2013/05/29

«المنتقم».. نسخة مصرية عن الوله التركي
«المنتقم».. نسخة مصرية عن الوله التركي


ماهر منصور – السفير

تأخر مشروع مسلسل «المنتقم» الذي أشرف على رؤيته الإخراجية السوري حاتم علي، أكثر من عام عن الشاشة. فالإعلان عن بدء تصويره، جاء إثر عرض مسلسل «مطلوب رجال» العام الماضي، وبدفع من نجاحات ذلك العمل. يأتي العمل الطويل (120 حلقة)، كاستثمار تجاري لحالة الوله العربي بالدراما التركية المدبلجة إلى المحكية الشامية، والتي طرحت بجماهيريتها الواسعة أسئلة كثيرة على صنّاع الدراما العرب، وأبرزها: «ما الذي يستطيع الأتراك إنجازه، ولا نستطيع نحن؟».

مثَّل مسلسل «مطلوب رجال» النموذج العربي الأول الذي يستلهم الدراما التركية، ومثله يأتي «المنتقم» الذي تبدأ «أم بي سي مصر» بعرضه غداً. يجمع بين العملين جوانب كثيرة، أبرزها أن إنتاجهما تمّ تحت رعاية «أم بي سي» (شركة O3)، ووفق منهجية عمل واحدة. فقد اقتبسا عن مصدر أجنبي، درامي أو روائي، ويتولّى مخرجان اثنان تنفيذ العمل، وفق رؤية إخراجية لحاتم علي.. إلى جانب عدد الحلقات الكثير، والحرص على إشراك نجوم من جنسيات عربيّة متنوّعة.

التحضيرات لمسلسل «المنتقم»، تلت «مطلوب رجال»، وسبقت «روبي». وقد تمّ البدء فعلياً بتصوير المسلسل، أواخر العام الفائت، إلا أنّ العمل توقف، لانشغال مشرفه العام حاتم علي بمشاريع ثانية للجهة المنتجة ذاتها.

تتالي عرض العملين كان من شأنه أن يرسّخ فكرة أن «المنتقم» هو النسخة المصرية من مسلسل «مطلوب رجال». هذا الأخير مقتبس من مسلسل فنزويلي، أعدته بالعربية: لبنى حداد، جيهان الجندي، وأخرجه سامي الجنادي، سامر البرقاوي، وفق رؤية إخراجية لحاتم علي. وقد اختار العمل «دبي» فضاء مكانياً لحكايته، مستثمراً طبيعة هذا المكان المفتوح على الجنسيات العربية كلها، لصياغة حكايته. أمّا أحداث «المنتقم» فتدور، لكنه مقتبس عن رواية «كونت دو مونتي كريستو» للروائي الفرنسي ألكسندر دوما. وقد أشرف على رؤيته الإخراجية حاتم علي، وقام بكتابة السيناريو والحوار هشام هلال، أما الإخراج فلكلّ من علي محي الدين وأحمد فوزي. تدور الأحداث في مصر، في قالب معاصر، ويبدو العمل كأنّه يغازل المصريين، ويصنع حكايته على مقاسهم، إذ يتقدم بطولته مجموعة من نجوم مصر، هم عمرو يوسف، حورية فرغلي، أحمد السعدني وسامح الصريطي، وإلى جانبهم مجموعة كبيرة من النجوم المصريين والعرب مثل شمس، محمد أبو داود، إيناس كامل، عمار شلق، وليد فواز، عفاف حمدي، انعام سالوسة، مجدي بدر، حنان سليمان، شدا، أوميرة هاني، ريم هلال، محمود البزاوي، إيهاب فهمي، منى حسين، فاطمة الناصر وآخرين...

تأثير الوله التركي على الدراما العربية الطويلة الوليدة، ليس مجرّد ملاحظة نقدية عابرة. فهو أمر لا ينكره عدد من نجوم الدراما. إذ أكد الفنان سامح الصريطي (بطل المسلسلين) في حوار سابق مع «السفير» أن «استجابة الجمهور العربي للحلقات الطويلة للمسلسل التركي، ونجاح الدراما التركية المدبلجة، هو ما شجع القناة المنتجة على تقديم هذه الأعمال». إلا أن النجم المصري نفى أن يكون العملان تقليداً للدراما التركية. ويقول: «لو أننا أردنا تقليدهم لخرجنا بأعمال ممسوخة عن أعمالهم، وهو ما لم نفعله، وإنما قدمنا أعمالا لها علاقة بثقافتنا ومجتمعاتنا وتقاليدنا وجمهورنا».

تدور أحداث «المنتقم» في القاهرة بين عامي 2004 إلى 2011، وتتناول قصصاً تختلط فيها الخيانة بالانتقام والعشق. البطل «مونتي كريستو» المصري، اسمه فؤاد الزيني، يتعرض إلى الخيانة من أقرب أصدقائه عاصم هارون الطحان الذي يسلبه كل شيء، ويتآمر عليه. ويحاول الزيني الانتقام ممن تآمروا عليه وخانوه وفي مقدمتهم صديقه الطحان، الذي سلبه حريته ومستقبله وزوجته وابنه. وبموازاة الخطة المُحكمة التي يرسمها وينفّذها فؤاد الزيني، تتقاطع الأحداث مع مجموعة من الشخصيات والتفاصيل الأخرى، في مجتمع تعرّض أيضاً للظلم، «ليلتقي الهمّ الشخصي بالهمّ الاجتماعي»، وذلك وفق البيان الترويجي للعمل.

أما شخصية عاصم هارون الطحان، فشخصية إشكالية وشريرة تتنقل بين أكثر من مهنة، منها الطبخ. ويخوض هارون عدة مغامرات وترتكب عدد من الأمور التي من شأنها تحريك أحداث المسلسل وتكشف طبيعة شخصيته الشريرة.

عند حدود المكان، والحكاية، يفترق «المنتقم» و«مطلوب رجال». فإذا كان هذا الأخير قدم حكايات حب رومانسية، وأخرى إشكالية تتعلق بعلاقة المرأة بالرجل، فمسلسل «المنتقم» يبدو مشغولاً بالخيانة والانتقام، معجوناً بالحب، بوصفة عربية. وبالتالي هو يحاكي الدراما التركية من جانب آخر فيها، ذاك الذي عرفناه في مسلسلات مثل «إيزيل» وإن كانت جرعة «الأكشن» في المنتقم» أقلّ.