2012/07/04

 محمد أمين - الوطن السورية وافق رأي المخرج نبيل المالح رأي المخرج هيثم حقي في أن سورية قادرة على إنتاج أكثر من عشرين فيلماً في العام الواحد «لأن لدينا طاقات إبداعية وكتّاباً وتجربتنا ممتازة، ولكن ما الهوامش التي نستطيع أن نتحرك فيها» وأشاد المالح بتجربة حقي الأخيرة بالقيام بإنتاج أفلام سينمائية لمخرجين سوريين من خلال شركته (ريل فيلم) ووصفها بالبارعة والذكية والمهمة والضرورية على كل المستويات «وأنا على يقين أنها ستفرز أفلاماً متميزة»، ويبدو المالح متفائلاً بمستقبل السينما في سورية «في حال تغيير منظومة العمل السينمائي، إننا نحتاج إلى تغيير جذري في التعامل مع الحالة السينمائية وخاصة الطريقة التي تتعامل بها المؤسسة العامة للسينما القائمة حالياً، فهي دمّرت الأشياء الرئيسية في العملية السينمائية حيث دمرت الإنتاج ودمّرت المؤسسة والصالات والجمهور» وقد قصد المالح في كلامه آلية العمل الإداري في المؤسسة والأشخاص الذين يديرون هذه الآلية
 
حيث يرى أن الإدارة الحالية لها طريقة «استفزازية وإلغائية وتهميشية للسينمائيين المهمين في البلد» ويرى أن المؤسسة كانت فخراً لسورية في وقت من الأوقات «فهي كانت الجهة الوحيدة المعنية بالسينما وتنتج الفيلم من ألفه إلى يائه، ولم يكن المخرجون يستجدون الإنتاج ولكن الآن تطورت آليات العمل السينمائي في العالم وأصبح هناك ما يُعرف بالصناديق الوطنية للسينما وهي معتمدة في أوروبا وفي إيران وحققت نجاحات كثيرة والهدف منها ألا تكون هناك منظومة عمل بيروقراطية بحيث لا تعتمد هذه الصناديق على دعم ومساندة الدولة من الناحية المادية وإنما تعتمد على إنتاجها وهذه الآلية الجديدة لا تسمح بالتجاوزات والعفن على المستوى المالي والإداري. هذه الصناديق تدخل بشراكة مع المبدعين بحيث يسترد الصندوق أمواله من الفيلم الذي يصبح ملكاً لمن أبدعوه. أعتقد أن هذه الآلية أثبتت نجاعتها وأقرب مثال هو المثال الإيراني».
وكان المدير العام لمؤسسة السينما محمد الأحمد قد حذر في العام الفائت من فكرة إلغاء وحل المؤسسة التي دخلت هذا العام بمشروعات سينمائية بالتشارك مع القطاع الخاص، ولكن المالح لا يعوّل كثيراً على هذه الخطوة ويرى أن الإدارة الحالية «غير صالحة ولا أعتقد أنها قادرة على القيام بعملية إصلاح بعد تجاوزات امتدت على مدى عشر سنوات والدليل أن معظم السينمائيين السوريين يقاطعون مهرجان دمشق السينمائي كتعبير عن رفضهم عما يجري في المؤسسة التي تصرف ملايين الليرات على أفلام سينمائية تعلم علم اليقين أنها فاشلة، وأنا شخصياً أعلم ما الهدف من إنتاجها وبالتالي فإن آلية تفكير بهذه الحالة لا يمكن أن تقدم شيئاً للسينما السورية وأنا بالضد منها بالكامل».
ورداً على تساؤل فيما لو طلبت منه الجهات الرسمية تولي مهمة إدارة المؤسسة أكد المالح أن الأمر بالنسبة له غير مطروح «لأن المؤسسة أصبحت أشلاء» وأضاف: القيمة الأساسية في المؤسسة أنها تملك تجهيزات حديثة ومهمة ويمكن أن تكون فاعلة في الإنتاج السينمائي السوري، ولكن يجب تغيير الشكل البيروقراطي الموجود اليوم بحيث تكون هناك ثقة بالمبدعين الشباب وفتح المجالات أمامهم، فأنا شخصياً لدي شركة صغيرة وكلما جاءني شاب يريد أن ينجز شيئاً على الصعيد السينمائي أعطه ما أملك من تجهيزات مجاناً ودون مقابل، لذا يجب أن تكون المؤسسة قادرة على استقطاب كل المواهب على امتداد سورية، كل جهة رسمية في الدولة لا تحاول استغلال واستثمار إمكانيات العاملين لديها تقوم بعملية تدمير لثروات ومواهب مهمة موجودة في البلد. ويعتبر المالح نفسه من أصول السينما في سورية بعد أربعين عاماً من تراكم الخبرة والنجاح ومع ذلك «أُلغى ويُلغى معي عدد من السينمائيين لأسباب شخصية» ورداً على ما قاله المدير العام للمؤسسة أكثر من مرة من أن المخرجين السوريين لا يتقدمون للمؤسسة بمشروعات أفلام سينمائية أكد المالح أن هذا الكلام «غير صحيح بشكل فاضح وواضح وهو أقل من أرد عليه بشكل شخصي»، ورداً على كلام قاله الكاتب والناقد السوري المقيم في القاهرة رفيق الصبان أثناء مهرجان دمشق السينمائي الفائت والذي أشار فيه إلى عدم وجود مبدعين في السينما السورية قادرين على إنعاشها أكد المالح «أن هذا الكلام يحمل الكثير من الإساءة والعيب لأن الإنتاج السينمائي السوري على قلته من الناحية الكمية إلا أنه قدم أفلاماً سورية وقعت في تاريخ السينما العالمية بامتياز، وإذا قارنا الإنتاج في سورية ومصر من حيث الكم والأهمية نرى أن نسبة الجيد في سورية أكثر بكثير مما هو موجود في مصد، أنا أرى أن الفارق هائل من حيث القيمة بين السينما السورية والمصرية.
وعن تعليقه على مسألة عدم وجود أفلام مصرية مشاركة في مهرجان القاهرة السينمائي القادم قال المالح: هذا شيء طبيعي لأن السينما عبارة عن اكتشافات وهي مغامرة للبحث في اللغة والشكل السينمائي، وهذا الأمر لا يجري في السينما المصرية اليوم، وأعتقد أن ما يتم إنتاجه اليوم على أنه سينما في مصر هو أقرب إلى الحكاية التلفزيونية لأنه يفتقر إلى اللغة السينمائية ولستُ هنا في معرض الهجوم على أحد وكلامي إنما هو تحليل وتوصيف للحالة الموجودة على صعيد السينما المصرية.
وللمخرج نبيل المالح العديد من الأفلام التي اعتبرت تحفاً سينمائية ومنها الفيلم الشهير (الفهد) الذي اختير من بين أفضل مئة فيلم في تاريخ السينما العالمية، وقد تحدثت الفنانة إغراء التي شاركت في الفيلم على شاشة إحدى الفضائيات منذ أيام وأكدت أنها ساهمت في نجاحه جماهيرياً من خلال موافقتها على طلب المخرج نبيل المالح والمؤسسة العامة للسينما المنتجة للفيلم على تأدية مشاهد جريئة بحيث ظهرت عارية في الفيلم، وقد أكد المالح أنه يحترم «هذه الفنانة التي كانت لها إسهامات في السينما السورية وقد يكون ما قالته صحيحاً ومن ضمن ما قالته أيضاً إنه لولا (الفهد) لما تقدمت السينما السورية، ولكن أعتقد أن مشاهدها في الفيلم ليست هي وراء اختياره كواحد من أهم عشرة أفلام في القارة الآسيوية وهو يدرّس في المعاهد وأعتقد أنه سيكون من الأفلام الخالدة في تاريخ السينما السورية والعربية بسبب السينما الموجودة داخله وليست لأسباب أخرى. هذا الفيلم هو أول فيلم سوري وصل إلى الجمهور، وأول فيلم صنع لغة سينمائية سورية ليست ثائرة باتجاهات جمالية وتعبيرية في السينمات الأخرى سواء كانت غربية أو شرقية لقد كان فيلماً سورياً أصيلاً وكان له تأثير على السينما السورية اللاحقة.
لا أنكر بأن وجود السيدة إغراء الساحر والجريء والجميل في الفيلم كان أحد عناصر الجذب الجماهيري له ولكن أتساءل هنا لماذا لم تنجح أفلام أخرى احتوت مشاهد أكثر جرأة، لقد عملنا في الفيلم ضمن شرط صعب جداً فميزانيته لم تتجاوز مئة ألف ليرة وعلى الرغم من ذلك كان لدينا وضوح بالرؤية وقدمنا فيلماً يعتبر من كلاسيكيات السينما.
وعلى مدى السنوات الأخيرة قدم نبيل المالح عدة أفلام لها علاقة بالشأن العام منها فيلم (الكريستال المقدس) الذي تناول تاريخ مدينة دمشق، كما أنجز الجانب السينمائي لعرض (صلاح الدين) لفرقة إنانا والذي قدمته مؤخراً في مسرح دار الأوبرا.
وكشف أنه متفرغ بالكامل لفيلمه الروائي الطويل القادم الذي سيحمل عنوان (فيديو كليب) ويؤكد أنه سيكون «تجربة جديدة ومختلفة عن كل شيء صنعته في عمري الذي مضى».
ولدى سؤاله عن الجهة التي ستنتجه اكتفى بالقول: مع أصدقاء. وعن إمكانية تعاونه مع المخرج هيثم حقي على هذا الصعيد قال: منهجية وشكل الفيلم قد لا تتناسب مع ما يفكر به هيثم حقي وقد يكون لدي سيناريو آخر من النوع الذي يستهويه قد يكون خطوة لتعاون مستقبلي بيني وبي