2012/07/04

أمينة خيري – دار الحياة في أعقاب المهازل التي ألمت بالشعوب العربية بسبب المواجهة الكروية بين منتخبي مصر والجزائر، تفتق ذهن أحدهم عن فكرة اقترحها وهو يخطو خطوة إلى الأمام ويؤخر خطوتين. كان يعتقد أنها ستلقى شجباً وإدانة أو سخرية ومهانة أو على أقل تقدير، تجاهلاً عظيماً. لكن الأمور تطورت عكس ما توقع. حازت فكرة ممثل إحدى الدول الـ22 على موافقة الغالبية المطلقة. وتوالت مكالمات المشاهدين العرب من المحيط إلى الخليج في البرامج تثني على القرار. وانهمرت الرسائل القصيرة على أشرطة الأخبار الراكضة أسفل الشاشات تهنئ العرب بهذا الاتجاه الإيجابي الذي طال انتظاره. إذ تم التوصية بالموافقة على تأسيس منتخب عربي لكرة القدم يحوي لاعباً من كل دولة عربية. وحازت إحدى الفضائيات على حق البث الحصري لمتابعات تفعيل القرار. وبعد كثير من الشد والجذب لاحتكار هذه اللحظات التاريخية، ضحى ملايين المشاهدين بقوت يومهم في سبيل الاشتراك في خدمة القناة. ولكن شابت الجلسة الأولى لتأسيس المنتخب العربي الموحد أجواء توتر بسبب صراع الدول العربية الـ22 على الحصول على إحدى قطع الكعكة التي لا يزيد مجموعها على 11، وهؤلاء هم اللاعبون الرئيسيون. وكاد الأمر يتطور إلى ضرب بالأيدي، فقرر المسؤولون تأجيل هذا الاختيار إلى مرحلة لاحقة، وذلك على أن يتم اختيار الاحتياطيين أولاً وعددهم ستة. وعلى سبيل تشجيع الدول الأعضاء، نص القرار على أن يكون باب الانتقال من «دكة الاحتياطي» إلى الفريق الرئيس مفتوحاً. لكن وقائع الجلسة لم تكن أفضل حالاً، إذ شاب الاختيار الكثير من المشاحنات الداخلية بين الدول التي تقدمت لشغل مقاعد الاحتياطي. فهذه دولة منقسمة إلى قسمين متناحرين، صمم كل منهما أن وجود الآخر غير شرعي. وتلك دولة تعاني انقسامات طائفية غرقت في اختيار طائفة اللاعب الذي يمثلها. تدخل المسؤولون مجدداً، وقرروا البدء باختيار المدرب، ففوجئ الجميع بإحدى الدول الكبرى تسارع بإرسال مندوبها ليحتل مقعد المدرب، وكأنه قرار لا مجال لنقاشه. وحين عجت القاعة بالاعتراض، أكد مندوب الدولة أنه لا مجال لاختيار دولة أخرى لهذا المنصب، لأنها الأكبر عدداً، والأقدم تاريخاً، والأعظم تأثيراً. لم يكن أمام المسؤولين سوى اقتراح تشكيل المنتخب في وقت لاحق، بعد اختيار الجمهور، بالاعتماد على تصويت المشاهدين العرب على القناة صاحبة حق الاحتكار، بشرط أن يكون سعر الدقيقة دولارين، أما الرسالة القصيرة فبدولار واحد. هنا تعطلت كل الخطوط بعدما انهالت ملايين المكالمات. وحين أُعلن عن نتيجة التصنيف، هاج الجميع وماج، وعمت التظاهرات أرجاء الوطن العربي، ما دفع الكيان العربي إلى التصويت بالإجماع على إلغاء قرار تأسيس المنتخب، والعودة إلى محاولات تفعيل الوحدة السياسية والاقتصادية المستمرة منذ عقود.