2012/07/04

القنوات الغنائية كلمات خادشة تفسد الذوق العام
القنوات الغنائية كلمات خادشة تفسد الذوق العام

عبادة ابراهيم - دبي

لا نكاد نلبث طويلا حتى تطل علينا قناة غنائية، جديدة تنضم إلى سابقاتها ومثيلاتها من القنوات التي تعرض كليبات الرقص على خلفية غنائية، أدت إلى إصابة المشاهد بالتخمة والاستياء.

حيث تحول الفن إلى وسيلة لتحقيق المكسب المادي، فلم يعد مهماً اختيار الكلمات والألحان اللائقة بقدر ما يشترط توافر عدد من العارضات يقدمن المشاهد الجريئة، لتندثر الأصوات الجيدة أمام موجة الفن الهابط، وتتغير أبجديه فن الفيديو كليب، والقنوات الغنائية ليصبح كل شيء مباحا دون قيود. الأمر الذي جعلنا نتساءل: هل كثرة القنوات الغنائية تصب في مصلحة الفنان، أم تقف عائقا أمام تقدمه الفني، وهل نحتاج بالفعل إلى رقابة على القنوات الفضائية ولجان لانتقاء الأصوات الجيدة؟ تساؤلات عديدة يجب عنها بعض الفنانين في السطور التالية.

لجنة تقييم الأصوات

الفنانة مليحة التونسية تقول: زمان كان الفن طربا ومتعة ورسالة سامية ذات معان هادفة، أما الآن فتغير الحال للأسوأ، فالبعض اتخذ الفن وسيلة لتحقيق الكسب المادي وبأي طريقة كانت، فيقدمون أعمالا دون المستوى اللائق، أغانٍ أقل ما يقال عنها إنها مبتذلة لا تراعي المشاعر والذوق العام، فلم يعد مهما اختيار الكلمات والألحان اللائقة بقدر ما يشترط توافر عدد من العارضات يقدمن المشاهد الجريئة، وتكمن الخطورة في أن التلفزيون يدخل كل بيت، لذا نجد «أشباه الفنانين» يطالعوننا في كل وقت لذلك أحرص على ألا يشاهدها ابني الصغير حتى لا يسمع هذا الكلام.

ويرى هذه الكليبات العارية فألجأ إلى تشفير بعض القنوات الفضائية. وتضيف: عندما أردت الغناء في مصر بعد إصداري الألبوم الأول في تونس، كان لابد أن أقف أمام لجنة لتقييم الأصوات المكونة من الموسيقار عمار الشريعي وكمال الطويل وحلمي بكر حتى يتم قبولي وتعرض أغنياتي على قنوات التلفزيون المصري.

فقمت وقتها بالذهاب إلى الأستاذ إبراهيم الحجار الذي تتلمذت على يده وتعلمت منه فنون الغناء الشرقي والتواشيح حتى أستطيع اجتاز اختبارات اللجنة. المطرب كان يعاني كثيرا حتى يصل صوته للجمهور ويقتنع به، لذلك أتمنى أن يكون الجمهور أكثر وعيا، والقنوات الفضائية وشركات الإنتاج أكثر دقة في اختيار المواهب الجديدة التي تقدمها للجمهور.

أغانٍ مبتذلة

يؤكد الفنان صلاح الزدجالي أنه ليس ضد الأغنية السريعة، ولكنها وعلى حسب قوله يجب أن تمتلك مقومات النجاح، فالأغنية يجب أن يتناسق فيها المكون اللحني مع المفردة التي تتدفق من النص الشعري ، أما عن الأشياء التي يعاني منها المشهد الغنائي فيقول: عدم وجود مصفاة، وأقصد هنا لجان الاستماع. زمان كانت هناك لجان للنصوص وأخرى للألحان.

الآن كل شيء تغير؛ وإعطاء مساحة للأصوات المؤذية التي تضر العين قبل الأذن، فهناك من يدخلون المجال طمعا في الشهرة والمال، بالإضافة لأن القنوات الفضائية وشركات الإنتاج لم تعد تهتم بالموهبة الحقيقة والصوت الجميل، بل ساعدت على إفساد الذوق العام، وذلك بسبب عرضها الأغاني المبتذلة بصورة مستمرة دون قيود.

رقابة مكثفة

يرى المطرب وديع الصافي أن فنانين هذه الأيام يهتمون بالقشور أكثر من الإبداع الحقيقي، وفي ذلك يقول: حالة الفساد التي تعاني منها الساحة الفنية تعود إلى كثرة القنوات والفضائيات المهتمة بالملابس والحركات والألوان وليس بالصوت والقيمة والرسالة وأرى أن الحكومات العربية هي المسؤول الأول عن فساد الذوق العام في الوطن العربي باهتمامها بعرض كل هذا الهراء على الفضائيات التي تدخل كل بيت دون رقابة وحتي في التليفزيونات الحكومية نري ذلك.

ولابد لعلاج تلك الحالة أن تتدخل الدول ممثلة في وزارات الثقافة والإعلام ومعاهد متخصصة تفحص الأصوات. وقبل السماح لها بالغناء وممارسة الفن وأن يكون هناك أيضا رقابة مكثفة على ما تقدمه القنوات الفضائية.

مقابر جماعية

يقول الشاعر علي الخوار: الفضائيات العربية في حاجة دائمة إلى المزيد من الاستهلاك للغناء المصور، دون النظر إلى نوعية هذه الكليبات والأصوات، لتتحول القنوات إلى مقابر جماعية «فالمقبرة لا ترد ميتاً»، كذلك الفضائيات تقوم بعرض أي أغنية بغض النظر عن نوعيتها، إضافة إلى ان الغناء اليوم لم يعد مقتصرا على الصوت الجميل، وإنما على من يمتلك المال لتصوير كليب، وعرضه على الفضائيات.

. أما عن كيفية إدارته المسابقة لقناة أغاني يقول: كنت مثل باقي القنوات؛ فالأغاني في النهاية عبارة عن فكرة يراها البعض سيئة، وآخرون يعتبرونها جيدة، وهذه هي حرية التعبير، فهناك أغانٍ رديئة، وأخرى مميزة، وفي النهاية الحكم للجمهور.

نقاء الصوت والإحساس

يرى الفنان الإماراتي حربي العامري أهمية توافر نقاء الصوت والإحساس لدى المطرب وقدرته على اختيار الكلمة واللحن الذي يدخل القلب بسرعة، واختيار شركة إنتاج تدعمه وترفع من قدره وتعمل على انتشاره، ويتمنى حربي وجود لجنة موسيقية تعمل على اختبار أصوات المواهب الشابة قبل ظهورها على الساحة الفنية وذلك لأن الفضائيات لا تهتم سوى بالربح المادي دون النظر للمضمون الذي يتغنى به الفنان فلا يصبح للإتقان والرقي مكان على الساحة الفنية، ويضيف: «لا يمكن أن أطلق لفظ مطربة سوى على فنانة تحترم فنها وجمهورها مثل مطربة الخليج أحلام والمطربة ميادة الحناوي».

كره الفن

أكدت الفنانة الكبيرة سميرة سعيد أنها لا تشاهد القنوات الغنائية حتى لا تكره الفن، مؤكدة في الوقت ذاته ان وصولها للعالمية هي فرصة لم تأت بعد. وقالت: أخاف أن أشاهد القنوات الغنائية حتى لا أكره الفن.

منافسة على العري

يقول الموسيقار حلمي بكر إن إطلاق قنوات غنائية كان أملا في الماضي لكن الموسيقيين الذين كانوا يحلمون بنشر الأغنية العربية وتقديم أصوات واعدة من خلال هذه القنوات التي تعتبر متنفسا لإبداع فنانين بذلوا الكثير من الجهد في إنتاج هذه الأغنيات، ولكن خرجت القنوات الفضائية الغنائية على أساس واحد هو تحقيق أرباح مادية وغير مادية علي حساب القيم وخلقت هذه القنوات منافسة ساخنة في مجال العري حيث أصبحت الأصوات الأكثر انتشارا هي التي تستطيع أن تكشف أكبر قدر من جسدها.