2015/02/15

 

بوسطة- محمد الأزن

هربت للحب والعلاقات الإنسانية... أعترف بذلك

مشروع "رق الحبيب" بات قريباً من التنفيذ

أخشى من المساهمة بصب الزيت على النار

الأعمال العربية المشتركة ساعدتنا كسوريين ضمن أزمتنا

 

لازالت كاميرا رشا شربتجي، تدور، متنقلةً، بين لبنان، ومصر وسوريا، لاستكمال تصوير أحدث أعمالها التلفزيونية "علاقات خاصّة" (60 حلقة، تأليف نور شيشكلي، وإنتاج اللبناني زياد شويري)، وذلك بالتزامن مع عرض المسلسل على قناة OSN المشفّرة (اعتباراً من 31 كانون الثاني/ يناير 2015)، وهو بعيد في أحداثه عن أزمات المنطقة السياسية، ويتناول: "علاقة الرجل بالمرأة، عبر حكايات خمسة زيجات، تتم في يوم واحد، وجميعها تواجه مشاكل... العلاقات بين شخوص العمل ليست طبيعية، وهذا ما يفصح عنه عنوانه."

 

"علاقات خاصّة" أعاد شربتجي للتصوير في سوريا، بعد حوالي العامين، غابت كاميراتها خلالها عن شوارع الشام، وهي المخرجة الوثيقة الصلة بوجع الشارع السوري، الذي طالما عبرّت عنه في أعمالها، فهل غيّرت الحرب خياراتها، ووجهتها الفنيّة؟ هذا السؤال، وأسئلةٌ أخرى، توجهنا بها لصاحبة "زمن العار"2009، في مقابلةٍ خصّت بها موقع "بوسطة" من دمشق.

كيف وجدت ظروف العمل في الشام بعد غيابك عنها لفترة؟

الوضع حالياً، أهدأ، وأفضل بكثير مما كان عليه سابقاً، دمشق فيها دفء، وحميمية، حتى في زمن الحرب، فهي لازالت، مثلما نعرفها دائماً؛ المدينة القادرة على الحياة، واحتضان أولادها، وبث الطاقة الإيجابية فيهم، رغم الموت، والوجع، وكل ما يحدث... وصلتني هذه الطاقة، ولدي الرغبة بتنفيذ عمل كامل على أرض سوريا.

 

هل انتابتك أي مخاوف من العودة للتصوير في دمشق؟

أنا من الأشخاص الذين تكون لديهم عتبة الخوف منخفضة جداً، لدي إيمان كبير بالقدر، وحينما أعمل، أستمتع بعملي، وأنسى كل شيء حولي... وأرفع القبعّة لكل فنيّ، وممثل، وشركة إنتاج مازالت تعمل في سوريا.

 

ماذا غيّرت الحرب في رشا شربتجي على مستوى خيارات الحياة أو طريقة التفكير؟

الحرب أسقطت الكثير من الأقنعة ... لكنني محظوظة بأنني لم أُصدَم بأغلب محيطي، وأصدقائي، ربما لأن علاقاتي محدودة، ومدروسة بالأصل.

بالنسبة لي جعلتني الظروف التي نمرّ بها؛ أكثرَ هدوءاً، فمهما حدث معي على المستوى الشخصي، يبقى أقل قسوةً من فقداننا لشباب هذه البلاد، وتدمير نفوس أطفالها، لا شيء مقارنةً بهذه الخسائر، يستحق أن أحزن، أو أستفَز، وأخسر أحداً، بسببه.

 

لكنّها – أي الحرب- ربمّا غيرّت خياراتك الفنيّة، هل تعتبرين مشاريعك الأخيرة، جزءاً من مشروعك الفني؟ حيث كانت معظم الأعمال التي حملت توقيعك كمخرجة... شديدة اللصوق بالواقع السوري، خلافاً لمشروعيك الأخيرين "وش رجّعك" و"علاقات خاصّة".

الأحداث هي من تحركّنا في النهاية، وينبغي أن يتمتع أي مشروع بالمرونة، والقابلية للتكيف مع متغيّرات الحياة، فالمشاهد العربي مثقل اليوم بهموم، وخوف، وقلق، تسببها له الأخبار التي تبثها المحطات على مدار الساعة، ولا ينقصه أن أزيد توتره عبر ما أقدّمه من أعمال خلال المرحلة الحالية، فالدراما التلفزيونية ربما تكون الأكثر تأثيراً، وقد تساعد بحل بعض المشاكل، لكنّ مهمتها الأساسية هي الترفيه بالدرجة الأولى.

هربت للحب، للعلاقات الإنسانية، والميلودراما؛ نعم، اعترف بذلك، لكن أعمالي الأخيرة ليست تخلياً عن مشروعي الأساسي، بل تأتي منسجمةً مع متطلبات الناس حاليّاً، وكي لا ندفعهم للهروب إلى دراما مختلفة.

كما أخشى من مساهمتي بصب الزيت على النار ولو بلحظة، إذ يمكن أن تقول كلمة بمنتهى القناعة اليوم لتكتشف، بعد مضي فترة، أنّه ما كان ينبغي عليك قولها، فمهما بدت الأمور واضحة، ثمّة أشياء من الأفضل ألا نقولها خلال المرحلة الراهنة، أنا مع التريث قليلاً، حتى تمر الأزمة، ونتجاوز الحرب، ثم يكون لدينا الوقت لكافي لتحليلها، ورؤيتها من منظور أننا تجاوزناها.

 

هل سيطول هروبك للحب، والعلاقات الإنسانية ؟

أعمل على مشروع سوري بامتياز، عن واقع الحرب الحالية، يتناول الذهنية التي وصل إليها بعض السوريين اليوم، بسبب ما يجري، وكيف تم غسيل دماغهم، وتفريغها من محتواها؟، لتصبح متخمةً بالأفكار السخيفة، والساذجة، والمتطرفة، ولكن كل ذلك سيتم تقديمه في إطار ميلودراما اجتماعية، مسليّة جداً، بعيداً عن التنظير.

 

ماذا إذاً عن مشروع "رق الحبيب" الذي كان من المقرر أن تقدميّه الموسم الفائت من إنتاج "سما الفن"؟

هو أقرب مشاريعي للتنفيذ، ربما نبدأ التصوير خلال شهر آذار/ مارس المقبل، ونعمل على النص خلال المرحلة الحالية، بسبب تأجيله من العام الماضي، يوجد تواصل بيني وبين شركة "سما الفن" بهذا الخصوص، هذه الشركة أحترمها كثيراً، ولها فضل كبير عَلَيّ، وأتمنى أن أقدم لهم عمل جيد.

 

الشركة المنتجة، تأخرت في إدارج هذا المشروع على خططها لموسم 2015، هل السبب يتعلق بك؟

ربما هم متخوفون منّي، لأنني عطلّت المشروع خلال الموسم الماضي بسبب انشغالي بمسلسل (وش رجّعك)، كما أننا في طور الاتفاق بشأن التعديلات المطلوبة على النص.

 

كيف ترين وضع الدراما السورية اليوم... بحالة مراوحة، انحدار، أم لازالت قادرة على استعادة ألقها؟

لا شك أنّها تأثرت بالحرب، مثلها مثل الاقتصاد السوري، وكما جُرِحَت قلوب السوريين، تعرّضت هذه الدراما للجرح، وتحاول الحفاظ على مكانتها، وبقائها، وإذا لم ندعمها جميعاً، أخشى عليها من التراجع، وفقدان رونقها.

 

لكننا نلتقيكِ في موقع تصوير عمل عربي مشترك، وهكذا أعمال تتعرض للكثير من الانتقادات مؤخراً، من زاوية إضرارها بالدراما السوريّة، واعتمادها على الفنّانين والفنيين السوريين كجسر لتعويم فنّانين عرب... ؟

أنا أنظر دائماً للنصف المليء من الكوب، هذا التوجه كان موجوداً قبل الأزمة، ومن الطبيعي الاعتماد على فنيين وفنانين سوريين، لتميّزهم، وأرى أنّ الأعمال العربيّة

المشتركة ساهمت برفد الدراما عموماً بدم جديد، وساعدتنا كسوريين ضمن أزمتنا، على التواجد بشكل عربي.

 

لكنّ هذه الأعمال أيضاً سحبت البساط من تحت الدراما السورية التي أصبحت حظوظها أقل في العرض على المحطّات؟

المهم أنه لازال هناك فرص عمل، وحصص السوريين كبيرة، في التواجد من خلال هذه الأعمال، ولم تلغى تلك الحصص نهائياً.

 

أنتِ من المخرجين القلائل الذين يتمتعون بحالة من النجومية، وهذا يمكن أن يفسح مجالاً للجمهور لتدخلات أكبر في حياتك، عبر تتبع أخبارك الشخصية، وربما محاسبتك على خياراتك، إلى أي حد يشكل ذلك عبئاً عليكِ؟

محبّة الناس، نعمة كبيرة، أحمد الله عليها، أنا أخذت من النجومية الجانب الجميل، وطورّت حياتي على هذا الأساس، ولدي القدرة على وضع حدود فاصلة بين حياتي الشخصيّة والمهنيّة، وعلاقة الناس بي، وأستطيع أن أكون زوجة، وسيدّة منزل، وأستمتع بحياتي العائلية، والمهنيّة، كإنسان طبيعي جداً، بعيداً عن المنغصّات التي قد تسببها الشهرة.

 

إذا عاد بك الزمن إلى الوراء... ما الذي كنت تتمنين لو حدث معكِ، أو لم يحدث؟

أتمنى لو كنت تعرفّت على زوجي تمام، في بداية حياتي، وأصبح لدينا الكثير من الأولاد، حيث استطاع خلال وقتٍ قصير أن يصنع لي عائلة، ويشعرني بالأمان والحنان، والاستقرار، الذين افتقدتهم لسنواتٍ من عمري، بسبب انفصال والدي، وإقامتي المتنقلّة بين سوريا، ومصر.

 

ثمّة أناسٌ كثر حزنوا لحزنك على "ميتسي"، هل توقعتِ هذا النوع من التعاطف؟

لا لم أتوقع أن يتعاطفوا معي بهذه الطريقة .. وكنت أخجل بالأصل من التعبير عن مشاعري تجاه (ميتسي)، وأعلم أنّ أناساً كثر ترى في ذلك ترفاً، ودلع، وأشكر كلّ مَنْ أحسّ بحزني، وقدّر مشاعري.

 

هل فكرتِ باللجوء إلى الموت الرحيم لوضع حد لمعاناتها مع المرض؟

طلب مني الطبيب ذلك، لكنني شعرت أنّه من المستحيل أن آخذ القرار بإنهاء حياتها، واكتفيت بمساعدتها على قضاء أيّامها الأخيرة، تحت التخدير، لتخفيف آلامها، وستبقى ذكرياتي معها من أجمل ذكريات حياتي، وأكثرها حناناً.

 

ما هي الأمنيّة التي تتنظرين تحقيقها في العام 2015 ؟

أتمنى أن يحقق الله أمنيتي بالأمومة.