2012/07/04

الناقد السينمائي بشار إبراهيم لـ «بوسطة»: «السينما الفلسطينية غابت هذا العام عن مهرجان دمشق لظروف موضوعية»
الناقد السينمائي بشار إبراهيم لـ «بوسطة»: «السينما الفلسطينية غابت هذا العام عن مهرجان دمشق لظروف موضوعية»


أعتقد أنّ مهرجان دمشق السينمائي بات يملك هوية واضحة وتوجّهاً معروفاً.

أعتقد أنّ هذا التوجّه قدر للمهرجان أكثر من كونه خياراً.

المهرجانات الخليجية خط آخر يذهب باتجاه توظيف المال في صناعة السينما.

الفيلمان الفلسطينيان الرئيسان هذا العام فيهما تمويل إسرائيل واضح.

أستغرب عدم عرض بعض الأفلام القصيرة والوثائقية الفلسطينية المهمة في هذه الدورة من مهرجان دمشق.

ما حصل في مهرجان أبو ظبي مؤخراً حالة تسلل وليس تطبيعاً مع إسرائيل.

إيليا سليمان رفض أن يتكلم معي وطلب منّي عدم الجلوس بجانبه واستدعى الأمن لأنّه غاضب من كتاب لي عنه.

«بوسطة» تمكّن من التسلل بنجاح إلى «المفضّلة» عندي خلال زمن قصير.

خاص بوسطة - علي وجيه


يُعدّ بشار إبراهيم من أبرز النقّاد والموثّقين العرب الذين ساهموا إلى حد كبير في أرشفة نتاجات السينما الفلسطينية في الداخل والخارج وتواجدها في الأفلام العربية والأجنبية. العناوين التي أصدرها الكاتب فلسطيني الأصل سوري المولد، احتلت رفوف مكتبات السينمائيين والمهتمّين العرب نظراً لأهميتها وضرورتها، منها: «السينما الفلسطينية في القرن العشرين» (سلسلة الفن السابع - وزارة الثقافة، دمشق، 2001)، «ثلاث علامات في السينما الفلسطينية الجديدة (ميشيل خليفي، رشيد مشهراوي، إيليا سليمان)» (دار المدى للثقافة، دمشق، 2004) و«فلسطين في السينما العربية» (سلسلة الفن السابع - وزارة الثقافة، دمشق، 2005).


مجهود الرجل ملموس أيضاً في السينما السورية. كتابه «سينما القطّاع الخاص في سورية» (سلسلة الفن السابع - وزارة الثقافة، دمشق، 2006) مهمّ جداً. وله أيضاً: «رؤى ومواقف في السينما السورية» (دار علاء الدين، دمشق، 1997) و«ألوان السينما السورية (قراءة سوسيولوجية)» (سلسلة الفن السابع - وزارة الثقافة، دمشق، 2003).


بشار إبراهيم باحث في العديد من المؤسسات الثقافية الفلسطينية والعربية، وله دراسات أدبية وإصدارات قصصية وشعرية كذلك. وهو رئيس تحرير النشرة اليومية التي تصدر خلال مهرجان دبي السينمائي الدولي.

«بوسطة» التقت «أبو طارق» خلال مهرجان دمشق السينمائي الأخير، في حوار سريع حول المهرجان وظروفه وغياب السينما الفلسطينية عنه هذا العام.

ما رأيك بالدورة الجديدة من مهرجان دمشق السينمائي حتى الآن؟


بعد 18 دورة، أعتقد أنّ مهرجان دمشق السينمائي بات يملك هوية واضحة وتوجّهاً معروفاً. طبعاً تختلف الأمور من دورة لأخرى حسب الإنتاج السينمائي وقوّة الأفلام المرسلة للمهرجان، ولكن عموماً يتميّز هذا المهرجان بالتركيز على البعد الثقافي للسينما، سواءً من خلال إصدار الكتب المؤلفة والمترجمة أو من خلال التركيز على تظاهرات لأعلام السينما العالمية مثل ريدلي سكوت ورومان بولانسكي ومارلون براندو وغيرهم.

أعتقد أنّ هذا التوجّه قدر للمهرجان أكثر من كونه خياراً. لا توجد إمكانيات مالية كبيرة تخدمه من حيث الصالات أو العروض، وأعتقد أنّه يتصرّف وفق قدره بشكل جيد.

أنت رئيس تحرير النشرة اليومية لمهرجان دبي السينمائي، ولديك خبرة جيدة بالمهرجانات الخليجية الناشئة بدعم مالي كبير. ما هو تأثير هذه المهرجانات على نظيراتها المعروفة، أي دمشق والقاهرة وقرطاج؟


كثيرون يعتبرون أنّ المهرجانات الخليجية الناشئة، وعلى رأسها دبي ثم أبو ظبي، منافس للمهرجانات العريقة التي ذكرتها، وأنا لستُ مع هذا الرأي. هذه المهرجانات خط آخر أو مواز، تذهب باتجاه توظيف المال في صناعة السينما. بمعنى أنّ «ملتقى دبي السينمائي» يقدّم دعماً مالياً واضحاً للأفلام، وصندوق «سند» في أبو ظبي دعم هذا العام 28 مشروعاً سينمائياً. لذلك أعتقد بوجود جانب مهم في المهرجانات الخليجية التي يُعرف عنها البهرجة والاستعراض والنجوم وما شابه، يتعلق بدعم مشاريع سينمائية لشباب عرب، والاهتمام بالسوق والتوزيع وتطوير الأفلام بمراحلها. مهرجان دبي السينمائي الآن داخل في مشروع التوزيع على صالات العرض. أخذ الفيلم الجزائري «مسخرة» للمخرج الياس سالم وعرضه في الصالات، وقريباً سيعرض الفيلم الفلسطيني «المر والرمان» لنجوى النجار.

ألا يُعدّ ضعف هذا الجانب العملي أحد المآخذ على مهرجان دمشق؟


يمكن اعتباره مأخذاً، ولكن أعود للتأكيد أنّ مهرجان دمشق لا يملك الخيار. لا يمكنه إنفاق 25 ألف دولار على تطوير سيناريو فيلم، أو 50 ألف دولار من أجل التصوير. صندوق «سند» في مهرجان أبو ظبي، قدّم للفيلم الإماراتي المعروض في المهرجان «ثوب الشمس» 90 ألف دولار، منها 60 ألف لاستكمال التصوير ثم 30 ألف عند التحويل من ديجيتال إلى 35 ملم، وهو جزء من حوالي 600 ألف دولار قدّمها الصندوق لدعم صناعة الأفلام. هذه الأرقام تشكّل جزءاً مهماً من ميزانية مهرجان دمشق.

أنت من أبرز نقّاد وموثقي السينما الفلسطينية، وهذا العام غابت هذه السينما عن مهرجان دمشق السينمائي على غير العادة. كيف تنظر إلى هذه النقطة؟


السينما الروائية الفلسطينية غابت هذا العام عن مهرجان دمشق لظروف موضوعية. الفيلمان الفلسطينيان الرئيسان هذا العام، «بدون موبايل» لسامح الزعبي و«اسمي أحلام» لريما عيسى، فيهما تمويل إسرائيل واضح، ولا يمكن عرضهما في مهرجان دمشق. أنا مع مشاهدتهما وعرضهما للنقاد في عروض خاصة ومشاركتهما في مهرجانات خارجية، ولكنّي ضد العرض في دمشق والمهرجانات العربية، حتى أنّ مهرجان دبي رفضهما أيضاً لنفس السبب.

بالمقابل، أستغرب عدم عرض بعض الأفلام القصيرة المهمة مثل «الدرس الأول» لعرين عمري الذي شارك في أبو ظبي، وغياب بعض الأفلام الوثائقية مثل «صداع Fix Me» لرائد أنضوني الذي نال التانيت الذهبي في مهرجان قرطاج مؤخّراً، وأعتقد أنّه يرحّب بالمشاركة في مهرجان دمشق.

كنتَ حاضراً في الدورة الأخيرة من مهرجان أبو ظبي حيث تواجد عنصر إسرائيلي داخل المهرجان. ماذا حصل هناك بالضبط؟


هناك فيلم بريطاني اسمه «الغرب هو الغرب» دخل المسابقة الرسمية للمهرجان. ليزلي أودين، وهي أحد منتجي الفيلم، حضرت كبريطانية، وفي الحوار الذي تلا عرض الفيلم، بدأت تتكلم عن العلاقة بين الحضارات، كون الفيلم يدور حول عائلة باكستانية مقيمة في بريطانيا تعود بعد 10 سنوات إلى باكستان، فتكتشف المفارقات الكوميدية بين نمط الحياة في بريطانيا وكراتشي. هنا ذكرت أنّها كإسرائيلية يهمّها أن ينفتح المجتمع العربي ولا ينظر فقط للجانب العدو والصراع وما إلى ذلك، ففهم الحضور أنّها تحمل جنسية أخرى وحصلت الضجة الإعلامية المعروفة.

هل هي حالة تطبيع أم خطأ غير مقصود؟


لا أعتقد أنّ الأمر مقصود، وأنا كتبتُ عن القرار المصري بمقاطعة مهرجان أبو ظبي وقلتُ إنّها مغالاة لا داعي لها. أودين لم تدخل أبو ظبي بجواز سفر إسرائيلي، ودولة الإمارات عندما تقرّر التطبيع لا يمكن لأحد أن يمنعها طالما أنّ هناك دولاً عربية أخرى تبادلت السفراء مع إسرائيل، وفي النهاية هي منتجة وليست اسماً سينمائياً كبيراً. في السينما الإسرائيلية، هناك مخرجون مهمّون حتى بالنسبة لقضايانا كعرب مثل عاموس غيتاي وغيره. ما حصل ببساطة أنّها دخلت المهرجان كبريطانية ثم كشفت عن جنسية أخرى.

حمّلتُ مدير المهرجان مسؤولية رد الفعل، فكان يُفترض أن يصدر بياناً يخلي مسؤولية المهرجان، باعتبار أنّه لا يعلم أنّ المنتجة تحمل جنسيةً أخرى، وأنّها المسؤولة الوحيدة عن كلامها. لذلك، أعتبر ما حصل حالة تسلل وليس تطبيعاً.

ما الموقف الذي حصل بينك وبين المخرج الفلسطيني إيليا سليمان في مهرجان أبو ظبي؟


هو موقف شخصي أو فردي. صادفته بعد حفل الختام وذهبتُ لتحيته، فرفض أن يتكلم معي وطلب منّي عدم الجلوس بجانبه واستدعى الأمن. أعتقد أنّه غاضب بسبب كتابي الذي صدر عنه وعن ميشيل خليفي ورشيد مشهراوي، من باب أنّه أهم من الاثنَين ولا يجب أن يوضع في كتاب واحد معهما. هو يعتبر نفسه فوق النقد كونه ذهب إلى مهرجان كان وما إلى ذلك. لاحقاً علمتُ أنّه غادر إلى نيويورك لحضور عرض فيلم له في متحف الفن الحديث، وهناك أنكر الحادثة كلها وأكّد أنّه لم يلتقِ بي أصلاً. الرجل لديه مشكلة. إذا كان ثملاً لدرجة أنّه لم يتذكّر ما حدث، فهذا أمر آخر.

كلمة أخيرة لموقع «بوسطة»..


أنا سعيد بتجربة «بوسطة» الذي تمكّن من التسلل بنجاح إلى «المفضّلة» عندي خلال زمن قصير. لاحظتُ أنّه يضمّ مجموعة من الشباب المتحمّسين الذين نجحوا خلال فترة زمنية قصيرة في فرض الموقع على الساحة الإعلامية. شكراً لكم.