2012/07/04

المركز التلفزيوني في حلب: من ضيّع أمجادالماضي؟
المركز التلفزيوني في حلب: من ضيّع أمجادالماضي؟

عفراء محمد - السفير كان للبــث التلــفزيوني المحــلي المنــتشر في معظم المحافظات السورية في فترة من الفترات، أهمــية وقدرة كبــيرة على التأثير في المجتمع السوري. اعتادت المراكز الـفرعية رفد المركز الرئيــسي في دمــشق بعدد من المذيعين والمذيعات السوريات من مخــتلف المحافظات. أما مؤخراً، فلم تعد تلك المراكز تقوم بدورها السابق، سواء من ناحــية نــوعية البرامج التي تقدمها أو حتى مـستوى المذيــعات والمذيعين الذين يطـلون على هواها.  
يظن البعض إنه لا توجد مشكلة لطالما إنه لا نقص في عدد المذيعين والمذيعات، إلا إن الواقع يشير إلى أزمات تحدث في قلب الهيئة التلفزيونية يُشاح النظر عنها. لنأخذ على سبيل المثال، المركز التلفزيوني في مدينة حلب السورية، الذي يعد من أقدم المراكز التلفزيونية في سوريا. لا بد لمتابع البث المحلي الفرعي من أن يلحظ تراجع مستوى المركز الذي لمع بريقه فترة التسعينيات، ثم تهاود وبقي أسير الروتين وحبيس القوانين والأنظمة والقرارات والبلاغات.  
تقف أسباب كثيرة وراء تراجع هذا المركز تحديداً، وكل يراها من زاويته. تشرح المذيعة الحلبية هلا كــنجو التي سطع نجمــها في القــنوات السورية الرئيسية، عن واقع المركز التلفــزيوني في حلب، منــتقدة بصراحة لافتة أداء مدير المركز فؤاد إزميلية: «قدّم المركز منذ انطلاقته مذيعات متميزات أمثال ميساء سلوم ولبابة يونس وكــندة نسـلي ألخ. ولكن منذ تاريخ تسـلم مدير المركز الحالي مهــامه في الإدارة، وهمه الوحيد أن يتحول من مهندس الكتـروني إلى إعلامي(!). هذا الطــموح مشروع ولكن لا يجب أن يكــون على حــساب مذيعــات المركز اللواتي يســخّرهن لبروزه إعلامياً»، تتابع كنجو: «للإنصاف، استطاع أن يصل إلى مستوى جيد خلال فترة قياسية، لكن كما ذكرت لا يجب أن يكون هذا على حساب مذيعات المركز اللواتي شكلن خلال الأعوام السابقة نواة رفد للقنوات التلفزيونية السورية الرئيسية، وإذا استمر الوضع في مركز حلب على ما هو عليه فلن يقدم المركز أي مذيعة حلبية متــميزة». وتتــابع كنجو انتقــاداتها اللاذعة داعية الجهات المعنية في دمشق للقاء كل مذيعة في مركز حلب على حدة «للوصول إلى الحقائق»، مؤكدة «لو لم أكن تركت مركز حلب لما استطعت أن أتحدث بهذه الصراحة، وأرى انه من المهم أن يتفرغ مدير المركز للإدارة، ويترك المذيعات لإثبات وجودهن كي يكن لاحقاً نواة للقنوات الرئيسة».  
لا يوافق مدير المركز التلفزيوني في مدينة حــلب فؤاد إزميلــية على ما قيل أثناء حديثه لـ «السفير»، وينفي تماماً «هيمــنته» على المركز التلفزيوني والواسطة في تعيين المذيعات، ويرد عدم ظهور بعضهن إلى أسباب أخرى: «لم تظهر بعض المذيعات على الهواء قــبل هذا العام لأنهن كن متدربات ومبــتدئات وبــحاجة إلى توفير الإمــكانيات لبروزهن إعلامياً، وعندما توفرت الإمكانية لديهن بدأن يظهرن كثيراً ويأخذن فرصهن». وعن توقف مركز حلب عن لعب دوره لجهة تزويد المذيعات للقـنوات الرئيســية في دمــشق على غرار ما كان يفعل بالــسابق يقول: «الظروف العــائلية للمذيــعات هي التي تتــحكم بانتــقالهن إلى دمشق أو بقــائهن ضمن مدينتهن حــيث أسرهن، كما أن الزمن اخــتلف إذ يــوجد عدد كبير من المذيعــات في دمشق لا مجال لتوظيفهن في برامج خاصة».  
لكن إذا استمر الواقع على ما هو علــيه من أين سيتم رفد القنوات الرئيسية السورية بمذيعات متمرسات وممتلــكات لأدواتهن؟ في هذا السياق تقول هديل غزال، مذيعة في المركــز التلفزيوني في حلب، إن «المذيعة كالمــمثلة»، معتــبرة أن المهن الإبداعية تحــتاج إلى جهد مضاعف كي تظهر للعــيان، و«للأسف ليس كل من تتــعب على نفسها تأخذ فرصتها الكاملة، والسبب هو عدم وجود من يرعاها ويدعمها ويتبناها». وتضيف متحدثة عن المحسوبيات: « تلعب الواسطة دوراً كبيراً في اختيار معظم مذيعات التلفزيون السوري». من دون ان تغفل ضعف المستوى الشكلي الذي تظهر به المذيعة، والذي يعود برأي غزال إلى سوء التجهيزات في التلفزيون السوري: «إذا قارنا تجهيزات قناتي «أل بي سي» و«أم بي سي» مثلاً بالمتاح في التلفزيون السوري، نجد ان معالم المذيعة تظهر على القنوات التي ذكرت وتبان حتى حدقة عينها، بينما تبدو الإعلامية السورية بسبب تجهيزاتنا القديمة كخيال، الأمر الذي يؤثر على متابعة البرامج».  
وجهة النظر هذه لها من يعارضها، إذ تقول عبــير سويقات، رئيسة المذيعات في المركز التلفزيوني في حلب، إن التقــصير في مستوى هذا المركز أو ذاك ليس سببه بروز مدير المركز أو الواسطة، «بل المــشكلة هي في المذيعات اللواتي يتم تعييــنهن، هن لا يبذلن جهداً لتحسين مستواهن وتقديم أفضل ما يمكن في ظل سطوة المحــطات الفضائية العربية والأجنبية»، وتتابع: «لا تزال تنقصنا كمذيعات التلــقائية والعفوية، كما إننا نحتاج إلى الخروج من إطار الظهور أمام الكاميرا بصــورة محددة، إذ ليس مهماً إن يراني المـشاهد ضليعة في اللغــة وغيرها بل يــجب أن يراني وسيطة بسيطة وتلقائية توصله مع الأكاديمي والخبير». هذه التلقائية برأي سويقات هي حــاجة إلى كل مذيعة في التلــفزيون السوري، و«عندما تتمكن منها فهي ستقطع أشواطاً كبيرة في النجاح والإبداع».
كل هذه الآراء، وبغض النظر عن الأسباب التي تساق، تؤكد وجود مشكلة في مكان ما، مشكلة ستتفاقم وتكبر إن لم تتم معالجتها سريعاً.