2012/07/04

المذيع المتخصص ضرورة إعلامية أم موضة؟
المذيع المتخصص ضرورة إعلامية أم موضة؟

دارين شبير- الخليج مع تعدد البرامج وتنوعها، وتخصص الكثير منها في جوانب اقتصادية وسياسية وطبية وغيرها، زاد عدد المذيعين، وأطل على الشاشة متخصصون في مجالات عدة تولوا مهمة تقديم البرامج التي تتناسب مع مجال تخصصهم في منطلق المتخصص هو الأقدر على تقديم هذه البرامج من المذيع العادي، وأنهم يسيطرون على سير الحوار ويثرون الحلقة أكثر من غيرهم . تحدثنا مع بعضهم ممن أخبرونا عن خبراتهم الشخصية وتخصصاتهم التي جعلتهم أكثر قوة من غيرهم في تقديم البرامج المتخصصة، وآخرين ممن أكدوا أن الأهم من كل ذلك أن يمتلك المذيع مقومات شخصية تؤهله للوقوف أمام الكاميرا والتعامل مع الجمهور . . ورصدنا كل الآراء في هذا التحقيق لمعرفة الفرق بين المذيع المتخصص والمذيع “الشامل” .   يؤكد الدكتور علي سنجل أن المذيع المتخصص أقدر على تقديم البرامج المتخصصة من المذيع غير المتخصص، وذلك لأنه أكثر إلماماً بالموضوع الذي يقدمه وأكثر قدرة وسيطرة على سير الحوار وإعادة الضيف إلى صلب الحوار إذا خرج عنه، كما أن خبرة المتخصص أكبر في تناول الموضوع وتقديمه بشكل كامل، ويقول: الأمور تبنى على الأساسيات، ويجب أن يكون لدى كل مذيع قاعدة أساسية ينطلق منها حتى يكتمل البناء بشكل صحيح، وما بني على أساس متين يشكل إضافة ويصب في صالح البرنامج، كما أن في مجال الطب تخصصات وتخصصات في التخصصات نفسها، يفضل أن يكون هناك تخصص في الإعلام نفسه . ويضيف: المذيع المتخصص يكون أكثر إلماما وسيطرة من غير المتخصص، ويتحكم باللغة المستخدمة حين تكون الحلقة موجهة لفئة دون غيرها، فمثلا إن كانت الحلقة موجهة لفئة الأطباء أستطيع التحكم باللغة لتكون أقوى من اللغة المستخدمة حين يكون البرنامج موجها لفئة أخرى، وإن كانت الحلقة مقدمة لباقي الجمهور فأحاول قدر الإمكان النزول بمستوى اللغة حتى يفهمها الجميع، إلى جانب أنني إن لم أكن متخصصا فلن أعرف المعلومة التي يجب أن أنقلها للمشاهد، ولذا فانتقاء المعلومة التي يحتاجها المشاهد أمر يستطيع المذيع المتخصص التحكم به أكثر من غيره من خلال تسليط الضوء عليه، وخصوصا أن وقت البرامج المتخصصة ضيق وعادة ما يسترسل الضيوف في إجاباتهم ولا يقدمون إجابة محددة، وهنا يأتي دوري كمتخصص لأعيد الضيف إلى النقطة التي يريدها المشاهد، أما غير المتخصص فسيكتفي بإجابة الطبيب ليوجه له السؤال التالي المكتوب سلفاً في “السكريبت” وعن أهمية دراسة الإعلام في حين أن دارسي المجالات الأخرى يستطيعون القيام بعمل الإعلامي، يقول سنجل: الإعلام ليس مجرد تقديم برامج بل هو علم قائم بذاته، وأنا كمذيع أكمل دور فريق كامل دارس للإعلام ومتخصص به، كما أن شخصية المذيع هي الأهم في هذا السياق، فهناك إعلاميون لا ينجحون في مجال الإعلام، كما أن هناك أطباء لا ينجحون في مجال الطب . وعن مهاراته الإعلامية ومصدرها يقول: تلقيت دورات عدة وتطويراً مستمراً في مجال الإعلام، حيث التحقت بمسابقة جامعة “هارفرد” للإعلام الطبي من خلال مؤسسة دبي للإعلام، حيث تلقيت دورة مكثفة زودتني بمهارات كثيرة وجعلتني على علم بكل من الإعلام العربي والغربي، لأتعلم من خلالها كيفية انتقاء ما يصلح من بينهما لتقديمه، علماً أن هناك أمورا كثيرة تغيرت والعالم كله أصبح متخصصا، وكل مجال مكمل للآخر، فالإعلامي العام أصبح يلتحق بدورات ليقدم برامج متخصصة، والطبيب يقدم خبرته من خلال تخصصه في برنامج متخصص .   استطاع مصطفى الآغا الذي يقدم برنامج “صدى الملاعب” على قناة “إم بي سي” أن يصل إلى قلوب محبي الرياضة والبرامج الرياضية من خلال خبرته في هذا المجال وخفة الدم التي يتميز بها، فرغم دراسته للأدب الانجليزي وتدريسه له في الجامعة إلا أنه بدأ العمل كصحافي رياضي وهو طالب في الجامعة، وها هو اليوم إعلامي صاحب خبرة طويلة تصل إلى 30 عاما عمل فيها في مجال الإعلام بكل جوانبه من تحليلات وتعليقات وتقارير في مجالي الإذاعة والتلفزيون، ويقول: أفادتني دراسة المسرح من خلال دراستي للأدب الانجليزي كثيرا، حيث أصبحت أتعامل مع الجمهور وأتفاعل معه بجرأة أكبر رغم ظهوري على الشاشة قبل ذلك، وأرى أن تراكم الخبرات هي سبب نجاح المذيع، وقد واكبت كل التطورات التي طرأت على التلفزيون وتعرفت إلى كل ما يتعلق بالمونتاج وغيره من خلال عملي لفترة طويلة في هذا المجال . وعما إذا كان الرياضي المتخصص يضيف للبرنامج الرياضي أكثر من غيره يقول: الرياضة لا تدرس بل تمارس، هي لا تؤهل الرياضي لأن يقف وراء الشاشة، فالشاشة كاريزما وخبرة وتفاعل مع المشاهد وإعداد وأمور أخرى كثيرة . ويضيف: الإعلام بالنسبة لي هواية، ولا أنظر إليه على أنه وظيفة في دائرة رسمية، ومن يتخذ من الإعلام هواية يبدع به ويحقق الكثير من النجاح والتميز، والمهم في المذيع أن يكون شخصا يمتلك المقومات الشخصية كالحضور والكاريزما والثقافة، وبعد ذلك يأتي دوره في البرنامج والأفضل أن يقدم البرنامج المتخصص مذيع متخصص، أما إن لم يكن متخصصا فعليه أن “يشتغل” على نفسه ويبحث في الموضوع الذي يريد تقديمه ليكوّن عنه صورة كاملة ويستطيع بعد ذلك تقديمه بشكل جيد، كما يجب أن يكون سعيه الأكبر في أن يخرج من ضيوفه أفضل ما لديهم ليقدم لجمهوره وجبة دسمة ومميزة .   فاطمة الزهراء التي تقدم البرنامج الاقتصادي “الأسواق العربية” على قناة “العربية” وتعرض فيه أخبار الأسواق الخليجية والعربية، اكتسبت خبرتها في مجال الاقتصاد من خلال دراستها الجامعية وحصولها على الماجستير في إدارة الأعمال، ومن خلال عملها في مجال الاستشارات المالية في عدة مكاتب . وترى أن المذيع المتخصص يبرع في تقديم البرنامج المتخصص أكثر، وينطلق منه إلى تقديم برامج أخرى غير متخصصة بكل سهولة، وتقول: البرنامج المتخصص يجبر مقدمه على الاطلاع الدائم على كل الأخبار، وبما أن العالم السياسي والاقتصادي والاجتماعي مرتبط ببعضه، فلا بد أن يكون المتخصص على علم بها جميعا، ما يجعله قادرا على تقديم البرامج الأخرى غير المتخصصة بكل سهولة، أما المذيع غير المتخصص فبإمكانه أيضا أن يقدم البرنامج المتخصص، ولكن نسبة فشله ستكون أكبر وهو بحاجة إلى تدريب مكثف وإلمام بجوانب أخرى ربما لا يشعر بأي رغبة فيها ولا يمتلك أي خبرة بها، ولذا فإنه لن ينال إعجاب واحترام المشاهدين . وتضيف فاطمة: عادة ما تكون أسئلة المذيع المتخصص أكثر عمقا، كما يكون على دراية بالموضوع الذي تتم مناقشته ليتناوله من جميع الجوانب، وأنا هنا لا ألغي أهمية دراسة الإعلام فهي مهمة في صقل شخصية الإعلامي وتعليمه أساسيات الحوار والنقاش، ولكن ما أقصده أن تفاعل المتخصص يكون أكبر مع ما يقدم، فمثلا إن قرأ المذيع المتخصص في برنامج اقتصادي خبرا عن إفلاس إحدى الشركات فسيكون تفاعله مع الخبر أفضل من تفاعل غيره، بل وربما يضيف بعض المعلومات الهامة من خلال خبرته في هذا المجال، ولكن في النهاية كل له دوره، ولكني كمشاهدة أفضل أن أتابع برنامجاً متخصصاً من مذيع متخصص، لأني أكون معه على نفس المستوى، وأجد أنه يعبر عني ويجيب عن جميع تساؤلاتي .   جيزيل حبيب التي تقدم برنامج “السلطة الرابعة” على “العربية” وتناقش فيه كل القضايا التي تتناولها الصحافة الدولية ونظرة الصحافة الغربية والعالمية لقضايانا من خلال التحليل والمتابعة، والحاصلة على شهادة في الحقوق، ترى بأنه ليس شرطا أن يكون مقدم البرنامج المتخصص شخصا متخصصا، بل الأهم من كل ذلك أن يكون شخصا يمتلك مقومات تسمح له بأن يظهر على الشاشة، كأن يمتلك شخصية قريبة من الناس، ويتمتع بالقبول لدى المشاهد، ويمتلك لغة سليمة وحضورا مميزا وكاريزما، وطريقة جيدة في توصيل المعلومة، ليأتي بعد ذلك احترامه للمشاهد والذي يتمثل في التحضير للحلقة بشكل جيد والدراية بالموضوع ومحاولة إخراج أفضل ما يمتلكه الضيف من معلومات، فالمهارة الأهم هي القدرة على محاورة الضيف وتقديم ما يحتاجه المشاهد، فمن يعرف كيف يدير الحوار ويخرج من ضيوفه أفضل ما لديهم هو من يثري الحلقة وليس المتخصص الذي قد يمتلك المعلومات ولكنه قد لا يستطيع أن يفيد بها الآخرين . وتضيف: من الممكن أن يكون المتخصص لامعاً في عمله ولكنه غير قادر على توصيل المعلومة للمشاهد وهذا لا يفيد الحلقة ولا المشاهد، فمثلا الطبيب قد ينجح في علاج مرضاه والتواصل معهم ولكنه قد يفشل في تقديم حلقة وتوصيل المعلومة للمشاهدين لاستخدامه مصطلحات طبية قد لا يفهمها إلا الأطباء . المهم أن يكون المذيع حاصلا على أي تحصيل جامعي ويمتلك مستوى عال من الثقافة لأن التحصيل الجامعي يزود المقدم باللغة السليمة والثقافة، المطلوبة، كمايجب أن يمتلك القدرة على التحضير لبرنامجه بشكل جيد . ولمناقشة الموضوع من جميع جوانبه تحدثنا مع د .ثريا البدوي، أستاذ مساعد بكلية الاتصال بقسم الاتصال الجماهيري بجامعة الشارقة، والتي أكدت أن هناك جدلا كبيرا بين الإعلامي المتخصص وغير المتخصص، وتقول: الاثنان قادران على تقديم المضامين المتخصصة، شرط أن يكون الإعلامي غير المتخصص على دراية كاملة بالموضوع وأن يرتقي بمستواه الفكري والثقافي ليصل إلى مستوى المخاطب، وألا يعتمد على شكله وجاذبيته، لأن ذلك غير كفيل بتوصيل ما يريده للمشاهد، أما المتخصص، فإن نزل بمستواه إلى مستوى المشاهدين من جميع الطبقات والفئات بمن فيهم المثقفون وغير المثقفين والطلاب والسيدات والموظفون والموظفات وربات المنازل وغيرهم، وذلك من خلال استخدامه للغة البسيطة السهلة التي يستوعبها الجميع، فلا شك في أنه سينجح، كما يجب أن يتوجه للعامة وليس للمتخصصين فقط، ويبتعد عن المصطلحات الصعبة حتى تصل الرسالة ولا تسقط، ولتحافظ على فعاليتها، وما يؤكد نجاحه وفشله هو وصول رسالته لجميع الفئات على اختلاف ثقافاتها ومستوياتها