2013/05/29

المهند كلثوم : أسعى لالتقاط روح المكان في (توتر عالي)
المهند كلثوم : أسعى لالتقاط روح المكان في (توتر عالي)


فؤاد مسعد – الثورة

بريشة سينمائية باحثة عن التفاصيل ، وبسعي لملامسة حلم المتعبين والحالمين ، وبإيمان أن السينما ترى بعين المحب ..

تنطلق اليوم كاميرا المخرج المهند كلثوم معلنة بدء عمليات تصوير فيلمه الروائي القصير (توتر عالي) باكورة إنتاجات المؤسسة العامة للسينما ضمن خطتها لعام 2013 ، وهو من تأليف سامر محمد إسماعيل ، وتمثيل كل من الفنانين : علي صطوف ومي مرهج والقدير أديب قدورة .. حول فيلمه الجديد كان لنا مع المخرج المهند كلثوم هذا اللقاء :‏



ـ ما المحور الأساسي للفيلم ؟‏

يدور المحور الأساسي حول قصة حب بين شاب يعمل كفني إضاءة في المسلسلات التلفزيونية وفتاة تدرس التمثيل في المعهد العالي للفنون المسرحية، وتجري أحداث الفيلم في أحد أحياء العشوائيات على أطراف دمشق حيث نشهد حدثاً استثنائياً تبرمه الظروف، كما تبرمه الحاجة كأم للاختراع . ليتحول انقطاع التيار الكهربائي في غرفة هذين الشابين إلى تراجيديا من نوع خاص ، ونرى كيف تتحول لعبة بريئة بين عاشقين على حافة السكين إلى مأثرة معاصرة.‏


ـ لِم أحياء العشوائيات ؟‏


الأحداث تجري في بيت على تخوم العاصمة، حيث نتابع ضالتنا بحذر وخفة، نستلهم من المكان عبقريته . فالعشوائيات هنا نمط عيش، لا ندافع عنه، لكننا نحاول رؤيته عن كثب، بعيداً عن مزاج (نشر الغسيل الوسخ) فنحن هنا ندفع عن المكان شبهة الهامش نفسها، شبهة الجريمة والعقوق الاجتماعي، فنرصد حلماً ونجسُّ نبض المتعبين والحالمين من فوق جبل قاسيون، هنا تبدو دمشق كثيرة الانتظارات ، ويبدو الحب دواء مّراً.. لكنها السينما التي ترى بعين المحب ، تكره البغضاء ، تراهن على الإنسان وعلى مشاعره البرية الأولى .‏


ـ كيف يمكن فهم عبارة سبق وقلتها عن الفيلم (إنه محاولة دفاع عن سكان الهامش حول مدينة كبيرة وعريقة مثل دمشق) ؟‏

لطالما عملت الدراما التلفزيونية على تشويه الهامش، وعلى تصدير العشوائيات كنمط من أنماط الجريمة والانحلال الأخلاقي والقيمي، رغم ان 60% من سكان العاصمة يعيشون في هذه الأحياء، وهنا لا نريد أن نصنع واقعاً افتراضياً ، بل نريد أن نطل بشكل حقيقي على المكان، بعيداً عن (الغزلان في غابة الذئاب، ساعات الجمر، والخبز الحرام ..) هنا نستمد طاقة إيجابية بعيداً عن سوق العرض التلفزيوني وما تمليه هذه السوق من أفكار وثيمات درامية هدفها تشويه الواقع ومصادرته في معظمها، لذلك نعكف في هذه التجربة على إزالة الكدر الذي علق بالأماكن التي تمت حراثتها بكاميرا الدراما السورية لصالح فضائيات المال الجاهل .‏


ـ ما الجوانب والزوايا التي تسعى إلى تسليط الضوء عليها ؟ وهل هناك ارتباط بين الحدث والمكان ؟‏

بالطبع العلاقة وطيدة بين الحدث والمكان، بل تكاد تكون جوهرية من جهة أن أبطالنا أطفال المكان (إن صح التعبير) فقصة الحب التي سنتابعها تختصر أحلام جيل بأكمله تم تعطيله وإحالته إلى واقع افتراضي واستهلاكي روجته وسائل الميديا المعولمة، فجعلت من هذا الجيل ضحية لعالم القرية الصغيرة، ضحية الإهمال المتكرر، ضحية هواجس كبرى بالوصول وتحقيق النجاح، ولهذا لا يمكن فصل المكان في (توتر عالي) عن أشخاصه، أو شخصياته، ولا يمكن رؤية الحكاية السينمائية مفصولة عن فضاءاتها المنتقاة هنا بقوة المصائر التي ستؤول إليها شخصيات الفيلم.‏



ـ بطلا الفيلم يعملان في مجال الفن ، فهل هناك إضاءة على هذا العالم بشكل أو بآخر ؟..‏

هناك ما هو أبعد من تسليط الضوء على المهن، هناك الحلم الذي يأخذ كلاً من غادة ومنير إلى عراء المشهد وخواء المدن، هناك علاقة المسرح بالسينما عبر واسطة تلفزيونية، أتركها مفاجأة للمشاهد وللجمهور، فهو الفيصل النهائي في الحكم على العمل .‏


ـ أين يتجلى عنف المدينة (كما سبق ووصفته) في الفيلم ؟‏

يتجلى عنف المدينة في الفكرة التي صدرتها بعض أعمال الدراما السورية عن دمشق، ليقع ضحيتها الحالمون بها والذين كانت فكرتهم عنها أهم منها، فدمشق ليست الأماكن ولا الأسواق الكبرى .. إنها ليست فقط هذه الفكرة السياحية التي نعيد ونفتق بها عن ياسمينها وصباحاتها الفيروزية، فدمشق هي نسغ حضاري متراكم عبر آلاف السنين، إنها نحن حين نؤمن بالآخر وننفتح على لقائه، ودمشق لطالما كانت هذا الفضاء الكوني الآسر، القادر على صهر آلاف البشر في فرن زجاجها الملون.‏


ـ الحب هو حامل للكثير من الحكايات ، فأين تبرز خصوصيته فيما تقدم ؟‏

الحب هنا بريء من الرومانسيات الفضفاضة، بعيد عن روايات (عبير) وسواها من مسلسلات )العشق الممنوع ، مهند ولميس ..) الحب هنا قصيدة شفيفة أطمح إلى رسمها عبر سيناريو بغاية الأهمية للكاتب سامر محمد إسماعيل، فالحب الذي كتبه سامر يمر من عدسة المخيلة إلى أحلامنا الجماعية بمدينة سورية مفتوحة على الجميع، مدينة تستطيع ترميم وجبر الأضلاع المشعورة من أزمة وطنية قاسية حلت ببلدنا الحبيب.‏



ـ ما الرؤية الإخراجية التي تسعى إلى تحقيقها ؟ وهل هي استمرار لما بدأت العمل عليه في أفلام سابقة أم هناك اختلاف تسعى إلى إظهاره عبر (توتر عالي) ؟‏

أحاول في (توتر عالي) إتمام ما بدأته مع (29 شباط) ، وهنا ابحث عن ضالتي بعيداً عن مركز المدينة، أغير زاوية الكاميرا، أحيل كل شيء إلى مادته الأولى، فقصة الفيلم تجعلني مشدوداً إلى أبجدية سينمائية أراهن عبرها على فهم خاص للكادر السينمائي وفاعليته لالتقاط رائحة المكان وروحه.‏


ـ هل تأخذ من الفيلم القصير مطية للوصول إلى الفيلم الطويل أم هناك رؤية حول أهمية الفيلم القصير وخصوصيته ، ولهذا تخوض غماره ؟‏

لم أفكر أبداً بهذه الطريقة ,أحب صناعة الأفلام القصيرة ولي مزاج في صناعتها ,والفيلم الروائي القصير يحكي حدوتة مختصرة وقصيرة كما أن به مساحة من الحرية تتيح للمخرج التعبير عن آرائه دون التقيد بأي شيء آخر ، واختيار موضوعاته ليست بالأمر السهل كما يعتقد البعض، كما أن الفيلم القصير يعطي للمخرج درجة من الحرية أكثر في الأشكال السينمائية المختلفة وصياغة الموضوعات وتنوعها التي لا يحكمها إنتاج. وقد صنعت أكثر من 12 فيلماً سينمائياً قصيراً أثناء اقامتي في أوكرانيا وعودتي لسورية ، وهو عبارة عن مشروعي الخاص بصناعة افلام سينمائية قصيرة. وأعتقد أنه بعد فيلم (توتر عالي) سأتوجه الى الفيلم الطويل ولن يطول غيابي عن الفيلم القصير .‏