فإن قدمتها بصدق وموضوعية لن أخشى ذلك، لأن تركيبة المجتمع السوري هي هكذا، فأنا مولود في القيمرية وعشت فيها وكانت نوافذ منزلنا تقابل نوافذ جيراننا المسيحيين، كما أن حارة اليهود كانت تقع على مسافة أمتار قليلة، فكل الفئات الدينية موجودة ضمن هذا المجتمع وهذه تركيبة المجتمع السوري على مر الزمن ولا آتي بالجديد.

- كيف ستقدّم هذا التنوع؟

أقدّمه على حقيقته كما هو في الواقع

- ما الدافع وراء المغامرة بوجوه شابة في «القربان»؟

كنت أشعر بتوق للتعامل مع جيل من الشباب، ففي العمل هناك الكثير من الأشخاص الذين لا أعرفهم من قبل، وهناك أجيال شابة تخرجت من المعهد العالي للفنون المسرحية وأثبتت وجودها تعاملت معها لأول مرة، واليوم كنت بحاجة لأتعامل مع الجيل الشاب الموهوب والطموح، وكنا أسرة واحدة معهم.

الفنان سامر اسماعيل

 

«هي صراعات بين الخير والشر، فلكي تكسب هناك ما يمكن أن تخسره». بهذه العبارة سعى الفنان سامر اسماعيل للتعريف بشخصية رشيد التي يؤديها في المسلسل، ويتابع القول:

«يعاني رشيد من صراع قوي ضمن هذا الإطار، خاصة أنه يعيش في العاصمة ضمن العشوائيات، المكان الذي يتم فيه طحن الناس.

فقد انتقل من العيش البسيط في الريف إلى السكن ضمن العشوائيات في العاصمة، ونرى من خلال العمل مدى استعداده للتنازل عن مبادئه ليحقق طموحه ويكون مثل الآخرين الذين يملكون المال».

- إلى أي مدى أبرزت الجانب الإنساني من الشخصية؟

مما لا شك فيه أن أكثر الأشخاص شراً لديه جانب إنساني، وإنما بنسب متفاوتة، ونجد عند رشيد شيئاً من الحنان والحب والاحساس بالخير، ولكن تبقى شخصيته ضمن الإطار الذي يُفترض ألا يتعاطف معه الناس، والمقصود إظهار فكرة أن هناك عينة من المجتمع قد تفعل ما يفعله لتصل إلى ما تريد.

- كيف هي علاقته مع أخته ومع محيطه؟

علاقته مع أخته إيجابية، فوالداهما متوفيان وهما يعيشان وحيدين في العاصمة بعد أن كانا يعيشان في الريف. نجدهما متكاتفين ومتماسكين بشكل كبير، ويحاول رشيد أن يذهب باتجاهها خاصة أنه يظهر كشخص منفتح رغم أن أخته طالبة جامعة في حين أنه لم يدرس هو في الجامعة، وعنده مشكلة في هذا الأمر ولكن يحاول إخفاءها. إلا أن حقيقة نظرته إلى الأمور وشرقيته تطفوان على السطح عندما يوضع على المحك مع أخته.

الكاتب رامي كوسا

- أين تكمن خصوصية أول تجربة احترافية لك على صعيد كتابة الدراما التلفزيونية؟

أنا قلق، هذه حقيقة وحالةٌ صحيّة على ما أظنّ كتبت بصدق، هذا عزائي في المبتدى والمُنتهى، خطورةُ التّجربة الأولى نابعةٌ من كونها «تجربة» بالمطلق، والتجريب مقامرة، يحتمل النّجاح والفشل، الفشل في عرف المهنة يعني الإقصاء أو التّحجيم، راهنت على أدواتي ومجموعِ التّراكمات البسيطة الّتي اكتسبتها عبر تاريخٍ قصيرٍ من المشاهدات والقراءات والاستماعِ إلى تنظيرٍ خوارزميّ لكتّابٍ كبار، صرتُ الآن صاحبَ تجربةٍ مستقلّة، لم أعتَد على هذه الصّفة الاعتباريّة بعد، ما زلت في انتظار نتيجة المغامرة الأولى، أو المقامرة الأولى إذا صحّ التعبير.

- منطلق الأحداث حارة عشوائية... هل عادت موضة «دراما العشوائيات» إلى الواجهة أم أنك تذهب هنا في اتجاه مختلف؟

أتحفّظ على مصطلح «موضة دراما العشوائيّات»، الموضة أساساً هي استمراء لنجاحِ تجربةٍ ما. في تاريخ الدّراما السّوريّة تجارب كثيرةٌ تناولت حاراتِ العشوائيّات، بعضها نجح بجدارة، وبعضها سقط بجدارة، وبعضها لم يترك أثراً في نفوس المتابعين.

أتحدّث في «القربان» عن الفقر وتبعياته بصورةٍ رئيسة، حارات الصّفيح والعشواء هي أصدق البيئات الحاضنةِ لهذا الوجع، أجده شرطاً أكثر منه خياراً، الحارة فضاءٌ مكانيّ وليست بطلاً في هذا العمل.

- عديدة هي الأعمال التي تناولت موضوع العشوائيات لكنها وقعت في فخ غربتها عنها وعدم دراية صناعها بتفاصيل وبروح هذه الأماكن... فإلى أي مدى حرصت على تفادي هذا المطب؟

في مدينتي الأمّ حمص نماذج مجنونةٌ عن سكّان العشوائيّات، فقراؤها يشكّلون مادّةً استثنائيّة لتفسير الهمّ العام لجائعي سوريّة، كتبت بناءً على مشاهداتي الشّخصيّة، الحياةُ أصدق من قلمي، أكتفي بهذه الإجابة.

- أين الطبقة الوسطى في المسلسل؟

في سورية 23 مليون مواطن، لا أستطيع أن أتحدّث عنهم جميعاً، يحوي العمل خريطة بانوراميّة للمُشكّل البشري في بلدي، الطّبقة الوُسطى حاضرةٌ تماماً، النّجمة أمل عرفة تجسّد إضافةً إلى النّجم شادي مقرش والشّاب كرم الشّعراني وآخرين أمثلةً عن السكّان المُنتمين إلى هذه الطّبقة بما يخدم التصعيد الحكائيّ الّذي اشتغلت عليه في المسلسل.

- كثرة الشخصيات والخطوط الدرامية والموضوعات المطروحة ألا تشتت ذهن المتلقي وتوقعك في مطب طغيان خط درامي على حساب آخر؟

يُمكن تقديم «القربان» في فيلمٍ روائيّ طويل لا تتجاوز مدّته السّاعتين، ولكن الشّرط التّسويقيّ يشترط نسجَ حكايةٍ من ثلاثين حلقة.

لكلّ كاتبٍ أسلوبه في ملء فراغ الزّمن، اخترت توسيع الحكايات وفرد تفاصيلها والغوص في زواياها المهمة لجهة المحافظة على إيقاعٍ مشدود يُنصف عنصر التّشويق وجذبِ المشاهد لمتابعة دراما يتوازى فيها التّرفيه مع عمقِ الطّرح وجدواه.

- كيف يمكن وصف العلاقة بين مخرج مخضرم وكاتب اعتبر أصغر كاتب درامي؟

قدّمت الدّراما المصريّة في العامِ الماضي تجربة «موجة حارّة»، هذا العمل الاستثنائيّ بالمعنى الواسع والعريض للكلمة، شبه مثاليّ، يلخّص النّجاح وبهاءَ الصّنعة في ثلاثين حلقة، أخرجه محمّد ياسين الّذي أنهى دراسته الاكاديمية عام 1987، في عرف الدّراما هذا مخرجٌ شاب تصدّى لسيناريو كتبته جيهان فاضل عن نصّ للكبير والمخضرم أسامة أنور عكاشة.

هذا مزيجٌ بين الشّباب والكلاسيكيّة، أجده ناجحاً جداً. في المقابل هناكَ تجارب من هذا الصّنف فشلت بشدّة... آمل أن نحظى بشرف النّجاح، وأستبشر خيراً في ما هو قادم.

الفنان د. سامر عمران: يتحدث الفنان د.سامر عمران عن خصوصية شخصيته في العمل، فيقول:

«أجسّد شخصية «عمر» أستاذ لغة عربية، كان سجيناً سياسياً لمدة عشر سنوات وقد خرج منذ مدة، يعيش في حارة شعبية ويقوم بتدريس اللغة العربية بشكل شخصي. هو إنسان قريب من الناس خيّر عموماً وإيجابي، ويحاول دائماً أن يكون عقلانياً في علاقاته مع الآخرين.

وفي هذه الظروف يشعر بأن هناك أفكاراً كان جيله يتبناها حرّكها لديه الجيل الشاب، ويكتشف في ما بعد أنه كجيل كان ميالاً إلى الجانب النظري أكثر من ميله إلى إدراك الحياة بالمعنى العملي للكلمة، وبالتالي يرى أن هناك جيلاً آخر من الشباب فيحاول أن يكون إلى جانبهم لربما يكونوا هم الأمل ليكون هناك حياة أفضل وأهم على كل المستويات.

يعتبر عمر رجل ثقافة وفكر ولديه وجهة نظر اجتماعية واقتصادية، وبالتالي حاول أن ينظر إلى المجتمع من جديد بنظرة أشمل من وجهة نظره التي كانت أميل إلى الإيديولوجيا، وربما بات اليوم معّنيٌاً بالجانب الإنساني بشكل أكبر، فاقترب من الناس وبدأ يعاين حياتهم بشكل عملي».

الفنانة نادين تحسين بك

تؤدي الفنانة ندين تحسين بك شخصية «نادين» التي ترتدي الحجاب وتقدّم نموذجاً عن الإسلام المعتدل. حول الصراعات التي تعيشها الشخصية ومحاورها الأساسية تقول:

«هي إنسانة بسيطة لكن حالتها جديدة بالنسبة إليّ وتحكي عن الناس البسطاء المتدينين بشكل معتدل والبعيدين عن التعصب. ونحاول من خلال الشخصية تقديم هؤلاء الأشخاص بشكل صحيح ونظهر كم هم متوازنون.

ورغم أن خط الشخصية بسيط لم أستطع إلا أن أقدّمها لأن فيها شيئاً جديداً لم يسبق لي أن قدّمته».