2012/07/04

القطاع العام الدرامي إنتاجي.. يعود.. وينافس
القطاع العام الدرامي إنتاجي.. يعود.. وينافس


خلدون عليا - تشرين

«عام القطاع العام»، صفة أطلقتها «تشرين» بكل وضوح وواقعية على عام 2012 بالنسبة للدراما السورية.. ولهذه التسمية أسبابها ومبرراتها الموجودة على أرض الواقع ويأتي في مقدمتها،

الدور الذي قامت به المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي في الموسم الحالي عبر تصديها لإنتاج ستة أعمال درامية وبإنتاجات كبيرة، فضلاً عن بدئها العمل في وقت مبكر في حين كان الكثير من المنتجين السوريين مترددين ومتخوفين من مصير الدراما السورية «على الأقل تسويقياً» في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد وانعكاساتها على الدراما السورية، عدا عن قدرة هذه المؤسسة على الاستمرار في العمل الذي بدأته العام الماضي من خلال التكامل والاستمرارية، بعيداً عن قرارات شخصية هدفها إزالة أو نسيان كل ماسبق من انجازات مع استلام مدير جديد وهو ما لاحظناه بوضوح في الموسم الحالي، حيث تم إكمال خطط المؤسسة منذ العام الماضي عدا عن البدء في مشروعات جديدة فوصل عدد الأعمال التي أنتجتها المؤسسة الدرامية التابعة للقطاع العام إلى ستة أعمال، أربعة منها ستعرض في شهر رمضان القادم على عدد من الفضائيات المحلية والعربية هي «أنت هنا»، «المفتاح» و«المصابيح الزرق» و«أرواح عارية»، إضافة إلى عملين أنتجتهما المؤسسة وأدرجتهما للعرض فوراً هما «هات من الآخر» و«حصان طروادة» والرقم بمجمله (إذا تجاهلنا أفلام الشباب التي تقوم المؤسسة بإنتاجها اليوم) يشكل أكثر من ربع إنتاجات الدراما السورية لأن التقديرات والمؤشرات المتوافرة تشير إلى أن حجم الإنتاج السوري لن يتخطى 20 عملاً درامياً في الموسم الحالي «رمضان 2012».

إذاً استطاعت المؤسسة أن تحصد مرتبة الصدارة بين مختلف شركات الإنتاج السورية الخاصة التي لم تصل أحسنها إنتاجا إلى نصف إنتاجات المؤسسة والتي امتلكت ميزات تنافسية كبيرة في الموسم الحالي سواء على صعيد سلاسة الإجراءات الإدارية والابتعاد عن الروتين والبيروقراطية اللذين تشتهر بهما مؤسسات القطاع العام بمختلف اختصاصاتها، أو حتى على صعيد الأجور، فما علمناه من النجوم والفنانين السوريين أن المؤسسة دفعت أجوراً تضاهي القطاع الخاص لا بل وتزيد، كما امتلكت المؤسسة ميزات تنافسية مهمة بقدرتها على استقطاب ألمع النجوم والمخرجين والكتاب السوريين، إضافة إلى احتضان المواهب الشابة وإتاحة الفرصة أمامها لتقديم نفسها للجمهور وهو ما يعيد إلى الأذهان الدور الأساس للقطاع العام الإنتاجي منذ انطلاقة دائرة الإنتاج في التلفزيون العربي السوري والتي كانت المؤسس والحاضن لانطلاقة الدراما السورية وتطورها المتلاحق وانتشارها الكبير الذي شجع القطاع الخاص على الدخول في معترك إنتاجها.

سلسلة «أنت هنا»:

أول إنتاجات المؤسسة كان سلسلة «أنت هنا» للكاتب شادي دويعر والمخرج علي ديوب، وهو العمل الذي بوشر في تصويره خلال شهر رمضان الفائت. ويرى صناع العمل أن سلسلة «أنت هنا» هي محاكاة تلفزيونية للسينما، مصرّين على أن ما ينجزونه هو أبعد ما يكون عن اللوحات الكوميدية الناقدة التي قدمها «بقعة ضوء» وسواه.. مؤكدين أنها بمنزلة أفلام قصيرة سواء من حيث الشكل أو مدة الفيلم وتكثيفه وطريقة الأداء وأسلوب تصويره. وهو يضم نخبة من الفنانين في مقدمتهم: ‏ قاسم ملحو، تيسير إدريس، محمد حداقي، مازن عباس، علاء قاسم، اندريه سكاف، جمال العلي، رشا الزغبي، سعيد الآغا، خالد القيش، نجوى علوان، جرجس جبارة، أوجا أبو الذهب، رغد مخلوف، معتصم النهار، رغداء الهاشم، لميس حسن، هناء نصور، تولاي هارون... وآخرون. وبنظرة عامة للعمل نجد أنه على مستوى الفكرة وطريقة التقديم يعد عملاً جديداً كلياً، عدا عن استقطابه أسماء اشتهرت بتقديم شخصيات صعبة وبناء «كاركترات» مميزة، ولعل في مقدمتهم الفنان محمد حداقي وتالياً فإن «أنت هنا» مرشح لأن يقدم شكلاً جديداً مختلفاً عن اللوحات التقليدية التي اعتدنا مشاهدتها إلا أن كل ذلك يبقى مرهوناً بما سيراه المشاهدون على الشاشة التي ستبين مستوى هذا العمل وحضوره.

«المفتاح»

العمل الثاني الذي ستقدمه المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي سيكون «المفتاح» للكاتب خالد خليفة والذي شهد عودة المخرج هشام شربتجي للدراما السورية بعد غياب ليس بالقصير.. العمل ينطوي على جرأة كبيرة في الطرح لجميع أشكال الفساد السياسي والاجتماعي والاقتصادي والإنساني ليثبت أن كل نوع من أنواع الفساد يؤدي للآخر، وتالياً يجب أن تكون المعالجة متكاملة كي نخلق بيئة نزيهة شريفة سمتها الأساسية هي الإنسانية، كما يناقش العمل القلق الذي يحكم العلاقات الإنسانية وترابطها في ظل تطور العصر ومتغيراته. إذاً المفتاح سيناقش موضوعات في غاية الأهمية وهي على تماس مباشر مع هموم المواطن السوري في ظل مشاركة عدد كبير من نجوم الدراما السورية، في مقدمتهم: باسم ياخور، فايز قزق، أمل عرفة، شكران مرتجى، ديمة قندلفت، وفاء موصلي، سلمى المصري، أحمد الأحمد، نسرين الحكيم، عبد المنعم عمايري، محمد حداقي، قمر خلف، ديمة الجندي، محمد خير الجراح، جرجس جبارة، عبد الحكيم قطيفان، سليم كلاس، ربى المأمون،.. وآخرون.

إذاً، المفتاح يضم مجموعة من العوامل التي تجعله من الأعمال القادرة على المنافسة في رمضان المقبل ويبقى العرض هو الحكم الرئيس للحكم على مستوى العمل.

«المصابيح الزرق» ورواية «حنا مينه»

وستكون المؤسسة على موعد مع الجمهور من خلال مسلسل «المصابيح الزرق» عن رواية الأديب السوري الكبير «حنا مينه» تحمل الاسم نفسه، وسيناريو وحوار محمود عبد الكريم فيما يتولى المخرج فهد ميري إدارة العمل.. واللافت في هذا العمل هو الحضور الروائي في الدراما حيث إن هذا النوع من الأعمال دائماً يبقى أمام تحدي مقاربة العمل الدرامي للرواية الأساسية ومدى مطابقتها بسياق درامي حكائي طبعاً ولاسيما أننا شهدنا فشل العديد من الأعمال الدرامية المستقاة من روايات لأدباء وروائيين كبار وتالياً فإن المسلسل الذي حشد كثيراً من نجوم الدراما السورية المعروفين بحضورهم الطاغي والكبير، وفي مقدمتهم النجمان سلاف فواخرجي وغسان مسعود إضافة إلى مشاركة عدد من النجوم الآخرين ومنهم: أسعد فضة، ضحى الدبس، جهاد سعد، أندريه سكاف، سعد مينة، زهير رمضان، تولاي هارون، محمد حداقي، رنا جمول، جرجس جبارة، المسلسل سيكون رهاناً حقيقياً للمؤسسة ولصناع العمل في كيفية تقديم نتاج المبدع حنا مينه كعمل درامي وهو المعروف برواياته المحببة والمتابعة بشغف من قبل الجمهور.

وبحسب مخرج العمل «فإن أحداثه تجري في الساحل السوري، ويتحدث عن فترة الحرب العالمية الثانية، أي ما قبل استقلالنا من الاحتلال الفرنسي، فهو ملحمة وطنية تتحدث عن تلاحم الشعب بكل أطيافه وشرائحه، حيث كانت العلاقات الإنسانية آنذاك جميلة ومتميزة ونبيلة على الرغم من الظلم والقهر، ورغم الاضطهاد الذي كانوا يتعرضون له، وضمن تلك الظروف التي يعيشونها كان لابد من وجود مساحة من الحب بكل معانيه، بدءاً من حب الحبيب وصولاً إلى حب الوطن، وهذا ما ساعدهم على طرد المستعمر الفرنسي وفعلاً تمكنوا بتصميمهم ودمائهم وإرادتهم أن يطردوه ويحصلوا على استقلالهم».

وتالياً فإن المسلسل سيكون مزيجا ً بين دراما التاريخ الحديث في قالب اجتماعي وهو كما أسلفنا تحد جديد في الحديث عن رواية إضافة إلى أن أحداثها تدور في مرحلة تاريخية معاصرة وليست بعيدة.

«أرواح عارية».. الليث حجو وفادي قوشقجي في تعـاون أول

مسلسل «أرواح عارية» يشكل أول تعاون بين المخرج الليث حجو صاحب العديد من الانجازات في السنوات الأخيرة مع الكاتب فادي قوشقجي صاحب الأعمال ذات الطابع الاجتماعي الإنساني المثير والتي تتناول قضايا مهمة وجوهرية ومشكلات كثيرة في المجتمع لا يقوى الكثير من الكتاب على طرق بابها، وأعماله «ليس سراباً» و«عن الخوف والعزلة» و«تعب المشوار» خير دليل على ذلك وقد حققت نجاحات كبيرة مع المخرجين المثنى صبح وسيف الدين سبيعي، ولعل في خطوة المؤسسة في العام الحالي للجمع بين حجو وقوشقجي في أول تعاون بينهما قيمة كبيرة جداً ولاسيما أن حجو ميال للأعمال ذات الطابع الإنساني أو أنه يطرح موضوعاته حتى الكوميدية منها بنفس إنساني قريب من المشاعر، وهو ما يتلاقى مع الأعمال التي يكتبها قوشقجي. فالعمل الذي انطلق تصويره منذ فترة قريبة بموضوعه الأساس يتحدث عن الشك.. وسقوط اليقين.. أي تزعزع الثقة بالأساسيات وتحديداً بأمور كان الركون إلى صحتها عاملاً شديد الأهمية في انطلاق شخصياتنا بنجاح في شؤون الحياة المختلفة، وجاء اهتزاز الثقة بالمسلمات ليخلق وضعاً جديداً سيهز عوالم شخصياتنا إلى هذه الدرجة أو تلك حسب طبيعة كل شخصية وصلابتها وحسب مختلف العوامل المحيطة بها ومدى احتضانها اجتماعياً، وحسب درجة أهمية الأمر الذي اهتزت أو انهارت الثقة به.

«أرواح عارية» يصور مجموعة من الخطوط الدرامية التي بشكلها العام تتحدث عن قضايا اجتماعية نعيشها في حياتنا اليومية: الشك والخيانة وازدواجية الأحكام الاجتماعية والحكم القاسي الذي يطلقه مجتمعنا الشرقي على المرأة عندما تخطئ في حين إنه يسوغ جميع هفوات الرجال.

إذا، هي مسائل مهمة اجتماعياً وانسانياً يرويها العمل وتالياً ربما نحن على موعد مع عمل جديد سيقدم لنا غوصا ً اكبر في تفاصيل وحكايا البشر ونفوسهم وطرق تعاطيهم مع ذاتهم ومع الآخرين، وهي حكايا درامية سيقدمها لنا عدد من نجوم الدراما السورية، وفي مقدمتهم: قصي خولي، سلافة معمار، عبد المنعم عمايري، جهاد سعد، نادين خوري، أمانة والي، نبال جزائري، لينا حوارنة، ندين تحسين بيك، طارق مرعشلي، شادي مقرش، نجلاء خمري، عامر علي، غزوان صفدي.

حضور ومنافسة:

إذاً، وباختصار وبعد قراءة عامة لما ستقدمه المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي في عام 2012 فإننا يمكن أن ندعي وبثقة أن مؤسسة القطاع العام هذه استطاعت أن تستحوذ على كل مقومات المنافسة والحضور عبر استقطابها أهم النجوم والفنيين والكتاب والمخرجين وفي الوقت نفسه من خلال ديناميكية تعاطيها مع الدراما كسوق مفتوح وبسرعة يتطلبها العمل في هذا القطاع بعيداً عن روتين الأوراق والمعاملات في أروقة الدوائر الرسمية إضافة إلى تنوع الموضوعات التي تطرحها الأعمال الخمسة واختلاف توجهاتها وتالياً تحقيق التنوع المطلوب لإغناء حركة الدراما السورية، وهذا أمر يؤكد أن هذه المؤسسة الوليدة استطاعت أن تعيد للقطاع العام السوري بعامة هيبته وللقطاع العام الدرامي بخاصة أهميته وحضوره وتأثيره في مسيرة الدراما السورية كما كان منذ زمن.. فكيف لا والمؤسسة وحدها تتصدر شركات الإنتاج السورية في عدد الأعمال المنتجة وتنوع الفنانين والمخرجين والكتاب المشاركين في الأعمال ليبقى العرض الفضائي لهذه المسلسلات هو الحكم النهائي عليها ومدى قدرتها على اجتذاب الجمهور لها.